تقوم استراتيجية إدارة أوباما فى أفغانستان على نقل المسئولية تدريجيا إلى الأفغان اعتبارا من يوليو 2011. غير أنه عشية زيارة الرئيس حامد قرضاى إلى واشنطن، لا يوجد ما يشير إلى أن عملية الانتقال هذه سوف تنجح بالفعل. نجح هجوم فبراير الماضى الذى كثيرا ما جرى الترويج له فى مرجه داخل إقليم هلمند، فى تطهير المنطقة مؤقتا من متمردى طالبان، على الأقل نهارا. لكن مسئولين فى وزارة الخارجية والبنتاجون يقولون إن الخطط الرامية إلى اضطلاع الأفغان بتوفير المزيد من الأمن والحكم الرشيد قد بدأت بداية مهتزة. ويبدو أن تباهى الجنرال ستانلى ماكريستال بأن «لدينا حكومة جاهزة، على استعداد للتدفق»، نحو مرجه، كان مفرطا فى التفاؤل إلى حد كبير. ذلك أن مسئولا عسكريا رفيع المستوى يُقر بأن هذه العبارة «أوجدت آمالا غير واقعية بشأن السرعة والكفاءة». وفى ضوء تقرير صدر عن البيت الأبيض الخميس الماضى، فإن التوجه الذى يتبناه البنتاجون رسميا يعتبر أن هناك «تقدما بطيئا، لكنه حثيث» فى أفغانستان. غير أن المسئول العسكرى رفيع المستوى يحذر من أنه بعد مرور 90 يوما على الهجوم «فإن الوضع فى منطقة مرجه غير متجانس»، حيث لا تزال بعض الأجزاء خاضعة لسيطرة طالبان، فى حين لا تسيطر الحكومة الأفغانية بصورة مستمرة على الإقليم. ويتفق مسئول رفيع المستوى فى وزارة الخارجية الأمريكية على أن «التحول نحو انتقال مسئولية الحكم والأمن إلى الأفغان غير حاصل» فى مرجه. أما قندهار، وهى الاختبار الكبير الثانى أمام الاستراتيجية الأمريكية، فسوف تمثل مشكلة أكبر. وتقوم الخطة الأمريكية على العمل مع بنية السلطة الموجودة حاليا فى المدينة، حتى فى الوقت الذى تقوم فيه القوات الأمريكية بقصف معاقل طالبان إلى الغرب والجنوب. غير أن مسئولا رفيع المستوى فى الإدارة الأمريكية يحذر من أن الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بقندهار «ما زالت قيد الصياغة. ذلك أننا لا نزال نبحث ما الذى يمكننا إنقاذه (فى الحكومة المحلية) وما الذى علينا إعادة بنائه». وقد تدفع زيادة قرضاى هذا الأسبوع المسئولين الأفغان والأمريكيين إلى التركيز على هذه الأسئلة الصعبة المتعلقة بالحرب. ويقول مستشار أفغانى رفيع المستوى إن الهدف هو التوصل إلى «شراكة قوية وعميقة وواسعة» بين البلدين، وهو ما سوف يمنح قرضاى بعضا من رأس المال السياسى فى الداخل. ويتفق المسئول رفيع المستوى فى الإدارة الأمريكية على أن هذا الأسبوع يجب أن «يقوى من شراكتنا مع قرضاى». لكن قرضاى نفسه يُعتبر رمزا يعبر عن القلق الأمريكى بشأن إمكانية انتقال مسئولية الحكم والأمن إلى الأفغان. وبالرغم من أنه قد تم تجاوز هجمات قرضاى اللاذعة ضد الولاياتالمتحدة، فإنه لم يتم تجاوز القلق حول مدى قدرته على توفير قيادة قوية فى أفغانستان، حيث يرى كثيرون أن الحكومة المركزية وعائلة قرضاى نفسها تتسمان بالضعف والفساد وعدم إدراك الواقع. كما يسلط ذهاب قرضاى إلى واشنطن الضوء على واحدة من أكثر القضايا تعقيدا فى الاستراتيجية الأفغانية وهى عملية المصالحة مع طالبان التى قد تؤدى إلى الاستقرار فى نهاية المطاف. ذلك أن قرضاى يخطط لعقد اجتماع لمجلس القبائل «اللويا جيركا من أجل تحقيق السلام» وكذلك مؤتمر فى كابول هذا الصيف للتشجيع على التواصل. وسوف يبحث المسئولون الأمريكيون الشخصيات التى من الممكن أن يخطط قرضاى لإدماجها فى هذا الحوار، وما الأجندة المطروحة. وإذا كانت استراتيجية الحكومة الأفغانية بشأن المصالحة لا تزال ملتبسة، فلا توجد من الأساس استراتيجية أمريكية فى هذا الصدد، أو على الأقل لا توجد استراتيجية معلنة. ويعرب مسئول عسكرى أمريكى رفيع المستوى عن قلقه قائلا: «ليس لدينا خطة بعد». ويعتقد البيت الأبيض أنه بينما توجد لدى الإدارة الأمريكية خطوط عريضة بشأن سياسة المصالحة، فإن الولاياتالمتحدة يجب أن تترك بعض المرونة لقرضاى. ويؤكد هذا المسئول أنه «يجب أن تكون الخطة من وضع الأفغان كى تصمد». لعل إحدى المشكلات الكبرى بشأن وضع استراتيجية للمصالحة الآن هى أن المسئولين الأمريكيين يريدون المساومة من موقع قوة. ويقول المسئول العسكرى رفيع المستوى بصراحة: «لسنا فى هذا الوضع بعد». ولكى يجعل قرضاى زيارته مثمرة بالرغم من الشكوك، فقد أرسل مبعوثا إلى واشنطن هو أشرف غانى وزير المالية السابق وأحد منافسى قرضاى فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت العام الماضى. والتقى غنى الأسبوع الماضى وكبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية، حيث ناقش معهم الإجراءات العملية من أجل التعامل مع مشكلة الحكم وغيرها من المشكلات. يقترح غانى انتقالا مبكرا لمسئوليات الحكم والأمن فى أربعة من أقاليم أفغانستان الأربعة والثلاثين. ويمكن أن يحدث ذلك فى ديسمبر، حيث تخطط الإدارة الأمريكية لمراجعة سياستها بصورة جوهرية، وذلك نظرا لاكتشافات النحاس والليثيوم وغيرهما من المعادن الاستراتيجية فى أفغانستان مؤخرا، فهى لم تعد ذلك البلد البائس اقتصاديا كما قد يبدو حاليا. ويروج غانى لخطط الصين الرامية إلى الاستثمار فى أحد مناجم النحاس الكبيرة وفى خط جديد للسكك الحديدية باعتبارها من الممكن أن تؤدى إلى «تبدل اللاعبين على الصعيد الاقتصادى». لقد مر أكثر من عام من دون أن تحقق الإدارة الأمريكية فى أفغانستان التقدم الذى يوفر منطقا للبقاء هناك لفترة أطول. وبالرغم من أن الشعب سوف يستمع إلى حديث متفائل من جانب كل من قرضاى والرئيس أوباما، فإن ذلك يجب ألا يغطى على القلق الكامن لدى الجانبين بشأن أهمية إثبات جدوى الاستراتيجية الأمريكية بشأن هذه الحرب. (c) 2010, Washington Post Writers Group