الجولة الأولى ضعيفة.. وقلة الأهداف لا تخفى ذكاء المدربين الثعالب مارسيللو بيلسا مدرب تشيلى يبدع حين يلعب بطريقة 3/3/1/3 ** قالت صحيفة أوجلوبو البرازيلية: «كل هذه السرية من أجل هذا؟!»، فى إشارة إلى حرمان الإعلام من متابعة تدريبات المنتخب، قبل مواجهة كوريا الشمالية، فيما قالت صحيفة فولها دى ساوباولو: «ينقصنا شىء بديهى واحد..إنه الإبداع»! إلا أن الفريق البرازيلى قدم عرضا تكتيكيا يستحق الإعجاب أمام فريق دافع بتنظيم لمدة ساعة.. وبصفة عامة استقبل خبراء اللعبة مباريات الجولة الأولى الدور الأول بعدم الرضا لغياب المتعة والإثارة باستثناء مباريات قليلة.. وتربع منتخب ألمانيا على القمة من ناحية الأداء والمستوى بتلك الجدية والصرامة والحيوية التى لعب بها الفريق مباراته الأولى أمام أستراليا وترجمها إلى أربعة أهداف.. وتلاه منتخب البرازيل ثم تشيلى ثم المكسيك، وفقا للجولة الأولى من الدور الأول.. وقد كانت حصيلة الأهداف ضعيفة (25 هدفا) فى 16 مباراة بمعدل تهديف 1.6 هدف، وهو معدل هزيل.. لكن هل قلة الأهداف تخفى قوة التكتيك.. هل تخفى ذكاء الثعالب الذى يلعب به بعض المدربين؟! فابريجاس أم ألونسو؟! ** أبرز المباريات، تلك التى شهدت أكبر المفاجآت، وهى انتصار سويسرا على إسبانيا.. واختصر موقع الفيفا هذه المباراة فى تعليقه بعنوان جيد ومعبر فعلا: «عندما لا تنفع السيطرة»، فقد كان الأداء الدفاعى السويسرى جيدا، والدفاع ضارب فى جذور الكرة السويسرية، التى قدمت إلى العالم طريقة القفل، فى الوقت الذى كانت فيه الطريقة الهرمية مزدهرة فى انجلترا. وفى طريقة القفل أصبح المهاجمون الثلاثة المتقدمون مراقبين من ساعدى الدفاع وأحد الظهيرين، بينما أصبح الظهير الأصلى الثانى يقوم فى منطقة الجزاء بدور المدافع الاحتياطى، وتولى متوسط الدفاع، أو أحد ساعدى الهجوم مراقبة ساعدى الهجوم بالفريق الخصم. والمدافع الاحتياطى هو أهم ما تميزت به هذه الطريقة: لاعب زائد فى الدفاع، مستعد دائما للتحرك إلى الأمام أو الخلف فى منطقة الجزاء لمهاجمة أى لاعب فى الفريق الخصم يكون قد نجح فى شق طريقه. وفى أثناء قيام هذا المدافع الاحتياطى بمهمته يقوم بدوره كمدافع احتياطى فى منطقة الجزاء زميله المدافع الذى كان المهاجم قد أفلت منه. والواقع أن سويسرا قد وضعت بذلك أساس طريقة الكاتناتشيو الإيطالية التى لعب بها (هيريرا) فى الستينيات. ** فى المقابل لم يدفع ديل بوسكى بظهيريه سيرجيو راموس وخوان كابدفيلا إلى المقدمة بشكل كافٍ وتحمل العبء من الطرفين فى كثير من أوقات المباراة أنيستا ودافيد سيلفا. ولم تكن هناك مساندة بصناعة مساحات فى الوسط تسمح بتحرير دافيد فيا من الرقابة..لم يكن اقتراب الإسبان من المرمى السويسرى فيه الزيادة العديدة أو الإبداع.. وكانت مشكلة أن يلعب دل بوسكى بطريقة 4/2/3/1.. تاركا رأس حربة واحدا وسط قلبى دفاع سويسرا.. ** تحسن الأداء الإسبانى قليلا بإشتراك فرناندو توريس، ونافاس، ويستحق كلاهما البدء فى التشكيل الأساسى، ومعهما فابريجاس.. لكن من هو اللاعب الذى يمكن أن يحل محله فابريجاس؟ يعتقد أنه دافيد سيلفا.. فالإبقاء على سيرجى بوسكيتس ضروريا لأنه ضابط التنظيم فى الوسط والجندى المجهول حقا فى تلك المباراة.. وهو يفعل ذلك بإتقان وبإخلاص وبصورة أفضل من الموهوب تشابى ألونسو والأخير من المرشحين للاستبعاد فى التشكيل القادم، بحيث يلعب فى إطار مجموعة الهجوم كل من الكبار الستة: بوسكيتس وزافى، وفابريجاس، ونافاس، وفيا، وإنيستا. المبدع مارسيللو بيلسا ** كانت مباراة تشيلى وهندوراس من أفضل مباريات الجولة الأولى، وعكست أداء تشيلى المميز فى تصفيات المونديال بأمريكا الجنوبية واحتلالها المركز الثانى.. ويعد مدرب الفريق التشيلى مارسيللو بيلسا خبيرا فى طرق اللعب والتكتيك.. وكان لعب عام 2002 مع منتخب الأرجنتين فى مونديال كوريا واليابان بطريقة يمارسها الآن ولكنها لم تنج مع التانجو الذى خرج من الدور الأول. والطريقة هى 3/3/1/3.. لكن بيلسا لم يبدأ مباراة هندوراس بطريقته التى اعتاد أن يلعب بها، وإنما بدأ بطريقة 4/2/1/3 لأنه وجد منتخب هندوراس يلعب بطريقة 4/5/1.. فالطرق الدفاعية تفرض نفسها على البطولة غالبا، والأسلوب الذى يلعب به منتخب تشيلى يتسم النزعة الهجومية ويعتمد على فريق شاب يمتلك مهارات وسرعات.. ** جمال كرة القدم يكمن فى مشاهدتها بعمق.. وقد تكون الطرق الدفاعية جميلة أحيانا، إلا أن تغيير التكتيك والخطط من جانب المدربين وخوضهما مباراة شطرنج يكون أجمل. هكذا فعل المدربان فى الشوط الثانى.. فقد عدل مدرب هندوراس أليكس مندوزا من طريقة لعب فريقه إلى 4/4/2.. وبناء عليه عدل مارسيللو بيلسا طريقته إلى 3/3/1/3.. وهناك صيحة فى عالم كرة القدم انطلقت فى مطلع الألفية بتفضيل اللعب بثلاثة مدافعين فى مواجهة طريقة 4/4/2.. فما الحاجة لأربعة مدافعين لمواجهة مهاجمين؟! بالطبع لا يوجد اعتراف أو مركزية مربوطة بالأرقام، فالفرق تهاجم وتدافع بأكبر عدد من اللاعبين. إلا أن بيلسا الأرجنتينى الجنسية يفضل أن يلعب الكرة الشاملة، وهو يطالب لاعبيه بفعل كل شىء.. دفاعا وهجوما ويعتمد على حيوية لاعبيه وسرعتهم. وقد شهدت تلك المباراة أفضل إنقاذ فى البطولة حتى الآن، عندما سدد لاعب تشيلى والدو بونسى كرة برأسه من داخل «الست يارادات» فتصدى لها حارس هندوراس فالاداريس ببراعة مذهلة.. وهو من أفضل الإنقاذات فى تاريخ كرة القدم.