استنكر عدد من نقاد السينما العربية منح مهرجان أبو ظبي السينمائي جائزة في دورته الأخيرة تعرف باسم "جائزة الجمهور" لمنتجة إسرائيلية رغم قرارات النقابات الفنية واتفاق المهرجانات العربية على رفض التطبيع مع إسرائيل "بكل الأشكال" داعين إلى مقاطعة المهرجان ومعاقبة كل من حضروه. وقال الناقد المصري صلاح هاشم "لا أستغرب أن يقع التطبيع في مهرجان أبوظبي الذي يديره الأمريكي بيتر سكارليت، وربما تكون هناك رغبة لديه لتمرير أفلام إسرائيلية كما أن مبرمج الأفلام العربية في المهرجان لا يفقه شيئا في السينما ولا يجيد التحدث بالإنجليزية حتى يعترض على التوجهات الصهيونية ، مشيرا إلى أن الأمر نفسه يحدث في مهرجانات عربية منها مهرجان قرطاج التونسي". وأضاف هاشم المقيم في باريس: لا يجب في رأيي أن نشكو طالما سلمنا قيادة مهرجان سينمائي في بلد عربي لأجنبي وأرى أن سكارليت لا ينبغي أن يلام بل اللوم على الإدارة، أو الحكومة التي عينته، مشيرا إلى أن توظيف بيتر سكارليت كان لتنفيذ مخططات وتوجهات سياسية لا تخضع لإرادة شعبية بل لإرادة حكومية. وقال الناقد عماد النويري، مدير نادي السينما الكويتي، إنه ضد أية مشاركة إسرائيلية في أي مهرجان عربي، أو أي تظاهرة ثقافية عربية لأن إسرائيل "كيان عنصري ومحتل ويتخفى تحت عباءة عقيدة مفصلة لتحقيق رغباته العدوانية.. والفنان الإسرائيلي، مهما ادعى أنه معارض أو أن الفن لا وطن له، لا يمكن تصديقه وعليه أن يتنازل عن جنسيته الإسرائيلية أولا حتى نصدقه". وأوضح النويري أنه على المهرجانات العربية أن "تنتبه، وعلى السينمائيين والفنانين والمثقفين العرب، أن ينتبهوا من تصرفات الإدارات الأجنبية وبعض مؤيدي التطبيع الذين أصبحوا "يسيطرون على أغلب المهرجانات العربية" حسب قوله. منح المهرجان في دورته الرابعة التي انتهت مؤخرا المنتجة البريطانية لسلي وودوين جائزة الجمهور، وقالت وودوين في ندوة لتكريمها إنها تفتخر بكونها إسرائيلية، "وسط صمت مطبق" من إدارة المهرجان وكل وسائل الإعلام المحلية والعربية. وقال الناقد الفلسطيني إنه يميل إلى تسمية الواقعة "حالة تسلل إسرائيلية وليس تطبيعا.. لأنه لا يوجد قرار بحضور إسرائيلي "بل تواطؤ من إدارة المهرجان ومجرد كتابة قائمة بأسماء فريق بيتر سكارليت الذي يدير المهرجان وخلفياتهم ودياناتهم وجنسياتهم تكشف الكثير من الأمور لأن المهرجان في قبضة فريق أمريكي يهودي". وقال التونسي خالد شوكات، رئيس مهرجان الفيلم العربي في روتردام، إن الدورة الرابعة لمهرجان أبو ظبي السينمائي كشفت حالة "الشيزوفرينيا الحادة التي تعاني منها النخبة السينمائية العربية.. ففي حين يطالب بعض السينمائيين العرب مهرجانات غربية بمقاطعة إسرائيل ومؤازرة القضية الفلسطينية ويلوحون بمقاطعة تلك المهرجانات، لم يجد هؤلاء غضاضة في سلوك إدارة مهرجان أبو ظبي التي غيرت اسم المهرجان لشبهة التطبيع فيه". وأضاف شوكات: "من جهة المبدأ، كان على هيئة أبو ظبي للثقافة أن تتثبت من أصول الأشخاص الذين توظفهم، حيث أن الأصول اليهودية لبعض المسئولين تجعلهم بالطبيعة ميالين لمؤازرة إخوانهم في الدين والهوية وبالتالي متعاطفين مع ما يعتقدون أنه محنة السينمائيين الإسرائيليين واليهود جراء مقاطعة العرب لهم". وقال الصحفي المصري قدري الحجار إنه حضر أمس الثلاثاء جانبا من اجتماع مطول لاتحاد النقابات الفنية المصرية لمناقشة إصدار قرار بمقاطعة مهرجان أبو ظبي السينمائي ومنظميه ومعاقبة كل الفنانين المصريين الذين يثبت تعاملهم معه. من جانبه، طالب الناقد والصحفي أشرف البيومي، رئيس تحرير موقع شبكة السينما العربية نقابة الصحفيين المصرية بالتحقيق مع كل أعضائها الذين حضروا الدورة الأخيرة للمهرجان كون أي منهم لم يعترض على وجود منتجة إسرائيلية ولم يكتب أيهم على الإطلاق عن الواقعة فيما يبدو محاولة لتمريرها. وقال الناقد المصري محمد قناوي إن موقف مهرجان أبوظبي تجاه التطبيع واضح منذ الدورة الأولى التي صدر قبل انطلاقها قرار من اتحاد النقابات الفنية المصرية بالمقاطعة ردا على مشاركة الفيلم الإسرائيلي "زيارة الفرقة الموسيقية" مما دفع إدارة المهرجان للتراجع واستبعاد الفيلم لكن الدورة نفسها ضمت عددا من الأفلام التي تتناول العلاقات العربية الإسرائيلية بنوع من التحيز لصالح إسرائيل مما يعد دعوة غير مباشرة للتطبيع. وأضاف قناوي الذي يرأس قسم السينما بصحيفة "أخبار اليوم" أن المهرجان عاقبه عندما فضح توجهاته التطبيعية بمنعه من الحضور بعد الدورة الأولى ، مشيرا إلى غرابة موقف الصحفيين المصريين الذين حضروا المهرجان والذين لم ينسحبوا بعدما علموا أن هناك تطبيعا حقيقيا "ربما لأن اختيارهم تم بناء على علاقات شخصية مع المنسق العربي في المهرجان الذي يقال إن أصوله يهودية أيضا".