رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار.. السفير المصري في برلين: هذه خلفيات الموقف الألماني من الحرب على غزة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 12 - 2023

- الموقف الألماني من الحرب في غزة يجب قياسه وفهمه على خلفية الإرث التاريخي بين ألمانيا وإسرائيل
- الإسرائيليين نجحوا في تعميق عقدة الذنب لدى الألمان بسبب سياسات النازية تجاه اليهود
- اليمين المتطرف يعيش موجة صعود في أوروبا بسبب تراكم المشكلات الاقتصادية بعد كورونا وحرب أوكرانيا
- ألمانيا ومصر تتمتعان بعلاقة متميزة بسبب الإدراك الكامل من الجانبين لدورهما
- فرص المصريين في العمل بألمانيا كبيرة.. وسمعة العامل المصري مشرفة
- أوروبا لم تكن مستعدة لاستقبال هذا الكم الكبير من المهاجرين وتواجه صعوبة في عملية دمجهم
- إقبال المصريين بألمانيا على التصويت في الانتخابات الرئاسية كان أكثر من جيد رغم برودة الطقس
- لا توجد توجهات رسمية للمطالبة بإعادة رأس نفرتيتي إلى مصر
- نتفاوض على اتفاقية جديدة لمبادلة ديون مع ألمانيا
قال السفير خالد جلال عبدالحميد، سفير مصر في برلين، إن الموقف الألماني من الحرب في غزة يجب قياسه وفهمه على خلفية الإرث التاريخي بين ألمانيا وإسرائيل، مؤكدا في الوقت نفسه، أن الإسرائيليين نجحوا في تعميق عقدة الذنب لدى الألمان بسبب سياسات النازية تجاه اليهود.
وأضاف في حوار لمراسل الشروق في برلين -بعد القرار الجمهوري بمد خدمته عاما أخر ليواصل مهمته التي بدأها عام 2019 في توثيق العلاقات المصرية الألمانية- أن سفراء المجموعة العربية ضغطوا للسماح للجاليات العربية فى ألمانيا بالتعبير عن دعمهم لفلسطين بعد حظر المظاهرات في بداية الأحداث في غزة، مؤكدا في الوقت نفسه أن ألمانيا ومصر تتمتعان بعلاقة متميزة بسبب الإدراك الكامل من الجانبين لدورهما.
- دعنا نبدأ من الانتخابات الرئاسية التي انتهت للتو بالسفارة.. كيف كانت الأجواء في تلك المرحلة الهامة من الاستحقاق الدستوري؟
كانت الأجواء احتفالية تعكس تفاؤل المصريين في الخارج بمستقبل بلدهم ورغبتهم في نجاح الاستحقاق الانتخابي الذي بذلت أجهزة الدولة جهدا كبيرا لتيسيره. وقد لعبت وزارة الخارجية دورا محوريا في تشجيع المصريين بالخارج على المشاركة وممارسة حقهم في اختيار رئيس مصر.
في ألمانيا، فتحت البعثات الدبلوماسية الثلاث أبوابها بمقر السفارة ببرلين والقنصلية العامة بفرانكفورت والقنصلية العامة في هامبورج؛ لاستقبال الناخبين من أبناء الجالية المصرية في أنحاء ألمانيا للقيام بواجبهم وممارسة حقهم الانتخابي. الإقبال على التصويت كان أكثر من جيد من المصريين بالخارج على التصويت، وكانت ملفتا توافد أبناء الجالية المصرية من الجيلين الثاني والثالث الذين حرصوا على التواجد والإدلاء بأصواتهم، هذه ربما ظاهرة جديدة نثني عليها ونشجعها.
- وصلت أصداء الحرب الدائرة الآن في غزة إلى ألمانيا.. كيف تقيم الموقف الألماني من تلك الحرب؟ وهل تغير بطبيعة الحال مع تفاقم الأوضاع الإنسانية؟
محددات الموقف الألماني تجاه سياسات إسرائيل وما تقوم به الأخيرة في حرب غزة، يجب قياسه على الإرث التاريخي بين ألمانيا وإسرائيل، الألمان يعتبرون وجود إسرائيل والحفاظ على أمنها أحد الركائز والأسس للدولة الألمانية الحديثة التي نعرفها اليوم منذ إعلان تأسيسها عام 1949. وهذا يشكل نقطة الفصل بين سياسة ألمانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وبين ألمانيا التي نعرفها اليوم بسياستها وقيمها، بالإضافة إلى ذلك هناك أكثر من عامل آخر، منها نجاح الإسرائيليين في تسويق ذلك، وتعميق عقدة الذنب عند الألمان فيما يتعلق بالسياسات النازية تجاه اليهود.
