محافظ كفر الشيخ: تدريب 190 موظفا في 15 مركزا تكنولوجيا على بنود قانون التصالح    الفاو: أسعار المواد الغذائية ترتفع للشهر الثاني على التوالي    منسق حملة مقاطعة شراء الأسماك ببورسعيد: الانخفاض وصل ل40% خلال 10 أيام    كاتب صحفي: صندوق الاستثمار الصناعي المباشر يستهدف تقليل الفاتورة الاستيرادية    الجيش الإسرائيلي يعلن قصف بنية تحتية عسكرية ل "حزب الله" جنوب لبنان    مجلة ألمانية: الاستراتيجية الروسية تنجح في هزيمة الغرب بأوكرانيا    الهلال يتقدم 10 على التعاون في الدوري السعودي    مانشستر يونايتد يضع عينه على موهبة برشلونة    عاطلان وراء مقتل طالب وسرقة توكتوك على طريق السنبلاوين بالزقازيق    ظاهرة جوية تضرب البلاد يوم الأحد.. ما علاقة عاصفة الخليج؟    ننشر أسماء 12 مصابا في حادث انقلاب ربع نقل بالمنيا    «الصحفيين العرب»: جرائم قتل الصحفيين في غزة والضفة الغربية جريمة ضد الإنسانية    سلماوي: ثلاثية نجيب محفوظ كانت سببا في توقفه عن الكتابة 7 سنوات    فريدة سيف النصر تغالب دموعها على الهواء بسبب أغنية ل«وردة» (فيديو)    "شقو" يتراجع ويحتل المركز الثاني في شباك التذاكر    مهندسة حياتي.. المخرج عمرو سلامة يحتفل بعيد ميلاد زوجته    "من قبيل المحبة".. المفتي يحسم الجدل بشأن تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم (فيديو)    «صحة كفر الشيخ»: دورة تدريبية عن أساسيات اعتماد الجودة لأقسام الأشعة بالمستشفيات    البابا تواضروس الثانى يصلى الجمعة العظيمة فى الكاتدرائية بالعباسية..صور    توخيل يلمح لإمكانية استمراره مع بايرن ميونخ    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    أبرزها فريد خميس.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    نعم سيادة الرئيس    تونس تدخل تعديلات على قوانين مكافحة المنشطات بعد صدور عقوبات ضدها    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    محافظ المنوفية: مستمرون في دعم المشروعات المستهدفة بالخطة الاستثمارية    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    خلعوها الفستان ولبسوها الكفن.. تشييع جنازة العروس ضحية حادث الزفاف بكفر الشيخ - صور    النقل تعلن جاهزية محطة وادي النيل بالمرحلة الثالثة للخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    وزارة الصحة توضح خطة التأمين الطبي لاحتفالات المصريين بعيد القيامة وشم النسيم    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    عمر الشناوي ل"مصراوي": "الوصفة السحرية" مسلي وقصتي تتناول مشاكل أول سنة جواز    حاكم فيينا: النمسا تتبع سياسة أوروبية نشطة    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    بعد واقعة حسام موافي.. بسمة وهبة: "كنت بجري ورا الشيخ بتاعي وابوس طرف جلابيته"    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن مغزى تصريحات بايدن الأخيرة
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 12 - 2023

كانت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكى جو بايدن بشأن الحرب فى غزة لافتة. لم تكن فقط الإشارة إلى تورط إسرائيل فى هجمات عشوائية على القطاع هى المفاجئة بالمعايير الأمريكية، بل أيضا التدخل المباشر فى التوازنات السياسية الإسرائيلية بمطالبة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتغيير حكومته والابتعاد عن «العناصر المتطرفة»، والحديث عن خطر فقدان إسرائيل للدعم الدولى والتشديد على اقتراب افتقادها للمصداقية الأخلاقية عالميا كانت عناصر جديدة فى خطاب ساكن البيت الأبيض. فما الذى حدث؟
• • •
أولا، لم يكن خافيا على من يتابع السياسة الأمريكية كون الخلافات بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية قد دخلت فى طور التصاعد منذ أسابيع بسبب الكارثة الإنسانية التى تنزلها الحرب بأهل غزة والارتفاع المهول فى أعداد الضحايا المدنيين من قتلى وجرحى، وبسبب امتناع حكومة نتنياهو عن تسهيل دخول المساعدات الإنسانية ورفضها لتحديد مناطق آمنة داخل القطاع تحمى الناس من دماء ودمار الحرب، وبسبب تردد نتنياهو فى الانفتاح على مفاوضات هدنة جديدة تتوسط بها مصر ومعها قطر وبدعم أمريكى.
