المياه حلم والخبز أمنية.. «الشروق» ترصد روايات الحزن على لسان سكان الشمال سكان يموتون من الجوع، وآخرون يضطرون لذبح الحمير وأكل لحومها، أو تناول حشائش وثمار وأوراق شجر، للبقاء على قيد الحياة.. مناطق كاملة يحوم حولها شبح المجاعة فى ظل نقص حاد فى الطعام ومياه الشرب النظيفة وغياب الوقود.. جثث ملقاة فى الطرقات وانتشار للأمراض والأوبئة. هذه ليست مشاهد من تداعيات غزو التتار للشرق، ولا مشاهد مما خلفه دمار الغزو الألمانى النازى لأوروبا، بل هو شكل الحياة الحالى فى محافظات شمال قطاع غزة بعد أن تبدلت بشكل كامل، مع مرور أكثر من 80 يومًا على العدوان الإسرائيلى على القطاع المحاصر منذ نحو 20 عامًا، وعدم تمكن شاحنات المساعدات الغذائية من الوصول إلى معظم أنحاء الشمال. مشاهد تثبت زوال أبسط سبل البقاء على قيد الحياة، وتكشف عن الأوضاع المأساوية لسكان الشمال، كما يرويها ل«الشروق»، صحفيون وسكان من محافظات شمال غزة، وعدد من المسئولين والعاملين بمنظمات إغاثية، تعمل فى شمال القطاع. فمنذ بدء العدوان المدمر على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، والبالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطينى يعانون بالأساس من أوضاع حياتية متدهورة، بالتوازى مع تواصل الغارات الإسرائيلية على القطاع. وغرد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، عبر حسابه بمنصة «إكس» قائلًا: «أربعة من كل خمسة من الأشخاص الأكثر جوعا فى أى مكان فى العالم هم فى غزة.. مع اشتداد الصراع وتزايد الرعب، سنواصل القيام بدورنا، لن نستسلم». وفى تغريدته أيضا، نشر الأمين العام للأمم المتحدة تقريرًا حديثًا بشأن الأمن الغذائى فى غزة، يتضمن بيانات من برنامج الأغذية العالمى ووكالات الأممالمتحدة الأخرى والمنظمات غير الحكومية. وأظهر التقرير أن جميع سكان غزة نحو 2.2 مليون شخص يعانون من أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائى الحاد. وأشار إلى أن 26% من سكان غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية، وقدراتهم على التكيف، ويواجهون جوعًا كارثيًا ومجاعة. الموت جوعا يوسف فارس صحفى من شمال غزة بمنطقة جباليا، يروى مشاهد عايشها بنفسه للأوضاع الإنسانية فى مناطق عديدة بمحافظات الشمال، واصفا إياها ب«المأساوية والصعبة للغاية». ويتحدث ل«الشروق» فى تصريحات استغرقت الجريدة لاستكمالها أيام عدة بسبب الانقطاعات المتواصلة للإنترنت وشبكة الاتصالات عن الأوضاع فى جباليا: «الناس هنا تموت من الجوع.. صباح اليوم قمت بجولة بحثا عن رغيف خبز واحد فلم أجد». ويرصد فارس الظروف المعيشية فى عدد من مناطق شمال غزة بعد مرور 80 يومًا من الغارات والقصف: «فقدت منطقة جباليا بشكل كامل المواد التموينية الأساسية، والمتبقى فى محال البقالة مواد تكميلية مثل مشروب النسكافية، وحلوى الأطفال فقط، وبعض الأشياء الأخرى التى لا يستهلكها الناس فى الوضع الطبيعى بسبب ارتفاع سعرها ما زالت موجودة فى الأسواق». ويواصل الصحفى الفلسطينى: «ارتفاع أسعار السلع لأكثر من 100 ضعف عن سعرها الطبيعى، يشير إلى أن العملة والأوراق النقدية فقدت قيمتها وقوتها الشرائية»، ويدلل: «إن توفر الطحين الذى لا غنى عنه، يتجاوز القدرة الشرائية للأهالى حيث ارتفع سعر كيس الطحين من 40 شيكل (11 دولارا) قبل الحرب إلى 1000 شيكل (280 دولارا). وعن أكثر المأكولات التى يأكلها سكان شمال القطاع، يقول: «الماء بالنشا المطهو على النار مع بعض السكر، وهو معروف لدينا باسم الكاستر، وهناك