ما حدث في حرب غزة هذه المرة، كانت التصريحات الألمانية تؤكد أنها مع إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، باعتبارها حقا وواجبا للدفاع عن اليهود حتى لا تكرر مأساة الهولوكوست بعدما ترك هجوم السابع من أكتوبر الماضي على بعض المدن الإسرائيلية تأثيرا عاطفيا كبيرا لدى الألمان، بأنه "مرة أخرى يقتل اليهود لا لشيء، إلا أنهم يهود"، ولكن ليس لأنهم محتلين ومغتصبين لحقوق الفلسطينيين، هكذا جاء الهجوم في ذهنية الساسة الألمان.
ولكن مع شراسة الهجوم الإسرائيلي على غزة أصبح واضحا للعيان، أن ما يحدث ليس حربا متكافئة، وأن هدف القضاء على حماس أو الإفراج عن الرهائن لا يمكن تحقيقه بتدمير قطاع غزة بالكامل فوق رؤوس 2.5 مليون فلسطيني، وقتل أكثر من 18 ألف فلسطيني حتى الآن في انتقام وعقاب جماعي يتجاوز مبدأ الدفاع عن النفس وأن الإسرائيليين ينتقمون لمقتل مدنيين، بقتل مدنيين أيضا.
وبالنسبة للعقلية الألمانية أصبح هناك شبه اقتناع أن ما يحدث لا يمكن تصنيفه على أنه دفاع عن النفس بل حرب إبادة يرتكبها الإسرائيليون بنفس الطريقة الجرائم التي ساندهم الألمان لتفاديها (هو حقها في الدفاع عن النفس أمام حماس)، وبالتالي هناك معضلة في الموقف الألماني تجاه دعم إسرائيل، وهذا أدى بعد ذلك إلى تعديل الألمان من موقفهم في حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها "كحق وواجب" إلى أن إسرائيل لديها الحق والواجب في الدفاع عن نفسها واليهود إنما في إطار محددات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، هذا هو التعديل الوحيد الذي طرأ في الموقف الألماني.
ونحن عندما نتحدث مع الألمان نتساءل: هل ما يجري الآن في غزة فيه احترام للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؟ بالتأكيد لا.. إذا تنتفى فرضية أن إسرائيل لها حق الدفاع عن نفسها لأنه قيدت هذا الحق وصاحبته بأن يكون متلازم مع احترام القانون الدولي، فعندما لا يُحترم القانون الدولي تسقط الفرضية الأولى.
ومع ذلك، للأسف لم نصل إلى النقطة التي يستطيع فيها الألمان أن يظهروا علانية رغبتهم في وقف إطلاق النار، إنما كل ما تغير بالنسبة لهم أصبحوا يطالبون بهدن إنسانية وإدخال المساعدات الإنسانية وهذا في حد ذاته إقرار بأن ما يحدث هو كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة.
في الوقت نفسه لا يجب ألا نغفل أن الألمان هم أكبر المانحين لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وزادوا من المساعدات الموجهة إلى الشعب الفلسطيني، ولكن موقفنا في مصر وفي الدول العربية والإسلامية نطالب بالوقف الكامل لإطلاق النار ووقف آلة الحرب والقتل ضد الفلسطينيين وليس فقط مساعدات إنسانية لا تكفي الاحتياجات الضخمة لغزة.
