الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تستعد لإقامة احتفالية بمناسبة عيد دخول السيد المسيح أرض الكنانة    إدارة المقطم التعليمية تستقبل وفدا من مؤسسة "حياة كريمة"    محمود فوزي يكشف تفاصيل جلسة الحوار الوطني السبت المقبل    أبرزها تطوير منظومة الدعم، أهم تصريحات رئيس الوزراء من الإسكندرية أمس (إنفوجراف)    خبير مجوهرات يكشف عن توقعاته لأسعار الذهب الفترة المقبلة    الحكومة: الدولة تسعى لرفع الدعم تدريجيا عن بعض السلع لاستمرار توفيرها للمواطن    وزير المالية: خفض دعم الكهرباء لإنهاء خطة تخفيف الأحمال    خبير اقتصادي: الدولة تدعم رغيف الخبز بأكثر من 100 مليار جنيه    أمين الأمم المتحدة عن هجوم مجزرة الخيام: يجب وضع حد لهذه الفظائع    قوات الاحتلال تقتحم بلدة عنبتا شرق طولكرم    شهداء جراء قصف طائرات الاحتلال منزل فى حى الدرج شمالى قطاع غزة    مصطفى شوبير: انضمامى للمنتخب مختلف هذه المرة وحلمى الاستمرار كحارس أساسى للأهلى    حمدي فتحي: كيروش أفضل مدرب تدربت معه وإمام عاشور الابرز داخل الأهلي    لاعب الزمالك صاحب تهنئة إمام عاشور: "اللى حصل طبيعى.. وجوميز طلب تصعيدى"    المستشار القانوني لنادي الزمالك: تم إغلاق كافة القضايا ضد مجلس القلعة البيضاء    عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك 2024    مصرع 2 وإصابة 7 فى حريق مخزن ملابس ومنتجات بلاستيكية بالدقهلية.. صور    طقس الثلاثاء.. انخفاض بالحرارة ونشاط رياح وفرص أمطار خفيفة    رجع لحضن أسرته جثة، العثور على غريق ترعة الإسماعيلية بالشرقية (صور)    اتصالات النواب تكشف مفاجأة بشأن رابط شوف صورتك بعد سنوات    فوائد مذهلة لتجميد الخبز قبل أكله    4 أعراض للإصابة بمرض الربو، تعرف عليها    الحق في الدواء: 90% من المواد الخام تستورد من الخارج ونعاني من نقص الأدوية    ياسمين رئيس أنيقة بالأسود وفنانة تحتفل بعيد ميلاد ابنة شقيقتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    فوز الطالب أحمد حنفي بلقب بطل تحدي القراءة العربي في دورته الثامنة    الأمانة الفنية للحوار الوطني: إجماع على أن الأمن القومي المصري خط أحمر    لجنة تسويق السياحة الثقافية بالأقصر تستضيف نجوم فيلم «رفعت عينى للسما»    اليوم.. الإعلان رسميًا عن الفائزين بجوائز الدولة لعام 2024    عبد الرحمن الأبنودي أول شاعر عامية يحصل على جائزة الدولة التقديرية    رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية يكشف لمصراوي أبرز تحديات العمل الأهلي في مصر    هجمات صاروخية وصفارات الإنذار تدوي في إيلات على البحر الأحمر "فيديو"    "قلوبنا موجوعة".. هيفاء وهبي تعلق على مجزرة رفح الفلسطينية    هل وصل متحور كورونا الجديد إلى مصر؟.. رئيس اللجنة العلمية يوضح    «صحة القليوبية»: رفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى المبارك    إبراهيم حسن: منتخب مصر للجميع..وهدفنا التأهل لكأس العالم    الألومنيوم يعلن انسحابه من كأس مصر حال تأجيل مباراة الأهلي    اليابان تدعو لتوخى الحذر بعد أنباء عن إطلاق كوريا الشمالية صاروخ    وزير المالية: تنمية الموارد وترشيد الإنفاق عنصران أساسيان لتكون الموارد بقدر المصروفات    رئيس جامعة المنيا يشهد ختام فعاليات المُلتقى السنوي الخامس للمراكز الجامعية للتطوير المهني    حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 28-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أحمد ناجي قمحة: الصدامات بالداخل الإسرائيلي سبب تصاعد العمليات العسكرية بغزة    تعرف على موعد عيد الأضحى في