«لا أعرف حقا» رد مقتضب يحمل الكثير من الحيرة، أجابت به الكاتبة المصرية البريطانية أهداف سويف على سؤال حول ما إذا كانت تفكر باللغة العربية أم بالإنجليزية وهى تكتب شخصياتها الروائية، وذلك فى أثناء المناقشة المفتوحة التى تلت محاضرتها بقسم الترجمة التابع للجامعة الأمريكية. واصلت أهداف سويف هذه النقطة التى توقف عندها الحضور وأثارت اهتمامه، وقالت «أعتقد أننى أكون مشغولة أكثر بالكتابة من انشغالى فى تتبع اللغة التى أفكر فيها فى هذه الأثناء، لا أعرف هل أفكر فى شخصيات روايتى بالعربية أم بالإنجليزية؟»، وكانت الكاتبة الروائية قد بدأت حديثها فى بداية المحاضرة، التى استمرت قرابة الساعتين، بأنها لم تقصد أن تكون الإنجليزية هى اللغة التى تخرج بها أعمالها، وقالت إنها اندهشت مع بداية اتجاهها للكتابة مع القصة القصيرة بأنها غير متمكنة من التعبير الأدبى باللغة العربية رغم أنها تجيدها فى الحديث والاستخدام العادى فى المواقف الحياتية، وأضافت «اللغة بالنسبة للكاتب كالألوان التى يستخدمها الرسام، أو النوتة لدى الموسيقى، وأنا وجدت أننى غير متمكنة من أن أحدث التأثير الذى أريده عند القارئ باللغة العربية، وكل ما أعرفه هو أننى أريد أن تظهر الشخصيات التى أكتب عنها بشكل فريد وحى، وهو ما أفعله أفضل بالإنجليزية». أرجعت سويف جانبا كبيرا فى هذا الأمر إلى أن قراءاتها منذ الصغر للكلاسيكيات الأدبية وغيرها كانت باللغة الإنجليزية وكذلك دراستها،واعتبرت أن هذا الأمر لا يدعوها للتوقف كثيرا خاصة أن الأدب بطبيعته «عابر للحدود وليس ناديا مغلقا» على حد تعبيرها. كانت هذه المحاضرة هى الأخيرة فى هذا الفصل الدراسى ضمن سلسلة محاضرات «المترجم» التى ينظمها مركز دراسات الترجمة وترأسه الدكتورة سامية محرز أستاذة الأدب العربى بالجامعة الأمريكية، واستعانت أهداف سويف خلال هذه المحاضرة بالعديد من النماذج من أعمالها الروائية وغير الروائية التى كانت تمثل تحديا فى التعبير عنها بلغة مغايرة عن الثقافة الأم، كنقل تعبيرات غارقة فى المحلية المصرية باللغة الإنجليزية، كما فى قصة «عائشة» ورواية «فى عين الشمس»، وكذلك روايتها، التى أدرجت ضمن القائمة القصيرة للبوكر البريطانية عام 1999، «خارطة الحب» التى قالت إن من أهم تيماتها هو استخدام اللغة، لاسيما مع التعددية الثقافية التى كانت تطرحها من خلال بطليها المصرى الوطنى «شريف البارودى» والإنجليزية المحبة «آنا». واعتبرت سويف أن استخدام اللغة كان دائما يشغلها فى إطار اهتمامها العام بالمساحة التى تتلاقى فيها الثقافات وهو الذى عبرت عنه فى مقالاتها التى جمعت فى كتابها «ميزا تيرا»، وأعطت مثالا لمقال كتبته بالإنجليزية عبرت فيه عن مظاهرة فى مصر وقدمت فيه ترجمة غير حرفية للشعارات التى كان يستخدمها المتظاهرون آنذاك بالعامية المصرية بحيث تكون مفهومة لجمهور اللغة الإنجليزية. توقفت إحدى المشاركات فى المحاضرة عند ما إذا كانت قد ترجمة أهداف سويف لرواية «رأيت رام الله» لمريد البرغوثى قد شابها التأثر بأسلوبها الأدبى الخاص بوصفها كاتبة روائية فى المقام الأول، فأجابت أنها عندما أعادت قراءة ترجمتها لرواية البرغوثى ارتاحت لأنها لم تجد أسلوبها الأدبى الخاص فيها، وظنها أن الكتاب يحمل أسلوبه. فى نهاية اللقاء عبرت أهداف سويف عن أملها فى أن تتفرغ لكتابة روايتها الجديدة بعد عودتها من المشاركة فى تنظيم دورة هذا العام من مهرجان فلسطين للأدب، وفاجأت الحضور بقولها «سأقرأ لكم صفحة مما يمكن أن يكون الفصل الأول من كتابى الجديد». شارك فى سلسلة محاضرات «المترجم» قبل ذلك كل من المترجم الشهير همفرى ديفيز،والكاتب خالد الخميسى والمترجم جوناثون رايت.