أيضا بعض البقوليات مثل الفول والحمص، فيما تغيب المعلبات واللحوم والأسماك، وإن توفرت فإنها فوق قدرة السواد الأعظم من المواطنين». جثث فى الطرقات. فى حى تل الزعتر، وثقت كاميرا فارس، جثث ملقاة على الطرقات وفى الشوارع، قتلهم الاحتلال بالقذائف وصواريخ طائرات مسيرة، قبل انسحاب الآليات العسكرية من الحى، الذى دمرته بشكل شبه كامل، وبات غير صالح للسكن، إضافة إلى وجود أيضا عشرات الجثث فى الشوارع ببيت لاهيا. ويستطرد: «الوضع مأساوى جدا فى تل الزعتر؛ حيث إن شارع صالة أبو خاطر الذى يربط حى تل الزعتر بمعسكر جباليا، على مد البصر دمار بالمدفعية والقذائف، والشوارع تم تجريفها، وهى الصورة التى يمكن استنساخها على أى منطقة تدخلها الدبابات الإسرائيلية.. الدمار هو البصمة الإسرائيلية التى ترافق أى عملية توغل برى». وبشأن توافر الإمكانات الطبية اللازمة لإسعاف المصابين، يشدد يوسف فارس على أن «مناطق شمال وادى غزة كافة لا يوجد بها أى نقاط طبية فاعلة، حتى النقاط الطبية تعمل بالحد الأدنى من إمكانياتها بسبب عدم وجود الوقود؛ لذا فالأجهزة الطبية معطلة والعمل بالحد الأدنى للخدمات مثل تقطيب الجروح». أزمة خطيرة يتحدث الصحفى الفلسطينى، عما اعتبره «أزمة خطيرة»، بشمال وادى غزة، تتعلق بعمليات الولادة للنساء، «طريق الصحابة الذى يوجد به مجمع الصحابة الطبى، والذى يقصده الأهالى لإجراء عمليات الولادة، مقطوع تماما بسبب عمليات لجيش الاحتلال هناك». فى هذا الصدد، يضيف بألم: «تحدث معى أحد المواطنين بأنه جاب شمال قطاع غزة كله بحثا عن ممرضة ولم يجد»، متابعا: «أسفر ذلك عن وفاة أم مع جنينها لصعوبة الوصول للقابلة». وقدّر صندوق الأممالمتحدة للسكان فى تقرير له الشهر الماضى عدد النساء الحوامل فى قطاع غزة بخمسين ألف سيدة. وأفاد الصندوق بأن عدد حالات الولادة اليومية بنحو 180 حالة تضطر فيها النساء لوضع مواليدهن فى ظروف قاسية، وفى ظل كارثة إنسانية شبه كاملة. ويحرص فارس على سرد يومياته بشأن الأوضاع المأساوية فى شمال غزة، عبر حسابه على «فيسبوك»، إذ كتب فى إحدى مشاركاته: «رأيت من ذبح حمارا ليطعم بلحمه العشرات من أفراد عائلته الذين نزحوا إليه». وفى تدوينة أخرى، يقول: «المجازر مستمرة.. وكل بيت جرى قصفه أضحى مقبرة، من يصاب يترك ينزف حتى يموت، لا خدمة صحية ولا سيارات إسعاف ولا دفاع مدنيا». الماء حلم والرغيف الطازج أمنية وسط هذا الأوضاع المعيشية، بفعل القصف الإسرائيلى المتواصل، يستلهم سكان غزة دروس وعبر عديدة. بسمة مشهراوى، الطالبة بالجامعة الإسلامية بغزة فى شمال قطاع غزة، تقول: «علمتنى هذه الحرب أن أحترم النعم، حيث غدت شربة الماء النظيف حلمًا، والرغيف الطازج أمنية، والاستحمام من أعلى درجات البذخ، والمكان الذى يأويك أثمن من قصور الدنيا ما دام لم يسقط على رءوسنا». وفى إشارة إلى حجم المعاناة، تضيف: «سنأكل ورق الشجر؛ لانعدام الموارد تمامًا.. والعالم لا يفعل شيئا سوى التفاعل بأحزننى، والإدانة والاستنكار.. طيب شو نعمل عشان تحسوا فينا وتوقفوا الحرب». وتطلق بسمة عبر حسابها على «فيسبوك» ما يشبه صرخة نداء للعالم لعلها تجد آذانا صاغية: «أيها العالم الدَّفْآن، نحن نغرق فى الخيام، إن لم نمت بالقصف سنموت بردًا، أيها العالم الشبعان، إن لم نمت بالقصف سنموت جوعا»، مردفة بلهجتها الفلسطينية: «شو نعمل عشان تقتنعوا إن إحنا مش جبل.. إحنا بشر من لحم ودم بنحس وبنتوجع وبنموت باليوم ألف مرة». الألم الذى تعيشه بسمة هو ما يعانيه جل سكان القطاع، إذ أضحى الموت جوعًا