الدول الإسلامية    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل ‫    سنتكوم: قواتنا دمرت مسيرة حوثية فوق البحر الأحمر    عاجل.. حمدي فتحي يحسم موقفه من العودة إلى الأهلي    المندوه: الزمالك حصل على جزء من مكافأة الفوز بالكونفدرالية.. ونحاول حل أزمة القيد    أخبار 24 ساعة.. وزير الأوقاف: إجمالى المساجد المجددة منذ تولى الرئيس السيسي 12 ألفا    مصادر: ستيلانتس تعتزم إنتاج سيارتين جديدتين في إيطاليا    برلماني: الحوار الوطني يعود في توقيت دقيق لحشد الجهود لحماية الأمن القومي    أخبار مصر اليوم: استشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين على الشريط الحدوي.. وموعد إعلان نتائج الشهادة الإعدادية 2024 بالقاهرة والجيزة    تعرف على فضل وحكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    فرص للطلاب الفلسطينيين في الجامعات المصرية    الإفتاء: الفقهاء وافقوا على تأخير الدورة الشهرية للصيام والحج    هل يجوز تعجيل الولادة من أجل السفر لأداء الحج؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء تجيب    أحكام العمرة وفضلها وشروطها.. 5 معلومات مهمة يوضحها علي جمعة    جامعة الزقازيق تحقق مراكز متقدمة في مسابقة «إبداع 12»    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    قرارات جديدة بكلية الحقوق جامعة عين شمس 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شركات الاستشارات القانونية العالمية تواجه الأزمة
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 05 - 2009

يمكننا أن نلمح من خلال إحدى نوافذ المقر الأنيق لشركة ألين آند أوفرى فى سبيتالفيلدز شرق لندن مقبرة تحت الأرض تعود إلى العصور الوسطى، جرى ملؤها بآلاف الهياكل العظمية على مدى قرون. وتظل هذه المقبرة شاهدا على الموت الجماعى الذى قد يتخيله العاملون فى شركة «ماجيك سيركل» الرائدة فى مجال القانون، وهم فى طريقهم إلى العمل. فكما حدث فى العديد من شركات القانون المثيلة، قلصت «ماجيك سيركل» الوظائف بمعدلات لم تشهدها هذه الصناعة على مدى تاريخها. فإلى جانب صغار المحامين والإداريين، جرى التخلص من نحو 10% من الشركاء الذين يشتركون فى ملكية الشركة.
ويقر ديفيد مورلى أحد الشركاء الرئيسيين بأنه «تعد حدود تطبيق هذا النهج غير مسبوقة. لكننا نعيش لحظات غير مسبوقة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادى. وتتفهم الأغلبية الساحقة من الشركاء أن الزمن قد تغير وأننا يجب أن نتغير معه».
وقد حطمت عملية الطرد الواسعة تلك ربما إلى الأبد صورة مهنة القانون التى كانت تعد مهنة مثالية بالنسبة للطبقة الوسطى، حيث تجمع بين ارتفاع الأجر والاستقرار فى العمل.
وقد ازدهر هذا النموذج خلال الانتعاش الطويل الذى شهده مجال الخدمات التمويلية، حينما كان المحامون يقومون بمهمة القابلة فى خدمة المصرفيين النشيطين من صناع الصفقات.
لكن شركات القانون القوية فى لندن ونيويورك، التى حققت أرباحا طائلة خلال سنوات الرخاء، تقوم حاليا بعملية غير مسبوقة، وغير متوقعة، من التخلص من المهنيين، نتيجة أزمة الائتمان. وأصبح الأمان الوظيفى، الذى يمثل أحد المعايير الأساسية التى تعتمد عليها الطبقات الوسطى التى تعمل فى مجالات القانون والمحاسبة والاستشارات، يذوى بسرعة أكبر كثيرا مما كان يتوقع الكثيرون. وفى مجال القانون، وجد الشركاء الذين عادة ما كانت تصل أرباحهم السنوية إلى مليون جنيه إسترلينى (1.5 مليون دولار 1.1 مليون يورو) فجأة أنفسهم بلا عمل، مثلهم بالضبط مثل المصرفيين الذين لم يتصوروا أن أسلوب حياتهم قد يتعرض لأخطار كبيرة.
