في مقال له بصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية, ناقش الدكتور أحمد زويل، عالم الكيمياء الحاصل على جائزة نوبل والمستشار العلمي في الشرق الأوسط للرئيس الأمريكي باراك أوباما، عدة قضايا مهمة كان من أبرزها تعديد أسباب تأخر التعليم في الدول الإسلامية والتأكيد على خطورة البطالة التي تقتل روح الإبداع في نفوس الشباب. كما أكد زويل أن الولاياتالمتحدة يمكنها تحقيق فوائد لا حصر لها إذا استخدمت أفضل ما في ثقافتها وتاريخها لبناء علاقات أفضل مع العالم الإسلامي. إعادة تشكيل خريطة السياسة في العالم أوضح زويل أن العالم يُقدر الولاياتالمتحدة لا بسبب أفلام هوليوود أو بسبب المشروبات الغازية ومطاعم الوجبات السريعة، وإنما بسبب تفوق أمريكا العلمي والتكنولوجي، وهو ما يمكن أن يعيد تشكيل خريطة السياسة في العالم. وأشار زويل أن استطلاعات الرأي أكدت أن أكثر من 79% من المواطنين في 43 دولة أوضحوا أن أكثر ما يتطلعون إليه ويقدروه في الولاياتالمتحدة هو تفوقها العلمي، بينما كانت نسبة من يقدرون الولاياتالمتحدة بسبب الصناعة الترفيهية فيها ضئيلة جدا. واعترف زويل أنه كطالب مصري في الولاياتالمتحدة في السبعينات، كان أكثر ما أبهره في أمريكا هو جامعاتها وثقافتها العلمية والعقلية وقدرتها على الاكتشاف والابتكار. ويرى زويل أنه عن طريق تسخير العلم كقوة ناعمة لخدمة الدبلوماسية، يمكن أن تحقق الولاياتالمتحدةالأمريكية فوائد لا حصر لها، حيث يمكن أن تستخدم أفضل ما في ثقافتها وتاريخها لبناء علاقات أفضل مع العالم الإسلامي. التعليم في الدول الإسلامية قاصر وأوضح أنه أثناء زياراته، لاحظ أن التعليم في معظم الدول الإسلامية متأخر بشكل واضح عن المعايير الدولية، وبه العديد من أوجه القصور، كما أن هناك العديد من المشاكل الاقتصادية والبطالة التي تواجه الشباب، ما يسبب لهم إحباطا ويأسا غير عاديين. وهؤلاء يترعرعون في بيئات فقيرة، ينتشر فيها الفساد وتهددها الزيادة السكانية المستمرة، وخاصة في المجتمع المصري الذي أصبح يختلف تماما عما كان عليه في الستينات. في الوقت نفسه، يقول زويل أنه رأى العديد من الجوانب الإيجابية، خاصة في دول إسلامية مثل ماليزيا وتركيا وقطر، لأنها تتخذ خطى حثيثة نحو تطوير التعليم والتكنولوجيا والاقتصاد، بينما الجانب الإيجابي في دول أخرى مثل مصر وسوريا والعراق ولبنان والمغرب هو أنها زاخرة بالمواهب الشابة. واليوم، هناك العديد من المسلمين المتميزين في الغرب في كافة المجالات، ما سيؤدي في المستقبل إلى نجاح هذه الدول الإسلامية في استعادة مكانتها الحضارية كرائدة في العلوم والتكنولوجيا. الدعم الأمريكي للتعليم في الشرق الأوسط وأكد زويل على أنه من مصلحة الولاياتالمتحدة أن تقيم علاقات قوية مع الأغلبية من المعتدلين، فهؤلاء محبوسون في دوائر من الأقليات المتعصبة التي يمكن أن تعيق تقدمهم وريادتهم، خاصة وأن معظم دول الشرق الأوسط تثق في أوباما، وترحب بالشراكة العلمية والتعليمية بينها وبين الولاياتالمتحدة. وأشار زويل إلى أنه ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تضع سياسة واضحة ومفهومة لبناء علاقات علمية ودبلوماسية مع الدول الإسلامية، كما أنه يجب أن يتم التركيز على تطوير البنية الأساسية للتعليم والتكنولوجيا، ما سيؤدي إلى مكاسب اقتصادية واجتماعية وسياسية، وذلك عن طريق تطوير معامل المدارس الابتدائية، وتأهيل المعلمين، كما يمكن استخدام "برنامج إصلاح التعليم والتنمية" خاصة في المدارس الموجودة في الدول الإسلامية. وأضاف زويل أن دعم الولاياتالمتحدة عبر مراكز العلوم والتكنولوجيا يمكن أن يؤدي إلى ظهور جيل جديد من الخريجين المؤهلين علميا والموهوبين في المنطقة. واستدرك زويل في مقاله مؤكدا على أن هذه الإصلاحات يجب أن تكمل جهود الولاياتالمتحدةالأمريكية في مجال تنمية حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم الإسلامي، كما أنه ينبغي على أمريكا أن تستمر في دعم حل الدولتين بطريقة عادلة وآمنة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فضلا عن استكمال جهودها في إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. حرية الرأي والتعبير ويقول زويل إنه عرف قيمة القوة الناعمة عندما درس في جامعة بنسلفانيا الأمريكية، حيث اكتشف أن العلم لغة عالمية يمكنه خلق روابط جديدة بين الأفراد وفتح أفاق واسعة أمام أفكار تتجاوز قاعات الدرس والدراسة بشكل عام. وبعد أن أعطى العلم زويل القدرة على حل أعقد المشاكل بطرق علمية، غرس فيه بذور التسامح السياسي والثقافي. وكان أهم ما استفاد به زويل من العلم هو تعلم أهمية حرية الرأي والتعبير كونها ضرورية لخلق بيئة علمية إبداعية، كما أنه لا يمكن إغفال مبادئ تكافؤ الفرص لأن العلم لا يلتفت للعرق أو الجنس أو الخلفية الثقافية. وذكر زويل أنه منذ توليه منصبه كأول مبعوث علمي أمريكي إلى الشرق الأوسط، ذهب في عدة رحلات دبلوماسية إلى مصر وقطر وتركيا، حيث التقى بمسئولين سياسيين وتعليميين، كما التقى برجال اقتصاد ورجال صناعة وأدباء وناشرين وإعلاميين.