أبطأت شركات الطاقة الصينية الكبرى العمل في مشروعات في إيران، مع تعزيز تلك الشركات علاقاتها مع نظيراتها الأمريكية، فيما يوجه ضربة لطهران التي تكافح في ظل العقوبات من أجل جذب الاستثمار في قطاعها النفطي الاستراتيجي. وتحولت الجمهورية الإسلامية - ثاني أكبر منتج للخام في منظمة أوبك والتي تحتاج إلى استثمارات بمليارات الدولارات لمجرد الحفاظ على مستوى الطاقة الإنتاجية - إلى الصين لسد الفراغ الذي خلفته الشركات الغربية التي انسحبت تحت وطأة الضغوط السياسية مع سعي الولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين لكبح البرنامج النووي الإيراني. بيد أن مصادر بالشركات في بكين قالت إن الحكومة الصينية أصدرت تعليمات غير رسمية إلى الشركات لإبطاء أعمالها بعدما فرضت الولاياتالمتحدة عقوبات من جانب واحد على إيران في يونيو، وفي الوقت الذي سعت فيه اثنتان من أكبر ثلاث شركات صينية للتوصل إلى اتفاقات أتاحت أمامها فرصا أكبر لدخول سوق الطاقة الأمريكية. ويمكن بموجب العقوبات استهداف العمليات الأمريكية التابعة للشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة الإيراني وهو ما ينطبق على الشركات الصينية مع تنامي الوجود الصيني في قطاع الطاقة الأمريكي. وقال مصدر في القطاع مطلع على أنشطة النفط والغاز الصينية بالخارج "جاء الضغط السياسي من الحكومة مباشرة... وأعتقد أنه من المنطقي ربط هذا بالاتفاقات الأمريكية." وفي وقت سابق هذا الشهر أعلنت الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري (سينوك) الشركة الأم لسينوك المحدودة المدرجة في نيويورك اتفاقا بشأن الغاز الصخري مع شيزابيك انرجي الأمريكية المستقلة. وهذا الاتفاق الذي ينتظر موافقة الحكومة الأمريكية هو الأول للشركة الصينية منذ أحبطت جهات تنظيمية وسياسية أمريكية في عام 2005 محاولتها لشراء يونوكال الأمريكية. كما اتفقت شركة سي.إن.بي.سي وهي أكبر شركات الطاقة الصينية في سبتمبر على التنقيب عن الغاز مع شيفرون الأمريكية العملاقة. وقال محلل إن الولاياتالمتحدة ربما تكون عرضت على الشركات الصينية فرصا أكبر لدخول قطاع الطاقة الأمريكي مقابل دعم بكين لجولة العقوبات الأخيرة التي فرضها مجلس الأمن الدولي في يونيو. وأيدت الصين - أحد أكبر الشركاء التجاريين لإيران والتي تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن - تلك العقوبات شريطة ألا تشمل قطاع الطاقة الإيراني. وقال محلل سياسي مقيم في بكين طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لحساسية المسألة "في إطار جهودها المستمرة لإقناع الصين بتطبيق العقوبات على إيران تناقش الولاياتالمتحدة منذ فترة السماح للصين بالوصول إلى سوق الطاقة الأمريكي." وفازت شركات صينية بعقود تطوير في بعض أصول الطاقة الثمينة في إيران مثل حقل غاز بارس الجنوبي وحقلي غاز ازاديجان ويادافاران. إلا أن "سي.إن.بي.سي" لم تحفر حتى الآن أول بئر في المرحلة الحادية عشر من حقل غاز بارس الجنوبي بعدما أبرمت في وقت سابق هذا العام اتفاقا بقيمة 4.7 مليار دولار لتطوير هذه المرحلة في أكبر مكمن للغاز الخالي من الكبريت في العالم. وكان من المتوقع في السابق أن يبدأ الحفر في مارس. وقال المسؤول في القطاع "ركزت الشركة بدلا من ذلك على الأعمال الإدارية وتقييم الاحتياطيات ووضع خطط التطوير وليس على العمل الفعلي على الأرض." وقالت مصادر في القطاع إن سينوك لم تحرز تقدما يذكر في مشروع بارس الجنوبي بعد اتفاق إطاري بقيمة 16 مليار دولار في أواخر 2006 لتطوير الحقل وبناء منشآت لتصدير الغاز الطبيعي المسال. وأضافت أنه في حين ستبطيء سينوك أعمالها إلا أن الشركة التي تملك أكبر عدد من المشروعات بين الشركات الصينية العاملة في ايران ستواصل الالتزام بعقودها. وقال مسؤول تنفيذي آخر مطلع على استراتيجية القطاع الخاصة بالخارج "فيما يخص الناحية الاستراتيجية .. لن تتنازل الصين بخصوص إيران." ورفض متحدثون باسم الشركات الصينية الثلاث التعليق. وذكرت صحيفة أبستريم المتخصصة في قطاع الطاقة هذا الشهر أن الذراع الهندسية وذراع أبحاث أعمال المنبع التابعتين لشركة سي.إن.بي.سي أوقفتا العمل بشأن مشروع حقل نفط ازاديجان رغم تحرك الشركة مؤخرا لتحويل الاتفاق من مذكرة تفاهم إلى عقد تجاري. ووقعت الشركة الصينية اتفاقا مبدئيا في مطلع 2009 مع شركة النفط الوطنية الإيرانية للاستحواذ على 70% من المشروع النفطي. ومن المرجح بدرجة أكبر أن تواجه مشروعات الغاز تأخيرات أكبر من الأعمال في الحقول النفطية بعدما كثفت سي.إن.بي.سي ووحدتها الجديدة المدرجة في نيويورك بتروتشاينا استثماراتهما في الغاز في استراليا. وكثير من براءات الاختراع والقدرات التصنيعية المرتبطة بتكنولوجيا النفط والغاز مملوك للشركات الغربية التي تجد نفسها مضطرة للابتعاد عن العمل في إيران. وتفتقر الصين إلى التكنولوجيا اللازمة لإنجاز منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال بنفسها. وقال المسؤول الكبير الثاني في القطاع "تباطأ التقدم هناك نظرا لتزايد صعوبة جلب المعدات من دول أخرى." واضاف أن من بين الإمدادات التي تواجه الشركات صعوبة في الحصول عليها وحدات لفصل المياه عن النفط ومضخات وصمامات وبرمجيات. وقال مسؤول إن المشكلات ستؤخر على الأرجح أولى شحنات مشروع سي.إن.بي.سي النفطي الكبير الآخر وهو حقل شمال ازاديجان بنحو عامين إلى ما بعد 2015. ولم يتضح ما إذا كانت مجموعة سينوبك - ثاني أكبر شركة للطاقة في الصين - قد أبطأت العمل في مشروعها الرئيسي الذي يتكلف ملياري دولار في حقل يادافاران حيث نشرت الشركة نحو 200 عامل. وقال مسؤول تنفيذي ثالث في القطاع مطلع على أنشطة سينوبك في الخارج "لا أعتقد أن هناك تأثيرا كبيرا... من المتوقع بدء الإنتاج العام القادم كما هو مقرر."