وفى ظل هذا الوضع، شهدت مهنة القانون تحولا من كونها ملاذا ذا عوائد مريحة إلى نموذج أقرب إلى الشركات متعددة الجنسيات. وخلال العقد الماضى، تمتعت الشركات الرائدة بنجاح تجارى ساحق، عبر ربط ثرواتها بثروات مؤسسات التمويل التى قامت بالصفقات الكبرى فى فترة الرواج. وكانت تداعيات أزمة الائتمان هى أول اختبار يتعرض له ذلك النظام الذى بدا أنه يعمل جيدا خلال فترات الرواج، وهو ما جعل المحامين الذين مازالوا فى وظائفهم ينتظرون بعصبية كى يروا ما إذا كانوا قد راهنوا على المهنة الخاطئة.
ويقول ماتيو رودس المحامى السابق الذى يعمل الآن مديرا لموقع رول أون فرايدى الشهير الذى يستهدف المحامين: «يوجد شعور حقيقى بأنه لا يجب المخاطرة، فإذا كان لديك وظيفة، ابق كما أنت. فهل لديك خيارات أخرى»؟
ويجرى حاليا تطبيق برامج لتقليص الوظائف مثل التى طبقتها ألين آند أوفرى فى مناطق أخرى من العالم. ففى الولايات المتحدة، التى تعد سوق القانون الأكبر فى العالم، أُجبرت شركة هيلر إيهرمان فى سان فرانسيسكو، وثاتشر بروفيت آند وود التى مقرها نيويورك وتعمل منذ 160 عاما، على الإغلاق. وقد تضمنت الممارسات التى اتبعتها الشركات على جانبى الأطلنطى سلسلة من إجراءات تخفيض التكاليف، مثل تجميد الأجور وإرجاء تعيين المتدربين.
وكانت معدلات الحد من الوظائف كبيرة فى بريطانيا، التى تمثل موطن غالبية شركات القانون الأكبر والأكثر انتشارا على الصعيد الدولى، والتى لعبت دورا مركزيا فى التوسع الكبير الذى طال سيتى أوف لندن خلال سنوات رواج الائتمان. وتقع كليفورد تشانش ولينكليترز وألين آند أوفرى حاليا تحت رحمة عملية إعادة الهيكلة، التى قد تؤدى إلى التخلص من العديد من الشركاء وصغار المحامين. أما فريش فيلدز براكهاوس ديرينجر، التى تعد إحدى مكونات ماجيك سيركل، فهى لم تقم بعمليات فصل مؤخرا بالرغم من أنها قامت بتخفيض عدد شركائها بمقدار الخمس بين عامى 2006-2008. ومن بين الشركات الخمس المكونة لماجيك سيركل، يبدو أن سولتر أند ماى وحدها التى بخلاف الشركات المنافسة لها، لم تقم بتوسع كبير على الصعيد العالمي تجنبت تقليصا واسع النطاق للشراكة.
وكانت الصدمة عميقة بالنسبة للشركاء الذين أجبروا على الخروج. ويشير القائمون على عمليات التوظف إلى ارتفاع الطلب من جانب الشركاء السابقين الذين، كما يطرح كيفين كوبر من بالم ليجال انترناشيونال كونسلتينج، «وجدوا أنفسهم فى وضع لم يتخيلوه أبدا». ويصف كوبر الصدمة التى تعرض لها أحد الخبراء فى التوريق، الذى طُلب منه أنه يرحل عقب خمسة أعوام فقط من تحوله إلى شريك، قائلا : «لقد شعر بذل رهيب. كان يعتقد أن المرء بوسعه الاستقرار فى وظيفته منذ أن يصبح شريكا وهو فى بداية الثلاثينيات، إلى أن يصبح فى الخامسة والخمسين».