- رأينا بعض التضييقات في بداية الأحداث على التظاهرات والأنشطة المؤيدة للفلسطينيين في غزة وكذلك الجاليات العربية.. هل وصلتكم شكاوى من مصريين تعرضوا لأي أشياء من هذا القبيل نتيجة تعاطفهم مع الفلسطينيين؟
لم نتلق شكاوى تخص المصريين هنا. أما بالنسبة لمنع التظاهرات فقد جاءت بعد حادثة وقعت في مدينة هسن لمظاهرة قالت السلطات الألمانية إنه تم رفع فيها أعلام تنظيم داعش وحركة حماس (التي تصنفها الحكومة الألمانية أيضا كجماعة إرهابية)، قبل أن يُعتدى على أحد المعابد اليهودية، وترتب على ذلك رفض الحكومة الألمانية لعدد كبير من التظاهرات التي كان يرغب المواطنون من أصول عربية الخروج فيها لدعم فلسطين؛ لأن الشرطة الألمانية ظنت أن خروج هذه المظاهرات سيؤدي إلى دعم حماس وليس دعم فلسطين، وستقود إلى مزيد من الاعتداءات على اليهود وترديد شعارات معادية للسامية وهو ما يجرمه القانون الألماني.
وهنا تحركنا نحن سفراء المجموعة العربية وتحدثنا مع الحكومة الألمانية وأوضحنا لها أن كل من سيخرج للتظاهر ليس بالضرورة مؤيدا لحماس وما قامت به في 7 أكتوبر، والأمر الثاني وهو الأهم أن الدولة الألمانية قائمة على حرية التعبير ويُمنح تصريحات يومية بعشرات التظاهرات، وبالتالي لا يتعين على ألمانيا أن تتحجج بالتخوف مما يمكن تصنيفه على أنه مخالفة للقانون في مظاهرات تأييد الفلسطينيين. قلنا لهم عندما يتم يحدث مخالفة للقانون يمكنكم اتخاذ الإجراءات القانونية لكن لا تحجروا على الناس تخوفا من أن يتم خرق القانون.
وبالفعل تم الاستجابة لنا وخرجت مظاهرتان أو ثلاثة كان فيهم التزام كامل بالقانون وتعبير عن الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه، وبالتالي الألمان تشجعوا أكثر لفتح المجال لمزيد من التظاهرات.
- هناك إجراءات ألمانية لربط منح الجنسية بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.. البعض يرى أن يستهدف المتعاطفين مع فلسطين ككل وليس حماس فقط؟
نحن كسفراء المجموعة العربية، قد نتحدث مع الجانب الألماني فيما يخص حالات مثل السماح بالتظاهرات لدعم فلسطين حفاظا على حقوقهم، لكن ليس لنا أن نتدخل في شأن داخلي مثل شروط منح ألمانيا لجنسيتها، خاصة أن طالب الجنسية لديه مطلق الحرية في الرفض أو الاعتراض على أي شرط إذا لم يوافق عليه. وقد قررت ولاية ساكسون أنهالت، الأسبوع الماضي، اشتراط اعتراف طالبي الجنسية الألمانية بحق إسرائيل في الوجود. ولعل هذا القرار يعكس الحالة النفسية لكثير من المسئولين الألمان في علاقتهم بالماضي النازي، كما يضع على الدبلوماسية العربية مسئولية الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في هذا الإطار غير المواتي.
- مع تقدم وصعود أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا.. تنظر الجاليات العربية ومنها المصرية بالطبع بتخوف تجاه صعود تلك التيارات للحكم مثلما حدث في هولندا.. كيف ترى تلك المسألة؟
بالتأكيد هناك تصاعدا في موجات الإسلاموفوبيا، وأتصور أن الفوبيا ضد المهاجرين جاءت كرد فعل لموجات الهجرة المتتالية التي استقبلتها أوروبا. ويجب هنا أن نعبر عن إعجابنا باستقبال ألمانيا ل1.2 مليون لاجئ في 2015 من أصول مختلف وديانات مختلفة ويتحدثون لغات مختلفة وليس لديهم أي شيء مشترك مع ألمانيا، واستقبالهم جاء احتراما وإعلاءً لشأن القانون الدولي، في وقت من الأوقات فرضت قيود على دخول المسلمين إلى أمريكا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فهذا حق يجب تسجيله ويجب التعبير عن الإعجاب به لأن ليس كل الدول تفعل ذلك.
ولكن في تقديري لم تكن أوروبا مستعدة لاستقبال هذا الكم الكبير من المهاجرين، وكانت تتصور أن الأمر يمكن معالجته وتداركه ماديا فقط، لكن تكشف بعد ذلك أن عملية دمج هؤلاء المهاجرين في المجتمع وجعلهم جزءً منه عملية معقدة، فضلا عن مقاومة المهاجرين وأيضا المواطنين الألمان على حد سواء لتلك العملية.
