-وقعت في غرام السيناريو من الوهلة الأولى وكنت حريصا على احترام عقلية المشاهد -ياسر جلال تعامل مع المسلسل بحرفية شديدة.. ونور "رهان" رابح في دور الساحرة "شواهي" استطاع مسلسل "جودر" والذي شارك في السباق الرمضاني لهذا العام في النصف الثاني منه، أن يجذب شرائح مختلفة من الجمهور، حيث اعاد لها أجواء وروح "ألف ليلة وليلة". وفي حوار مخرج العمل إسلام خيري مع "الشروق" كشف لنا كواليس المسلسل من بداية أن كان فكرة والصعوبات التي واجهته فيه، والمشهد الذي تفاعل معه، وكيف كان التعاون مع الفنان ياسر جلال وباقي فريق العمل الذي وصفه بالرهان الرابح. يقول إسلام خيري: تحضيرات العمل استغرقت ما يقرب من ثمانية أشهر، وبداية المشروع بدأت مع مكالمة من شركة الإنتاج العام الماضي، ورغبتهم في أن اقرأ سيناريو لألف ليلة وليلة، ومن الوهلة الأولى وقعت في غرامه، وعلمت أنه من تأليف أنور عبد المغيث، وحلم ألف ليلة وليلة هو حلم أي مخرج، بالتأكيد هو تحدي مخيف ويحتاج إلى ضمانات لن تستطيع أن تأخذها، ولكن روعة السيناريو حمسني، خاصة بعدما علمت أن أنور كان كاتب هذا المشروع من فترة كبيرة وكان الفنان ياسر جلال قرأه من وقتها، وظل عالق في ذهنه، إلى أن حاول أن يحرك المشروع مع شركة الإنتاج، وحضر مراحل إعادة صياغته بما يواكب العصر، هنا أدركت أن ياسر جلال وقع في غرامه مثلي، وعندما جاءت الفرصة تم ذلك. -كيف كان اختيارك لفريق العمل بداية من التمثيل؟ من البداية كان الاتفاق على أن ياسر جلال سيقدم شهريار وجودر، وأغلب المثلين الذين وقع اختياري عليهم تحمسوا للعمل، وكنت مُصر على أن هناك مواصفات مُعيّنة في كل شخصية يجب أن تتوافر بالممثل، وأرى كل الأدوار بنفس الأهمية، ولابد أن يأتي كل منهم مناسب لهذا الدور، حتى يكون مقنع، حتى لو كان ممثل غير معروف تمامًا، أو ممثل لأول مرة. -من هو اكتشاف "جودر" ومن راهنت عليه وكان رهانًا رابحًا؟ من أكبر الرهانات التي سعدت بها الفنانة نور اللبنانية، هي ممثلة كبيرة وفنانة جميلة ومحترفة جدًا، ومن بداية قراءتي للسيناريو رأيتها في دور الساحرة "شواهي"، ولكن كان هناك تخوف أنها لا تقدم هذه النوعية من الأدوار، هي قدمت دور الشريرة مرة واحدة، وقدمته بجدارة ولكن، الأسئلة التي راودتني، هل سيكون ذلك تكرارًا لدورها السابق؟ أم لا؟، وهذا كان تحدي آخر، وكنت مُصر عليها، وسعدت عندما وافقت على الدور، لأنني كنت أراها الأنسب فيه، وسعيد وراضي بردود الأفعال الإيجابية على الشخصية، ونور أضافت كثيرًا للدور، وقدمته ب"معلمة". محمد الدمراوي كان اكتشاف، كنت أشعر به من أول الأوديشن أنه "جزرة"، والحمد الله لم يخيب إحساسي، وقدم الدور أفضل مما توقعت. الحقيقة أن لدينا ممثلين في مصر رائعين، كل ما يحتاجونه أن يتم وضعهم في الإطار والسياق المناسب، جميع الأساتذة المشاركين في العمل، قدموه حبًا فيه، على سبيل المثال الفنانة عايدة رياض هذا ليس حجم قيمتها الفنية، وستظلم قليلًا في هذا الجزء، لأن دورها المنطقة الأكبر منه في الجزء الثاني من العمل، لأن العمل 30 حلقة مقسمين على جزئين، ومع ذلك وافقت على الدور بحب شديد، الحقيقة أنني محظوظ بكل فريق العمل، كذلك الفنان رشوان توفيق، نجده يقول مشاهد مطولة وصعبة، ونجده يحفظها ويؤديها بحرفية، على الرغم أن بعض الفنانين في نصف عمره يصعب عليهم حفظ ذلك. -كيف ضاف "جودر" لنجومية ياسر جلال؟ ياسر جلال أضاف للدورين "شهريار" و"جودر" بشكل كبير وتعامل مع العمل ككل بحرفية شديدة، لانه واعي بصعوبة التمثيل وصعوبة العمل بأكمله، فكان يهتم بمشاهده ومشاهد باقي فريق العمل، ويساعد بعضهم أحيانًا في الإلقاء وأن يعطيهم من اداؤه في المشهد، وكان حريص أن كل ممثل يقدم دوره على أكمل وجه. وهو نجم ذو مواصفات خاصة، موهبته ليست محل جدال، قدم دور في غاية الصعوبة، وهو تجسيده لشخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مسلسل "الاختيار" وقدمه ببراعة واقتدار، بالإضافة إلى أنه نجم لديه الموهبة الفطرية، ولكنه يتمتع بشيء آخر وهو أكاديمي، وتفوق في دراسته، فهو يجمع ما بين الحرفة والتكنيك والموهبة. -هل قمت ببعض التعديلات على السيناريو ليتناسب مع رؤيتك؟ كنت حريص على أن احافظ على كتابة المؤلف أنور عبد المغيث، حتى أظل محافظ على طبيعة الورق الاصلية، حتى لو ذلك سيتطلب صعوبات في الحفظ أو الآداء ولكن جميعنا كُنا نحرص على ذلك، ولكن أحيانًا كُنّا نغير مفردة أو نختصر جملة لصالح الإيقاع. مشهد الأكشن الخاص بالساحرة شواهي في المركب والذي يجمعها بسعدون البحار، هو على الورق مكتوب بهذا الشكل بشخصياته ولكن طريقة تقديمه تدخلت فيها، حتى أعرف كيف سيتم تنفيذه بطريقة نقنع بها المشاهد، وفي النهاية هو عمل جماعي، كل منا يُكمّل الآخر. -حدثنا عن الصورة المبهرة التي شاهدناها في "جودر"؟ المُشاهد يستحق صورة مبهرة مميزة، ومن السهل أن نقدم صورة ملائمة للحدوتة، ولكن هذا يتطلب تكامل في عناصر العمل، وخاصة في هذه النوعية من الأعمال، الفنتازيا والخيال، وهذا ما حدث في "جودر"، فالعمل الفني هو عمل جماعي ينجح عندما تكون كل العناصر تخدم الفكرة، بداية من المخرج واهتمامي بكيفية أن يُحكى ذلك إخراجيًّا حتى يصل للمشاهد، ومدير التصوير تيمور تيمور، حلاوة صورته خدمت كل مشهد، وكذلك مصممة الأزياء منى التونسي اهتمت أن تكون الأزياء ملائمة لكل شخصية وطبيعتها السنّية والاجتماعية، ومصمم الديكور أحمد فايز والذي قدم ديكور ملائم للحدوتة. -هل توقعت أن تكون ردود أفعال الجمهور من الحلقات الأولى ؟ لا استطيع أن اتوقع ذائقة الناس، كنت أشعر بالرعب والقلق مع كل حلقة، لأن مشهد واحد ربما يثير زوبعة والجمهور لا يتقبله، لكن كل ما في يدي أن اخلص في كل مشهد واحترم عقلية المشاهد. -وأكثر تعليق استوقفك وتأثرت به؟ لم اتوقع أن الجمهور أصبح لديه هذا الوعي الكامل، قرأت في التعليقات والرسائل ملاحظات وتحليل بوعي عن السيناريو وعن شغل المخرج وأداء الممثلين وإيقاعهم، كل ذلك لمسني بشدة، أن الجمهور قدّر هذا المجهود، بالتأكيد لدينا عيوب وأخطاء، ولكن الجمهور تقبلها وتفهم أن هذا العمل تطلّب مجهود كبير وشاق. قرأت ملحوظة مكتوبة من أحد الجمهور عن فكرة إعادة إنتاج البطل الشعبي بصورته القديمة في النصوص العربية القديمة والصورة المتعارف عليها وليست الصورة التي دخلت علينا من بلطجة وشجارات، كان تحليل رائع جدًا، وهذه النقطة من الأشياء التي كنت أراها في هذا النص ويحاول أن يقدمها، فكرة أنها تصل بهذا الصدق للمشاهد ويعبر عنها هكذا، من أكثر الاشياء التي تأثرت بها. -وما المشهد الذي كنت متخوف من ردود أفعال الجمهور عليه؟ مشهد ظهور شهرزاد في قصر شهريار لأول مرة، أكثر مشهد كنت خائف من ردود أفعال الجمهور عليه، لأنه مكتوب في السيناريو بشكل مُطوّل جدًا، وهذا الطول مهم لا استطيع أن اختذل منه شيئًا، يجب أن تلفت شهرزاد انتباه شهريارمن الوهلة الأولى، ويجب ان تقنعه هو والمشاهد أنه يبدأ يسمع منها الحدوتة، وبدأ المشهد بالاستعراض التي قدمته ياسمين رئيس "شهرزاد"، حاولت أن اقدمه بشكل يجذب المشاهد ولا يجعله يمل، هذا المشهد من أصعب المشاهد. -وما المشهد الذي تفاعل معه الجمهور؟ مشهد "رتبه" الجنية التي كانت سيدة عجوزة ثم بعد الخير الذي فعله معها جودر عادت إلى أصلها، والتي قدمته الفنانة نادية شكري، هي ممثلة قديرة استطاعت أن تقدم المشهد بحرفية شديدة، وهذا المشهد من روح ألف ليلة وليلة جدًا، فكرة البطل الذي قابل شخص صنع معه الخير، وتحول هذا الخير إلى شيء سحري كما شاهدناه، وأصبحت هذه الجنية مدينه له برد الجميل، فعندما وقع البطل في المأذق طلب المساعدة، فظهرت فردت له الجميل، هذه المشاهد من روعتها جعلتني احفظ حوارها ومازالت عالقة في ذهني. وسعدت بتعليقات الجمهور من فكرة أن "جودر" أعاد "سحر" في مسرحية "العيال كبرت" لهم من جديد، وأنها دخلت قلوبهم وتفاعلوا معها ومع المشهد. كذلك مشهد الشجرة وصوت الفنانة إنعام سالوسة، وتكوين المشهد بأكمله أن يخرج بهذا الشكل، يؤكد على ما ذكرته في البداية أنه عمل متكامل وهذا يظهر مع كل مشهد. -وما الصعوبات التي واجهتك في "جودر"؟ هذه النوعية من الأعمال، هي الأصعب والأغلى في العالم، فطوال الوقت أقوم كمخرج بأخذ قرارات مبنية على خيال مُكلّف، دون أي ضمانات للنتيجة، فمثلًا شنب قمر الزمان طلبت أن يكون بشكل مُعيّن، إن اخفقت أو لم أكن مقدر حجم النسب، ربما يثير حفيظة الناس ويسخروا منه. كل هذه التحديات تجعلني طوال التصوير اسأل نفسي، هل كل مشهد سيأتي بما هو مطلوب منه؟ هل سيثير حفيظة المشاهد؟ هل فكرة النقل السريع بين الأحداث ودخول الفنتازيا في واقع الحارة الشعبية سيرضي المشاهد؟. نوعية الأعمال الفانتازيا هذه، تكون مكلفة ومرعبة في فكرة انتظار نتيجة ردود أفعال الجمهور والنقاد عليها، والحمد الله أنها كانت مرضية وسعيد بهذه التجربة المرهقة والممتعة. -هل استعنت ببعض الخبرات الأجنبية خاصة في مشاهد الأكشن؟ لم نستعين بأي خبرات أجنبية داخل العمل، فريق العمل بأكمله "صناعة محلية 100%"، لدينا فنانين محترفين ومتقنين لما يقدموه، وشباب موهوبين للغاية، كل منهم فنان في مجاله.