ومنذ زمن طويل، كان على العمال المفصولين الاعتياد على التعامل مع المشاعر، التى تمتد فقدان الثقة فى النفس إلى الشعور بخذلان الزملاء، والآن أصبح الشركاء الذين جرى التخلص منهم يحدثون أصدقاءهم والقائمين على التوظيف عن خبرات مثيلة. وتدفع بعض الشركات لهؤلاء الشركاء المفصولين فى مقابل الحصول على نصائح حول سوق الوظائف. وكما يطرح السيد كوبر: «لم يتصور أى من هؤلاء أنه يمكن أن يتعرض لحرج أن يمد يده متسائلا: هل لديك أى دور يمكن أن أقوم به»؟
لقد أقنط هذا الموقف الشركاء بعد سنوات حققت خلالها شركاتهم أرباحا كانت مثار حسد حتى الشركات المدرجة فى سوق المال. فقد ارتفع الربح السنوى الذى يحققه كل شريك فى لينكليترز، التى تعد واحدة من شركات التمويل القوية التابعة لماجيك سيركل، إلى أكثر من الضعف فى السنوات الأربع السابقة على 2008 من 674 ألف جنيه إسترلينى إلى 1.44 مليون جنيه إسترلينى. وإلى وقت قريب، حتى يونيو من العام الماضى، أعلنت منافستها فريش فيلدز أن أرباحها السنوية ارتفعت بمقدار 40%.
لكن دائما ما تخبئ زهور النجاح تلك سؤالا حول ما إذا كانت تحوى فى داخلها بذور دمارها. ويمارس صانعو الصفقات ضغطا فيزيقيا على المحامين، خاصة الصغار منهم، الذين يسعون لأن يصبحوا شركاء. وتتمثل الحقيقة البديهية فى أنه بمجرد أن يشرب المصرفيون فى بنوك الاستثمار نخب الانتهاء من صفقة، يبدأ المحامون عملهم المضنى، الذى يراه العملاء حقا لهم.
لكن، كما هو الحال مع الشركات فى مناطق العالم الأخرى، للمكاسب المرتفعة ثمن يتعين دفعه؛ ذلك أن شركات القانون التى تشبه النوادى فى طبيعتها تتجه بلا رحمة نحو المؤسسية. ويتحدث أحد الشركاء الذين تركوا فريش فيلدز فى 2006 عن تطوير ثقافة «سباق التسلح»، حيث يصبح السعى وراء الربح شرطا لا غنى عنه بين شراكات تخشى من أن يطيح بها المنافسون. ويضيف: «يوجد إحساس بأن الشركة أصبحت مختلفة تماما عن تلك التى كان الشركاء يعتقدون أنهم التحقوا بها».
وينتاب شركاء آخرون أحساسا عادة ما يكون غامضا بأن رواج السوق كان يكمن فيه عنصر غير صحى يتعلق بدرجة اعتماد الشركات الرائدة على النشاط التمويلى. وكانت البنوك والشركات التى واجهت صعوبات خلال الأزمة، من بين العملاء الأساسيين للأنشطة الرائدة التى قامت بها شركات القانون.
وكان طبيعيا أن يركز المحامون نشاط عملائهم على الأسواق غير المألوفة مثل المعاملات المالية المستقلة والأوراق المالية المضمونة بالأصول. وحتى فى ظل أوقات الرواج، أدى ذلك إلى شعور بعض الشركاء بالتوتر مما أبعد عددا قليلا منهم.
ويقول أحد الذين تركوا ماجيك سيركل إلى شركة أصغر العام الماضي: «لم تكن المسألة أنى شعرت ببدء المشاكل، لكنى شعرت منذ وقت طويل جدا بأننا نعتمد بدرجة مفرطة على عدد قليل جدا من العملاء».
لعل الأمر وثيق الصلة بذلك هو أن الثقافة الجديدة رفعت من حدة التوتر المتعلق بنظام توزيع المكافآت فى شركات القانون، الذى كان يتسم بالغرابة. وعلى خلاف نظام المكافآت الأمريكى القائم على أسلوب «كل كما يحلو لك» الذى يأخذ خلاله المحامون مكاسب الصفقات التى يقومون بها، اتبعت الشركات، التى تتخذ من بريطانيا مقرا رئيسيا لها، نظاما تصاعديا يقوم على الشرائح المغلقة، يصل خلاله الدخل إلى أقصاه بعد 15 أو 20 سنة من الشراكة.