بالطبع تم استيعاب هؤلاء المهاجرين إداريا واقتصاديا في أوروبا ولكن لم يتم دمجهم كلية من الجانبين بالنظر إلى الثقافات الجديدة المختلفة خاصة المسلمين، ومن هنا جاء صعود التيار المتطرف وخصوصا أن هناك أيضا مشاكل أخرى اقتصادية واجتماعية تعاني منها تلك الدول بدون حتى دخول هؤلاء، مثل تباين شرق ألمانيا عن غربها واختلاف المستوى المعيشي والخدمات.
- هل ممكن الجاليات المهاجرة المستقرة منذ زمن بعيد في الوقت الحالي أن يحد من صعود اليمين المتطرف في مرحلة ما؟
أتصور أن اليمين المتطرف في أوروبا يمر بموجات صعود وهبوط، وهو الآن يصعد في ألمانيا بالنظر إلى المصاعب الكثيرة التي تعاني منها ألمانيا بسبب الأزمة الاقتصادية التي تلت جائحة كورونا وبعدها حرب أوكرانيا التي دعمتها ألمانيا بأكثر من 20 مليار يورو. كل هذا أدى إلى السخط على سياسات الحكومة الألمانية الحالية ودفع الناخب الألماني للتصويت لليمين المتطرف الذي يضم أشخاصا يقدمون حلولا بسيطة ومختصرة للأزمة مثل شعارات: "المهاجرون سبب مشاكلنا"، و"كل هذا بسبب الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، و"أنا من سيغير الواقع".
في هولندا، فقد وصل بالفعل حزب "الحرية" اليميني المتطرّف للحكم بعد فوزه بالانتخابات الشهر الماضي. كل هذا جاء بعد تراكم مشكلات اقتصادية مقرونة بوجود اللاجئين ومظاهرات والحرب على غزة، وما يعتبرونه تدخلا في الهوية الأوروبية وهو ما يكون من السهل معه استقطاب أصوات الناخبين.
- تتمتع ألمانيا بعلاقة وطيدة مع مصر.. فقد كانت ألمانيا أولى الدول الأوروبية التي استقبلت الرئيس عبدالفتاح السيسي عام 2015.. برأيك ما الذي يميز تلك العلاقة بين ألمانيا ومصر؟
ما يميز هذه العلاقة هو الإدراك الكامل من الجانبين لدورهما، ألمانيا تدرك أهمية مصر ودورها في المنطقة، ومصر تعلم تماما ثقل ألمانيا في المحيط الأوروبي وعلى الخريطة الدولية. وبالتالي هذا الإدراك والفهم العميق للأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين ييسر من الحوار ويجعل بحث الطرفين عن قواسم مشتركة أسهل بكثير، وبالتالي نتحدث سياسيا مع الألمان في موضوعات دولية وإقليمية عديدة آخرها غزة.
وهناك اتصال دائم وحوار على مستوى قيادة البلدين بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والمستشار الألماني أولاف شولتس ووزيري الخارجية، وكان آخرها لقاء الوزير سامح شكري مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك في برشلونة يوم 28 نوفمبر الماضي. وهناك تشاور حول الوضع في غزة والقضايا الإقليمية بشكل عام، ملف ليبيا والهجرة والسودان وملف وأمن البحر المتوسط، هناك قضايا كثيرة جدا يتم التنسيق والتعاون فيما بيننا، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية في المجال الاستثماري والتجاري والثقافي والتعليمي.
- مع سعي ألمانيا لجذب المزيد من الأيدي العاملة المهاجرة.. ما فرص المصريين في تلك الخطة؟
فرص المصريين كبيرة للغاية وأشجع من خلالكم المصريين الراغبين في الحصول على وظائف في ألمانيا أن يذهبوا إلى المركز الألماني - المصري للتوظيف والهجرة بوزارة الهجرة الذي بإمكانه مساعدة من يرغب في العمل في ألمانيا.
