مباشر من عرفات.. الحجاج المصريون بخير وفى انتظار النفرة للمزدلفة.. فيديو    خطأ شائع عند شوي اللحوم على الفحم.. يسبب السرطان    بايدن يهنئ رامافوسا على الولاية الثانية لرئاسة جنوب أفريقيا    يورو 2024.. تشاكا أفضل لاعب فى مباراة سويسرا والمجر    اعرف موعد صلاة العيد 2024 في المغرب وساحات المساجد المختلفة    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    محمد صلاح يجتفل اليوم بعيد ميلاده .. تعرف على محطات الملك المصرى من البداية للنهاية    في ثالث مراحل تنقلاتهم داخل المشاعر.. الحُجاج يتأهبون للنفرة من عرفات إلى مزدلفة    ما هي قصة رمي الجمرات بين سيدنا إبراهيم والشيطان؟    طقس مطروح معتدل على الشواطئ مع أجواء صافية والحرارة العظمى 32 درجة.. فيديو    كريم عبد العزيز وأحمد فهمي وفيدرا ورزان مغربى أبرز ضيوف شرف ولاد رزق 3    فصائل فلسطينية: إسقاط مسيرة إسرائيلية خلال تنفيذها مهام استخباراتية بخان يونس    شاهد محمد رمضان يطرح أغنيته الجديدة «مافيش كده» (فيديو)    موعد أذان المغرب يوم عرفة 2024    ما حكم صيام يوم العيد؟.. احذر هذا الفعل    بمناسبة عيد الأضحى.. مستشفيات جامعة القاهرة تعلن حالة الطوارىء    حياة كريمة في أسوان.. قافلة طبية تقدم خدماتها ل821 مواطنا بقرية الإيمان    9 خطوات لتبريد المنزل بدون تكييف في الموجة الحارة    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    «الرصيف العائم» ينفصل عن الشاطئ للمرة الثانية!    وفد الكنيسة الكاثوليكية بشرم الشيخ يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    وزير الرياضة: فتح مراكز الشباب بالمجان أمام المواطنين خلال العيد    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    الغرف العربية: 3 تريليونات دولار مساهمة القطاع الخاص العربي في الناتج المحلي الإجمالي    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    ما أفضل وقت لاستجابة الدعاء في يوم عرفة؟.. «الإفتاء» تحددها    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهبة الفلسطينية.. كشف حساب
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 10 - 2023

يقول الراضون عنها من خارج فلسطين إنها جاءت نتيجة استفزاز طويل من جانب هجمات المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين والتوسع الاستيطانى فى الضفة الغربية وفى القدس وسياسات اليمين المتطرف الشريك فى الحكومة والمواقف المتخاذلة للحكومة فى رام الله ونتيجة عرض نتنياهو فى الأمم المتحدة لخريطة تظهر إسرائيل محتلة كل فلسطين التاريخية والجولان ولم تعترض دولة غربية واحدة وبخاصة الولايات المتحدة على هذا التحدى الصارخ للأمم المتحدة بينما تصر على كونها حامية قواعد العمل الدولى. يقول الغاضبون إنها جاءت نتيجة تدريب طويل لقوات حماس وتحميس من جانب إيران ودعم مستمر وإن مستتر من جانب دول عربية ونتيجة تعمق الخلافات داخل مراتب وفصائل المقاومة الفلسطينية. يقول مراقبون إن الهبة الحماسية الأخيرة حلقة فى سلسلة هبات تحمل جميعها سمات غزاوية بامتياز ومتأثرة بالتطورات فى الكيان الفلسطينى الأكبر، ولكن جاءت هذه الهبة الأخيرة متأثرة أكثر من الهبات السابقة بالتطورات الهامة التى جرت فى إقليم الشرق الأوسط وإسرائيل بشكل خاص وفى العالم الخارجى بشكل عام. جاءت أيضا متفاعلة بشدة مع حال احتقان قومى على مستوى النظام العربى ككل وحال نهوض سياسى متعثر على مستوى ما صار يعرف بعالم الجنوب. لن أستطيع فى هذه الساعات المبكرة وأمامى على الشاشة صور لإحدى آخر محارق العصر، محرقة بأيدى أحفاد من نجوا من محارق هتلر، لن أستطيع فى مساحتى الراهنة إلا أن ألم بأقل القليل من الملاحظات.