لم يكن ذلك من قبيل تطبيق الأساليب الاشتراكية، لكنه حد من الفروق عبر خلق سقف، وحصر كافة مكاسب الشركاء فى فئات ضيقة نسبيا. وفى ظل هذا النظام، كان قادة شركات القانون، الشريك المدير والشريك من الدرجة الأولى، وهما بمعنى ما يمثلان المعادل للرئيس التنفيذى للشركة ورئيس الشركة لن يربحوا أكثر من أقرانهم ذوى الخبرات نفسها. وقد عزز ذلك من الإحساس بالشراكة باعتبارها ليست عملية هيراركية، حيث إن الرؤساء هم بمثابة الأول بين متساويين، ليسوا رؤساء بالمعنى السائد فى الشركات.
وبدأ هذا النظام يفقد جاذبيته، حيث ارتفع دخل الشريك بشكل هائل. وفجأة اتسعت فئات الدخل بطريقة دراماتيكية بالمقاييس المطلقة، وأصبح الشركاء من ذوى الدخول الأعلى يكسبون الملايين كل عام. فعلى سبيل المثال، كان الشريك صاحب الدخل الأعلى فى لينكليترز العام الماضى يتلقى 3.4 جنيه إسترلينى. وقد تكون هذه المكاسب أقل من تلك التى تقدمها بنوك الاستثمار، لكنها تتفق ومستوى ما يحصل عليه العديد من كبار التنفيذيين فى الشركات.
وكان ذلك يهدد بخلق توترات فى داخل الشراكات، والأهم من ذلك، بين صغار المحامين الذين يعملون لفترات طويلة لأجل التقدم فى سلم الدخل. وفى الوقت الذى اتجهت فيه الشركات إلى تقليص الشراكات، وجد المحامون العقد غير المكتوب، الذى يعدهم بنصيب فى الكعكة إذا عملوا بجد، يتمزق. ولم تكن مفاجأة أن العديد منهم وليس من فقدوا وظائفهم فحسب كانوا تعساء للغاية. وقد تلقى رول أون فرايدى العديد من الشكاوى من صغار المحامين الذين أشاروا إلى تنامى الفروق بين الدخول خاصة عندما يقوم المحامى الصغير بالقيام بالجهد الأساسى. وقد تذمر أحد هؤلاء المحامين إزاء قيام الشركة التى يعمل بها بدفع ملايين للشركاء الرئيسيين فى مقابل «لعب الجولف والتعارف».
ويقول معظم الشركاء الرئيسيين إن الغضب الراهن إزاء تقليص الوظائف ليس علامة على أن نظام الشراكة والافتراضات المرتبطة به قد ماتت، لكن الآراء تختلف حول كيفية تطوره.
وفى ألين آند أوفرى، يعد السيد مورلى، رئيس الشركة الذى التحق بها عام 1890 ويصف نفسه باعتباره ينتمى إلى خلفية «طبقة وسطى صلبة» واحدا من بين كثيرين يقرون بأن طبيعة الشراكة قد تغيرت. ويقول إن التغير هو انعكاس للزمن الراهن، ويشك فى أن المحامين الشبان والمنضمين الجدد سوف تردعهم هذه المشكلات. وعلى العكس، قد يجدون أنه من الأمور الإيجابية أن الشركاء «لا يجلسون هناك فحسب ويحتلون مقاعد قد يشغلونها هم فى النهاية».
ولم تعد شركات القانون تسكن فى بيوت لعظام الموتى، حيث يكون الطريق الوحيد المتاح للمحامى الصغير كى يصبح شريكا هو أن يلبس حذاء رجل ميت. ويقول السيد مورلى إن شركات القانون الكبرى مثل ألين آند أوفرى أصبحت «تتخذ نهجا أكثر ديناميكية وأكثر ميلا للتعامل مع المهنة بشكل تجارى. فما هو الخطأ فى ذلك»؟
تداعيات أزمة الائتمان
يبحث المحامون الغربيون عن عمل فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
أدى انهيار صناعة التمويل الغربية بشركات القانون الرائدة إلى التكالب لإيجاد أماكن تجعل بالإمكان أن يجد العاملون لديها قدرا معقولا من العمل.
