يربط ب"طريق مصر أسيوط الزراعي".. صورة ترصد تطوير طريق أبو ربع في البدرشين بالجيزة    زراعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو لجودة المؤسسات التعليمية.. وعميد الكلية: جهد جماعي    هل يتكرر تخفيف الأحمال لمدة 3 ساعات مرة أخرى؟.. متحدث البترول يوضح    عائلة الضابط الإسرائيلي القتيل بالنصيرات ترفض حضور بن غفير لجنازته    مسؤول أمريكي: الخلية التي ساعدت بإنقاذ الأسرى موجودة في إسرائيل منذ 7 أكتوبر    الحج 2024.. السعودية تعيد 171 ألف مقيم لا يحملون تصاريح دخول مكة - (تفاصيل)    «المصري الديمقراطي»: نرفض السلوك التحريضي ضد الإعلام الكاشف للممارسات الإسرائيلية    رئيس مكافحة المنشطات يكشف آخر تطورات أزمة رمضان صبحي    منتخب إسبانيا يكتسح أيرلندا الشمالية بخماسية قبل يورو 2024    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    ننشر أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة الوادي الجديد الأزهرية    علم بعلاقتها مع آخرين.. اعترافات قاتل عشيقته ب13 طعنة في الخليفة    انخفاض مؤقت وموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الأيام المقبلة    حدث بالفن| صفعة عمرو دياب لأحد المعجبين ومفاجأة حول اعتزال شيرين رضا ونجوم الفن بحفل إطلاق فعاليات منصة سيني جونة    حظك اليوم برج العقرب الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    طارق العبدلي : النتيجة أهم من الأداء بتصفيات كأس العالم    طارق قنديل: النظام سر نجاح الأهلي.. وشعبية الخطيب لها تأثير كبير    صبحي يهنئ منتخب الخماسي الحديث لتتويجه ب 14 ميدالية ببطولة العالم    استقرار سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاحد 9 يونيو 2024    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    أستاذ علوم سياسية يحدد مطالب المواطنين من الحكومة الجديدة    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    الأرصاد: موجة حارة جديدة بداية من الثلاثاء تستمر لأيام عيد الأضحى    اليوم، مغادرة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    قومي حقوق الإنسان يكرم مسلسل بدون سابق إنذار (صور)    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    أول تعليق من شقيق صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب: إحنا صعايدة وهناخد حقنا بالقانون    ليلى عبداللطيف تكشف حقيقة توقعها بأن أول يوم عيد الأضحى سيكون حزينًا جدًا على مصر (فيديو)    «لا أعلم مصيري».. نجم الجونة يكشف مفاجأة بشأن مفاوضات الزمالك    «علشان يدفعوا غرمات».. ميدو يسخر من استحواذ لاعبي الأهلي على الإعلانات    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    ليلى عبداللطيف تكشف لأول مرة حقيقة توقعها سقوط طائرة الرئيس الإيراني (فيديو)    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس: مقتل عدد من المحتجزين الإسرائيليين بالنصيرات.. استقالة 8 مسئولين أمريكيين احتجاجا على سياسة بايدن بشأن غزة.. وروسيا: العالم العربى يحترم حقوق الإنسان    تشيس أوليفر.. أصغر مرشح لرئاسة أمريكا ينتقد ترامب وبايدن وحرب غزة    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    حظك اليوم برج العذراء الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان الأحد 9-6-2024 مهنيا وعاطفيا    وزيرة الثقافة تُعلن انطلاق الدورة السادسة من«مواسم نجوم المسرح الجامعي» وتُكرم عددًا من نجومه    إصابة 6 أشخاص إثر تصادم سيارة مع تروسيكل فى القنطرة غرب بالإسماعيلية    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    الصومال: مقتل 47 إرهابيا خلال عملية عسكرية بمحافظة جلجدود    هل بدأت إثيوبيا في توليد الكهرباء من سد النهضة؟.. عباس شراقي يُجيب    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    نواب: ضرورة اهتمام الحكومة الجديدة بالملف الاقتصادى والإصلاح السياسى    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى أبو كبير المركزي    رئيس أذربيجان يدعو شيخ الأزهر لزيارة بلاده    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ الجيزة يتفقد مشروع طريق المنصورية    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 142 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آليات صناعة التشريع الصحى.. أعمدة الحكمة السبعة
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2024

هناك ملاحظات على التشريع الصحى، ففى الآونة الأخيرة أثير جدل واسع حول إصدار تشريعين صحيين؛ الأول خاص بالمسئولية الطبية، والثانى خاص بتنظيم الخدمة الطبية الخاصة، ثم أصدر مجلس الوزراء قرارا أخيرا بالسماح بالاستثمار الأجنبى فى القطاع الصحى، مما يحتم وضع هذا الجدال فى سياقه واستخدام منهج فى فهم وتحليل النظام الصحى عموما، والنظر إلى وضعه الحالى الواقعى، ومرجعيات صناعة التشريع الصحى خاصة انطلاقا من المادة 18 فى الدستور، وقانون مجلس الصحة الذى تسعى الدولة لتنفيذه، والتأمين الصحى الشامل الممتد لمدة سنوات (منذ إصداره فى 2018). يتميز مفهوم النظام الصحى باعتباره أولا وسيلة إلى غايات نهائية وتنموية مثل تحسين حالة المواطنين والمواطنات الصحية بمعايير (كمعدل وفيات الأطفال والأمهات والحوامل) وتخفيف عبء المرض وتكاليفه المالية عن كاهل الأفراد، وتحقيق رضائهم وإحساسهم بالأمان صحيا فى حالات المرض والأوبئة والكوارث والحروب.
