الملاحظة الذكية قادت الطبيب الألمانى وليم كارل دك عام 1950 لاكتشاف أحد الأمراض المهمة والمحيرة التى عانى الإنسان من أعراضها لزمن دون أن يعرف كنهها. داء سيليك caeliac diaesac أحد الأمراض التى تصيب من لديهم حساسية لمادة الجلوتين (مشتقة من البروتين) الموجودة فى بعض أنواع الحبوب أهمها القمح والشعير. عرف الأطباء أعراض المرض مجتمعة: نوبات الإسهال المتكررة القاسية فى أحيان كثيرة يصاحبها الألم وتقلصات الأمعاء لتقذف ما بها خارجا إلى جانب الإجهاد الشديد والإحساس بالانهاك وفتور الهمة. الاعياء والخمول وتجمع الغازات فى الأمعاء ومتاعب الهضم رغم معرفة الأعراض وارتباطها بعضها ببعض ظل المرض لغزا محيرا رغم ارتباطه بالغذاء إلى أن تنبه طبيب الأطفال الألمانى لعلاقة الأعراض بتناول المخبوزات من الدقيق المصنوع من القمح أو الشعير إذ أن المرض انحسر بدرجة كبيرة أثناء الحرب العالمية الثانية نتيجة لنقص المواد الغذائية خاصة القمح. رد فعل الأمعاء الدقيقة للطعام الذى يحتوى على الجلوتين لمن لديهم حساسية تجاهه رد فعل عنيف يؤدى لتدمير خلايا بطانة الأمعاء ويخل بوظيفتها الأساسية فى امتصاص المواد الغذائية على اختلاف أنواعها، تنتج عنه أيضا تلك الأعراض القاسية التى قد تصل للجفاف وما يتبعه من أخطار إلى جانب تأثر أعضاء الجسم تباعا. تشخيص مرض سيليك ليس بالأمر السهل إذ يحتاج لتوصيف دقيق لأثر الغذاء على حدوث النوبات وعدد من التحاليل المعملية إلى جانب منظار الأمعاء الضوئى الذى يتيح رؤية جدران الأمعاء الدقيقة وما لحق بها من تغيرات وأصاب خلاياها من تلف وقد يستدعى الأمر فحص عينة نسيجية منها. علاج داء سليم يعتمد فى المقام الأول على تفادى تناول أى أطعمة تحتوى الجلوتين خاصة كل المخبوزات المصنوعة من دقيق القمح أو الشعير. المدهش فى الأمر أن التحسن يحدث بسرعة وبدرجة ملحوظة لكن مع الامتناع تماما عن كل ما له علاقة بالجلوتين فى الخبز، المكرونة، البيتزا، كل أنواع وصنوف الكعك والجاتوه أو أصناع الطعام التى يدخلها دقيق القمح بالصدفة كتحضير صلصلة البشاميل مثلا. تفادى القمح أمر صعب لكنه ليس مستحيلا فكيف نأكل الخبز إذن بلا دقيق. تجنب دقيق القمح وطحين الشعير يجب أن يشمل أيضا كل ما له علاقة بالقمح أو يصنع منه مثل دقيق السميد، السمولينا، البرغل، الكسكسى. يمكن استخدام طحين حبوب أخرى مثل دقيق الذرة، طحين حبات البسلة والعدس والفاصوليا والأرز، طحين البطاطس والبطاطا بعد تجفيفها أيضا الصويا. كل أنواع اللحوم، الدواجن، الأسماك، البيض، منتجات الألبان، الخضراوات، الأرز، البطاطس والبطاطا خالية من الجلوتين. لك أن تختار منها بحرية. هناك فى الأسواق الآن كل أنواع الدقيق مختلفة لا تحتوى على الجلوتين ومحضرة خصيصا لمرضى السيليك يمكن أن تحل محل دقيق القمح فى وصفات متعددة لتحضير الخبز والمكرونة وعجينة البيتزا. الاهتمام بأنواع السلاطة وتحضير صلصة مصنوعة فى مطبخ الأسرة فكرة تضيف رونقا للطعام. استخدام أنواع مختلفة من الزيوت كزيت الزيتون أو زيت عين الجمل أو البندق مع الخل وبودرة المستردة والأعشاب كالزعتر والثوم كلها تعطى مذاقا رائعا بعيدا عن الجلوتين ومتاعبه. مشاركة الأسرة لمريض السيليك فى طعامه أمر يمنحه الكثير من القوة فى مواجهة حرمانه من بعض أصناف الطعام التى قد يفتقدها. ازدياد حالات السيليك فى بلادنا تجعل فكرة مجموعات الدعم ضرورة للتوعية بالمرض وأعراضه ومناقشة الخبرات الخاصة بكل مريض وطريقته فى تفادى الجلوتين خاصة الذى لا يعلن عن نفسه صراحة فيختبئ فى بعض المستحضرات الطبية أو الأغذية المعلبة وسابقة التجهيز. لذا فقراءة المعلومات المدونة على كل الأطعمة سابقة التجهيز أمر ضرورى ومهم لتفادى كل أثر للجلوتين.