شهدت الأيام القليلة الماضية تحركات أمريكية بشأن ملف المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ما بين عمليات إنزال جوي لمواد إغاثية، والإعلان عن إنشاء ميناء أمريكي مؤقت لتلقي المساعدات على ساحل غزة، وانخراط واشنطن في فتح ممر بحري للمساعدات من قبرص، في الوقت الذي أكدت فيه الأممالمتحدة أن تلك الإجراءات لا تغني عن إيصال المساعدات عبر الممرات البرية. وفي هذا الإطار، أعدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن الدائرة المفرغة التي تمنع في الغالب أية مساعدات أساسية من الوصول إلى شمال قطاع غزة المدمر، حيث حول القصف الإسرائيلي المراكز الحضرية إلى أنقاض، مستعرضة شهادات صادمة لسكان القطاع عن أوضاعهم في ظل تلك المجاعة. يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أمس، أنه من المتوقع أن يستغرق إنشاء الرصيف العائم الذي سيتم استخدامه لتوصيل المساعدات الإنسانية الحيوية عن طريق البحر إلى غزة شهرا واحدا على الأقل أو ربما شهرين حتى يتمكن الجيش الأمريكي من البناء والتشغيل بكامل طاقته. - قيود الاحتلال على المساعدات الإنسانية وذكرت الصحيفة الأمريكية أن 14 شاحنة تحمل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها من برنامج الأغذية العالمي، كانت تتجه إلى شمال قطاع غزة، في وقت مبكر من صباح الثلاثاء الماضي، عندما أوقف جيش الاحتلال الإسرائيلي القافلة عن نقطة تفتيش لساعات ثم أبعدها. وزعم جيش الاحتلال، أنه أوقف القافلة لأن المسار كان مزدحما للغاية وبالتالي غير آمن، وبعد عودة القافلة إلى الجنوب، أوقف آلاف الأشخاص اليائسين الشاحنات، وأخذوا حوالي 200 طن من الطعام، بحسب برنامج الأغذية العالمي. وبحسب "وول ستريت جورنال"، قيدت قوات الاحتلال، تدفق المساعدات شمالاً إلى ما يتراوح بين ربع إلى نصف مليون شخص ممن رفضوا إنذارات الاحتلال لإخلاء المنطقة والنزوح جنوباً. - خبز بأعلاف الحيوانات وأشارت الصحيفة، إلى أن كارثة تلوح في الأفق، حيث أكد أطباء وقوع عشرات الوفيات المرتبطة بالجوع الأسبوع الماضي، موضحة أن الندرة تدفع الناس اليائسين إلى الاحتشاد حول أي مساعدات يتم إدخالها. ويمضي الفلسطينيون، الذين يعيشون وسط أنقاض منازلهم التي تعرضت للقصف، أيامهم في البحث عن الطعام. ويخلط الكثير منهم علف الحيوانات بخبزهم، وينتشر التهاب الكبد الوبائي "أ" والإسهال بسرعة، لا سيما بين الأطفال، ويقول البالغون إن شعرهم وأسنانهم تتساقط، وتتكسر أظافرهم، في مؤشرات على سوء التغذية. ومن بين هؤلاء مهيرة هشام وزوجها في شمال القطاع، الذين يتناولون الشاي والمياه لبضع أيام حتى يتمكن أطفالهم من تناول مزيد من الخبز الذي يعدانه من مزيج من الدقيق وعلف الأرانب الذي يباع في السوق. أما فتياتهم، ومن أجل إسكات آلام الجوع، ينمن حتى غروب الشمس، ثم تتناولن ملاعق من الزعتر. وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الظروف المروعة في الشمال تعمق إحباط واشنطن من إسرائيل وتدفع دولا من بينها الولاياتالمتحدة، ومجموعات الإغاثة لإسقاط الغذاء جواً للتغلب على العقبات الإسرائيلية أمام عمليات التسليم البري. لكن الإنزال الجوي لا يمكن أن يغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات المتزايدة، ويقول موظفو الإغاثة إنه باهظ الثمن، ومعقد لوجيستياً، وصغيراً مقارنة بقوافل الشاحنات. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس الماضي، إنه وجه الجيش الأمريكي ببناء رصيف مؤقت قبالة سواحل غزة لسفن الشحن لتقديم المساعدات، لكن المشروع سيستغرق وقتاً لتوسيع نطاقه، وبمجرد أن يحدث ستواجه المساعدة على الشاطئ نفس التحديات المتمثلة في التوزيع الآمن لقوافل الشاحنات.