قصته أشبه بالخيال أو بتلك القصص التى سمعنا عنها فى حكايات وحواديت الصغر، أو كأنها سيناريو درامى خطه قلم «سيناريست» وجهزه للتصوير التليفزيونى أو السينمائى. اسمه بسيونى الشريف، من قرية السويحات بمحافظة الفيوم، تخرج فى كلية الإعلام جامعة القاهرة من قسم الصحافة فى عام 2001، التحق بالعمل كصحفى بمجلة آخر ساعة بدار أخبار اليوم، وكان مسئولا عن متابعة أخبار وزارة الصحة، وخلال 9 سنوات عملها فى المجال الصحفى حصد 9 جوائز صحفية عن أعماله (أى جائزة عن كل عام) حصل عليها جميعها من نقابة الصحفيين ومن دار التحرير ومؤسسات أخرى تعمل فى مجال دعم الصحافة والصحفيين. عرف عن بسيونى التزامه الخلقى والمهنى حسبما شهد له أصدقاؤه وأقاربه وزملاؤه فى المهنة، سارت حياته هادئة مستقرة من نجاح إلى نجاح ومن تفوق إلى تفوق، حتى أتم خطبته على إحدى الفتيات منتصف العام الماضى، وبعد هذا الحدث السعيد فى حياته سرعان ما انتابته حالة من الحزن الشديد كما يروى ابن عمه عبدالله الصبيحى. «سيطرت على بسيونى فكرة الموت، وأخذ يحدث عنها كل أصدقائه وزملائه، مؤكدا أنه سيموت قريبا، ومن كثرة حديثه مع كل من يقابله فى هذا الأمر، ذهب أصدقاؤه إلى أحد الشيوخ وسألوه عن سر هذا الأمر المسيطر على بسيونى، فقال لهم الشيخ: «إنه شاب فيه خير وأبلغوه أن يحافظ على الصلاة وأداء فروض الله». ويضيف الصبيحى: «فجأة أخبر بسيونى خطيبته بأنه يرى فى منامه أنه يتزوج بغيرها وأن من يزفونه عليها ليسوا أهله ولا أهلها، وفسخ خطبته من خطيبته، وهى لم تغضب، وكتب ورقة أشبه بالوصية وضعها فى حافظة نقوده، وشملت حصرا بكل ما له وما عليه من ديون للناس وما يملكه من أموال فى البنوك، وكيفية توزيعها». وفى يوم 4 يناير الماضى مرض عمه ودخل مستشفى معهد ناصر للعلاج، وذهب بسيونى برفقة والده ونجل عمه لزيارة عمه المريض، وبعد انتهاء الزيارة ليلا كان مقررا أن يعود بسيونى ووالده إلى مسقط رأسه بالفيوم إلا أن ابن عمه رفض وأصر أن يرافقوه إلى شقته فى مدينة الشيخ زايد للمبيت، وبعد جدل وافقا على ذلك. ركب بسيونى فى المقعد الأمامى بسيارة ميكروباص من ميدان التحرير وركب والده وابن عمه فى المقعد الخلفى للسيارة، وقبل أن تتحرك السيارة إذا بوالده يخبره بأنه لا يستريح بجلسته فى الخلف، فنزل بسيونى من مقعده بمقدمة السيارة وتركه لوالده وعاد ليجلس فى الخلف مكانه فى المقعد الذى فى المنتصف، وكان ابن عمه يجلس بجوار نافذة السيارة من الجانب الأيمن، وإذ بدون أسباب يتبادل بسيونى وابن عمه المقاعد فيجلس بسيونى بجوار النافذة ويجلس ابن عمه فى المنتصف. وبعد أن انطلقت السيارة إلى ميدان لبنان وقبل صعودها إلى طريق المحور، تنقلب بسبب السرعة الجنونية لسائقها فلا يموت من ركاب السيارة إلا بسيونى، وهنا عرف والده وابن عمه لماذا تبدلت الأماكن بدون ترتيب منهما لأن الترتيب الإلهى قد نفذ. وقال عبدالله الصبيحى ابن عم بسيونى، إنهم علموا بعد ذلك من كل من قابلوا بسيونى فى هذا اليوم بأنه أخبرهم بشعوره بأنه سيموت اليوم ولذلك حرص على توديعهم وداعا حارا، كما أنه اتصل بخطيبته التى فسخ خطبته منها وطلب منها أن تسامحه وأن تدعو له. صدر حكم بإدانة سائق السيارة التى قتلت بسيونى، وكانت العقوبة المقررة هى الحبس عامين مع الشغل لسائق السيارة، والغريب أن الحكم لم ينفذ حتى الآن رغم صدروه منذ أكثر من 3 أشهر من محكمة جنح كرداسة، والسبب أن مباحث تنفيذ الأحكام لم تهتم بالقبض على السائق الذى تسبب فى قتل بسيونى وإصابة 5 آخرين بإصابات بالغة.