مصطفى بكري: تغيير 18 وزيرًا ودمج وزارات.. وهذا موعد إعلان تشكيل الحكومة الجديد    رئيس شركة مياه القليوبية يوجه بسرعة إنهاء أعمال إصلاح خط مياه شبين القناطر    لدينا أكتفاء ذاتي.. رئيس شعبة الخضروات والفاكهة يكشف حجم إنتاجنا من البطيخ    "معاداة السامية" تهمة معلبة تلقيها بعض الجهات الغربية لمواجهة صوت الحق فى الإعلام المصرى.. "ميمرى" يراوغ بتقرير مضلل.. وازدواجية المعايير عرض مستمر منذ 7 أكتوبر.. ورسالة جماعية تفضح قيادات صحف أمريكا وبريطانيا    مفاجأة.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف أمريكا بحملة سرية بشأن الحرب على غزة    بالقوة الضاربة.. تشكيل منتخب مصر لمواجهة بوركينا فاسو    أخبار الأهلي: جلسة طارئة بين الخطيب وكولر لحسم الملفات الشائكة.. التفاصيل    صرف إعانة مالية للاعبي إسكو بعد تعرضهم لحادث سير    بينهم طالب.. إصابة 3 عمال بحريق مخبز أفرنجي بسوهاج    القاهرة تسجل 41 درجة.. الأرصاد تحذر طقس الجمعة وتوجه نصائح مهمة للمواطنين    مصرع طفلين غرقًا في ترعة الإفرنجية ببني سويف    فعاليات فنية وثقافية صيفية في قصور الثقافة ب شمال سيناء    وكيل صحة الشرقية يحيل بعض العاملين للتحقيق خلال مرور مفاجئ على مستشفى القنايات    مفاجأة جديدة في واقعة سفاح التجمع.. سر وجود نجله أثناء تنفيذ الجرائم    خبير تربوى يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    الخارجية الأمريكية: يجب العمل على تنفيذ وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة    أسامة كمال بعد الهجوم على الإعلام المصري: إعلامنا يعمل بشكل مهنى    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    10 ذو الحجة كم يوافق ميلادي 2024؟.. صيام العشر الأوائل يبدأ من الغد    أبو اليزيد سلامة: المشروع القرآني الصيفي لا يقتصر على الأزهريين    "هجبلك شقة".. ضبط سيدة استولت على 27 ألف جنيه من اُخري بسوهاج    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    5 أبراج فلكية تعشق تربية الحيوانات الأليفة (تعرف عليهم)    البنك الأهلي يطلق حملة ترويجية لاستقبال الحوالات الخارجية على بطاقة ميزة    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    أشرف زكي محذرًا الشباب: نقابة المهن التمثيلية لا تعترف ب ورش التمثيل    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    تكريم أبطال نادى ذوى الاحتياجات الخاصة بأسوان    نقيب معلمي الإسماعيلية يناقش مع البحيري الملفات التي تهم المدرسين    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    غرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه في قانون الملكية الفكرية.. تعرف عليها    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    ضبط 37 طن لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقاهرة    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    وزير الخارجية يلتقى منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    كيفية تنظيف مكيف الهواء في المنزل لضمان أداء فعّال وصحة أفضل    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشرة على عشرة.. يا سرت
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 10 - 2010

للعقيد القذافى ولع بالمفارقات، كان من أبرزها فى القرن الماضى تحديده موعدا للقمة الأفريقية الاستثنائية فى سرت، يوم التاسع من الشهر التاسع من العام التسعمائة وتسعة وتسعين بعد الألف، تيمنا بحسن الطالع، بغض النظر عما لو كان هذا الطالع «طالع أم نازل»، والثانية هى الأرجح. ولو شاء الخالق أن يمد فى عمره وتبقى أفريقيا على خريطة العالم وهو ما يشترط بقاء العالم نفسه لعقد قمة مماثلة فى 9/9/9999.