هناك سبعة أعمدة (pillars) أساسية تستخدم لتقييم وضع النظام الحالى (نطلق عليها أعمدة الحكمة السبعة) تتمثل فى:
1. حوكمة وقيادة النظام وصناعة تشريعاته.
2. أساليب تمويل النظام وفق اختيار أنسب الأساليب المتعارف عليها عالميا، والمناسبة لظروفنا الاجتماعية والاقتصادية.
3. أوضاع القوى البشرية الصحية والطبية العاملة فى هذا النظام، وكيفية تنظيمها وتعويضها وتحفيزها.
4. هياكل تقديم الخدمات الصحية والطبية العامة والأهلية والخاصة بالنظام، وعلاقتها ببعضها ووزنها النسبى فى تقديم الخدمة للمواطنين والمواطنات.
5. توفير وإتاحة الأدوية اللازمة والأساسية والضرورية لإنقاذ حياة الأفراد وصحتهم، وأساليب التدخل المساعدة والتشخيص مثل التحاليل والأشعة وما شابه.
6. توفير قواعد البيانات وإدارة المعلومات ونظمها التى تساعد على فهم وتحليل الوضع الصحى، ووضع الخطط الصحية قصيرة الأمد وطويلة الأمد.
7. مدى جاهزية النظام الصحى لحالات الطوارئ والكوارث مثل الأوبئة والحروب وما شابه من ظروف صحية قهرية وعاجلة.
وفى مجال تحليل موقف هذه الأعمدة السبعة للحكمة الصحية فى نظامنا الحالى، نستعرض بعضها سريعا ونتوقف قليلا أمام العمود المعنى بصناعة التشريع الطبى والصحى، وآليات وقواعد هذه العملية الحيوية والمركبة!
• • •
أولا: الحوكمة والقيادة، ماذا تعنى الحوكمة أو الإدارة الرشيدة للنظام؟ تعنى خلق علاقات وهياكل محددة عبر مشاركة جميع الأطراف المعنية بهذه المنظومة وفى المقدمة منهم أصحاب المصلحة كالمرضى، وروابطهم ولجانهم وممثليهم من منظمات حقوق الإنسان والحق فى الصحة، ثم استخدام آليات المساءلة الجادة لأية مخالفات وتعديات على قواعد هذه المنظومة وأخلاقياتها تخالف التشريعات المنظمة لها والحد من الممارسات الضارة والفاسدة فيها، سواء إداريا أو ماليا أو أخلاقيا كسوء اختيار القيادات غير المؤهلة أو التى تفتقد القدرة والكفاءة والخبرة، ثم الشفافية التامة فيما يصدر عن هذه المنظومة من بيانات أو معلومات توضح أوضاع المنظومة وحقيقة التحديات أو المشكلات التى تواجهها.
وأخيرا، منع تضارب المصالح داخل المنظومة ووضع المعايير العادلة والمنصفة فى صنع التشريعات الصحية، وهذا ما سنتعرض له لاحقا فى المقال تفصيلا من خلال نماذج تعلم طبقت سابقا، مثل قانون التأمين الصحى الشامل (قانون 2 لسنة 2018).
• • •
ثانيا: أساليب تمويل النظم الصحية، وهناك ثلاثة أنماط أساسية لتمويل النظم الصحية فى العالم:
● منها ما يمول من خزانة الدولة مباشرة كما يحدث فى بريطانيا التى تعتمد على فرض ضرائب تصاعدية على الدخل لكافة المواطنين والمواطنات وهو من أعرق نظم التمويل.
