من بدأ فى ممارسة كرة القدم، وكيف كانت تلعب قبل أن يهذبها الإنجليز؟.. فى جميع الوثائق لم يتفق المؤرخون على من اخترع كرة القدم أو أين لعبت لأول مرة.. هل فى الصين أم اليونان أم إيطاليا؟ ..وكيف صنع الإنجليز الكرة الحديثة؟ كيف هذبوها وطوروها؟ كان العنف توءما لكرة القدم. وظلت اللعبة لسنوات متهمة بأنها شريرة ووحشية.. وطريقها الطويل امتزج بالدم والموت.. وأنها تخرج من الإنسان الذى يمارسها كل طاقات الكراهية والرغبة الفطرية فى الحرب، أليست اللعبة فى جوهرها صراعا، ومحاولة من جانب كل فريق من أجل احتلال أرض الآخر أو ملعب الآخر. وكانت وما زالت كل حروب البشرية سببها الأرض والمياه؟! فى كتابه «هذه الأقدام.. التاريخ المثير للكرة الإنجليزية» يقول الصحفى دافيد وينر إن اللعبة شهدت فى بدايتها بإنجلترا أسوأ أشكال العنف، وكانت ساحة للأشرار من العاطلين واللاعبين والأغبياء، الذين يمارسونها بأحذية قاسية وخشبية، وعلى ملاعب سيئة يختلط فيها الطمى بالعرق، واللعب بالضرب، وبرر انتشارها السريع فى بلاده بحاجة الشباب إلى ما يخرج طاقاتهم الشريرة والعنيفة! اللعب بالرءوس ويؤكد دافيد وينر فى عرضه لبدايات الكرة الإنجليزية فى القرن التاسع عشر جميع الروايات التاريخية المعروفة عن نشأة اللعبة وكيف أن جذورها قامت على العنف، ففى أول قرنين ميلاديين وفى أثناء الغزو الرومانى لإنجلترا نجد قصصا مختلفة عن كرة القدم الأولى تحكى عن قيام جنود بريطانيين بلعب الكرة برءوس الجنود الرومان الذين هزموا فى معركة بإحدى القرى. وهناك واقعة تاريخية تشير إلى أن الدانماركيين احتلوا إنجلترا من سنة 1016 إلى سنة 1042بعد الميلاد، وأن الإنجليز حاربوهم فى معركة دامية، كان من أثرها أن الجنود الإنجليز قطعوا رأس القائد الدانماركى، وداسوها بأقدامهم مثل الكرة، وصار هذا بعد ذلك تقليدا قوميا، وعلامة على الثأر والانتقام، واستبدلوا مع الوقت الرأس بكرة، القائد الدانماركى، وداسوها بأقدامهم مثل الكرة، وصار هذا بعد ذلك تقليدا قوميا، وعلامة على الثأر والانتقام، واستبدلوا مع الوقت الرأس بكرة، فنشأت فكرة الكرة واللعب بها بالقدم وباليد، واعتبر هذا هو فجر ظهور اللعبة واكتشافها فيما بين 1050 1075 بعد الميلاد، وبهذا أرخ ظهور اللعبة فى القرن الثانى عشر بعد الميلاد، وكانوا من قبل يسمونها «ركل رأس الدانماركى» ثم سميت بعد ذلك كرة القدم. حادث قتل فى مباراة وقبل مباريات كأس العالم عام 2006 فى ألمانيا بثت قناة «ناشيونال جيوكرافيك» الشهيرة حلقات عن تاريخ اللعبة، وعن صناعتها، وأبطالها، وذكرت أنه منذ نحو ألف عام كانت تقام مباريات بين مدينتين وبين قريتين وبين مقاطعتين. كانت اللعبة بلا قواعد وملاعبها بلا حدود. وأطلق عليها «كرة قدم الجمهور».. وفى الوثائق الإنجليزية سجلت حالات وفاة وإصابات شديدة وكانت أول حادثة وفاة قد وقعت فى يوم أحد من أيام عام 1280، حيث تقول إحدى الوثائق: «أن هنرى دى إلنجتون كان يمارس رياضته المفضلة وواجهه أحد خصومه وهو ديفيد ليكين وكان يحمل سكينا فى حزامه، وعندما اصطدما طعن ليكين منافسه إلنجتون فسقط ميتا على الفور». وفى مدينة أشبورن الإنجليزية مازال سكانها يحتفظون بتقليد «كرة قدم الجمهور» حتى اليوم، حيث تقام مباراة سنوية بين سكان المدينة، بتقسيمهم إلى فريقين، فريق فى أعلى نهر هنمور وفريق فى أسفل النهر. وفى هذا اليوم تعلن الشرطة الإنجليزية حالة الطوارئ وتغلق المحال التجارية أبوابها، وتعطل المصالح الحكومية. ملوك إنجلترا يحرمونها انتشرت كرة القدم بإنجلترا فى القرن الثانى عشر الميلادى وأصبحت لعبة غوغائية عنيفة ليس لها قواعد ولا أى نوع من السلوك الذى ينظمها وبدأت تحل محل الرماية بالسهم والفروسية وفنون