أثار قرار أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، بمراجعة الدراما والبرامج للتأكد من عدم الإساءة لأى بلد عربى ردود أفعال متباينة فى الوسط الفنى، وفى الوقت الذى رأى فيه البعض أن القرار نتيجة طبيعية للهجمة المغربية، التى نالت مسلسل «العار» لاتهامه بالإساءة للمرأة المغربية، وأشاد بالقرار للتأكيد على احترام مصر لكل الجنسيات العربية. فيما تساءل البعض عن كيفية طريقة تقييم العمل وفقا لهذا القرار، ومن هو صاحب الحق ليحدد كون هذا العمل يتضمن إساءة أم لا.. وهل نحن بصدد قيود جديدة تفرض على العمل الإبداعى؟ شيرين عادل، مخرجة مسلسل «العار» أعربت عن احترامها لقرار رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون خاصة أنها تتضامن معه فى موقفه بأنه يجب عدم التهاون فى أى محاولة للإساءة لصورة المرأة العربية.. لكن فى الوقت نفسه أتساءل: من الذى حكم بأننا نسىء للمرأة المغربية فى مسلسل «العار»؟.. وهل إذا تضمن العمل شخصية غير سوية تنتمى إلى أى بلد فهل هذا يعنى أننا نتطاول على البلد بأكمله؟. وأضافت: بصراحة أرى أن القضية برمتها مفتعلة وأخذت حيزا من الاهتمام غير المعقول.. فمع احترامى وتقديرى للمرأة العربية لكننا فى مسلسل «العار» لم نكن نتعامل مع شخصية الفتاة المغربية على أنها النموذج للمرأة المغربية فى عمومها بل نحن نتعرض لحالة غير سوية وارد وجودها فى أى مجتمع. ودافعت عن فكرة اختيار الجنسية المغربية، وقالت: المغربيات جميلات ولهن سحر كبير وجاذبية لا تصد إلى جانب أنها فى المسلسل لم تكن تمارس الرذيلة بل كانت متزوجة من بطل العمل مختار زواجا عرفيا أيا كانت تربطها به علاقة شرعية فأين هى الإساءة؟. وأضافت: إلى جانب أن العمل تضمن وجود فتيات ليل مصريات.. فهل سنواجه غضب المصريات لإظهارهن بهذا الشكل ؟.. بالطبع لا لأن هناك وعيا كبيرا لدى المشاهدين بأننا أمام حدوتة أو قصة من وحى الخيال لها هدف سامى وواضح.. وهو أننا نؤكد أن «العار» ليس فى فقر الفلوس ولكن فقر النفوس والمسلسل يتعرض لنماذج كثيرة منحرفة وغير سوية والحلقات المقبلة ستشهد المزيد من هذه النوعية. وقالت شيرين عادل: فوجئت باتصال من أحد المسئولين بسفارة المغرب يطلب منى اعتذارا رسميا، ولم أفهم ماذا يعنى بكلمة رسمى وعموما تقدمت له باعتذار وقلت إذا كانت هناك حساسية زائدة إلى هذا الحد فأنا آسفة حقا ولم أقصد أبدا الإساءة للمرأة المغربية ولكنى فى الوقت ذاته أكدت له أننا لم نرتكب أى خطيئة فى حق أحد. واستطردت: إذا كان لزاما على أن اعتذر فها أنا اعتذر رغم أننى أشعر بحالة استفزاز شديدة من هذا الأمر ولا أتقبله أبدا خاصة أن الفن مرآة المجتمع، ونحن لا نعيش فى مجتمع ملائكى فهناك الصالح والطالح وإلى متى سنضع رءوسنا فى الرمال. أما الكاتب أحمد أبوزيد، مؤلف العمل، فقال مستنكرا «اتهموا مسلسلى