فى إحدى صيدليات مدينة نصر تكرر رنين الهاتف ليجيب الصيدلى: لا لم تصلنا حتى الآن القائمة الجديدة بتخفيضات أسعار الدواء، كانت الحاجة فوزية صاحبة الاتصال الأخير تسأل عن السعر الجديد لدواء الضغط الذى اعتادت الإرسال فى طلبه من الصيدلية القريبة لكنها كآلاف غيرها لم تتلق الإجابة الشافية رغم إعلان الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة أن التخفيضات التى تشمل 40 دواء سوف يبدأ تطبيقها بدءا من أوائل مايو الحالى يتبعها تخفيض 53 صنفا فى أغسطس المقبل وهو ما أحدث حالة من البلبلة حول مصداقية تصريحات الوزير خاصة أن 50 ألف صيدلية فى أنحاء مصر لم تتلق تعليمات بالبيع بالأسعار الجديدة التى تتراوح فيها نسبة التخفيض بين 10% 50 % وتشمل أدوية الضغط والسكر ومضادات الفيروسات الكبدية والعظام، كان ملفتا أن بعض أسماء الأدوية التى سيشملها التخفيض معروفة للصيادلة لكن المشكلة كانت لدى المستهلك الذى يريد أن يطمئن هل هناك تخفيض أم لا وقد شعر بنوع من التناقض فى سياسات وزارة الصحة التى تسعى إلى ربط أسعار الدواء فى مصر بالأسعار العالمية ويصر الوزير بالطعن على حكم المحكمة الإدارية التى أوقفت هذا القرار والذى يعنى تطبيقه مضاعفة فاتورة إنفاق المريض على بند الأدوية، فى نفس الوقت تقرر وزارة الصحة تخفيض أسعار 93 صنفا من الأدوية على مرحلتين وهو ما يطرح السؤال: وزارة الصحة مع المستهلك أم ضده؟ والسؤال الأهم: هل ال40 صنفا بأسعارها الجديدة لصالح المريض المصرى؟ أصناف راكدة الأصناف المرشحة للتخفيض معظمها أدوية مرتفعة الثمن وتستخدمها الشرائح القادرة فى المجتمع المصرى وكان لابد أن تمتد مثل هذه القائمة إلى شرائح الأدوية الأكثر مبيعا فى مصر بحسب الدكتور سيف إمام أمين صندوق نقابة الصيادلة مشيرا إلى أنه لايوجد أى من هذه الأدوية إلا صنف واحد ضمن أعلى 50 صنفا مبيعا فى مصر وهو «البلافكس» الخاص بعلاج الجلطات والذى سيتم تخفيضه من 340 جنيها إلى 205 جنيهات، مضيفا أن الأدوية التى يقبل عليها المصريون مثل المضادات الحيوية، والمسكنات ومضادات الالتهابات والفيتامينات تمثل 40 % من استهلاك الدواء فى مصر ورغم ذلك لم يشملها التخفيض باستثناء مضاد حيوى وحيد الذى تضمنته القائمة يعد الأقل تركيزا والأقل مبيعا فى مجموعته وهو مضاد الأوجمانتين 375 mg مؤكدا أنه لا يوجد مبرر واضح بخفض سعر هذا التركيز المخصص للأطفال المحدود التداول لتفضيل تناوله فى شكل شراب بدلا من الأقراص، ويشير سيف أيضا إلى دواء الدايومكرين الذى يستخدمه مرضى السكر والمقرر خفض سعره من 85 جنيها إلى 60 جنيها والذى يعد من أدوية السكر المرتفعة الثمن حتى بعد تخفيضه فالأسعار المتداولة تتراوح ما بين 9 جنيهات، و25 جنيها بحد أقصى، ويؤكد سيف أن النقابة ترحب بأى تخفيضات لأسعار الأدوية لصالح المريض، إلا أن الملاحظ أنها تحوى أصنافا قد زادت أسعارها آخر عامين مثل ميرونال، تريتاس، وسيكلوبروجينوفا، وكانت النقابة قد اعترضت على الزيادة غير المبررة وأبدت ملاحظات بشأنها، ويشير إلى أن التخفيض سوف يسرى على الأرصدة القديمة المتوافرة بالصيدليات بعد أن توقفت الشركات عن انتاج هذه الأصناف كنوع من الاعتراض على قرار التخفيض. الصين توقفت فى نفس السياق يؤكد الدكتور أحمد رامى عضو مجلس نقابة الصيادلة أن الأصناف المخفضة ليس لها تأثير اقتصادى لكنها أصناف مبيعاتها محدودة، متسائلا عن المبرر الذى جعل وزير الصحة يتخذ قرار التخفيض؟ بينما قام برفع أسعار المضادات الحيوية فى السابق نتيجة ارتفاع أسعار الخامة الأساسية فى أغلب تلك المضادات «بيتا لاكتام» والتى تنتجها الصين باعتبارها المصدر الأساسى لهذه الخامات للشركات المصرية، مشيرا إلى قرار الصين إغلاق معظم خطوط إنتاج هذه الخامات بشكل مؤقت لتقليل نسبة التلوث فى وقت انعقاد دورة الألعاب الأوليمبية بالصين مما رفع أسعار نحو 100صنف دوائى، وأوضح رامى أن الجبلى وعد وقتها أنه سيقوم بإعادة أسعار المضادات الحيوية المتداولة فى مصر إلى ماكانت عليه عند انخفاض أسعار هذه الخامات لكن ذلك لم يتم رغم أن أسعار الخامات انخفضت بالفعل من 60 دولارا للكيلو إلى 28 دولارا، وأشار إلى أن المضادات الحيوية هى الأكثر استهلاكا فى مصر وأوضح أن الإعلان عن تخفيض الأدوية قرار سياسى جاء قبل قرار تسعير الأدوية وفقا للنظام العالمى وبعد أخطاء ارتكبت فى التعامل مع ملف إنفلونزا الطيور وبعد تراجع العلاج على نفقة الدولة منشور رسمى لكى يتم البيع بالأسعار الجديدة على وزارة الصحة إرسال منشور رسمى لنقابة الصيادلة تعلمها بتاريخ البيع والتى بدورها ترسل للصيدليات تعليمات بذلك مع منح فرصة للصيدليات شهر أو شهرين للخلاص من المخزون القديم تبعا لمحمود فؤاد عضو المركز المصرى لحماية الحق فى الدواء، مشيرا إلى أن ذلك لم يحدث حتى الآن وقال إن التخفيضات تسرى على منتجات سقط عنها حق الملكية الفكرية وأصبحت متاحة للجميع وهى أنواع لا يتم تسويقها بشكل جيد سواء فى مصر أو الأسواق الأخرى، وأشار إلى أن تسعير الدواء يخضع لعرض السوق وما يصلح لمصر لا يتناسب مع دولة أخرى منتقدا سياسة تسعير الدواء فى مصر ومدللا على ذلك بأن إحدى حقن علاج سرطان الكبد يصل سعرها فى مصر إلى 23 ألف جنيه بينما لا يتجاوز سعرها فى بلد المنشأ 10 آلاف جنيه، لافتا إلى عدم وجود لجنة مستقلة للتسعير فى مصر قائلا: لجنة السياسات الدوائية بوزارة الصحة هى لجنة موظفين يعينها الوزير ولا أحد لديه القدرة على الإعلان عن التكلفة الحقيقية لسعر دواء ما، بينما يؤكد أكرم على، صيدلى بحى المهندسين، أنه سمع بالتخفيضات من خلال وسائل الإعلام، مشيرا إلى أنه لم تصله نشرة رسمية بال40 صنفا السارى عليها التخفيض وأن جميع الصيدليات تبيع بالأسعار العادية رغم إلحاح العملاء وسؤالهم المستمر عن الأسعار الجديدة. زيادة 1000% يفسر الدكتور محمد حسن خليل عضو مركز الدفاع عن الحق فى الصحة الوضع الذى يبدو متناقضا فى قرارات وزارة الصحة بشأن تسعير الأدوية بأنها نوع من المناورة من الوزارة محذرا من أن تحديد الأسعار وفقا للنظام العالمى سيرفع أسعار الأدوية بشكل كبير، مشيرا إلى دراسة لنقابة الصيادلة كشفت عن أن نسبة الارتفاع سوف تتراوح ما بين 300 % إلى 1000 % لافتا إلى ضغوط البنك الدولى على مصر لتقليل الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية فى الأدوية، متسائلا إذا كانت شركات الأدوية فى مصر لا تخسر بالأسعار الحالية ما هو الداعى لفرض نظام التسعير الجديد. وأكد خليل أن المركز سوف يستمر فى إجراءات التقاضى فى كل القضايا التى تم رفعها على وزير الصحة بعد انتظار نتيجة طعن الوزير على حكم المحكمة الإدارية.