لا يبشر الائتلاف اليمينى لرئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، الفلسطينيين والعرب فى إسرائيل بالخير. فبتعيين أفيجدور ليبرمان كوزير للخارجية، أصبح المتطرفون يطاردوننا نحن السكان الأصليين ويهددوننا باختبارات الولاء و«الترحيل» إلى منطقة تحت السيطرة الإسمية للسلطة الفلسطينية. ومن المؤكد أن تصلب موقف نتنياهو تجاه الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة مسألة تستوجب القلق. ولا يقل القلق مما يعنيه اتفاق نتنياهو ليبرمان بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين فى إسرائيل. وينبغى على المجتمع الدولى مقاطعة هذه الحكومة الجديدة، خاصة بعد اختيار ليبرمان وزيرا للخارجية، مثلما قاطع من قبل الراحل جورج هايدر، السياسى اليمينى المتشدد الذى ساء صيته بسبب آرائه المعادية للمهاجرين. وكان ليبرمان أعلن فى أحد تعليقاته المخزية الكثيرة، فى مايو 2004، أن 90% من مواطنى إسرائيل الفلسطينيين «لا مكان لهم هنا. وبإمكانهم أن يحملوا أمتعتهم ويرحلوا هائمين على وجوههم». لكننى وأسرتى عشنا على هذه الأرض لقرون قبل أن يأتى ليبرمان فى 1978 من مولدوفا. وكنا من الأقلية التى تمكنت من البقاء عندما اضطر 700.000 فلسطينى للخروج فى 1948. واليوم، يغذى ليبرمان مشاعر العداء للفلسطينيين بتهديده لهم ب«الترحيل» وهو تعبير مخفف عن التطهير العرقى. وعلى الجانب المقابل يدعو هنرى كيسنجر أيضا إلى مقايضة الأرض، ويستشهد ليبرمان بكيسنجر ليضفى على فكرته البغيضة تلك بريقا أكثر تطورا. ويبادل تصور ليبرمان وكيسنجر قطعة من أرض إسرائيل بقطعة من أراضى الضفة الغربيةالمحتلة والتى كان المستوطنون اليهود قد استولوا عليها بطريقة غير شرعية. لكن إسرائيل ليس لها حقوق مشروعة فى أى من الأراضى الفلسطينية المحتلة. وليس لليبرمان أى حق فى أن يعرض أرض وطنى للمبادلة من أجل جمع المستوطنين اليهود داخل الحدود الجديدة لدولة إسرائيل. فنحن مواطنون فى دولة إسرائيل ولا نريد مبادلة مواطنتنا من الدرجة الثانية فى وطننا الخاضع مثلنا للعديد من القوانين التى تميز بيننا بالعيش فى بانتوستان فلسطينية، كما كان الحال فى جنوب أفريقيا. إننا نأخذ مواطنتنا مأخذ الجد ونناضل يوميا من أجل تحسين أوضاعنا والتصدى للقوانين والممارسات التمييزية. نحن نواجه التمييز فى كل مجالات حياتنا. فالمواطنون العرب يشكلون 20% من السكان، لكن نسبتهم بين العاملين فى القطاع العام لا تزيد على 6%. وليس هناك موظف عربى واحد فى بنك إسرائيل المركزى. ولك عزيزى القارئ أن تتخيل البنك المركزى الأمريكى بدون مواطن أمريكى واحد من أصل أفريقى. إن إسرائيل تستعين بثلاثة نظم للحكومة فى آن. الأول: الديمقراطية الكاملة للمواطنين اليهود تمثيل عرقى. والثانى: التمييز العنصرى ضد الأقلية الفلسطينية نهج جيم كرو (وضع الحواجز الفاصلة التى تحول دون مشاركة الفلسطينيين فى الأنشطة المختلفة شأن غيرهم من مواطنى الدولة). والثالث: هو حكم الأراضى الفلسطينية بقوانين للفلسطينيين وأخرى للمستوطنين اليهود الفصل العنصرى. ومنذ بضعة أسابيع، وجه حزب ليبرمان، إسرائيل بيتنا، الاتهامات لحزبنا الحركة العربية للتجديد فى الكنيست الإسرائيلى، للعمل على منعه من المشاركة فى الانتخابات. كما أيد حزب نتنياهو، الليكود، هذا التحرك. وقد أحبطت المحكمة العليا مناورات السياسيين. لكن محاولتهم لمنعنا من المشاركة تفضح ديمقراطية إسرائيل الخادعة. إن افتراءات ليبرمان على مواطنى إسرائيل من الفلسطينيين ليست بالجديدة. فقبل أقل من ثلاث سنوات مضت، دعا إلى قتلى وقتل بعض زملائى من أعضاء الكنيست الفلسطينيين لإقدامنا على مقابلة قادة فلسطينيين منتخبين ديمقراطيا. وفى حديثه أمام جلسة للكنيست، أعلن ليبرمان: «لقد انتهت الحرب العالمية بمحاكمات نورمبرج. وأعدم قادة النظام النازى والمتعاونين معه. وأتمنى أن يكون هذا هو مصير المتعاونين فى هذا المجلس». وليبرمان لديه الآن السلطة التى تجعله يضع أفكاره الدنيئة فى موضع التنفيذ. ونحن ندعو إدارة الرئيس باراك أوباما بإعطاء المزيد من الاهتمام بالأقلية الفلسطينية فى إسرائيل. فهى أقلية مقهورة تعانى من التوزيع الظالم لموارد الدولة. ولا ينال الفلسطينيون شيئا من صفقة المساعدات والمعونات السنوية الضخمة التى تقدمها أمريكا لإسرائيل. وبين نتنياهو وليبرمان، فإن يد إدارة أوباما يجب أن تكون قوية. ومن المؤكد أن نتنياهو وليبرمان سيضغطان بقوة على الإدارة الجديدة كى تقبل بالتصرفات الإسرائيلية فى الضفة الغربية وغزة والقدسالشرقية وكذلك أعمال التمييز ضد الفلسطينيين فى إسرائيل نفسها. فالمستوطنات ستنمو والتمييز سيتعمق. ولذلك يجب على العزيمة الأمريكية أن تكون حاسمة فى الشهور القادمة. القدس من الهيرالد تريبيون New York Times Syndication