الأسبوع الماضى أعلنت فرنسا عن إجراء تعديلات فى القوانين المنظمة للحقوق الملكية الفكرية، وذلك من أجل حماية الإبداع، وأرسلت نشرة إلى كل مكاتب الاتحاد الدولى لصناعة الأغنية، لمساعدتها فى إنجاز تعميم هذه الإجراءات فى شتى الدول. بعد أن أصبحت القرصنة العدو الأول لصناعة الأغنية على مستوى العالم، وبما أن مصر من الدول التى تخطت فيها الأزمة كل الخطوط الحمراء، بسبب تراجع الدول عن مكافحة القرصنة عبر الإنترنت، لذلك فنحن نفتح هذا الملف. لكى نقول للدولة إن هناك صناعة مهددة بالتوقف، وعليها أن تعيد النظر فى القوانين الخاصة بالملكية الفكرية، خاصة أن تغليظ العقوبة ليس بالأمر المعقد، وغلق هذه المواقع المنتشرة على النت لا يحتاج سوى تدخل وزارة الاتصالات لأنها الجهة التى تمنح تلك التراخيص للشركات الخاصة بتلك الخدمة، وما نشاهده من الدولة يؤكد أنها لا تنظر إلى القضية باهتمام رغم خطورة وضع الأغنية المصرية. وفى هذا الملف طرحنا القضية بدأناها باستعراض تقرير خطير للاتحاد الدولى لصناعة الأغنية، ثم ردود أفعال من يهمهم الأمر. أكد تقرير الاتحاد الدولى لصناعة الأغنية I.P.F.I أن أزمة الأغنية سوف تزداد سوءا خلال عام 2009 بسبب ازدياد أعمال القرصنة فى ظل ارتفاع عدد المواقع الغنائية على الإنترنت. وأشار التقرير إلى أن 60٪ من مستخدمى الإنترنت فى مصر يستخدمونه من أجل تحميل المواد فقط، فقد بلغ إجمالى عدد ساعات التحميل 600 ألف ساعة شهريا، منها 300 ألف ساعة لتحميل الأعمال الفنية نصيب الأغنية منها 150 ألف ساعة، وهذا يعنى أن خسائر صناعة الأغنية فى الشهر تتجاوز 150 مليون جنيه، الأمر الذى يعنى أن حجم الكوارث سوف يزداد فى 2009، وألمح التقرير إلى أن ثورة التكنولوجيا هى العدو الأول لصناعة الموسيقى فى مصر، لأن الدولة ليس لديها القدرة على مواجهة هذه القرصنة التى تستخدم فيها التكنولوجيا. وقال التقرير إن حجم الإنتاج الغنائى خلال السنوات الأخيرة تقلص لما دون ال50٪ لأن المنتجين لن يتحملوا هذه الخسائر التى تلحق الشركات بشكل يومى، وهو ما أدى إلى تقلص عدد شركات الإنتاج فى مصر من 140 شركة إلى خمس شركات. وعلى المستوى العربى تقلص العدد من 300 شركة إلى 10 شركات، وهذا يعنى أن هناك شركات كبرى اختفت على المستوى العربى. وذكر التقرير أن الفقر قد أصاب الأعمال الغنائية من حيث المستوى الفنى والمنتج أصبح غير قادر على الإنفاق بسخاء، كما كان يحدث فى الماضى لأنه يعلم أن العائد لن يغطى نفقات الألبوم، والشىء الثانى الذى ذكره التقرير بالنسبة للمستوى الفنى أن المنتجبن لم تعد لديهم القدرة على المغامرة بتقديم أصوات شابة كما كان الحال مع تامر حسنى وشرين وخالد سليم وبهاء سلطان. وقال تقرير الاتحاد الدولى لصناعة الأغنية إن القانون المصرى لا يجرم وضع الموسيقى على الإنترنت وأن الحكومة المصرية لا تتخذ خطوات إيجابية نحو هذا الهدف، فى الوقت الذى توجد في أوروبا محاكم لهذا الغرض تعاقب المتهم جنائيا. لذلك فالقراصنة وجدوا فى الشرق الأوسط خصوصا مصر أرضا خصبة لتحقيق أهدافهم، وأضاف أن الصين فى وقت من الأوقات كانت تستخدم هذا الغرض، وهو ما جعل الولاياتالمتحدةالأمريكية تبرم اتفاقية الجات، التى توقع عقوبات على الدول التى لا تكافح القرصنة ويصل الأمر إلى عزلتها اقتصاديا. وذكر التقرير أن العلاج فى تفعيل قوانين مصرية للحد من الظاهرة وأن تقوم هيئة تنظيم الاتصالات التابعة لوزارة الاتصالات بالتدخل لإغلاق المواقع المنتشرة على الإنترنت كما يحدث فى أوروبا حيث تدخل الهيئة على الموقع وتقوم بإغلاق من مركز البث التابع للهيئة. وانهت I.P.F.I تقريرها بأن شركات الإنتاج فى مصر حاولت إقناع أصحاب المواقع الرئىسية المحتكرة للسوق فى مصر بإهدائها الأغانى مجانا مقابل عدم السماح لأى جهات أخرى بببث الأغانى لكن الشركات رفضت بسبب تخوفها من قيام الناشرين باللجوء إلى شركات النت الأخرى والتى يبلغ عددها 6 شركات، منها link.net و line on وdata وراية. التقرير انتهى لكنه يكشف حجم الكارثة التى تنتظرها صناعة الأغنية فى مصر والعالم فالأغنية العربية كانت تنتج سنويا ثلاثة آلاف أغنية، وصل الرقم الآن إلى 500 أغنية فقط، وهذا يعنى أن هناك بطالة فى انتظار العاملين فى هذا الحقل من مؤلفين وملحنين وعازفين وعمال الاستوديوهات والعاملين بالشركات كإداريين ومنتجين منفذين.