الحرب، مما دفع الملك إدوارد الثانى لإيقافها فى عام 1314 وسمح بممارستها فى أيام العطلات الرسمية فقط. وكذلك فعل الملك إدوارد الثالث فى عام 1369.. كما أصدرت الملكة اليزابيث الأولى تعليمات مشددة بعدم ممارسة اللعبة ومعاقبة كل من يمارسها فى الخفاء وبعد وفاة الملكة إليزابيث أصبحت كرة القدم شرعية مرة أخرى.. وسمح بممارستها فى عام 1605 ومع نهاية القرن السابع عشر كانت اللعبة الأكثر شعبية فى انجلترا وحصلت كرة القدم على رعاية من الملك تشارلز الثانى فى عام 1680.. وكانت المباريات عنيفة أحيانا ينتج عنها كسور فى العظام! ويرى بعض علماء الآثار أن الكوليزيوم الإيطالى الذى بناه الإمبراطور الرومانى فيسباسيان وأكمله ابنه تيتوس كان نواة لملاعب كرة القدم فيما بعد التى عرفت بالاستادات، وجاء فى «ناشيونال جيوجرافيك» تقرير يؤكد أن الكوليزيوم لم يكن استادا للمصارعة فحسب، وإنما تضمن تصميمه العبقرى إقامة منافسات بين المراكب الصغيرة، كما فى مسابقات التجديف، حيث تخزن المياه أسفل ساحته الرئيسية بطريقة هندسية معينة ثم تضخ فى تلك الساحة لتنظيم تلك المسابقات.. على أى حال فقد كان الكوليزيوم مسرحا للإثارة والعنف يدفع فيه اللاعبون وهم المصارعون ثمنا باهظا، وهو حياتهم. وكان يتسع لأكثر من 50 ألف متفرج حيث تجرى المباريات بين المجالدين وتنتهى المباراة بفوز مصارع ومقتل الآخر.. وقد شهد الكوليزيوم على مدى تاريخه مصرع أكثر من 700 ألف لاعب من هؤلاء! لقد أتاحت ساحة مغطاة بعشب أخضر جميل تحيط بها مدرجات مزدحمة الفرصة لكى يهتف فيها الآلاف من الناس لفريق أو ضد فريق ويصرخون ويفرحون ويتألمون ويهاجمون مندوب العدالة الحكم الذى كان يرتدى زيا أسود ثم تعددت ألوانه. لقد كانت كرة القدم لعبة وحشية تمارس بأقدام اللاعبين الشريرة والغبية كما يقول دافيد وينر.. لعبة تركل الشر وتلعب بالشر أو بالنار ويشاهدها جمهور من الأشرار.. لكن طلاب المدارس الحكومية الإنجليزية فى أيتون ومانشستر وهارو كانوا وراء تغيير مفهوم وشكل اللعبة عندما التقوا معا بقواعدهم المختلفة فى ممارسة كرة القدم بجامعة كامبريدج.. كيف حدث ذلك بفارق صوت واحد فقط أنقذ كرة القدم وجعلها بصورتها الحالية الجميلة والمثيرة؟! أول قانون لكرة القدم! وضع أول قانون للعبة مستر (ترنج) الأستاذ بجامعة كامبريدج، وذلك يوم 26 أكتوبر سنة 1863، وكانت مواده كما يلى: المادة (1): يُصاب المرمى حينما تمر الكرة فى المرمى، وتحت العارضة، إلا إذا كانت الرمية عن طريق قذف الكرة باليد. المادة (2): مسموح باستعمال اليدين فى حالة ما إذا كان الاستعمال لضبط الكرة ووضعها على الأرض أمام القدمين. المادة (3): الركل غير مباح إلا إذا كان موجها للكرة. المادة (4): لا يجوز للاعب أن يركل الكرة ما دامت في الهواء. المادة (5): العرقلة والرفس ممنوعان كلية. المادة (6): إذا خرجت الكرة عبر خط الرايات (التماس) وجب على اللاعب الذي أخرجها من نقطة خروجها بالملعب إعادتها في خط مستقيم إلى وسط الملعب. المادة (7): إذا ما خرجت عبر خط المرمى، قذفت إلى الملعب بواسطة أحد لاعبي الفريق الذى يلعب فى هذا المرمى. المادة (8): لا يجوز للاعب أن يقف أمام من يرمى الكرة إلى بعد أقل من ست ياردات حينما يرمى. المادة (9): اللاعب يعد خارج اللعب فى الوقت الذى يكون فيه أمام الكرة، ويجب عليه أن يعود وراءها فى أقرب وقت ممكن، وإذا كانت الكرة ترمى بمعرفة زميل له ومرت به فلا يجوز له أن يلمسها، أو يسعى إليها قبل أن يلمسها أحد لاعبي الفريق الذي رماها أولا، فإذا تبعها أحد من هذا الفريق استطاع أن يصل إليها، مادامت الكرة أمامه، ورماها. المادة (10): الكتف ممنوعة ضد أى لاعب خارج اللعب، أي حين تكون الكرة وراءه.