وأود أن أشير إلى أن الألمان في طريقهم لتعديل القانون بما يسمح لحملة المؤهلات العليا بالإقامة لفترة 6 أشهر بعد وصولهم لألمانيا لإجادة اللغة، وأصبحت إجادة اللغة بدلا من أن تكون شرطا أساسيا للحصول على الإقامة، أصبح يتم إمهالهم فترة أكبر، فضلا عن الاعتراف بالشهادات العلمية ما بين الجانبين والتي كانت مشكلة أيضا، بالتالي أصبح الآن من حصل على شهادة عليا ولديه خبرة العمل لعدد معين من السنوات في المجال الذي حصل فيه على الشهادة يُعترف بهذه الشهادة بشكل تلقائي.
- الآن الجامعات المصرية بدأت تطبيق مبادرة تدريس اللغة الألمانية كلغة أجنبية بمبادرة رئاسية.. كيف ترى تلك الخطوة؟
بالتأكيد، اللغة أمر هام للغاية وواحدة من أكبر نقاط التعاون الثقافي بين مصر وألمانيا. هناك تواجد ثقافي ألماني ضخم ويعد من بين الأكبر خارج أوروبا، حيث تضم مصر جامعتين ألمانيتين و7 مدارس كاملة الاعتراف بها في ألمانيا، بالإضافة إلى مئات المدارس الأخرى التي تدرس المناهج الألمانية تحت إشراف وزارة التعليم المصرية. ونسعى لزيادة التعاون العلمي، ونحن بصدد توقيع اتفاقية جديدة لبناء 100 مدرسة ألمانية جديدة في مصر، فضلا عن اتفاق تبادل الخبرات في مجال التعليم العالي وتأهيل للمعلمين المصريين لتدريس المناهج الألمانية. ذلك يأتي بتوجيه مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي طلب من ألمانيا تقديم الدعم لمصر في التعليم الفني والتدريب لتحقيق النهضة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
- أيضا يحظى العامل المصري سمعة طيبة هنا في ألمانيا؟
هذا صحيح وهذا أمر مشرف ولم يحدث أن سمعنا عن شكوى من عامل مصري، لكن دائما يقال لنا إن المصريين سريعو التأقلم رغم التباين الثقافي والمجتمعي بين مصر وألمانيا، وهذا من المميزات الكبيرة للغاية.
- لا تزال المطالبات تتوالى من الأوساط الثقافة المصرية بإعادة تمثال نفرتيتي إلى مصر.. هل توجد مخاطبات مصرية رسمية جديدة للجانب الألماني لاستعادتها؟
كانت هناك مطالبات سابقة من الدكتور زاهي حواس وقت رئاسته للمجلس الأعلى الآثار، لكن لم يتخذ أي إجراءات رسمية تجاه الألمان في هذا الشأن. والتصريحات التي صدرت من وزيرة الدولة لشئون التنوع ومواجهة التمييز في برلين سرايا جوميز، حول نفرتيتي، لم تكن تعبيرا عن موقف رسمي بل رأي شخص لم يعقبه اتخاذ إجراءات رسمية.
وهذه المطالبات لم يعقبها تحركات رسمية بين الحكومتين حتى هذه اللحظة، ولا أتصور أن الأمر قيد الطرح بين الجانبين في هذه المرحلة.
- كيف كان الإقبال على مبادرة تسوية التجنيد للمصريين بالخارج؟ هل هناك فرصة لإعادة فتح المبادرة مرة أخرى؟
كانت المبادرة مفتوحة حتى يوم 7 ديسمبر الجاري، وقامت بحل مشاكل كثيرة جدا، لأن بعض الشباب في سن التجنيد خرج من مصر في هجرات غير شرعية، وكانوا بحاجة لتسوية أوضاعهم.
- أخيرا.. في يونيو 2023، أعلنت ألمانيا إعفاء مصر من سداد ديون بقيمة 54 مليون يورو مقابل تمويل إنشاء مشروع ربط مزرعتي رياح بطاقة 500 ميجاوات لكل منهما بشبكة نقل الكهرباء.. هل هناك فرصة للتوسع في مبادرة مبادلة الديون؟
مبادلة الديون هي أحد الأدوات الألمانية لرفع العبء عن مصر لصالح مشروعات إنمائية تنفذ داخل مصر. وبالتالي هي تخدم أكثر من هدف: تساهم في مساعدة مصر سداد بعض الديون التي عليها، وتمويل المشروعات ذات الصلة بالأولويات المصرية في مجال هام مثل المناخ ومكافحة التغير المناخي. ونحن نتفاوض حاليا على أمر مشابه ونأمل أن يتم الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.