كشفت الدورة 19 لمهرجان الموسيقى العربية التى انتهت أمس من العديد من المشاكل التى تهدد استمرار هذه التظاهرة الفنية، وكانت الهوية فى مقدمة المشاكل التى علق عليها المتابعون للمهرجان، فلم توضح عروضه إن كان مهرجانا للموسيقى التراثية العربية، أم أنه برنامج حفلات خاصة، ففى الوقت الذى تؤكد فيه الأمين العام للمهرجان رتيبة الحفنى على خصوصية هذا المهرجان الذى يقدم القوالب الموسيقية العربية، فتحت مساحات واسعة لتقديم الأغانى المعاصرة، والتى بدأت بحفل المطرب على الحجار الذى قدم أغانيه باعتبارها أعمال مؤلفين وملحنين كبار يمثلون مرحلة مهمة فى تاريخ الأغنية المصرية، ومنهم عبدالرحمن الأبنودى وسيد حجاب وبليغ حمدى وعمار الشريعى، والتزم الفنان محمد ثروت بتقديم التراث رغم أنه يملك أعمالا مماثلة، بينما قدمت المطربة المغربية جنات أغانى من ألبومها المطروح حاليا فى الأسواق ومنها اسمع كلامى، وحبيبى على نياته، وجاءت الأخيرة غير مناسبة للجو الكلاسيكى المفترض فى مهرجان تنظمه دار الأوبرا. على جانب آخر تعرض حفل الفنان السورى ألياس كرم لانتقادات حادة بسبب أسلوب أدائه لأغنيات الفلكلور السورى بطريقة الأفراح الشعبية، وهو ما أثار التساؤلات حول مدى تدخل إدارة المهرجان فيما يقدمه نجومه وفق منهج معين يتناسب مع فلسفة المهرجان. رغم أن تقديم الصوت الواعد همسة فؤاد يحسب فى رصيد نقاط المهرجان إلا أن صعود والدها المطرب أركان فؤاد ووالدتها المطربة نادية مصطفى إلى خشبة المسرح ومشاركتها الغناء، لم يكن اختيارا موفقا خاصة أنه أظهر المهرجان كما لو كان يدار بمنطق الصدفة، إضافة إلى أن جمهور الأوبرا يعرف أن مسارح الأوبرا تسير وفق برنامج محدد لا يمكن الخروج عنه، وهذا التصرف الذى بدا كما لو كان عشوائيا قد يناسب حفلا خاصا أو مهرجانا للأغنية الخفيفة. من الملاحظات التى أخذت من رصيد الدورة 19 لمهرجان الموسيقى العربية أيضا التراجع عن تقديم الألوان الطربية الصعبة، والتى كانت تميز المهرجان فى السابق، حيث اعتماد أغلب نجوم هذه الدورة على القوالب التراثية الخفيفة والأغانى المتداولة من أعمال عبدالحليم حافظ ومحمد رشدى، وهو ما بدا واضحا فى حفل الفنان مدحت صالح. ورغم هذه الانتقادات التى تعرض لها المهرجان إلا أنه حقق نسبة إشغال عالية فى معظم الحفلات، ونجح فى فتح نافذة لمحبى نجوم جيل الوسط محمد الحلو وعلى الحجار ومدحت صالح ومحمد ثروت للاستمتاع بنجومهم، وإعادة الفنانة جنات للمشاركة فى المهرجان بعد 8 سنوات غياب، وتقديم هامش لا بأس به لعشاق الطرب الأصيل فى حفلات شارك فيها نجوم الموسيقى العربية مثل ريهام عبدالحكيم والمغربى فؤاد زبادى ووائل سامى.