● ومنها ما يمول من نظم تأمين صحى اجتماعى يعتمد على المشاركة بين اشتراكات ومساهمات المواطنين إلى جانب دعم نقدى من خزانة الدولة لغير القادرين وكبار السن (كما يحدث فى ألمانيا).
● ومنها ما هو الأسوأ على الإطلاق وهو يمول عبر الدفع المباشر من المرضى إلى من يقدم الخدمة أو عبر شركات تأمين خاصة كما يحدث فى أمريكا.
وأخيرا، يوجد أسلوب عشوائى يجمع مشاكل كل الأساليب التمويلية فى نفس النظام مما يعد الأكثر انتهاكا لحقوق المواطنين غير القادرين على تحمل عبء المرض المالى خاصة فى القطاع الخاص من الخدمة، وهذا ما يحدث لدينا حتى الآن، أو على الأقل حتى الانتهاء من تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل والتغطية الصحية الشاملة.
• • •
ثالثا: القوى البشرية العاملة فى النظام الصحى تعد أداة النظام الأساسية لتحقيق أهدافه، وبدون مناخ عمل جيد لها والمصحوب بوضع مالى وتحفيز مناسب حسب معايير جودة الخدمة، تسقط هذه القوى العاملة فى خطرين؛ أولهما الرغبة فى الهجرة خارج البلاد، والثانية الجمع بين عملين وأكثر ما بين القطاع العام والخاص على حساب جودة الخدمة، والولاء المطلوب فى القطاع العام الصحى.
• • •
رابعا: هياكل تقديم الخدمة الصحية والتى تتكون من قطاع عام وخاص وأهلى، وتشترك جميعا فى غياب جودة الخدمة وعدم الامتثال لمعايير تقديمها وآليات الإحالة فى النظام الصحى ووجود مدخل واضح له لضمان تكامل الخدمة وتنظيمها بشكل يحقق ثقة المواطنين والمواطنات، ويضمن تقديم الخدمة فى إطار يحقق المحاسبة والمساءلة ويراعى المرونة اللازمة والاستعدادية فى الطوارئ والأوبئة والكوارث والحروب.
• • •
خامسا: إتاحة الدواء والمستلزمات الطبية والوقائية والتطعيمات، واضطرابات إتاحة الدواء تصيب الثقة فى النظام الصحى فى مقتل حيث تحرم المواطنين والمواطنات من فرص العلاج الناجح الحقيقى.
• • •
سادسا: قواعد البيانات وإدارة نظم المعلومات، غياب معلومات وبيانات دقيقة لا يسمح باتخاذ قرارات أو وضع خطط صحيحة قابلة للتنفيذ.
• • •
ختاما، فإن عملية صناعة تشريع صحى طبى تعتمد على دراسات دقيقة لكل الأعمدة السبعة وفهمها فهما دقيقا. هى صناعة دقيقة، تستدعى عقلا جمعيا وليست اقتراحات فردية، بل يجب أن تتم من خلال مشاورات منظمة تبدأ بدراسات مسبقة لوضع المشكلة الواجب إصدار تشريع بشأنها كالمسئولية الطبية مثلا، يتم تشكيل لجان مجتمعية من كل المعنيين والعمل على وضع أهداف محددة متفق عليها لهذا التشريع وهو فى هذه الحالة مثلا (المسئولية الطبية) حماية المريض والمريضة من جانب، وحماية الطبيب أو الطبيبة أيضا من جانب آخر فى توازن دقيق.
ولنا فى ذلك خبرة سابقة فى قانون التأمين الصحى الشامل الذى مر بعملية ممتدة بداية من دراسات مفصلة للقطاع الصحى ومشاكله، ثم انتهى بإجراء تجارب فى ثلاث مناطق.
وقانون التأمين الصحى الشامل مر بعدة مسودات للقانون ولجنة اجتمعت أسبوعيا لقرابة ألف ساعة عمل بقيادة حكيمة وتمثيل لمختلف المعنيين والمجتمع المدنى، شمل عملها العديد من الدراسات وجلسات حوار مجتمعى وصلت لأربعين جلسة، وأخيرا تم عرض المسودة رقم 60 للمشاورات بين الحكومة والبرلمان حتى أصدرته الدولة.
هذا نموذج يمكن وصفه بأنه حقق نجاحا فعليا فى عملية صناعة التشريع الصحى الإصلاحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.