«يا ترى النور بيتقطع عن فيللات التجمع الخامس كمان ولا بيقعطوه عن الحتت الفقيرة زى اللى أنا ساكن فيها وبس؟» سؤال على لسان أحد مستخدمى موقع تويتر للتدوين القصير، فى حين تشكو أخرى «بطارية الكمبيوتر وكمان الموبايل قربوا يخلصوا، والكهرباء لسة مقطوعة».مع ذروة الصيف، وهجوم الموجة الحارة فى الأيام الأخيرة، تزايدت الشكاوى من انقطاع الكهرباء فى أنحاء مصر كلها. العلاقة واضحة، فى رأى حافظ السلماوى، المدير التنفيذى لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء، فمع الإقبال الشديد على استخدام أجهزة التكييف خاصة فى وقت الذروة، يزداد الحمل على محطات الكهرباء. يشرح سلماوى مفهوم «إدارة الطاقة» لمواجهة مثل هذه الأزمات. بعض الدول التى تعتمد على أجهزة التكييف بأعداد ضخمة وفترات طويلة، كالسعودية مثلا، فإن فترة الذروة فى استهلاكها للكهرباء هى النهار. أما فى مصر، فتشهد ذروة التهامها للطاقة الكهربائية من المغرب وحتى 11 مساء تقريبا فى فصل الصيف، طبقا لسلماوى. «تخيل مشكلة الطاقة فى مصر زى مشكلة المرور، الناس بتنزل الشارع فى ساعة واحدة والشارع بيتقفل»، كذلك الأمر فى استهلاك الكهرباء، حيث يرجع الناس إلى بيوتهم عصرا فيشرعون فى إضاءة النور وتشغيل التليفزيون والتكييف وغسالات الملابس والأطباق فى وقت واحد. «لكن لو الناس قررت تشغل الغسالات الأتوماتيك الصبح قبل مايروحوا الشغل»، فإن ذلك سيقلل هذا من زيادة الحمل على محطات الطاقة أوقات الذروة ويضمن توزيعا للاستهلاك مدار اليوم. متوسط استهلاك المصرى من الكهرباء فى الساعة هو 1500 كيلووات، وهو استهلاك قليل مقارنة بحصة المواطنين من الكهرباء فى الدول المتقدمة، والتى تتراوح بين 7 آلاف و12 ألف كيلووات فى الساعة. «لكن استهلاك الكهرباء للمصريين حيتتضاعف مرة على الأقل فى السنين القليلة المقبلة، مع الزيادة السكانية وارتفاع مستوى المعيش واستهلاك الأجهزة الكهربائية». هذه الزيادة تتطلب بالطبع التوسع فى إنشاء محطات كهرباء جديدة، إلا أن ذلك ليس الحل الوحيد. يقول سلماوى إن الكثير من المصريين لا يلاحظ «بطاقة كفاءة الطاقة» التى تصاحب الأجهزة الكهربائية، خاصة الثلاجات. توفر هيئة التوحيد القياسى مع كل ثلاجة وبعض الأجهزة المنزلية بطاقة تحدد مدى استهلاك الجهاز للكهرباء، «لكن البطاقة ممكن تلاقيها ملزوقة فى ظهر الجهاز أو على الكرتونة فالناس متاخدش بالها». بعض الأجهزة الأكثر توفيرا للطاقة قد تكون أعلى سعرا، لأنها غالبا ما تكون الأحدث أيضا، لكن سلماوى يرى أن فارق التكلفة يعوضه النقود المنفقة على استهلاك الجهاز للكهرباء وأن على المستهلك حساب النقود التى سيوفرها فى فاتورة الكهرباء على مدار عمر الجهاز. مرة أخرى يلجأ سلماوى لتشبيه أزمة الطاقة بأزمة المرور، «زى ما حصل إحلال وتجديد للتاكسى، إحنا محتاجين إحلال للأجهزة القديمة المستهلكة لكميات ضخمة للطاقة مع كفاءة قليلة». يقول سلماوى أن بعض الدول الأوروبية تطبق نظام «التعريفة المزدوجة»، فاستهلاك الطاقة وقت الذروة له سعر يختلف عن استخدامها فى الأوقات العادية. تزداد أهمية هذا النظام مع المصانع، فمصانع الأسمنت، طبقا لسلماوى، تقوم بصيانة كسارات الحجارة، التى تستهلك كميات مهولة من الطاقة، فى الصباح والظهر، وتشغيلها مساء لمدة 12 ساعة. ولو طبق نظام التعريفة المزدوجة لاضطرت المصانع لتغيير هذا النظام. «لم يتم تطبيق هذا النظام فى مصر حتى الآن، لأنه يحتاج تغيير منظومة بأكملها، إضافة لاستخدام أنواع متطورة من العدادات ليست متوافرة فى مصر». نتيجة لكل ذلك، تضطر محطات الكهرباء إلى قطع خدمتها عن بعض الأحياء السكنية فى أوقات الذروة من أجل تخفيف الحمل عليها. لكن على من يقع الاختيار لكى يعانى من انقطاع الكهرباء؟ يؤكد د.سلماوى أن هذه العملية تخضع لقواعد صارمة، فالكهرباء لن تنقطع أبدا عن المستشفيات أو المصانع أو غيرها من المرافق الحيوية. ومن ناحية أخرى ينص «كود توزيع الكهرباء» على أن يتم اختيار الحى الذى سيتم قطع الخدمة عنه بالتناوب، وألا يتحمل أى حى انقطاع الكهرباء لأكثر من 3 ساعات أسبوعيا. وفى حالة انقطاع الكهرباء عن حى بعينه أكثر من هذه المدة، ينصح سلماوى بالشكوى إلى شركة الكهرباء. ولحين تنكسر الموجة الحارة ويمر الصيف، فعلى كل مواطن أن يبدل مصابيح الإضاءة العادية بالموفرة، وأن يتجنب تشغيل الغسالات وغيرها من الأجهزة بعد المغرب. فإن قام عدد كاف من الناس باتباع هذه التعليمات لربما تجنبت أحياء كاملة انقطاع الكهرباء عنها إلى الأبد.