تجمع عشرات من الإعلاميين المؤيدين للقضية الفلسطينية، أول أمس الخميس، خارج حفل حرية الصحافة في وسط منطقة مانهاتن بمدينة نيويوركالأمريكية، احتجاجًا على التغطية المنحازة لإسرائيل، وأيضا ما وصفوه بفشل وسائل الإعلام الغربية، وصحيفة نيويورك تايمز على وجه الخصوص، في الدفاع عن سلامة الصحفيين الفلسطينيين وسط الحرب في غزة. وبحسب موقع "بيزنس إنسايدر"، فقد وصل المتظاهرون الذين ارتدوا ملابس رسمية، بشكل جماعي إلى خارج القاعة، بعد الساعة 9:45 مساءً، وهم يهتفون ويوزعون نسخًا من صحيفة وهمية تبدو وكأنها "نيويورك تايمز"، ولكن تم تغيير الاسم ليكون "جرائم الحرب في نيويورك"، "The New York War Crimes" في إشارة لمشاركة الصحيفة مع إسرائيل في جرائم الحرب. ولفت الموقع، إلى أن الهدف من ذلك كان فضح المنظمة التي تقف وراء الحفل، وهي لجنة حماية الصحفيين "CPJ"، لاختيارها ميريديث كوبيت ليفين، الرئيس التنفيذي ورئيس الشركة الأم للصحيفة، كرئيسة لجوائز حرية الصحافة السنوية. ووفقا ل"إنسايدر"، فقد صرح منظم المظاهرة، الصحفي هارون ووكر قائلا، إن المجموعة خصت بالذكر صحيفة نيويورك تايمز جزئيًا لمكانتها المحترمة باعتبارها "الصحيفة الأرشيف"، لكن المحتجون كانوا غاضبين أيضًا من مقال افتتاحية الصحيفة في 3 نوفمبر الجاري، والذي كتبته هيئة تحرير الصحيفة، والتي عارضت وقف إطلاق النار في غزة، مشيرة إلى مخاوف إسرائيلية من أن مثل هذه الخطوة لن تؤدي إلا إلى السماح لحماس بإعادة التسلح وتعزيز مواقفها. وقال ووكر: "لا نريدهم أن يمارسوا عملهم كالمعتاد، أو حتى الاحتفال بأنفسهم كحماة للصحفيين". ويشير الموقع، إلى أن قِوام المحتجين هم رابطة "كتاب ضد الحرب على غزة"، أو WAWOG، والذين نشروا يوم الخميس 26 أكتوبر الماضي رسالة مفتوحة تصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري وتتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة والضفة الغربية، وأعلنوا فيها تضامنهم مع الفلسطينيين وطالبوا وسائل الإعلام بالتوقف عن "تمكين" جيش الاحتلال الإسرائيلي. وكانت مجموعة من الكتاب والمحررين والأكاديميين، قد أسسوا الرابطة على غرار منظمة الكتاب الأمريكيين ضد حرب فيتنام التي تأسست عام 1965، ونشروا بياناً تضامنياً جاء فيه: "إن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي محاولة لارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، هذه الحرب لم تبدأ في 7 أكتوبر.. إن غزة هي أكبر سجن مفتوح في العالم، غالب سكانها من اللاجئين من أحفاد أولئك الذين سرقت أراضيهم في عام 1948، محرومون من حقوق الإنسان الأساسية منذ الحصار في عام 2006، ونحن نشاطر تأكيدات جماعات حقوق الإنسان، والعلماء، وقبل كل شيء، الفلسطينيون العاديون: إسرائيل هي دولة فصل عنصري، مصممة لتمييز المواطنين اليهود على حساب الفلسطينيين". وتابعوا، "نجتمع معًا ككتاب وصحفيين وأكاديميين وفنانين وغيرهم من العاملين في مجال الثقافة للتعبير عن تضامننا مع شعب فلسطين، إننا نقف مع نضالهم، ومع حقهم في مقاومة الاحتلال، إننا نقف بثبات إلى جانب شعب غزة، ضحايا حرب الإبادة الجماعية التي تواصل حكومة الولاياتالمتحدة تمويلها وتسليحها بالمساعدات العسكرية". وأشار الموقع أيضا، إلى أن المحتجين قد رددوا هتافات منها "من النهر إلى البحر، لا جيش إسرائيلي، لا نيويورك تايمز" وأيضا "نيويورك تايمز، أيديكم ملطخة بالدماء". لكن وفقا لإنسايدر، فعندما غادر المحتجون المكان، تجاهلهم معظم الحاضرين، أو قبلوا بهدوء نسخة من الصحيفة الوهمية، إلا أن بعض الحاضرين عبروا عن آرائهم، حيث تمتم رجل الأعمال مايكل جولدن، الذي شغل حتى عام 2016 منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة نيويورك تايمز قائلا: "أتمنى لو كنتم تعرفون ما الذي تتحدثون عنه". وأوضح لمراسل إنسايدر قائلا: إن اتهامات المتظاهرين لا تتوافق مع الصحيفة التي يعرفها، وبينما حثته امرأة ترافقه على التوقف عن الكلام، أضاف، "أعرف كيف تعمل صحيفة نيويورك تايمز، هم لا يعملون". ومع انتهاء المظاهرة قبل الساعة 11 مساءً بقليل، وفقا لإنسايدر بعثر المتظاهرون صورا للصحفيين الذين قتلوا في الحرب على الأرض، وانسحبوا تدريجياً، وخلال الأسابيع الماضية، التي تلت نشر الرسالة لأول مرة، بحسب الموقع، ارتفع عدد الصحفيين الذين قتلوا الحرب من 24 إلى 42، وفقاً