تحدثنا سابقا عن دعم الرئيس محمد أنور السادات لقراء القرآن الكريم وعن أن مرض الشيخ عبدالعزيز فرج وعدم قدرته على شراء «حقنة» كانت البداية الحقيقية لانشاء النقابة.. لكن هل يتخيل أحد أن أهل القرآن كانوا أعضاء فى نقابة عمال الخدمات؟ هذا ما حدث قبل ولادة «نقابة محفظى وقراء القرآن الكريم» بصدور قانونها رقم 93 لسنة 1983، فعرف «قراء القرآن»، عددا من «الروابط أو الجمعيات الأهلية»، التى سعت إلى تقديم بعض الخدمات الاجتماعية لأعضائها، إلا أن ضعفها وعدم كفايتها كان فى مقدمة الأسباب التى أدت إلى خروج «نقابة محفظى وقراء القرآن الكريم» إلى النور. كانت هناك مثلا «الجمعية الإسلامية لقراءة القرآن الكريم» و«الاتحاد العام لقراء القرآن الكريم» و«رابطة القراء العامة» وحاول «الشيخ أبوالعينين شعيشع» (نقيب محفظى وقراء القرآن)، المولود سنة 1922، أن يتذكر تاريخ هذه الرابطة قائلا إنها «تعود تقريبا إلى أوائل القرن العشرين، وقد توالى على رئاستها الشيخ على محمود، والشيخ عبدالفتاح الشعشاعى، وأخيرا الشيخ عتريس القوصى»، غير أن هذه الرابطة كانت تحاول مساعدة المحتاجين والمرضى من القراء بمبالغ بسيطة، فى حدود «3 5 جنيهات فقط»، كما وصفها الراحل الشيخ أحمد الرزيقى، الذى شغل منصب الأمين العام للنقابة لفترة طويلة من تاريخ النقابة. وعلى أى حال فقد تم حل «رابطة القراء العامة» عام 1985 واندمجت فى النقابة بما لها من ممتلكات، بالإضافة لما سبق كان لقراء القرآن الحق فى الانضمام إلى «النقابة العامة لعمال الخدمات» التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وهو ما يبدو من المناقشات التى دارت فى البرلمان لبحث مشروع قانون «نقابة قراء ومحفظى القرآن الكريم»، والتى أشار فيها محمد رشوان محمود (وزير شئون مجلسى الشعب والشورى وقتها وأحد المتحمسين لإنشاء نقابة القراء) إلى ذلك، قائلا: «كان هناك وضع شاذ وغريب. وهو أن هذه الفئة (أهل القرآن).. كانوا أعضاء فى نقابة عمال الخدمات، أى أن حملة القرآن كان وضعهم مع الفراشين..». وبغض النظر عما أشار إليه رشوان يبدو أن هذه «النقابة» لم تقم بدور يُذكر أيضا على صعيد تحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة للقراء، فخلال جلسات مناقشة مشروع قانون نقابة قراء ومحفظى القرآن الكريم فى المجلس، فى أوائل الثمانينيات، وصف النواب القراء أكثر من مرة بأنهم «يتقاضون أدنى الأجور ولا يتمتعون بأى رعاية»، هذا فضلا عما أشار إليه عدد من كبار القراء حول عدم معرفتهم بأمر هذه «النقابة» من الأساس. وخلال الفترة التى بزغت فيها فكرة إنشاء النقابة (أواسط السبعينيات تقريبا) كان ثمة وعى ما لدى القراء خاصة المجموعة الساعية لإنشاء النقابة بضرورة أن تكون لهم «نقابة مهنية» تعمل على «تطوير مهنتهم وتحميها من الدخلاء»، ويبدو ذلك مثلا فيما قاله الشيخ أحمد الرزيقى عن تأذيه هو وزملائه خلال هذه الفترة من «رؤية كثير من الدخلاء على المهنة يسيئون إليها ويخطئون فى قراءة القرآن ورغبتهم فى وضع حد لذلك». ويبدو ذلك واضحا فى ردود القراء على وزير العمل وقتها الذى بدا معترضا على إنشاء نقابة مهنية للقراء بعيدا عن نقابة عمال الخدمات، معتبرا ذلك «تفتيتا للحركة العمالية»، فكان رد القراء وقتها واضحا وصريحا: «إننا لسنا عمالا لنكون أعضاء فى نقابة عمالية، نحن نريد نقابة مهنية على غرار نقابة المهندسين والأطباء والمحامين، لأن قراءة القرآن الكريم مهنة نعمل فيها بشكل حر وتستحق أن يكون لها نقابة».