على الرغم من تزايد تحذيرات المسئولين العسكريين والسياسيين فى الولاياتالمتحدة من مخاطر إقدام كنيسة فى فلوريدا على إحراق نسخ من القرآن فى الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر 2001 السبت المقبل، فإن القس تيرى جونز صاحب الدعوة، تمسك بموقفه، داعيا بلاده إلى الكف عن «الانحناء للملوك»، وذلك فى وقت دعا فيه عدد من أهالى ضحايا هجمات سبتمبر إلى «هدنة»، احتراما لأرواح ذويهم. فبعد تحذير الجنرال ديفيد باتريوس قائد القوات الأمريكية وقائد حلف شمال الأطلنطى (الناتو) فى أفغانستان، من أن حرق القرآن سيعرض القوات الأمريكية للخطر، قال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس أمس الأول عن أن «أى نشاط من هذا النوع هو مصدر قلق بالنسبة لإدارتنا». وخلال حفل إفطار أقامته لنحو 230 ضيفا، بينهم سفراء وقادة من منظمات غير حكومية و70 من قادة الأقلية المسلمة، وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون الدعوة لحرق القرآن ب«المقيتة، وغير الجديرة بالاحترام». بدوره، اعتبر وزير العدل الأمريكى اريك هولدر أن حرق المصحف سيكون عملا «غبيا وخطيرا»، وذلك خلال حديثه إلى قادة دينيين من الإسلام واليهودية والمسيحية فى لقاء عقده بواشنطن أمس الأول لبحث الوسائل الكفيلة بوضع حد للعنف بدوافع دينية ضد الافراد أو المؤسسات. كذلك أدان الأمين العام ل«الناتو» الدعوة لحرق القرآن، مؤكدا خلال زيارة لواشنطن أن «مثل هذه الأعمال منافية للقيم التى يستند إليها الحلف، كما أنه ستكون لها آثار سلبية على أمن قواتنا». كما أدان الفاتيكان بشدة اعتزام القس تيرى جونز من كنيسة «دوف وورلد» بمدينة جينسفيل فى فلوريدا حرق نسخ من القرآن. وعلى الرغم من أن كل تلك التحذيرات والإدانات، قال القس جونز إنه فى الوقت الذى يتفق فيه مع الرأى القائل بأن تصرفه قد يؤدى إلى أعمال انتقامية، فإن «أمريكا يجب أن تتوقف عن الاعتذار لتصرفاتها، وتكف عن الانحناء للملوك» فيما تبدو إشارة إلى تصرف الرئيس الأمريكى باراك أوباما خلال لقائه الأول مع العاهل السعودى الملك عبدالله ابن عبدالعزيز. ومضى متسائلا: «متى ستنهض أمريكا للدفاع عن الحقيقة؟ وبدلا من أن نكون نحن من يوجه إليهم اللوم على الأفعال أو الجرائم التى ارتكبها آخرون، لماذا لا نوجه إليهم تحذيرا؟ لماذا لا نرسل تحذيرا إلى الإسلام المتطرف، ونقول له إذا ما هاجمتمونا فسنهاجمكم». القس جونز أضاف، وهو يتكلم أمام شاحنة مكتوب عليها «اليوم العالمى لإحراق القرآن»: «نحن نرحب بالمسلمين هنا، وهم أكثر من مرحب بهم لممارسة دينهم وبناء مساجد». وكانت هذه الكنيسة قد أثارت جدلا شديدا العام الماضى بعد أن وزعت قمصانا مكتوب عليها «الإسلام دين الشيطان»، ووضعت لافتة بهذه الكلمات أمام المبنى. فى غضون ذلك، عززت السلطات إجراءات الأمن فى مدينة جينسفيل، وقال بوب وودز مدير الاتصالات بالمدينة: «لضمان السلامة العامة فإن جينسفيل تراقب الوضع عن كثب مع وضع خطط تضم مجموعة واسعة من خطط الطوارئ». ولم يذكر تفاصيل أخرى عن الإجراءات الأمنية المخطط لها مشيرا إلى مخاوف أمنية. وتحظر عمليات الحرق فى العراء وخارج المنازل فى هذه المدينة، وتحتاج إلى تصريح. وقال وودز لوكالة الأنباء الألمانية إن إدارة مكافحة الحريق رفضت منح القس جونز هذا التصريح. فيما أدان عمدة المدينة كريج لو فى هذا «السلوك العدوانى الموجه إلى جيراننا المسلمين وأصحاب العقيدة الإسلامية فى أنحاء العالم.. جماعة دوف مجموعة متطرفة صغيرة وتسبب الحرج لمجتمعنا». ويبلغ عدد سكان المدينة 117 ألف شخص، وهى مقر لجامعة فلوريدا. بموازاة هذا الجدل، يتصاعد جدل آخر مرتبط به حول بناء مركز إسلامى، يضم مسجدا، فى «جراوند زيرو» قرب موقع هجمات 11 سبتمبر فى مدينة نيويورك، والتى أودت بحياة ثلاثة آلاف شخص وتبناها تنظيم القاعدة. ومن المقرر إقامة تجمعات حاشدة مؤيدة ومعارضة لهذا المشروع خلال الذكرى التاسعة للهجمات السبت المقبل. غير أن بعض عائلات ضحايا 11 سبتمبر وجماعات مؤيدة دعوا إلى «هدنة» فى هذا اليوم. وقال بعض زعماء تجمع عائلات 11 سبتمبر فى رسالة إلى منظمى التجمعات الحاشدة: «رغبتنا.. ببساطة هى المحافظة على 11 سبتمبر للتذكر والتأمل المناسبين. لا نعتقد أنه يجب تنظيم احتجاجات حاشدة من هذا النوع فى مثل هذا اليوم الجليل، وعلى مقربة بهذا الشكل من جراوند زيرو». وبعد مراسم التأبين الرسمية صباح السبت يعتزم معارضو المركز الإسلامى، بزعامة جماعة «أوقفوا أسلمة أمريكا»، التجمع قرب الموقع المقترح للمركز. وسيكون من بين المتحدثين فى الاحتجاج، السفير الأمريكى السابق لدى الأممالمتحدة جون بولتون والنائب الهولندى خيرت فيلدرز، الذى يرأس حزب الحرية اليمينى المناهض للمهجرين، خاصة المسلمين منهم. ويؤيد الرئيس الأمريكى باراك أوباما ورئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج حق المسلمين فى بناء هذا المركز، انطلاقا من «حرية المعتقد» التى يكلفها الدستور الأمريكى. فى المقابل، قال زعماء أكثر من 55 مسجدا ومنظمة إسلامية فى نيويورك إنهم يؤيدون طلب بعض جماعات 11 سبتمبر عدم تنظيم تجمعات حاشدة يوم السبت، وسيركزون بدلا من ذلك على الصلاة سواء صلاة الفرد أو صلاة الجماعة والتأمل. وهذا العام يحيى الرئيس الأمريكى الذكرى فى مقر وزارة الدفاع (البنتاجون) فى حين يتوجه نائبه جوزيف بايدن إلى موقع مركز التجارى العالمى فى نيويورك. وكانت مصادر رسمية أعلنت أن ميشال أوباما ولورا بوش، زوجة الرئيس السابق جورج بوش، ستتوجهان السبت إلى بنسلفانيا، حيث سقطت إحدى الطائرات التى خطفها منفذو هجمات سبتمبر. وكان أوباما قد ترأس العام الماضى مراسم إياء الرى الثامنة، ودعا إلى تجديد الالتزام الوطنى بملاحقة القاعدة