تشهد محافظات السويسوالشرقيةوالمنيا، أزمة حادة فى مياه الشرب، والصرف الصحى وإن اختلفت أشكالها إلا أنها جميعا تشترك فى حالة الغضب التى انتابت الأهالى مع دخول فصل الصيف. ففى محافظة المنيا باتت مياه الشرب «سلعة نادرة» وجدت طريقها إلى السوق السوداء، حيث يباع «جركن المياه» سعة عشرة لترات بخمسة جنيهات، خاصة فى قرى مركز المنيا وتحديدا فى بنى أحمد وبهدال وتله علاوة على مدينة المنياالجديدة. ولا يقتصر الأمر على ندرة المياه، وإنما امتد إلى تلوث المياه المتوافرة، وهو ما تكشف عنه مذكرة تقدم بها النائب يسرى أمين مهنى إلى الدكتور أحمد ضياء الدين، محافظ المنيا، يستنجد فيها باسم أهالى حى غرب مدينة المنيا التى أصبح ماؤها «ساما بسبب مادة الاسبتوتس المصنعة منها المواسير القديمة والتى مضى على تركيبها أكثر من خمسين عاما، وترفض المحافظة استبدالها». وتستمد 359 قرية فى المحافظة مياه الشرب من الصهاريج التى تؤكد شركة المياه أنها «مياه مكررة وصالحة للشرب»، ويقول الأهالى إنها «مياه لا تصلح للاستخدام الآدمى لاختلاطها ببقايا الحيوانات الميتة والطحالب العشبية». ويقول على عبدالمحسن، رئيس المجلس الشعبى المحلى لمركز المنيا والذى يرأس 9 مجالس قروية إن «قرى ماقوسة وبنى أحمد لا تجد مياه شرب ويباع الجركن ب5 جنيهات، ورغم أن الأهالى طالبوا محافظ المنيا خلال زيارته للقرية بالنظر إلى أزمة المياه فإن شكواهم ذهبت أدراج الرياح». ولم يختلف رأى أحمد فتحى إسماعيل، رئيس مجلس محلى مدينة ملوى، الذى يرى أن «جميع قرى غرب اليوسفى محرومة من مياه الشرب ويعتمد الأهالى على المياه الجوفية ومياه الطلمبات، والتى تصيب المواطنين بالأمراض العديدة، وسجل مرض الفشل الكلوى فى هذه القرى نسبة إصابات مرتفعة للغاية». ويقول سيد على هاشم، رئيس لجنة الرى بمجلس محلى مركز المنيا: «على الرغم من التصريحات التى يطلقها المسئولون عن إنشاء محطة تحليه تم طرحها فى مناقصات عامة، فإن كل ذلك لا يتعد الكلام فقط، خاصة بعد أن أثبتت التقارير الصادرة عن مديرية الصحة بالمنيا، أن مياه الشرب فى قرى مركز المنيا ومدينة المنياالجديدة لا تصلح للاستخدام بعد ظهور الديدان والمواد المعدنية، ولاختلاطها بالصرف الصحى، مما دفع السكان لإغلاق صنابير المياه منذ أكثر من عام واستعاضوا عنها بطلمبات المياه والتى تبعد عن القرية نحو 12 كيلومترا مثلما يحدث فى قرية بنى أحمد». فى حين يرى المهندس محمود أبوزيد، رئيس مجلس إدارة شركة المياه، أن «هذه الاتهامات باطلة، والشركة تسير بمعدلات كبيرة فى محاولة للوصول بالمياه للنجوع وأطراف القرى، وآخر أعمالنا هو تشغيل محطة مياه مدينة المنياالجديدة والتى تخدم 30 ألف نسمة، وكذلك محطة عرب الزينة بسمالوط، وتخدم 50 ألف نسمة». وفى محافظة السويس أعلنت أحزاب المعارضة (الوفد والتجمع والناصرى والجبهة والغد) أمس، البدء فى تنظيم سلسلة من الاحتجاجات الرافضة لزيادة أسعار مياه الشرب المنتظر تنفيذها. وكان رئيس مجلس الوزراء، قرر إنشاء شركة موحدة لمرافق المياه والصرف الصحى، بمحافظات القناة الثلاثة، وسحب أشراف هيئة قناة السويس على مياه الشرب، ما اعتبرته أحزاب المعارضة» فرض خصخصة المياه بالقوة»، وأعلنوا التصدى له من خلال حملة موسعة يقودها قيادات المجالس المحلية والأحزاب بما فيها الحزب الوطنى. ويقول عبدالحميد كمال، أمين المحليات بحزب التجمع: «إعلان الحكومة عن إنشاء كيان جديد لمياه الشرب والصرف الصحى بالسويس ومدن القناة، يعنى زيادة أسعار مياه الشرب وخدمات الصرف الصحى بغرض تحقيق أرباح بملايين الجنيهات للشركة الجديدة التى تدار وفق آليات السوق، وهو ما يحمل المواطن أعباء مالية جديدة، تؤدى إلى زيادة تدهور الأوضاع المعيشية». ويصف مصطفى الجمل، الأمين المساعد للحزب الناصرى، القرار بأنه «خطير جدا وله تداعيات جسيمة، ولن يمر مرور الكرام، لأننا سنتصدى له». ويضيف: «القرار يؤدى لرفع أسعار المياه، ومحاولات إلغاء أشراف هيئة القناة ليس بجديدة، فقد حدثت محاولة منذ 15عاما، وهو ما رفضه المجلس المحلى للمحافظة حينها». ويؤكد طلعت خليل، رئيس حزب الغد، أن هذا القرار «يأتى ضمن خطة كاملة للحكومة لخصخصة كل شىء حتى مياه الشرب والصرف الصحى، ويبدو أنها قد أغضبها أن يحيا المواطن فى السويس بهدوء فقررت معاقبته ولكننا سنتصدى لذلك بكل قوة». وينخفض سعر «جركن المياه» فى مركز الحسينية بمحافظة الشرقية إلى 4 جنيهات، وتجبر الأزمة الأهالى على الشراء بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء عن محطات المياه المنشأة حديثا بتكلفة تجاوزت 30 مليون جنيه. ويقول محمد الوحش طالب من قرية المناجاة: نعيش على مياه تحضرها سيارات (فنطاس) من محافظة الإسماعيلية بسعر 4 جنيهات ل(الجركن) سعة 4 لترات، والمحافظة ترسل سيارتين يوميا يتعارك الأهالى أمامها للحصول على قطرة ماء». وتقول نور الهدى عباس طالبة: «تنتشر بين الأهالى أمراض عديدة بسبب سوء حالة المياه ومن بينها الالتهاب الكبدى الوبائى والفشل الكلوى، ونعانى كذلك من عدم وجود شبكة صرف صحى، حيث يعتمد الأهالى على (البيارات) ولطبيعة الأرض الرملية بالقرية تختلط مياه الصرف بالآبار الجوفية».