ولكن على سبيل الاستدراك جرى ترتيب الأمور بحيث تصدر قرارات مؤتمر سرت الأخير يوم العاشر من الشهر العاشر من العام العاشر من القرن الحادى والعشرين. وطالعتنا الصحف غداة ذلك التاريخ بصورة للسادة الرؤساء يتوسطهم رب البيت متكئا بمرفقيه على رئيسين عربيين، ربما كتعريب لعادة سيئة لغير المأسوف عليه إيهود أولمرت الذى كان يحلو له أن يربت على كتف من يشاء حظه العاثر أن يقف إلى جواره.. ولا أدرى إذا كان التعريب سيمضى فى طريقه إلى الحد الذى ينضم فيه السادة الرؤساء للنادى الذى يقضى فيه أولمرت ما تبقى له من أيام.
غير أن ما عجزت عن تفسيره، هو تلك القهقهة التى يكاد صداها يخترق صفحات الجرائد، الصادرة عن سيادتهم والتى شاركهم فيها بشدة السيد أمين عام الجامعة. وليت الصورة كانت مجسمة حتى تبين ماذا كانوا يشاهدونه واستثار ضحكاتهم إلى هذا الحد رغم النهاية المخزية التى انتهى إليها مؤتمرهم.
لعلهم كانوا ينظرون إلى الشعوب العربية والأفريقية وهى فى حالة ذهول من أفعالهم.. وتقتدى بجماهير كوكب الشرق التى كانت، إذا أشجاها الطرب، رددت.. عشرة على عشرة يا ست، فتردد وقد أشقاها القرف.. عشرة على عشرة يا سرت.
ورغم تواضع إمكانيات سرت إزاء عقد مؤتمر فى حجم القمة العربية، ناهيك عن قمة أفريقية عربية، يصر الأخ العقيد من فرط اعتزازه بمسقط رأسه على عقد المؤتمرات الدولية بها. وعوض نقص الإمكانيات أثناء قمة «دعم صمود القدس» التى عقدت فى مارس الماضى، ألف شاب تركى. وشارك فيها رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان الذى دعا إلى تحالف عربى تركى إسلامى. وتعرضت القمة إلى فكرة طرحها الرئيس اليمنى وأيدها الأخ العقيد بإنشاء اتحاد عربى. واقترح عمرو موسى إنشاء تجمع لدول الجوار العربى، يضم الدول غير العربية ذات القواسم المشتركة، وبينها إثيوبيا وإريتريا وإيران وتركيا، وخص بالذكر تشاد التى تربطها بالعرب روابط منها اللغة العربية التى تعتبرها لغتها الرسمية، تمهيدا للدعوة الحالية لضمها للجامعة.
ورغم أن تلك القمة قررت التحرك العربى لإنقاذ القدس ودعمها ب500 مليون دولار، ظلت إسرائيل تمضى فى تهويدها، بمباركة عربية تمنح إسرائيل وربيبها أوباما المهلة تلو الأخرى تمسكا بمبادرة طرحت فى غفلة من الزمن، بعد أن تم رأب الصدع بين القذافى وأبومازن. وبعد أن انفض مولد سرت شهد مطارها لقاءات من قبيل «الصلح خير» بين أطراف عربية، كانت مصر ضلعا فيها.
وعاد الرؤساء وممثلوهم محملين برسالة من عمرو موسى بأن «الشعور القومى ليس سبة ولا ردة (!!!)، والعمل العربى المشترك ليس بدعة أو خطا غير مضمون.. ومسيرة العمل فى الجامعة العربية ليست كلها فشلا واضطرابا، ومع ذلك فالوضع الحالى لا يمكن أن يستمر هكذا». ورغم مطالبته بدراسة بدائل للعمل إذا فشل السلام، ظل العرب يضربون للمفاوضات المتعثرة، مباشرة أو من وراء ستار، تعظيم سلام.
