تفاوتت ردود فعل ممثلى الأحزاب والقوى السياسية حول ما يمكن أن يسفر عنه الاجتماع الذى دعت إليه جماعة الإخوان المسلمين أمس الأول فى مقر كتلتها البرلمانية بالمنيل، للتباحث حول مستقبل مصر واتخاذ موقف موحد من الانتخابات المقبلة. لم يكن الاجتماع المحاولة الأولى للتنسيق بين قوى المعارضة بشأن هذه المطالب، فقد سبقته محاولات أخرى من خلال ما عرف ب«ائتلاف أحزاب المعارضة الأربعة»، ودعوته لتشكيل جبهة وطنية لصياغة مطالب المعارضة، وكما هو الحال مع بقية المحاولات السابقة لم يسفر الاجتماع عن تقدم ملموس.فكما يؤكد د.أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة الذى شارك فى الاجتماع، «لم تتفق القوى السياسية المشاركة فى اجتماع أمس الأول، على مواقف بعينها، لكنها قامت بعرض رؤاها بشأن المشاركة فى الانتخابات أو المقاطعة». جدل المشاركة والمقاطعة «كان هناك من يتساءل عن جدوى المشاركة فى الانتخابات فى ظل الظروف الراهنة وغياب ضمانات لنزاهتها، فى الوقت الذى تحدثت فيه أحزاب أخرى عن حتمية المشاركة باعتبارها فرصة للوجود»، كما يضيف حرب. ويعتقد ضياء رشوان، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتجية بالأهرام، أن سؤال المشاركة أم المقاطعة هو السؤال الرئيسى الذى يجب أن تجيب عنه القوى السياسية أولا ويمكن أن يشكل عدم الإجابة عنه عقبة أمام أى تنسيق بين قوى المعارضة بشأن الانتخابات. ويؤكد أنيس البياع، نائب رئيس حزب التجمع، الذى حضر الاجتماع بصفته الشخصية، أن غالبية الآراء التى طُرحت فى الاجتماع كانت مع عدم المشاركة فى الانتخابات فى حالة عدم توافر ضمانات لنزاهتها. وهو الموقف الذى عبر عنه د.أسامة الغزالى حرب فيما يتعلق بحزبه قائلا: «لن نشارك فى الانتخابات ما لم يتوافر الحد الأدنى من الضمانات الدستورية والقانونية لنزاهتها التى تضمن عدم تزييف إرادة الناخبين»، مشيرا إلى أن هذا الحد الأدنى من الضمانات ستحدده الهيئة العليا للحزب وسيتم الاتفاق بشأنه مع بقية القوى السياسية. وفيما بين المقاطعة والمشاركة يقترح ضياء رشوان فى المقابل «موقفا ثالثا بين المشاركة والمقاطعة يبدأ بإعلان المشاركة شريطة توافر الحد الأدنى من ضمانات نزاهة الانتخابات، تشمل تعديلات محددة فى قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس الشعب، ويشمل هذا السيناريو أيضا مشاركة المعارضة بقائمة موحدة كنوع من الضغط على الحكومة»، وهو موقف من شأنه أن يلقى بالكرة فى ملعب النظام على حد قوله. وبالرغم من أن القوى السياسية المشاركة لم تصل إلى قرار نهائى بشأن تبنى أى من «المواقف الثلاثة» إلا أنها أبقت الباب مفتوحا أمام ذلك من خلال تشكيل ما سمى ب«لجنة دراسة الانتخابات» المختصة ب«بحث جدوى المشاركة من عدمه وبحث آليات مواجهة التزوير وتفعيل الرقابة على الانتخابات والتنسيق بين القوى والشخصيات السياسية فى الانتخابات القادمة»، بحسب نص البيان النهائى الذى خرج عن الاجتماع. الإخوان والتجمع والوفد لكن الإجابة عن سؤال المشاركة أم المقاطعة، ليس كفيلا وحده بحل المشكلة، إذ يبقى التحدى الآخر الكبير أمام التنسيق بين القوى السياسية بشأن الانتخابات التى قد تعصف بأى محاولة للتنسيق الجاد، كما يشير رشوان، هو «مدى تجاوب حزبى الوفد والتجمع مع دعوات التنسيق لاسيما فى ظل وجود الإخوان والحساسيات الكبيرة الموجودة بين الجانبين» على حد قوله. فى اجتماع أمس الأول لبى حزب الوفد الدعوة وحضر ممثله الدكتور أشرف بلبع، الذى قال ل«الشروق» عقب الاجتماع إن «هناك أملا كبيرا بالاستمرار فى التشاور بين جميع القوى السياسية من أجل تنسيق فعلى فيما بينها»، مشيرا إلى أن تطورات الساحة السياسية هى التى ستحسم قرار القوى السياسية خوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة من عدمه. وأكد بلبع أن حزب الوفد لم يتخذ قراره النهائى بعد بخصوص الانتخابات، كاشفا عن دعوة الوفد لجميع القوى السياسية التى كانت حاضرة الاجتماع لحضور المؤتمر الجماهيرى الذى سينظمه الحزب فى الخامس من أغسطس المقبل بعنوان «لا انتخابات... بدون ضمانات». أما عن الموقف من التنسيق مع الإخوان فقال بلبع: «بالرغم من أنه كان هناك قرار سابق للهيئة العليا للوفد بعدم الاشتراك فى أى ائتلاف مع الإخوان إلا أن هذا القرار لا يعنى عدم إمكانية التنسيق معهم».وإذا كان الوفد قد لبى الدعوة وأبدى ذلك القدر من المرونة فى التعامل مع الإخوان أو «التنسيق» معهم فيما يتعلق بالانتخابات، فلايزال التجمع يبدى قدرا كبيرا من الممانعة. حيث حضر أنيس البياع، نائب رئيس الحزب ليس كممثل عن الحزب وإنما كممثل عن القوى السياسية، وأوضح البياع ل«الشروق» أنه بعد أن تلقى دعوة الإخوان اتصل برئيس الحزب الدكتور رفعت السعيد ليعلمه بها وبحضوره، إلا أنه رفض أن يحضر ممثلا عن التجمع بحجة أنه لا يوجد قرار حزبى بالتنسيق مع الإخوان، وهكذا كان الاتفاق أخيرا على أن يحضر بصفته ممثلا للجنة الشعبية لدعم الشعب الفلسطينى بدمياط. والمشكلة هنا كما يقول ضياء رشوان «أى تنسيق جبهوى لن يتم ما لم يشارك فيه كل من الوفد والتجمع مشاركة نشيطة، باعتبارهما الحزبين المعارضين الشرعيين الأكبر، اللذين يحتاجهما الإخوان المسلمون للتحرك معهما».أما فى حالة عدم حدوث ذلك فيستبعد رشوان مشاركة الإخوان فى التنسيق، قائلا: «هياخدوا قرارهم بمفردهم ومش هينسقوا فى الدوائر، وفى هذه الحالة لا يمكن أن يعدو الأمر أكثر من مجرد تحالفات جزئية أو ثنائية صغيرة غير مؤثرة». يحدث ذلك فى وقت تبدو فيه قوى المعارضة أحوج ما تكون للتنسيق المشترك لاسيما مع ضعفها العام وحقيقة أنها «بكل أطيافها وما يمكن أن تقدمه من مرشحين فى الانتخابات، مش مكملين نص البرلمان» على حد قول رشوان.