البيئة: زراعة ما يقرب من 14 ألف شجرة مثمرة وزينة    أسعار الكتاكيت اليوم الجمعة 14-6-2024 في البورصة    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    جيش الاحتلال يعترف بإصابة جندي جراء تعرضه للدهس غرب رام الله    مدرب المجر يرشح هذا الثنائي للتأهل إلى ثُمن النهائي    السعودية تخصص مركزا للوقاية من ضربات الشمس والإجهاد الحراري (فيديو)    يوم التروية.. أول محطات مناسك الحج ومجمع لأفئدة الحجاج    جامعة بني سويف تحقق إنجازا عالميا جديدا    واشنطن تعتزم فرض عقوبات على جماعة إسرائيلية هاجمت قوافل مساعدات غزة    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل    جيش السودان: مقتل أحد قادة "الدعم السريع" في معركة "الفاشر"    طيبة التكنولوجية تُشارك في ورشة عمل لتعزيز قدرات وحدات مناهضة العنف ضد المرأة    رسميًا.. نجم منتخب المغرب ينتقل إلى الدوري الإنجليزي    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    أول صورة للضحية.. حبس المتهمة بقتل ابن زوجها في القناطر الخيرية    فرقة الإسماعيلية للآلات الشعبية تتألق بمركز شباب الشيخ زايد    أبرزهم السقا.. نجوم ظهروا ضيوف شرف في أفلام عيد الأضحى    برامج وحفلات وأفلام ومسرحيات.. خريطة سهرات عيد الأضحى على «الفضائيات» (تقرير)    وزارة العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني للمتدربين من شباب دمياط على مهن الحاسب الآلي والتفصيل والخياطة    الفيلم الوثائقي "أيام الله الحج": بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    صيام عرفة سنة مؤكدة ويكفر ذنوب عامين.. المفتي: من لا يملك ثمن الأضحية فلا وزر عليه    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    السعودية تستقبل ألف حاج من ذوي الجرحى والمصابين في غزة    علي صبحي يكشف كواليس تحضيره لشخصية الكردي ب«ولاد رزق 3» (فيديو)    لبنان يدين الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب البلاد    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    الأمين العام لحلف الناتو: توصلنا لخطة كاملة لدعم أوكرانيا تمهيدا لقرارات أخرى سيتم اتخاذها في قمة واشنطن    القاهرة الإخبارية: مستشفيات غزة تعانى نقصًا حادًا فى وحدات الدم    طرق مختلفة للاستمتاع بعيد الأضحى.. «أفكار مميزة للاحتفال مع أطفالك»    بجمال وسحر شواطئها.. مطروح تستعد لاستقبال ضيوفها في عيد الأضحى    حج 2024| النقل السعودية تطلق مبادرة «انسياب» لقياس حركة مرور حافلات الحجاج    تردد قناة الحج السعودية 2024.. بث مباشر للمناسك لمعايشة الأجواء    "الأوقاف": إمام مسجد السيدة زينب خطيبا لعيد الأضحى    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    الفرق يتجاوز 30 دقيقة.. تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى في محافظات مصر    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    لجنة الاستثمار بغرفة القاهرة تعقد أولي اجتماعاتها لمناقشة خطة العمل    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    القبض على 8 أشخاص فى أمريكا على علاقة بداعش يثير مخاوف تجدد الهجمات الإرهابية    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكاءه في مباراة بيراميدز وسموحة    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    محافظ شمال سيناء يعتمد درجات تنسيق القبول بالثانوي العام    يورو 2024| عواجيز بطولة الأمم الأوروبية.. «بيبي» 41 عامًا ينفرد بالصدارة    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى المعارضة المصرية: هذا هو حالكم وتلك هي مهمتكم العاجلة
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 04 - 2010

عند الحديث عن الخريطة السياسية المعارضة فى مصر كما هى اليوم، ليس هناك من شكوك كثيرة حول ملامحها وقواها الرئيسية وإن كانت هناك اختلافات حقيقية حول أحجام وأوزان هذه القوى فى المجتمع.
فهناك أولا جماعة الإخوان المسلمين ثم الأحزاب السياسية الشرعية الرئيسية الأربعة وبعدهما الجماعات المحجوبة عن الشرعية من ناصرية ويسارية وإسلامية ثم المستقلون بكل ألوانهم السياسية والأيديولوجية وبعدهم الحركات الاحتجاجية التى تشكل معظمها من هؤلاء المستقلين والمتمردين على الأحزاب الشرعية وأخيرا ظهرت جمعية الدكتور محمد البرادعى التى تضم أطيافا وممثلين عن كل هؤلاء.