وأصبحت شركات القانون الكبرى فى الولايات المتحدة وبريطانيا، التى تسيطر على مهنة القانون فى العالم، تتركز فى مناطق أفضل مثل الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويمثل التوسع المستهدف فى مناطق مختلفة من العالم المرحلة الأخيرة لكن غير المخططة التى تمر بها تلك الصناعة، التى ظلت إلى وقت قريب أكثر بطأ فيما يتعلق بالتدويل.
وتقول كاترين جريفيت، رئيسة تحرير مجلة «ذا لوير» البريطانية المتخصصة فى القانون: «إنهم يدرسون الخرائط وعليهم استخدام الخيال المتاح لديهم. وهم يعيدون ترتيبها مع مرور الوقت، ومن الممكن أن تنجح طريقة ما».
ويأتى هذا الرحيل بعد التراجع الحاد للأعمال القانونية المرتبطة بالشركات، الذى نتج عنه عمليات واسعة النطاق للتخلص من العمالة فى العديد من الشركات. ويقدم موقع ذا أمريكان لوير «قائمة للتسريح» يتم تجديدها بشكل مستمر، وتتضمن العديد من الشركات. وتشير المجلة إلى أن 10 شركات رائدة على الأقل سرحت 10% أو أكثر من العاملين لديها، وهو ما يمثل 1000 وظيفة.
وكما تلاحظ مجلة أمريكان لوير : «هذه الأيام يبدو أن المحن التى تواجه وول ستريت تتساوى مع خسائر شركات القانون».
ولا تعد الصورة أفضل كثيرا فى القارة الأوروبية، بما فى ذلك دول شرق ووسط أوروبا، حينما ضرب الركود فى مجال القانون العديد من العواصم، من مدريد وحتى برلين. فالشركات العالمية الكبرى التى لها وجود قوى فى منطقة اليورو، مثل فريش فيلدز براكهاوس ديرينجر، تنشر عشرات من المحامين المتخصصين فى الصفقات بين الشركات، فى مجالات أكثر حيوية مثل إعادة الهيكلة.
وأدى الاضطراب فى الأسواق الغربية والاضطراب المتزايد فى شرق أوروبا ووسط آسيا بشركات القانون الكبرى إلى القيام بعمليات فى مناطق أخرى من العالم. ويقول محاميو الشرق الأوسط إن تدفق شركات القانون ذات الوزن الثقيل والمتوسط الأمريكية والبريطانية أصبح مكثفا. ومؤخرا، فى مارس الماضى، نقلت كليفورد تشانس، أكبر شركة قانون فى العالم، اثنين من الشركاء يعملان فى مجال العقارات من لندن إلى الإمارات.
ويعد مثال الشرق الأوسط شيقا لأنه يبين كيف أصبحت شركات القانون أكثر قدرة على الابتكار وقد يعتبر البعض أنها أكثر يأسا فى البحث عن الصفقات وقت الركود. وتتحول دبى، التى تعد سوقا كبيرة فى حد ذاتها، حاليا إلى نقطة انطلاق إقليمية فى ظل المشكلات التى تواجه أنشطة العقارات والتجارة والاقتصاد القائم على السياحة بها. والآن، يتدفق المحامون الذين تطل نوافذ مكاتبهم على أوناش لا تتحرك ومشاريع إنشائية غير مكتملة، إلى مناطق مجاورة، تتدفق منها أموال النفط، وخاصة أبو ظبى والسعودية.
بينما لا يشك أحد فى وجود فرص تجارية حقيقية فى تلك المناطق، يثق المحامون بالدرجة نفسها فى أنه لن يكون متاحا لديهم قدر يكفى من العمل. ويبدو أن كل شريك رئيسى يعتقد بوجود عدد أكبر من اللازم من شركات القانون هناك، وأن شخصا ما سوف يقاسى، بالرغم من أن كل واحد من هؤلاء يثق بأنه لن يكون ذلك الشخص.
Michael Peel
FINANCIAL TIMES


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.