بالإساءة للمرأة المغربية وهذا أمر مستبعد للغاية خاصة أن جذور أسرتى من فاس بالمغرب، فهل يعقل أن أسىء لأهل المغرب وأنا منهم؟.. أنا أندهش من توجيه هذا الاتهام لنا على شخصية كان من الممكن أن تكون مصرية لكننى اخترت أن تكون مغربية لأسباب كثيرة. أولها أن أصدقاء بطل العمل كانوا يسعون للنصب عليه والحصول على بعض الأموال منه باستغلال نقطة ضعفه وهى السيدات، وكان لابد أن يستعينوا بفتاة للإيقاع به، وكان لابد أن تكون مختلفة عن البنات اللائى اعتاد عليهن، ومن هنا اخترتها مغربية لأنها جميلة جدا وقادرة على لفت نظره، وكان من الممكن أن أختارها أردنية أو لبنانية أو أى جنسية أخرى. وأضاف: ومع هذا أتقدم باعتذار للشعب المغربى كله، وأعاهده أننى لن اقترب منهم فى أى عمل آخر فهم جمهورنا، الذين نعتز بهم وأعلم أن مسلسل العار يحظى بإعجاب الكثير من أبناء المغرب، وهذا أمر جدير بالاحترام والتقدير. وعن سر استسلامه السريع لمنتقديه بدلا من الدفاع عن موقفه كمبدع قال: لم أستسلم ولكنى فى الوقت نفسه لا أريد أن أغضب أحدا منا وحفاظا على عملى سعيت لتبرير وجود الشخصية والتأكيد أننا لم نقدم صورة مشوهة للمرأة المغربية، ولم نتحدث عن العموم بل كنا نتعرض لحالة ملوثة والمسلسل كله ملىء بالشخصيات الملوثة لأننا نتعرض لقضية مهمة وهى الحلال والحرام. وأضاف أن الفتاة المغربية هى الوحيدة التى تمسك بها بطل العمل، ولم يقطع الورقة العرفى، كما اعتاد مع كل الفتيات التى قابلهن بل تمسك بها وانجذب إليها، وهى التى تركته كما أن المغربية هى الوحيدة اللاتى واجهت مختار بحقيقة ما يفعله حينما قالت له «أنت كده بتضحك على ربنا» بزواجه العرفى لمدة يوم واحد. وعن تأثير قرار الشيخ على تناوله للقضايا فيما بعد قال: بالطبع سيكون هناك تأثير كبير فسوف أفكر أكثر من مرة قبل أن أخوض أى تجربة جديدة قد تتعرض لنماذج غير مصرية خاصة أننا فى النهاية سنتعامل مع الموظفين بالرقابة، والذين تلقوا تعليمات صريحة بعدم الاقتراب من الشخصية العربية بشكل قد يفسره البعض أنه يحمل إساءة، ولأننا اعتادنا تنفيذ القرارات بشكل مبالغ فيه فأصبح الأمر صعبا. وأعلن: قررت عدم التقرب أو ملامسة أى شخصية مغربية، وأعد الشعب المغربى أننى لن أذكره مرة أخرى فى أعمالى إذا كان هذا سيرضيه فلم أكن أتخيل أبدا أن أغضب هذا الشعب الرائع بهذا الشكل، ولو طلبوا منى اعتذارا رسميا معلنا سوف أوافق. من ناحيته، علق الكاتب مصطفى محرم مؤلف مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» على قرار الشيخ قائلا: نحن أمام أمر مضحك للغاية وأرى أننا أمام موضوع لا يستحق أن نتوقف عنده كثيرا، وأندهش بشدة لمبادرة أسامة الشيخ السريعة لإصدار مثل هذه القرارات فنحن هنا نفرض قيودا على الإبداع والفن لا يعترف سوى بالحرية المطلقة. وتساءل: الدور الذى أثار حالة من الضجة