يبدو أن أكاديمية الفنون باتت الرهان الأخير للدكتور سامح مهران، رئيس أكاديمية الفنون بقرار وزير الثقافة، والأستاذ بمعهد النقد الفنى التابع للأكاديمية بقراره هو الشخصى، لذا يجاهد للاحتفاظ بموقعيه الوظيفيين فى هذه المؤسسة التابعة لوزارة الثقافة. وإذا كان مهران قد نجح فى أغسطس الماضى فى الحفاظ على موقعه كأستاذ بمعهد النقد الفنى، وهو الموقع الذى انتزعه من الأستاذ الدكتور أيمن تعيلب، المتقدم الوحيد للمسابقة التى أعلنت عنها الأكاديمية لطلب أساتذة، وبذلك يكون رئيس الأكاديمية قد أعلن عن وظيفة شاغرة ثم عين نفسه فيها، فإن مجرد شائعة بتردد اسم وكيل المعهد العالى للنقد الفنى د.حسن يوسف داخل وزارة الثقافة، اعتبرها مهران تهديدا لموقعه الثانى كرئيس للأكاديمية، لذا اتخذ على الفور قراره التعسفى بإيقاف «يوسف» عن العمل وخصم ربع راتبه وتحويله للتحقيق، بدعوى تجاوز حدود وظيفته. لكن هذه الشائعة التى علمت بها «الشروق» من مصادر موثوق بها، وصدقها رئيس الأكاديمية لم تكن إلا القشة التى قصمت ظهر البعير، حيث سبقها خلاف شديد بين سامح مهران من جانب وحسن يوسف ومعه أساتذة معهد النقد من جانب آخر. هذا الخلاف كانت بطلته الباحثة «فينوس العشماوى»، التى وافق مهران على تعيينها بدرجة خبيرة، أو أستاذ غير متفرغ بمعهد النقد الفنى، رغم أن درجتها العلمية لا تتجاوز دبلوم الدراسات العليا فى النقد الفنى، مما أثار استياء أساتذة المعهد. لكن هذه المخالفة أو المفارقة كان يمكن أن تمر، لولا تعدد شكاوى كل من أساتذة وطلبة المعهد من هذه الباحثة، الأمر الذى أدى إلى اتخاذ مجلس المعهد قرارا باستبعادها، بسبب ما وصفوه بالمخالفات الجسيمة والمعوقة لسير العملية التعليمية بالمعهد، فضلا عن اتهامها ب«الضعف العلمى البين، وسوء السلوك العام». أما المفاجأة الأشد فى أمر «فينوس العشماوى»، التى يشاع فى الأكاديمية أنها «مسنودة» من قبل أ.د. نهاد صليحة رئيس قسم التنشيط الثقافى بالمعهد الذى تتبعه «فينوس»، فكان السماح لها بالتدريس لمرحلتى الماجستير والدكتوراه، رغم أنها لم تنل بعد درجة الماجستير، أى أنها تقوم بالتدريس لباحثين يسبقونها فى الدرجة العلمية. ووفقا لمستندات حصلت «الشروق» على نسخة منها، فإنه تم تسجيل جميع هذه المخالفات ومخاطبة رئيس الأكاديمية بها أكثر من مرة بتواريخ: 26 يناير و16 مارس، و28 إبريل 2010، لكنه لم يستجب لقرار مجلس المعهد باستبعاد فينوس العشماوى من المعهد، إلى أن أيد المستشار القانونى للأكاديمية قرار مجلس المعهد باستبعاد هذه الباحثة، واضطر رئيس الأكاديمية لتنفيذ القرار. لكن اللافت للنظر فى مجمل المستندات التى اطلعت عليها «الشروق» وطولب فيها باستبعاد العشماوى، أن جميعها كان موقعا من قبل د. حسن يوسف وكيل معهد النقد الفنى، وليس د. أحمد البدوى عميد المعهد، الذى علمت «الشروق» أنه رفض التصدى لهذه القضية لتجنب الاصطدام بكل من رئيس الأكاديمية سامح مهران ود. نهاد صليحة المعروفة بحيثيتها الشديدة داخل الأكاديمية والمعهد، وبذلك يكون الخصم الحقيقى لكل من مهران وصليحة هو حسن يوسف، ما جعله يستغل واقعة عادية توسط خلالها يوسف لطالبين بالمعهد العالى للفنون المسرحية تجاوزا نسبة الغياب، لكى لا يحرما من دخول الامتحانات للتنكيل بهما. ورغم موافقة أستاذ المادة د. وائل غالى شكرى على طلب يوسف، ورغم أنه كان طلبا وديا، خاصة أن الطالبين من معهد آخر فإن رئيس الأكاديمية اعتبر هذه الواقعة مخالفة تستوجب كل الإجراءات التى قام بها ضد حسن يوسف. وكان د. سامح مهران قد تولى رئاسة أكاديمية الفنون بقرار من وزير الثقافة فى 3 نوفمبر 2008، خلفا لرئيسها الأسبق عصمت يحيى. وفى 7 أغسطس 2009 أعلن مهران عن درجات أكاديمية شاغرة بالأكاديمية وكان ضمن الدرجات المعلن عنها درجة أستاذ فى النقد الأدبى، وهى الدرجة التى لم يتقدم لها أحد حتى نهاية الإعلان سوى الباحث د. أيمن تعيلب بعدما تأكد من استيفائه لجميع شروط الوظيفة، لكنه فوجئ بحرمانه من شغل هذه الدرجة لأنها كانت «محجوزة» من قبل رئيس الأكاديمية لنفسه. إعلان الرجل الأول فى الأكاديمية عن درجة أو وظيفة شاغرة ثم شغلها، لم يكن المخالفة الوحيدة، وهو عموما لم يعد أمرا جديدا أو مفاجئا من قبل مؤسسات وزارة الثقافة، فمهران لم يفعل أكثر مما فعله مسئولو لجان المجلس الأعلى للثقافة الذين يحكمون جوائز يمنحونها لأنفسهم، لكن علاوة على ذلك فإن القانون المنظم للجامعات يقضى فى المادة رقم (72) منه بأنه: «لا يجوز لعضو هيئة التدريس فى إحدى الجامعات الخاضعة لهذا القانون شغل وظيفة شاغرة معلن عنها مماثلة لوظيفته فى جامعة أخرى، إلا بطريق النقل»، بينما تم الأمر فى حالة رئيس الأكاديمية، الذى كان وقتها وكيلا لكلية التربية النوعية لشئون الدراسات العليا فى جامعة القاهرة، عن طريق التعيين وهو ما يعد مخالفا للقانون. يذكر أن مهران كان وكيلا لكلية التربية النوعية لشئون الدراسات العليا فى جامعة القاهرة، ومستشارا لرئيس جامعة القاهرة للفنون، ومديرا لمسرح الغد، وكان آخر منصب شغله قبل ندبه للأكاديمية هو رئيس المركز القومى للمسرح.