مصيرهم، وهو الأمر الذى حذَّرت «اليونيسف»، من أنّ خطر الموت من الجوع أصبح حقيقيًا فى القطاع المحاصر. وشدّدت المنظمة الدولية عبر منصة «إكس»، على أهمية وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن، ودون عوائق، إلى غزة. وذكرت: «إن الأطفال والأسر فى قطاع غزة يواجهون الآن العنف من الجوّ، والحرمان من الأرض، مع احتمال أن الأسوأ لم يأتِ بعد». الكتب وقود الطهى ومع انقطاع الكهرباء، ونفاد الحطب فى بعض مناطق شمال غزة، اضطر عشرات المواطنين لحرق كتب مدرسية وثقافية، من أجل إشعال النيران لطهى الطعام. حمزة أبو توهة الباحث فى الدكتوراه فى اللغة العربية، يتحدث عن مشهد آخر لشكل الحياة فى شمال غزة: «مكتبة البحرين المليئة بكتب وموسوعات نشأتُ فى أحضانها منذ تأسيسها قبل 13 عامًا، مررت بجانبها، فوجدت الناس قد فتحوها وأخذوا كل ما فيها من كتب وأرفف وأخشاب حتى يشعلوا نارا تصنع لهم الخبز بعد انعدام الغاز والوقود». وأضاف أبو توهة، وهو أب لثلاث أطفال، هم؛ رزان وعواطف وحيان: «جلست على ركبتى أبكى على مشهد الكتب والموسوعات التى يحملها الناس للحرق، بعد أن أحرق كثير منهم ملابس لهم لذلك الغرض». وتحتوى مكتبة البحرين التابعة ل «أونروا» (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، والتى يوجد لها فرعان؛ الأول فى جباليا شمالى القطاع، والثانى فى رفح، وكانت تضم آلاف الكتب، كما تضم مختبرا للحاسوب وقاعة سينمائية ثلاثية الأبعاد. ويتحدث الباحث الفلسطينى الذى يقيم فى مركز إيواء الأممالمتحدة فى مخيم جباليا، عن أسرته فى ظل الأوضاع الحالية: «ما زال يزورنا الطعام والماء كل يومين نصف مرة، وكل تفكيرى فى أطفالى الذين غزا الجفاف أجسامهم اللطيفة، وأنهكت الأمراض أبدانهم الضعيفة.. مع مرور 80 يومًا على عدم دخول أى شىء إلينا فى الشمال إلا الهواء»، بحسب ما كتبه عبر حسابه على «فيسبوك». الإبادة بالجوع والتهجير وفى مشاهد أخرى عن «بقايا الحياة» فى شمال غزة، تقول المعلمة أحلام أبو عطية: «خانيونس تباد بالتهجير، وما ظلت أى بناية على وجه الأرض، ومحافظة الوسطى تباد بالجوع، إضافة إلى ارتفاع الأسعار، وقطع الإمدادات من خضراوات وبضائع بعد فصل الجنوب عن الوسطى عدا عن قصفها المتواصل ليل نهار». وتواصل عبر «فيسبوك»: «تجولت فى عدد من الشوارع، حيث وجدت عائلات كاملة بلا مأوى، ومراكز الإيواء والمدارس امتلأت ولم تعد تستوعب المزيد من النازحين، أكثر المحلات أغلقت أبوابها لنفاذ السلع.. وما تبقى قليل وغير أساسى، وأسعاره جنونية، ومواقد النار على الخشب تملأ الشوارع الرئيسية، كل شىء يطهى على نار الخشب التى تملأ الجو دخانًا والأرض والوجوه سوادا». تستطرد: «هذا جزء يسير من الصورة، التى تزداد كل يوم سوادًا ووجعًا وألمًا مع الحصار والقصف والموت، ولا أدرى هل الموت أقسى مما يعيشه الناس الآن، وهل يوجد فى قادم الأيام ما هو أمر وأصعب». مياه مالحة إبراهيم إسماعيل الموظف فى مؤسسة أهلية من جباليا، يضيف بعدًا جديدًا وملمحًا آخر لمشهد الحياة القاسى فى الشمال، «هناك شبه مجاعة حقيقية فى شمال غزة، فلا تتوفر أى مصادر للطعام، أو مياه شرب نظيفة». ويتابع إسماعيل فى تصريحات ل«الشروق»: «يلجأ البعض فى بعض الأوقات لشرب القليل من المياه المالحة غير الصالحة للاستهلاك ليروى ظمأه»، مشيرا إلى أن «زوجته ولدت قيصريًا فى ظروف قاسية جدا». ولا تزال آلاف الأسر متمسكة ببيوتها فى جباليا وتل الزعتر والفالوجة وبيت لاهيا، رغم ما حصدته مئات الغارات الإسرائيلية من الأرواح والوحدات