جاء تأكيد الجزائر على مشاركة دور النشر المصرية في المعرض الدولي للكتاب بالعاصمة الجزائرية، ليفتح الباب أمام المقارنة مع موقف الكويت الذي أصر على منع كتب مصرية من المشاركة في معرضه الدولي، وتأتي هذه المقارنة في ظل تناقض مواقف الدولتين مع طبيعة العلاقات بين القيادات الشعبية المصرية ونظيرتها في كل من الجزائر والكويت. مثقفو الجانبين المصري والكويتي يدينون قرار المنع أصدرت رابطة الأدباء الكويتيين بيانًا اليوم السبت، أصرت فيه على موقفها الداعم للحريات ورفض محاولات قمع حرية الرأي والتعبير، ومع ذلك فلم يكن موقفها حازمًا ضد السياسة الكويتية العامة، بل أكدت على أن قرار المنع لم يستهدف كاتبًا بعينه، وإنما استهدف كتبًا ورد فيها ما ينافي التقاليد والسياسات الكويتية، والدليل على ذلك أن قرار المنع أجاز كتبًا ولم يجز أخرى لكاتب واحد. أما اتحاد كُتَّاب مصر فقد كان موقفه أشد حزمًا ورفضه أكثر شمولية، ففي بيان صدر عنه، أمس الأول، أدان أعضاؤه منع الكويت مشاركة مؤلفات لخمسة وثلاثين كاتبًا مصريًّا في معرض الكويت الدولي للكتاب، في دورته الخامسة والثلاثين، والتي من المقرر أن تنعقد في 13 أكتوبر القادم. وتساءل البيان عن سبب المنع، حيث إن المنع عادة ما يكون ضد الإرهابيين والجواسيس وأعداء الأمن، بينما توجه الكويت ضربتها ضد كتاب ومفكرين ينتمون إلى بلد كثيرًا ما قدم أبناؤه جهدًا لا يُضاهى في العلم والفكر والحضارة لكل المواطنين العرب. وأشار البيان إلى أنه في الوقت الذي يحتال فيه البعض على قرارات المقاطعة العربية الشاملة لثقافة ومؤسسات ونشاطات دولة الكيان الصهيوني، ويحاول إيجاد مبررات لاختراقها، يستقوي البعض الآخر على مصر ويقاطع الثقافة المصرية والكتاب المصريين. وندد البيان بقرار المنع؛ حيث اعتبر قرارات المنع والمصادرة تنم عن أمراض ثقافية واجتماعية تسري في جسد الشعوب وتمنعهم من التواصل مع الآخر والانفتاح الذي يجدد دماء الإبداع. وقد شمل قرار المنع أبرز الأسماء الثقافية والإبداعية في مصر، ومنهم: محمد حسنين هيكل، وجمال الغيطاني، وفهمي هويدي، وعلاء الأسواني، وفاروق جويدة، وإبراهيم أصلان، وجلال أمين، وجمال بدوي، وإبراهيم عبد المجيد، وخيري شلبي، ورضوى عاشور، ومحمد المنسي قنديل، ويوسف القعيد، ومحمد عمارة، وغيرهم. ليبلغ عدد الكتب الممنوعة من دار الشروق وحدها 31 كتابًا، تنوعت ما بين الأعمال الفكرية والروائية، والسياسية. يُذكر أن رشيد راشد الحمد، سفير دولة الكويت بالقاهرة، كان قد أوضح أن لجنة إدارة المعرض قررت منع مشاركة تلك الكتب المصرية لأنها رأت أنها لا تتفق مع قيم وعادات المجتمع الكويتي، وبالتالي فإن قرار المنع لم يكن بهدف الدخول في عداء مع مبدعي مصر ومثقفيها. وسائل الإعلام الكويتية تتهم المصرية بالهجوم والتطاول من الطبيعي أن يثير القرار الكويتي بمنع كتب مصرية من المشاركة في معرض الكويت للكتاب القادم، عددًا من التساؤلات في وسائل الإعلام من الجانبين المصري والكويتي، ولكن من المفارق أن يتهم موقع "Gulfji" الكويتي وسائل الإعلام المصرية، بأنها هاجمت الكويت هجومًا شرسًا بدون وجه حق، وذلك بعد أن نقل عن نائب رئيس الهيئة المصرية للكتاب قوله بأن هذه القرارات الخاصة بمنع الكتب "استفزازية وغير مبررة وغير متوقعة من جانب بلد مثل الكويت"، كما استشهد الموقع برأي الكاتب محمد عمارة الذي أبدى تعجبه من القرار قائلا، إن بعض البلدان الشمولية منعت كتبه، ولكنه لم يتوقع أن الكويت سوف تحذو حذو هذه الدول. الجزائر تتراجع وتؤكد مشاركة مصر على النقيض من موقف الكويت ووسائله الإعلامية، يصبح موقف الجزائريين أكثر ليونة وهدوءًا مع المصريين، فبعد أن أعلنت الجزائر منع مصر من المشاركة في معرضها الدولي القادم للكتاب، تراجعت عن القرار، بل أكد إسماعيل أمزيان، محافظ التظاهرة بالجزائر، أن دور النشر المصرية ستشارك في المعرض الدولي المقبل للكتاب في العاصمة الجزائرية المقرر من 27 أكتوبر إلى 6 نوفمبر، وقال أمزيان "لقد انتهى الأمر. بالتأكيد سيشاركون"، نافيًا "منع" المشاركة المصرية في المعرض المقبل. وكان عدد من المفكرين الجزائريين المقيمين في الجزائر وأوروبا وأمريكا الشمالية قد تطرقوا في عريضة إلى هذا "المنع" الذي تقرر كما قالوا بعد الأحداث التي رافقت في نوفمبر 2009 مباريات كرة القدم بين مصر والجزائر للتأهل إلى كأس العالم 2010. وكان المفكرون الذين وقعوا العريضة قد دعوا في أغسطس الماضي إلى "رفع المنع المفروض على عرض الكتب المصرية" في المعرض ال15، مشيرين إلى محاولة "يائسة" من جانب واحد ضد الأدب المصري. إلا أن أمزيان أوضح، اليوم السبت، "أنه تقرر بالتشاور مع المصريين تخصيص" 100 متر مربع من أجنحة العرض لدور النشر المصرية، ومنها مكتبة الإسكندرية. وقد استفادت 70 دار نشر مصرية من ألف متر مربع في المعارض السابقة من مساحة المعرض الإجمالية التي تبلغ 8 آلاف متر مربع، وقال إن هذا القرار قد اتخذ "للحيلولة دون حصول أي حادث" خلال هذا الحدث الثقافي الذي يستقبل 150 ألف زائر يوميا.