أعلن متحف فرويد بلندن عن افتتاح معرض فنى جديد بعنوان «فرويد وأمريكا اللاتينية» يهدف لتعريف الجمهور تفاصيل جديدة عن حياة أشهر محلل نفسى فى العالم الطبيب النمساوى سيجموند فرويد والأثر البالغ الذى تركه فى ثقافة أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص. وعلى الرغم من أن سيجموند فرويد لم يزر أمريكا اللاتينية قط، إلا أن تأثير التحليل النفسى فى أمريكا اللاتينية كان عميقًا جدًا لدرجة أن قام أحد الأطباء النفسيين من عشاقه ويُدعى جاستاو بيريرا دا سيلفا بإنتاج برنامج إذاعى ناجح فى أربعينيات القرن العشرين فى البرازيل بعنوان «عالم الأحلام». ومن خلال البث على راديو «ناسيونال»، وهو المعادل البرازيلى لهيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى)، أخذ «بيريرا دا سيلفا» أحلام المستمعين وجعل الممثلين يعبرون عنها بالأداء الصوتى ثم قام بتحليلها نفسيًا على الهواء، ويعد هذا واحدًا من الأمثلة العديدة على تبنى أمريكا اللاتينية المبكر للتحليل النفسى والمدرسة الفرويدية على وجه التحديد. ويسعى المعرض الجديد من خلال الرسائل والتصوير الفوتوغرافى والفن السريالى والكتب من مكتبة «فرويد» الخاصة والقصص المصورة والمجلات والصحف، لإبراز تأثير «فرويد» على أمريكا الوسطى والجنوبية التى أصبحت منطقة رائدة عالميًا فى التحليل النفسى؛ حيث يقال إن بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين موطن لأكبر عدد من المحللين النفسيين فى العالم. وعلى الرغم من أن التحليل النفسى الفرويدى غالبا ما يُعتبر ممارسة أوروبية حيث إنه بدأ فى منزله الخاص فى فيينا إلا أن تأثيره فى أمريكا اللاتينية كان الأكثر دراماتيكية، حيث تجذر فى الأرجنتينوالبرازيل وتشيلى والمكسيك وبيرو. وقال أمين معرض «فرويد وأمريكا اللاتينية»، جيمى رورز: «كان بيريرا دا سيلفا متأثرًا للغاية بالمدرسة الفرويدية فى التحليل النفسى وقد نصب نفسه محللًا نفسيًا وسعى لكسر الوصمات المتعلقة بالعلاج من خلال تقديمه إلى الجماهير»، وأردف: «لم يكن هناك الكثير من الناس يفعلون هذا النوع من الأشياء على الراديو، وينشرونها بالطريقة التى كان يفعلها هو». وأردف: «هذه هى رسالة المعرض الحقيقية؛ ألا وهى تعريف الناس أن التحليل النفسى، وخاصة التحليل النفسى الفرويدى، تم تقديمه إلى هذا الجمهور العريض منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين فى أمريكا اللاتينية»، نقلًا عن صحيفة الجارديان البريطانية. وقد أصبح التحليل النفسى، وخاصة تحليل الأحلام، جزءًا من ثقافة أمريكا اللاتينية، وتجلى ذلك حين دعت صحيفة «جورنادو» فى بوينس آيرس فى الثلاثينيات من القرن الماضى القراء إلى تقديم أحلامهم للتحليل النفسى بواسطة المحلل النفسى «فرويديانو»، وقامت مجلة نسائية أرجنتينية تدعى Idilio يمكن مقارنتها بمجلة Cosmopolitan اليوم بتحليل أحلام القراء عن طريق الرسم والأعمال الفنية السريالية التى قدمها الرسام والمصور جريت ستيرن. وقال «رورز»: «أرسلت النساء أحلامهن للمجلة على أن يتم تحليلها جنبًا إلى جنب مع هذه الأعمال الفنية السريالية الجميلة والمذهلة»، ويضم المعرض الجديد تلك اللوحات والأعمال الفنية المبنية على أحلام القارئات التى راسلن بها المجلة، إلى جانب أعمال الشاعر البرازيلى وفنان النقش الخشبى خوسيه بورخيس، وفنان الوسائط المتعددة المكسيكى سنتياجو بورخا. ومن بين الشخصيات البارزة الأخرى التى تأثرت بالمدرسة الفرويدية فى أمريكا اللاتينية ويقدمها المعرض، الطبيب البرازيلى الأسمر جوليانو موريرا، وهو ابن أحد العبيد، والذى تعرف على أعمال «فرويد» فى مؤتمر طبى عام 1913 فى لندن، وقد أدخل التحليل النفسى إلى المجال الطبى فى البرازيل، حيث لا تزال بعض المراكز تحمل اسمه حتى الآن. جدير بالذكر أن «فرويد» كان مفتونًا باللغة الإسبانية فى طفولته؛ وكان ذلك الأمر مستوحى من رغبته فى قراءة رائعة «دون كيشوت» لميجيل دى سرفانتس بلغته الأصلية، وهكذا علم نفسه بنفسه اللغة، وعندما كان مراهقًا تبادل بعض الرسائل باللغة الإسبانية مع صديقه إدوارد سيلبرشتاين، حيث اعتمد كل منهما اسمًا مستعارًا إسبانيًا مستوحى من رواية «سرفانتس» القصيرة. وعندما انتقل فرويد إلى لندن عام 1938 كلاجئ، أحضر معه 34 كتابًا من أصل 62 كتابًا من كتبه فى أمريكا اللاتينية، وكان العديد منها يحمل إهداءات من مؤلفيها. وقال «رورز»: «هدفنا من هذا المعرض تسليط الضوء على العديد من القصص الحقيقية والرائعة من حياة رائد التحليل النفسى فى العالم سيجموند فرويد والتى يعرفها جمهوره وعشاقه لأول مرة».