لتحليل لجنة حماية الصحفيين، وهو رقم يشمل 37 فلسطينياً، و4 إسرائيليين، ومصور لبناني واحد. وفقا لإنسايدر كان هذا هو الاحتجاج الثاني للرابطة ضد نيويورك تايمز، حيث سبقه الأسبوع الماضي في 9 نوفمبر، تظاهرة كبيرة بقيادة الموقعين على الرسالة المفتوحة في بهو المكتب الرئيسي لنيويورك تايمز في مانهاتن، وزعوا فيها نماذج وهمية بالحجم الطبيعي للصحيفة بعنوان "جرائم نيويورك"، وبدأوا بقراءة أسماء الفلسطينيين الذين استشهدوا في القصف الإسرائيلي على غزة. ووفقا لتقرير لمنظمة "FAIR"، هي منظمة نقد إعلامي مقرها نيويورك، تراقب وسائل الإعلام الإخبارية الأمريكية بحثًا عن التحيز وعدم الدقة والرقابة، فإن نيويورك تايمز تدخلت لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي عندما قصف مخيم جباليا للاجئين، حيث نشرت الصحيفة نهاية أكتوبر الماضي، هذا العنوان على صفحة التحديث الصباحي الخاصة بها: "صور تظهر انفجارًا تسبب في أضرار جسيمة في حي جباليا بغزة". وبحسب المنظمة استمر مقال نيويورك تايمز بالتظاهر بعدم معرفة أي شيء عن "الانفجار" بخلاف ما يمكن رؤيته من الصور، "أظهرت الصور التي تم التقاطها يوم الثلاثاء حفرة كبيرة واحدة على الأقل وأضرارًا كبيرة في المباني في حي جباليا، إن استخدام كلمة "الحي" شوه كل جانب من جوانب المنطقة المستهدفة: حجمها وكثافتها وأهميتها ودرجة الضرر". وذهب المقال إلى أبعد من ذلك ليؤكد أن "الانفجار" كان غامضًا لدرجة أنه يتطلب تأكيدًا بصريًا للتحقق: "لم تكن هناك حفرة في منطقة الانفجار يوم الاثنين، وفقًا لصورة الأقمار الصناعية للمخيم من قبل شركة بلانيت لابس الخاصة"، كانت الجملة سخيفة جدًا في سياقها لدرجة أنها كانت بمثابة عرض منتج مروع لشركة المراقبة. وتشير المنظمة إلى أن الاستعارات والمجازات المؤيدة للإبادة الجماعية التي استخدمتها نيويورك تايمز في تقاريرها خلال الأسابيع الماضية أصبحت معروفة، فهناك تشويه مألوف لمصداقية وزارة الصحة في غزة. حيث قالت الصحيفة، إنها "تخضع لسيطرة حماس" قبل الإشارة إلى معلوماتها، وأن "الضرر كان نتيجة لهجوم شنته إسرائيل وأدى إلى مقتل وجرح (مئات) الأشخاص"، وتواصل التايمز إثارة المزيد من الشكوك من خلال ادعائها أن المعلومات "لا يمكن التحقق منها على الفور"، مبررة ذلك على ما يبدو بالقول "قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه يبحث في التقارير". وتشير "فير"، إلى أن استخدام الصحيفة لصور وكالات الأنباء سمح بالتقليل من فظائع ما كان يحدث على الأرض، حيث توقعت الصحيفة أن يعتقد قراءها أن الجريدة الكبرى ومصدر المعلومات البارز لم يكن لديهما علم بالمشهد، وكان عليهما الاعتماد على صور وكالات الأنباء قائلة: وأظهرت صورة لاحقة نشرتها رويترز سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر في أحد الشوارع وأكثر من 30 ملاءة بيضاء ملفوفة حول "ما يبدو" أنها جثث ملقاة على الأرض. وفي سياق نقدها للصحيفة الكبرى، تقول منظمة "فير"، إن وسائل الإعلام المستقلة، التي لا تتمتع بميزانيات وموارد صحيفة نيويورك تايمز الثرية المرموقة، ولكنها أقل استثمارًا في الإبادة الجماعية الإسرائيلية، نقلت تقاريرها من مسرح مذبحة جباليا، مستشهدة بردود فعل إنسانية، وليس نقاط حوار. وفي السياق ذاته، قررت صحيفة لوس أنجلوس تايمز منع موظفيها الذين وقعوا على رسالة شديدة اللهجة، تدين قصف واجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، من تغطية الحرب في المنطقة لمدة 3 أشهر على الأقل. وبحسب موقع سيمافور، دعت الرسالة التي نُشرت في وقت سابق من هذا الشهر ووقعها أكثر من 1000 صحفي، غرف الأخبار إلى استخدام لغة تشمل "الفصل العنصري" و"التطهير العرقي" و"الإبادة الجماعية" عند الإشارة إلى القصف الإسرائيلي لغزة، وإلى إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، كما عبرت أيضا عن انتقادات شديدة للمؤسسات الإخبارية الرئيسية التي وصفتها بالخجل الشديد في تغطيتها للحرب، وأن بعضها "ترددت في نشر أي اقتباسات عن الخبراء في الإبادة الجماعية أو وصف التهديد الوجودي الذي يتكشف في غزة بدقة"، وأن قادة غرف الأخبار في كثير من الأحيان "يقوضون وجهات النظر الفلسطينية والعربية والإسلامية، ويرفضونها باعتبارها غير موثوقة، ويستشهدون بلغة تحريضية تعزز الكليشيهات المعادية للإسلام والعنصرية".