تلعبه فنانة مغربية بالأساس هى إيمان شاكر، فلماذا لم تعتبر إيمان أن هذا الدور يحمل إساءة إلى بنات بلادها؟.. هذا لأنها تعلم أن استعانة أى مؤلف بفنانة سورية أو لبنانية لتلعب دور امرأة منحرفة أو شريرة لا يعنى أنه يوصم كل السوريات أو اللبنانيات بهذه الصفات. واستطرد: لا أدرى سر الحساسية المفرطة التى يتمتع بها المغاربة خاصة أنها ليست المرة الأولى لهذا الغضب فلقد تعرض فيلم «الوعد» لهجمة مشابهة بزعم أن أسرة الفيلم تعمدت إظهار المغربيات بأنهن «وحشين»! ولأنه يتعرض للمرأة العربية فى مسلسله «زهرة وأزواجها الخمسة» من خلال الفنانة غادة بشار التى تلعب دور إحدى زوجات الحاج فرج (حسن يوسف) فقال محرم: لا أعتقد أننى سأواجه أى اعتراض من قبل الشعب السورى على شخصية الزوجة الساذجة، التى لعبتها الفنانة غادة بشار لأنه شعب يعشق الفن، ويعلم أننا نتعرض لحالة وليس إلى العموم إلى جانب أن الفنانة السورية حققت نجاحا كبيرا فى مصر، فهى فنانة كوميدية رائعة نحن بصدد استثمار نجاحها فى عمل آخر بمساحة أكبر. وقال: كنت أتمنى أن ينظر المشاهد للعمل نظرة عميقة، وأن يخرج من هذا المنظور الضيق للاشياء فالفن يتعرض للحياة وهى مليئة بالنماذج العديدة من البنى آدميين وعندما نتعرض لنموذج سيىء لا يعنى هذ أننا نسىء إلى الجميع.. وأؤكد أنه إذا حللنا كل المسلسلات بهذا المنظور الضيق لن نعمل وسنواجه غضبا شرسا من كل الأطياف والألوان وسنجلس فى بيوتنا ولن نقدم إبداعا بعد أن دخل الفن مرحلة الهلس. وبسؤال منى الصغير رئيس الإدارة المركزية للرقابة بالتليفزيون عن موقف الرقابة من هذا القرار قالت: القرار كان واضحا تماما وهو ضرورة الانتباه لأى عمل يتضمن أى إساءة لأشقائنا العرب، وهو قرار يجب أن يحترم من قبل الجميع خاصة أنه يحافظ على الروابط بين مصر والبلاد العربية، ومن هنا فنحن ملتزمون بهذا القرار فجميعنا نرفض أى إساءة لأى أحد. وعن كيفية تقييم العمل إذا كان يتضمن إساءة للأشقاء العرب أم لا قالت: هذا الكلام مبكرا بعض الشىء فنحن لم نشاهد باقى الحلقات حتى نعلن تقييمنا فعندما تأتينا المواد سوف نرى كيفية تقييمها لكن فى العموم إذا ورد فى أى مشهد تحديد جنسية أى شخصية فسوف نحذفها، فما أهمية أن نقول إن هذه مغربية أم لبنانية أو أى جنسية. وبمواجهتها بمخاوف المبدعين من تدخلات مقص الرقيب قالت: نحن لا نزال على مبدأنا فى إتاحة اكبر مساحة للحرية لكل الأعمال، وعليه فلقد تقرر تنبيه المؤلفين على عدم الوقوع فى مثل هذه الأخطاء حفاظا منا على عدم التعرض لأعمالهم بالحذف وإيمانا منا بأن المؤلف هو خير من يعالج عمله. وعن رأيها فى واقعة غضب المغاربة من مسلسل العار قالت: بصراحة أرى أن الأمور تضخمت بشكل مبالغ فيه خاصة أن التى لعبت الدور هى فنانة مغربية لم تجد أى ضرر فى الشخصية، التى تلعبها وعليه لم يخطئ أصحاب المسلسل