ثانيا، لم تعد أيضا خافية تلك الخلافات داخل إدارة بايدن بين أنصار الدعم غير المشروط لإسرائيل وبين من يحذرون من تداعيات ذلك على المجتمع الأمريكى وتداعياته على علاقات الولايات المتحدة بالحلفاء بين الدول العربية والإسلامية وعلى صورتها فى العالم. وقد مثل استخدام واشنطن لحق النقض (الفيتو) فى مجلس الأمن لمنع صدور قرار يقضى بإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار النقطة الزمنية الأكثر حدة فى دفع تلك الخلافات إلى الواجهة. وعلى الرغم من أن أنصار الدعم غير المشروط داخل الإدارة نجحوا فى فرض انحيازهم على السلوك التصويتى لواشنطن فى مجلس الأمن ولم تتغير إلى اليوم سيطرتهم على الواجهة العريضة للسياسة الأمريكية الرافضة لوقف إطلاق النار، إلا أن الأصوات الأخرى فى البيت الأبيض (تحديدا فى مجلس الأمن القومى) وفى وزارة الخارجية وفى وزارة الدفاع سعت بعد فيتو مجلس الأمن إلى إحداث شىء من التوازن العلنى فى الموقف الرسمى بدفع بايدن إلى الحديث عن الهجمات العشوائية والضحايا المدنيين والدعم الدولى المتراجع والمصداقية الأخلاقية المهددة دون أن يعنى ذلك انتقالا سياسيا إلى موقف آخر يضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب.
• • •
ثالثا، يعبر بايدن بالعناصر المستحدثة فى خطابه العلنى بشأن الحرب فى غزة والتوازنات السياسية داخل إسرائيل عن رغبة الإدارة الأمريكية فى التأثير على مجريات لعبة الحكم والمعارضة فى الدولة العبرية. تتوقع واشنطن أن تسفر الحرب بعد وصولها إلى خط النهاية عن تفجر الصراع السياسى فى تل أبيب وأن تجرى انتخابات برلمانية مبكرة إن فى سياق احتجاجات شعبية واسعة تحمل بنيامين نتنياهو وحكومته مسئولية الإخفاق فى منع هجمات حماس فى 7 أكتوبر 2023 وفى إعطاء الأولوية لتحرير الرهائن أثناء أسابيع الحرب الثقيلة أو فى سياق التحقيق القضائى المتوقع فيما حدث فى 7 أكتوبر وتحميل رئيس الوزراء المسئولية السياسية عنه ودفعه إلى الاستقالة. هنا، تريد واشنطن ومن اليوم أن تظهر رفضها لسياسات اليمين الدينى واليمين المتطرف الذى يطالب بإعادة احتلال غزة ويتبنى التوسع فى النشاط الاستيطانى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية ولا يقبل بتسوية سلمية على أساس حل الدولتين. تريد واشنطن أيضا ومن خلال تصريحات بايدن أن ترسل إشارة إلى الداخل الإسرائيلى مؤداها أن دعم حكومة نتنياهو عسكريا وماليا وسياسيا والاستمرار فى تقديم الغطاء الدبلوماسى لها عالميا وحمايتها من المساءلة الدولية جميعها أمور لا تعنى الوقوف فى صف حكومة يمينية متطرفة جل اختياراتها تتعارض مع أولويات الولايات المتحدة المستندة إلى رفض إعادة احتلال غزة وضرورة وقف النشاط الاستيطانى وحتمية العودة إلى التفاوض بين إسرائيل وفلسطين. وفى إشارة واشنطن رسائل إلى شخصيات مثل بينى جانتس ونفتالى بينيت ويائير لابيد، وهم فى المجمل أقل تطرفا من حلفاء نتنياهو أمثال بن غفير وسموتريتش، بكون الحليف الأهم لإسرائيل على استعداد لدعمهم سياسيا لتنحية نتنياهو ومن معه من صدارة المشهد السياسى.
رابعا، تدرك إدارة بايدن بأجنحتها المختلفة أن الحرب والمرجح أن تتوقف بشكل أو آخر خلال أسابيع معدودة من الآن تحمل فى طياتها اليوم وغدا بعد وصولها إلى خط النهاية الكثير والكثير من التحديات التى تحتاج واشنطن لكى تديرها دعما من الحلفاء بين الدول العربية والإسلامية. اليوم، على سبيل المثال، يتطور تهديد الحوثيين للملاحة الدولية فى البحر الأحمر على نحو يلزم الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات للاحتواء والتأمين. والأفضل للقوة العظمى هنا أن تتعاون فى هذا الصدد مع القوى البحرية العربية ومصر فى مقدمتها وأن لا تندفع إلى أعمال عسكرية انفرادية تزيد من الأضرار التى لحقت بصورتها فى العالم العربى والإسلامى بسبب الانحياز لإسرائيل أو تخاطر بتوسيع النطاق الإقليمى لحرب غزة وهو ما لا يحتمله أحد. تدرك واشنطن حقيقة احتياجها إلى المساندة الفلسطينية والعربية والإسلامية وهى تفكر فى ترتيبات اليوم التالى فى غزة وعموم الأراضى المحتلة. تريد واشنطن أن يدير الفلسطينيون غزة وأن يتم الربط فيما خص شئون الحكم بينها وبين الضفة والقدس، وتريد أيضا العودة إلى إطار تفاوضى يفضى إلى حل نهائى على أساس دولتين إسرائيلية وفلسطينية. وفى السياقين، ستجد واشنطن دعما فلسطينيا وعربيا وإسلاميا شريطة ابتعادها عن سياسات الانحياز الأعمى لإسرائيل وإحداثها لشىء من التوازن فى مواقفها.
وليست تصريحات بايدن الأخيرة سوى دليل على ذلك، شأنها شأن ما رشح عن زيارة مستشار الأمن القومى جيك سوليفان لإسرائيل وفلسطين فى اليومين الماضيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.