للوهلة الأولى، يبدو أن هناك حاجة إلى توسيع شبكة الإنترنت، بحيث تتجاوز الأبجدية اللاتينية، لتشمل أبجديات أخرى، بما فيها العربية. ووفقا لدراسة أجرتها مجموعة المدار البحثية، يستخدم الإنترنت نحو 56 مليون عربى، أى 17% من عدد السكان فى العالم العربى. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 50% فى غضون العقود الثلاثة المقبلة. يعتقد كثيرون أن شبكة بالأبجدية العربية سوف تدفع بالملايين إلى الإنترنت، وتساعد على تقليص حجم الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية التى تسود المنطقة. لكن هذه الآمال مبالغ فيها. فبالرغم من المشكلات التى تكتنف الشبكة الحالية كأخطاء الترميز والافتقار إلى لوحة مفاتيح معممة بالعربية فإن جميع مستخدمى الشبكة من المتحدثين بالعربية قد تكيفوا بالفعل مع هذه التحديات، كل بطريقته. كما أنه لا توجد مشكلة كبرى، لأن المتعلمين العرب قد تعرفوا بدرجات متفاوتة على الإنجليزية والفرنسية فى المدارس. وتعتبر فكرة «شبكة الإنترنت العربية» نفسها مضللة. وقد ظلت حروف مُعرِّف الموارد الموحد تُكتب بالأبجدية اللاتينية، إلى أن أعلنت شركة إيكان إمكانية استخدام الحروف العربية فى كتابة أسماء النطاقات. لكن بمجرد عبور المرء بوابة النطاق، تتم جميع الخطوات التالية باللغة العربية فى كل الأحوال.واليوم أصبح من الممكن جعل جميع أجهزة الكمبيوتر تكتب العربية أو أية حروف أخرى. كما يوجد العديد من البرامج باللغة العربية. بل إن العديد من لوحات المفاتيح أصبحت مزودة بحروف عربية. وبالرغم من عدم توفر حل سهل، فقد استطاع مستخدمو الإنترنت من المتحدثين بالعربية إيجاد وسائل للتأقلم مع ذلك، حيث يستخدم كثيرون حروفا لاتينية فى كتابة الرسائل العربية حال غياب برنامج للتحويل أو خطوط عربية. وأصبح الهجاء الصوتى منتشرا. كما ابتدع العرب وسائل للتعامل مع الأصوات التى ليس لها نظير فى الحروف اللاتينية. فعلى سبيل المثال، أصبح من الشائع استخدام الرقم 3 فى الإشارة إلى حرف «ع»، ورقم 7 فى الإشارة إلى حرف «ح»، لأن شكل هذين الرقمين يتشابه بشدة مع الحرفين العربيين. فما الذى سوف يحدث إذن؟ بالطبع سوف يؤدى وجود الشبكة العربية إلى جذب مستخدمين جدد إلى شبكة الإنترنت فى الأجل القصير، خاصة أنهم سوف يستفيدون من أسماء النطاقات الجديدة. لكنه مع الوقت، سوف يزول أثر ذلك لأنه فى معظم أنحاء العالم، يرتبط الانقسام الرقمى بالانقسام المادى والسياسى. فمن يملكون هم من يستخدمون الكمبيوتر، كما أن كثيرا من هؤلاء قد اعتادوا منذ وقت طويل على العمل بالحروف اللاتينية. أما من لا يملكون، فليس من المرجح أن يحظوا بترف القفز إلى الإنترنت. ومن ثم، فلن يؤدى تغيير الأبجدية المستخدمة فى تكوين أسماء النطاقات إلى جذب الملايين من فقراء العرب إلى الشبكة. علينا جميعا الاحتفاء بالتنوع الناتج عن كون الإنترنت لم يعد مرتبطا بأبجدية واحدة. لكننا أيضا يجب أن نكون واقعيين. ذلك أن شبكة الإنترنت قد تكون بمثابة ثورة تكنولوجية، لكن الشبكة العربية لن يكون بوسعها إطلاق ثورة فى الإنترنت.