تخطى عدد بطاقات التهنئة بعودة الرئيس حسنى مبارك من رحلة علاجية بألمانيا 300 ألف بطاقة داخل موقع الحزب الوطنى الإلكترونى فى مدة لم تتجاوز 5 أيام، وهو ما يمثل التجاوب الأكبر من نوعه فى تاريخ المشاركات التى يطرحها موقع الحزب على زواره، رغم تكرار بعض البطاقات عشرات المرات بأسماء مختلفة. من أكثر البرقيات تكرارا «ربنا يحميك، ويوفقك لكل خير لصالح بلدنا وأمتنا، أنا حلمت بيك، وحضرتك تؤدى عمرة وترتدى زى الإحرام، وكانت خلفك الكعبة، بحبك يا ريس». ظهور مبارك فى أحلام ورؤى المشاركين من أعضاء الحزب تكرر، وهو ما يعبر عنه رسالة أحدهم التى يقول فيها: «والله رأيت فى المنام وهى رؤية صادقة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمسك بكتف الرئيس حسنى مبارك اليمنى، وطبطب عليه، والله على ما أقول شهيد، ربنا يخليك لينا يا ريس». وفى العديد من نصوص البرقيات الموقعة بأسماء مختلفة تكررت برقية «بالأصالة عن نفسى وبالإنابة عن أعضاء الحزب الوطنى.. بأسمى آيات التهنئة على عودتكم سالما معافى إلى أرض الوطن». بعض المواطنين والأعضاء فى الحزب الوطنى وجدوا فى نافذة المشاركات التى فتحها موقع الحزب فرصة جيدة لإرسال بطاقة التهنئة بعودة مبارك، خاصة بعد أن أصدر الأخير تعليمات مشددة بعدم نشر أى تهانٍ فى الصحف ووسائل الإعلام المختلفة بمناسبة عودته إلى أرض الوطن. غالبية البطاقات حملت توقيع أعضاء فى أمانات الحزب الوطنى فى مختلف محافظات مصر، وحرص أيضا عدد من نواب الوطنى بمجلسى الشعب والشورى على كتابة عبارات التهانى لمبارك، والبعض وصف رجوعه لمصر «بإعادة الروح فى الجسد»، و«عودة النبض للقلب بانتظام» . ونقل زوار الموقع أبياتا من الشعر «صفيت العسل لقيتك أصفى منه، ووزنت الذهب لقيتك أغلى منه، وزرعت الورد لقيتك أحلى منه، وسألت قلبى عنك لقيتك حتة منه». وهذه الأبيات طالما تناقلها الشباب فى رسائل التهنئة بالأعياد المختلفة فى مصر. واستحضر الزوار أيضا عبارات نمطية من بينها «مبروك يا بطل أكتوبر، مبروك يا صاحب الضربة الجوية». د.محمد المهدى الخبير الاجتماعى والنفسى لا يعتقد أن هناك فعلا ما يزيد على 300 ألف من «المتحمسين بهذا الشكل لإرسال برقيات تهنئة، كما أن الصفة الغالبة على الشباب الذى يستخدم الإنترنت هو الرغبة فى التغيير والتمرد على الوضع الحالى، بدليل وصول عدد المشاركين فى مجموعة البرادعى إلى نحو 220 ألف شخص». بشكل عام، يستدرك المهدى، «توجد طبيعة فى هذا الشعب وهى أنه يبحث عن أب يحتمى به ويجعله فى مرتبة الآلة، مهما كانت مواصفاته، ويريد أن يكون موجودا ليحميه ويشعر فى كنفه بأمان، ويضفى عليه صفات وقدرات ربما لا تكون موجودة فيه، دون أن يسأل ماذا يفعل هذا الأب، أو يفكر فى محاسبته». هذه العقلية فى رأى الخبير النفسى تحول دون الرؤية النقدية للشخص الحاكم، من حيث أخطائه وبرامجه، «ما يبقى هو التقديس العاطفى الانفعالى، لكى لا يشعر المواطن بمسئولية أو يلقى بالمسئولية الكاملة على كتفيه، وهذا ما حدث فى التاريخ الفرعونى، أن الحاكم يؤله». ورأى المهدى أن ظهور مبارك فى أحلام المواطنين كما تكشف برقياتهم يعود إلى «أننا شعب متدين بطبيعته، ونتعمد إلى إضفاء لمسة دينية على الحاكم لتزيد من تقديسنا له، وربما تكون محاولة لإضفاء قداسة دينية على شخص الرئيس ربما يفتح القلوب التى لديها قابلية لحب ما هو دينى أو متصل بالدين».