• • •
كان المنظر السياسى لرد فعل أمريكا والاتحاد الأوروبى دافعا للشفقة. ليس هكذا يجب أن تدار الأزمات الساخنة. سواء صدرت ردود الفعل من الرئيس الأمريكى بلسانه أو من موظفيه على وزن السيدين بلينكين وسوليفان والتى صدرت على الناحية الأخرى من الأطلسى من السيدة أورسولا صاحبة الوزن الخفيف جدا فى معظم المهام التى كلفت بتنفيذها، فقد جاءت جميعها تعبر بكل الصدق عن سبب من أهم أسباب «وكسة» الغرب الراهنة. حاملة طائرات أمريكية تتحرك فى اتجاه الشرق الأوسط لترهيب الفلسطينيين بينما لم يصدر عتاب أمريكى لخطاب نتنياهو فى الجمعية العامة أو لموقف حكومته من عمليات القتل العمد لفلسطينيين على أيدى مستوطنين ولم يصدر عن واشنطن أو بروكسل ما يمكن أن يردع إسرائيل عن بناء مستوطنات وهدم منازل فلسطينيين.
• • •
كنا، فى هذا الجزء من العالم، نأمل فى أن تفتح الهبة الفلسطينية عيون وعقول السياسيين فى الغرب على حقيقة أن استمرار انحدار الغرب صار يكلف العالم غاليا. أوكرانيا تدفع هذه الأيام ولأيام كثيرة قادمة جانبا من هذا الثمن. بل سمعت ورأيت سياسيا كبيرا جدا فى حكومة الهند يجرب حظ بلاده باللعب مع الغرب والإعلام الصهيونى على مصائر شعب فى الشرق الأوسط متجاهلا أبجديات الإقليم أو جاهلا بها. لم نكد نتفاءل خيرا بتوسع مجموعة البريكس وباحتمالات العودة لممارسة دبلوماسية جنوبية جديدة تستعيد للشعوب استقلال إرادتها وتحررها من هيمنة العقلية الاستعمارية الانجلو فونية والفرانكوفونية على حد سواء إلا ووجدنا بعض ساسة الهند يقررون الانصياع نحو تنفيذ ما أملته واشنطن على عديد الدول فى العالم للتعامل مع هذا التطور الجديد فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
• • •
نعرف، والعالم يعرف، أن ثلث حكومات العرب متوقفة أو موقوفة عن العمل. نعرف، والعالم يعرف، أن الجامعة العربية بهذا المعنى ومعانٍ أخرى تعمل بأقل من نصف طاقتها وبأقل من ربع إرادتها. نعرف أيضا، ويعرف حكام إسرائيل الجدد والقدامى على حد سواء أن العربى العادى فى كل بيت وشارع غاضب أشد الغضب، وليس هناك من أو ما يمكنه أن يمتص هذا الغضب أو يخفف من وقعه على سلوك هذا العربى أو غيره فى الأيام والشهور والسنوات المقبلة.
• • •
سمعت من حكيم غربى قوله، «غدا أو بعد غد وقد برد غضب نتنياهو وعصابته وهدأت شهوتهم للقتل والإبادة تحت تأثير الإجماع الغربى ضد الفلسطينيين، لماذا لا نبدأ بجمع الطرفين على مائدة «سلام أبدى»؟. لن تمانع حكومات العرب أو على الأقل الموجود منها». سمعت حكيما آخر يرد عليه بالقول، «كيف توصلت إلى قناعة تقضى بأن كلا من تركيا وإيران لن تحاول لتملأ فراغا أخلته توازنات قوة جديدة فى الإقليم».
