الإعلان عن تخليق أول «خلية حية اصطناعية» قبل أيام، كان خطوة جبارة فى مجال الهندسة الوراثية والأحياء المخلقة، فهو الاكتشاف الذى سيفتح أبواب النعيم للإنسان على الأرض، ويدفعه أيضا إلى جحيم من الأسئلة الأخلاقية والمصيرية. العالم الأمريكى كريج فينتر وصف ما أنتجه فى المعمل بأنه «أول خلية حية ولدت من الكمبيوتر وهى قادرة على التكاثر بشكل طبيعى». الاكتشاف الكبير اعتمد على تقنيات مشروع الجينوم، وتم فى التجربة إدخال الجينوم الاصطناعى فى خلية جرثومة من نوع آخر بعد تفريغ محتواها الوراثى، لتشكل بذلك مجرد وعاء استقبال للجينوم الاصطناعى، المكون من نحو مليون زوج من القواعد الوراثية. التجربة شديدة التعقيد، وتحتاج إلى دقة خرافية، فعند إجراء الاختبار لأول مرة، لم يحصل العلماء على النتيجة المنتظرة، فاعتقدوا أنهم أخفقوا، لكنهم راجعوا حساباتهم، ليكتشفوا أن هناك خطأ فى نقطة من مليون نقطة فى الخطة، هى التى أوقفت العملية. طار الخبر عبر وكالات الأنباء إلى العالم، الذى لم يهدأ من لحظتها، فاكتشاف فينتر يعنى إمكانية تخليق جيوش جرثومية ضخمة، قد تأتى على الأخضر واليابس بالريموت كنترول، أما الاحتمالات الإيجابية للكشف فكثيرة، تبدأ من إنتاج أمصال قادرة على الحماية من أمراض قاتلة، وتخليق بكتيريا تنظف الهواء من الملوثات وثانى أكسيد الكربون، أو كائنات تنظف البحار من البقع الزيتية. هنا قصة الاكتشاف المثير، والنتائج التى قد تتمخض عنه.