السكنية. وأعلنت وزارة الداخلية فى غزة فى وقت سابق أن قرابة 900 ألف فلسطينى ما زالوا يقيمون فى مدينة غزة وشمال القطاع المكون من خمس محافظات. المفاضلة بين المصابين «انهيار مستمر»، هذا ما يصف به المتحدث باسم وزارة الصحة فى قطاع غزة، أشرف القدرة، المشهد الصحى بقطاع غزة وفى الشمال. يؤكد القدرة، فى حديث خاص من غزة ل«الشروق» أن «المنظومة الصحية فى قطاع غزة، فى حالة انهيار مستمر، بعدما خرجت مستشفيات شمال غزة عن الخدمة، وبات السكان بلا خدمات صحية». ويعدد القدرة مفردات المشهد الصحى فى الشمال، قائلًا: «مئات الجرحى يفارقون الحياة نتيجة عدم توفر الإمكانيات الطبية والسريرية والبشرية المتخصصة، إضافة إلى انتشار الأمراض الجلدية والمعدية». ويردف: «مئات المصابين ينتظرون فرصة لإنقاذ حياتهم، إلى الحد الذى باتت الطواقم الطبية فيه تفاضل بين الحالات لإنقاذ حياة ما يمكن إنقاذه». لا ماء ولا طعام ولا علاج ويزيد المتحدث باسم الصحة الفلسطينية، أن: «الاحتلال يرتكب مجازر شمال غزة، وهو يعلم أنه لا يوجد خدمات صحية للجرحى والمرضى.. الهدف من ذلك القتل والتشريد هو إنهاء الوجود الفلسطينى». ويكشف عن وجود 1.8 مليون نازح فى أماكن الإيواء المختلفة يفتقرون لأبسط مقومات المعيشة اليومية، حيث لا ماء ولا طعام ولا علاج، وهناك 350 ألف مريض مزمن، و50 ألف سيدة حامل، 1100 مريض فشل كلوى، معربًا عن خوفه من وفاة مئات الآلاف بين النازحين نتيجة انعدام سبل العيش والمتابعة العلاجية. أوضاع كارثية بدوره، يقول المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطينى، أحمد جبريل، فى تصريح خاص ل«الشروق»: إن شمال قطاع غزة بات على شفا مجاعة فى حال استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بهذا الشكل. وأكد جبريل، أنه بعد مرور 80 يومًا من العدوان على القطاع، فى ظل منع المساعدات الإنسانية من الوصول غزة، وخاصة فى الشمال حيث تتجه فيه الأوضاع لكارثة حقيقية ما لم يتوقف العدوان والحصار الحالى، وتصل المساعدات بكميات كافية للسكان. وفى هذا الصدد، أكد المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطينى، خروج جميع مستشفيات شمال غزة عن الخدمة بعد استهداف إسرائيل آخر مستشفى بالقطاع مؤخرًا، وهى مستشفى الأهلى العربى بغزة واعتقال عدد من كوادره الطبية، والإسعاف أيضا لم يعد يعمل بسبب نفاد الوقود. إبادة جماعية وأعلنت وزارة الصحة فى غزة فى بيان اليوم، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلى إلى 21 ألف شهيد، ونحو 53 ألف إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضى، وهو العدد الأكبر منذ نكبة 1948 سواء فى الشهداء أو المصابين. وأشارت الوزارة إلى أن «قوات الاحتلال الإسرائيلى تنفذ إعدامات وإبادة جماعية فى شمال غزة بعد أن قامت بتصفية الخدمات الصحية فيها، ودمرت المستشفيات، وأخرجتها عن الخدمة»، مشيرة إلى أن تصفية الوجود الصحى شمال غزة يستهدف تشريد 800 ألف نسمة وحرمان آلاف الجرحى والحوامل والأطفال والمرضى المزمنين من الخدمات الصحية. وفى مجزرة جديدة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، مساء أمس الأحد، ارتفاع عدد شهداء القصف الإسرائيلى على «مخيم المغازى» بوسط قطاع غزة إلى أكثر من 70 شهيدًا، مؤكدا أن «ما يحدث فى المخيم هو إبادة جماعية لمربع سكنى مكتظ بالأهالى». وتابعت: قوات الاحتلال تقوم بقصف الطرق الرئيسية بين مخيمات المنطقة الوسطى، حتى تعيق وصول سيارات الإسعاف والدفاع المدنى إلى أماكن الاستهداف المختلفة.