قال اللواء عبدالمنعم كاطو، الخبير الاستراتيجى وأحد أبطال حرب أكتوبر، إن مصر أجادت تنفيذ حرب الأفكار قبل أن تنزل إلى ميدان المعركة فيم يعرف بخطة الخداع الاستراتيجى، مشيرا إلى أن وزير الدفاع الأمريكى السابق دونالد رامسفليد اتبع تفاصيل هذه الخطة فى الحروب التى خاضتها أمريكا خلال السنوات القليلة الماضية. وأشار فى تصريحاته ل«الشروق» إلى أن الجيش المصرى كان يوقن تماما أن إسرائيل متفوقة تقنيا على مصر والعرب بالكامل، لكننا تغلبنا عليها بإحداث المفاجأة، حتى لا نقابل الجيش الإسرائيلى بالكامل، بالإضافة إلى تجنب الصلف الأمريكى، حيث من الممكن أن تمنعنا عن هذه الحرب، وكانت المفاجأة أيضا أن الحرب وقعت فى بدايات عصر الأقمار الصناعية والتى ترى دبة النملة خاصة فى المنطقة العربية. ولفت إلى أن من معجزات العبور أن الجنود الذين شاهدهم موشى ديان أثناء تفقده الجبهة فور علمه بتحركات مصرية صباح يوم 6 أكتوبر، كانوا ضمن القوات التى ستؤمن قاعدة الهجوم بعد العبور، رغم أنهم كانوا يلعبون الكرة ويوزعون الطعام قبل نشوب الحرب بدقائق، فتم خداع ديان، بالإضافة إلى شجاعة القادة فى اتخاذ القرار وانضباط القوات المسلحة. وتحدث الخبير الاستراتيجى عن موضوع الثغرة، مؤكدا أنها لا تعيب القوات المصرية على الإطلاق كما لا تنال من الانتصار العظيم فى معركة العبور، ولا تعطى الحق لإسرائيل أن تقول إنها انتصرت، على خلفية الأصوات التى خرجت مؤخرا تشكك فى الانتصار الذى حققه الجيش المصرى باستعادة سيناء إلى تراب الوطن، خاصة بعدما أعلن ايهود باراك رئيس وزراء إسرائيل عام 1998، بأن إسرائيل انتصرت فى معركة الثغرة، ردا على صخب الاحتفالات المصرية بنصر أكتوبر، وبعد خروج تصريح من مسئول سورى بأن مصر انتصرت بدماء السوريين. ولفت كاطو إلى أن الجيش الإسرائيلى كان مسلحا بأحدث الأسلحة الأمريكية، لكن مصر خططت للحرب على مراحل كانت الأولى تحقيق المواءمة الأساسية وهى العبور وتحدد لها فترة ما بين 6 و13 أكتوبر وكان بها انتصارات مصرية مطلقة وكبدناهم خسائر كبيرة، لدرجة أن جولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الصهيونى آنذاك، بكت فى اتصال تليفونى بالإدارة الامريكية وقالت بالحرف «أنقذوا إسرائيل»، خاصة أن الخسائر الإسرائيلية وصلت حتى يوم 8 أكتوبر فقط إلى 400 دبابة و58 طائرة ومئات القتلى، لكن الجسر الجوى الأمريكى لإسرائيل أعاد الحياة مرة أخرى للعدو، حيث أرسل ما يقرب من 28 ألف طن أسلحة ومعدات حديثة للغاية وصلت إسرائيل من يوم 10 حتى 16 أكتوبر، ضمت أسلحة وخبراء ومتطوعين وأقمارا صناعية. وأوضح أن خطة العدو تركزت فى هجوم 3 فرق مدرعة قوامها ألف دبابة فى قطاع لواء مشاة مصرى فقط بمواجهة 5 كم فى شرق الدفرسوار بمواجهة 400 دبابة مصرية، وكانت إسرائيل تعوض خسائرها من الدعم الأمريكى لكن مصر كانت تفقد أى سلاح من لحمها الحى. كما نصت الخطة على أن يبدأ الهجوم ليلة السادس عشر من أكتوبر إلى الاستيلاء على السويس ثم تتدفق القوات الإسرائيلية يوم 18 أكتوبر، ثم محاولة الدخول للقاهرة، لكن لم يسمح لها بالخروج من الضفة الشرقية سوى ليلة 18 ووصل العدو للسويس يوم 24 وتمت مقاومتهم لذلك تم اعتبار هذا اليوم عيدا لمحافظة السويس، لكن قوات العدو انتشرت فى شريط ضيق ووضعت نفسها فى حصار لا يتصوره احد وكانت هناك خطة لتدمير القوات الإسرائيلية فى الغرب وهذا الاكتشاف هو الذى دفع أمريكا للتدخل وإنهاء عملية الوجود الإسرائيلى فى غرب القناة. وسجل موشى ديان فى كتاباته خسائر إسرائيل فى موقعة الثغرة حيث كتب أن ارييل شارون أعلن عندما كان قائد الفرقة 143 انه فقد 43 دبابة فى الثغرة، و الفشل الثانى كان من نصيب اللواء 247 حيث أعلن قائده أنه خسر قادة سرايا اللواء 3 مرات، بينما كشف القائد هوز مائير أنه خسر 70 قائدا و140 مصابا فى ساعتين قتال فقط. أضاف كاطو أن البنتاجون أعلن يوم 29 أكتوبر أن تقديراته عن خسائر إسرائيل تتراوح بين 10 آلاف قتيل وجريح و200 طائرة، وفى تقرير آخر نشر فى الاسوشيتدبرس، كشف أن الأسر الإسرائيلية خسرت قتيلا لكل ألف مواطن وكان عدد سكان إسرائيل حينها يبلغ 4 ملايين نسمة، بما يساوى 4 آلاف قتيل بخلاف الجرحى.