• • •
سمعت ثالثا ادعى الحكمة بواقعية هادئة، سمعته ينصح بأن «لا تتعجلوا.. فحملة الانتخابات الأمريكية لم تبدأ فعليا وسوف تزداد بالتأكيد حاجة بايدن وفلوله فى الحزب الديمقراطى إلى أصوات اليهود وتمويلات الجمعيات الصهيونية، فليستمر القتل المتبادل ليستمر معه الطلب الإسرائيلى على الدعم المعنوى والمادى نقدا وسلاحا من أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى وتطبيعا أشمل وأعمق مع نظام عربى أو شرق أوسطى جديد».
• • •
قرأت لرابع تحليلا يحمل الزعم بالفهم الواثق للعقل السياسى المهيمن هذه الأيام على تفكير صانع السياسة فى واشنطن وما وراءها من مؤسسات أعمق. يفترض التحليل أن أزمة غزة الأخيرة كانت الفرصة الثمينة أمام حكومة بايدن لاستعادة لم شمل حلفاء الغرب. حليف بعد الآخر يعترض على نصيبه فى دعم الحرب الأوكرانية، حليف آخر ينتخب حكومة ضد الحرب أو أقرب للتحالف مع روسيا، حليف ثالث أو رابع يدعى حقا فى قيادة فصيل من الحلفاء غير المطمئنين لقيادة الرئيس بايدن لحلف الأطلسى وغير الواثقين فى الوقت نفسه من «صحة» قلب السياسة الأمريكية، فالقيادة السياسية للحزبين فى واشنطن مفككة ومتخاصمة وبدائل المستقبل لا توحى بالثقة والاطمئنان. أضف إلى ما سبق حقيقة أن «المسألة الغربية» تزداد تعقيدا مع مرور الوقت ومع كل انحدار، أو سمه تدهورا، فى حال النظام السياسى للمملكة المتحدة، الحليف «المرجع» لواشنطن.
• • •
مرة أخرى يخرج من يلقى باللوم على روسيا. روسيا مسئولة عن الصراعات الدائرة، أو كانت دائرة، فى القوقاز بين الآذريين والأرمن وفى البلقان بين كوسوفو وصربيا وفى أفريقيا بين شعوبها وفرنسا والآن فى الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين. سخف حتى وإن صدر حقا عن هنرى كيسنجر.
• • •
نسأل مع السائلين، «من، وماذا، يمكن أن يروى ظمأ بنيامين نتنياهو الشخصى إلى الانتقام من كل الذين فى الداخل الإسرائيلى والخارج الفلسطينى والشرق أوسطى تسببوا بشكل مباشر أو غير مباشر فى إشعال هذه الهبة الغزاوية أو طوروها أو استفادوا منها؟». القضية بالفعل هى الآن فى أحد جوانبها على الأقل قضية شخصية. هذا الرجل لن يتح له مرة أخرى هذا الدعم الغربى الكبير لشخصه المكروه غالبا فى معظم عواصم الغرب وفى بعض دوائر اليهود الأمريكيين، ومكروه بالتأكيد داخل إسرائيل من جانب التيارات الديمقراطية والعلمانية والإصلاحية كما أوضحت أزمة إصلاح قانون الحكم والقضاء. مكروه الرجل وأعوانه المقربون داخل عواصم عربية عديدة، مكرهون بسبب عنصريتهم وتعاليهم المتعمد على السياسيين العرب. مكروه بخاصة ومكروهة علاقته الوثيقة بوزير الدفاع الذى دأب على وصف خصوم إسرائيل فى صفوف المقاومة الفلسطينية، والعربية عموما، بالحيوانات المتوحشة.
• • •
هناك، على الناحية الأخرى، أفرز الانتقام الإسرائيلى دمارا غير متناسب بالمرة مع ما تسببت فيه الهبة الغزاوية من خسائر فى الأرواح والممتلكات الإسرائيلية. عشرات الألوف من الفلسطينيين، وأكثرهم من أبناء وأحفاد النكبة الأولى، يجدون أنفسهم لاجئين ونازحين وأمامه مساكنهم ينبعث من ركامها الدخان مختلطا بالتراب. سوف يكتمون فى صدورهم الأسى والغضب ليوم أو شهر أو عقد أو حتى لقرن ويعودون.
• • •
المحرقة الأولى، على بؤسها، تتوالد على أيدى ضحاياها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.