وتقرر عقد القمة كل ستة أشهر، بحيث تعقد الدورة الثانية فى سبتمبر فى مقر الجامعة، مع إبقائها هذه المرة فى سرت تتخللها قمة استثنائية، ومدها إلى أكتوبر لتشهد ظاهرة العشرات. واتفق على عقد قمة خماسية مصغرة فى سرت فى 28 مايو الماضى من رؤساء مصر وليبيا واليمن وقطر والعراق لبحث فكرة تطوير منظومة العمل العربى المشترك، على أن تطرح النتائج على القمة الاستثنائية، تناقش سبعة مقترحات، ثامنها مصرى، من بينها مقترحا الاتحاد العربى ورابطة الجوار. غير أن القمة المصغرة لم تحسم أيا من المواضيع المحالة إليها فأرجأتها إلى القمة الاستثنائية، وهى العادة العربية بترك الأمور إلى الزمن، رغم أنه كان دائما يزيد من تعقيد الأمور بدلا من حلها. ولم يتفتق الذهن المصرى المتوقد ذو البديهة الحاضرة عن حل يماثل تنفيذ المطلب الجماهيرى بتغيير الدستور بتكليف الوطنى تابعه الوفد البدوى بنقل ملكية الدستور، على أن يغير إبراهيم عيسى مهنته. كل الذى سمعناه مطالبة بإبقاء اسم الجامعة المحروسة لأن تغييره فأل سيئ وبإحداث تغيير فى أسلوب العمل.
ماذا كان إذن يعمل الخبراء الذين أشرنا إليهم فى مقالنا السابق، والوزراء والرؤساء طيلة الوقت المنقضى؟ ومن الذى سينظر فى تغيير منهاج العمل؟ وأين الشعب، أو تراه أوكل الأمر إلى القطاع الخاص الذى يملك ويحكم وينهب؟ إن هذا يذكرنى بأحد الرؤساء الأفارقة حين صادفته مشكلة عويصة فدعا لدراستها مجموعة من الإخصائيين، عرضوا عليه ما تم التوصل إليه، فقال: كل هذا جيد.. قولوا لى ماذا أعمل؟ وبطبيعة الحال لم يخطر بباله أن يتنحى ليأتى من لديه القدرة على أن يفكر ويقرر بل ظل متشبثا بالأهم وهو الكرسى.. وكل الرؤساء العرب هذا الرجل.. لعل هذا هو سبب القهقهة التى أشرنا إليها من قبل.
الأعجب من ذلك أنه بعد أن عقد الأفارقة مؤتمرا مع الصين (وسكانها ضعف سكان أفريقيا) وآخر مع أمريكا اللاتينية فى العام الماضى، تذكر العرب أن آخر لقاء بينهما مضى عليه ثلاثة وثلاثون عاما.
فأجريت جهود مشتركة بين الجانبين لإعداد مقترحات حول القضايا والموضوعات الدولية ذات الاهتمام المشترك فى مختلف المجالات، فى ضوء ما تحقق خلال الثلاثة والثلاثين عاما التالية للقمة الأولى، وكيفية تفعيل آلياتها، علما بأن الجهود الحديثة تمت بمعرفة أقطار منفردة، خاصة فى مجالات المياه والاستثمار الزراعى، والنظر فى استثمار الموارد الطبيعية الوفيرة لدى أفريقيا، والتى سال لعاب قوى الاستعمار لها فى الماضى فكان الاستعمار المباشر، وما زال يسيل ويقطر سما لاستنزاف موارد القارة التى يراد إخلاؤها من سكانها. وهناك اهتمام حديث بجوانب تتعلق بالبنية الأساسية حتى تستخلص تلك الموارد وتطرح فى الأسواق رخيصة. ما يعنينا الآن هو أن الأفارقة فرض عليهم مشاهدة العبثيات غير الاستثنائية للقمة الاستثنائية، ليتساءلوا:
ماذا يرجى من العرب وهم غير قادرين على تنظيم أمورهم؟ وما هو الكيان العربى الذى سيجرى التعامل معه وهو الذى يرجح أن يستغرق سنوات وربما عقودا قبل أن تستقر معالمه، إذا بقى هناك شىء يسمى «عربى»؟ ألم يكن من الأفضل أن نستقر أولا على مستقبل شئوننا، أو على الأقل نوجد فاصلا زمنيا ولو قصيرا ينشغل خلاله التفكير فى بحث الأمور المشتركة؟ ليتذكر العرب أن هناك دائما من يثير فى نفوس الأفارقة الشكوك حول قدرات ونوايا العرب، وأن أفعالهم تعطى تلك الشكوك مصداقية لا حدود لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.