ويبدو واضحا من تأمل تطور المشهد السياسى المصرى المعارض خلال العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل أن هناك خصائص وملامح رئيسية قد استقرت له وأن بعضها قد بات يمثل عقبات حقيقية أمام تطور حالة المعارضة المصرية إلى الآفاق التى تمكنها من أن تصبح رقما حاسما فى التطور السياسى للبلاد.
وأولى هذه الخصائص والملامح هو الثبات النسبى لحالة الأحزاب المصرية الشرعية، فعلى الرغم من وصول عددها إلى أربعة وعشرين حزبا فقد ظلت الأساسية والحقيقية منها هى نفسها وتشمل أحزاب الوفد والتجمع والناصرى مع إضافة حزب جديد وهو الجبهة الديمقراطية واختفاء آخر رئيسى بإيقاف لجنة الأحزاب له وهو حزب العمل وتفكك حزبين آخرين هما حزب الأحرار وحزب الغد بجهود نفس اللجنة ومعها جهود قياداتهما المتصارعة. وقد بدا واضحا من خلال مؤشرات المشاركة والنجاح فى الانتخابات العامة وفى مقدمتها البرلمانية أو عدد العضوية أو توزيع الصحف أو المشاركة فى الأحداث السياسية الكبرى أن حكما نهائيا بالإعدام قد أصدره المجتمع المصرى على بقية الأحزاب المنسوبة للمعارضة وأنها ستظل دون أى تطور أو تأثير يذكر فى الخلفية البعيدة الباهتة للمشهد السياسى المصرى.
ولا تعنى هذه النتيجة البسيطة الواضحة أن الأحزاب التى نسميها بالرئيسية فى المعارضة المصرية بحالة جيدة سواء على صعيدها الداخلى أو فى أدائها السياسى، فهى تعانى من خلافات واختناقات داخلية هائلة كما يتعرض وجودها السياسى فى البرلمان لتآكل متواصل خلال انتخابات مجلس الشعب التى جرت فى عهد الرئيس حسنى مبارك.
ففى الانتخابات الأولى عام 1984 حصل حزب الوفد وحده على 50 مقعدا ومعهم 7 من الإخوان المسلمين فى التحالف الذى ضمهما حينذاك، بينما وصل عدد ممثلى الأحزاب فى انتخابات 1987 إلى 59 عضوا منهم 36 للوفد و16 للعمل و7 للأحرار غير 37 من الإخوان فى «التحالف الإسلامى» الذى ضمهم مع الحزبين الأخيرين، وانهار عدد ممثلى الأحزاب المعارضة بعد ذلك تدريجيا ليصل فى انتخابات 1995 إلى 13 عضوا لهم جميعا ثم إلى 16 عضوا فى انتخابات 2000 وأخيرا إلى 10 فى انتخابات 2005 التى يتشكل منها مجلس الشعب الحالى. ومع كل هذا التآكل السياسى والشعبى والبرلمانى للأحزاب المعارضة الرئيسية، فهى تظل فى السياق المقارن مع بقية الأحزاب المنسوبة للمعارضة الأربعة والعشرين أفضل حالا بكثير وأكثر أملا فى التطور والتغير.
وغير بعيد عن المشهد الحزبى المعارض تظهر القوى السياسية الأخرى شبه الحزبية والمحجوبة عن الشرعية القانونية، بحسب مصطلح صديقنا الأستاذ نبيل عبدالفتاح، والتى تتمثل فى بعض مشروعات الأحزاب تحت التأسيس وفى مقدمتها حزبا الكرامة الناصرى والوسط ذو الخلفية الإسلامية كما تتمثل فى عدد من الجماعات والتجمعات اليسارية ذات الرؤى المتباينة حول عديد من القضايا.
وقد اتسمت هذه القوى المحجوبة خلال السنوات الأخيرة بثبات نسبى فى تشكيلاتها الداخلية وملامحها الفكرية والسياسية مع تطور طفيف فى عدد أعضائها والمنتمين إليها، بالإضافة إلى قيامها بأنشطة مميزة على الساحة السياسية أدت بأحدها، وهو حزب الكرامة، إلى الحصول على مقعدين فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة وهو ما لم يوفق فيه الحزب الناصرى الأقدم وذو الشرعية القانونية وحصل على نفس العدد حزب التجمع الذى يعد واحدا من أقدم ثلاثة أحزاب مصرية فى التجربة الحزبية الحالية. ومن رحم التمرد على تراجع وإخفاق الأحزاب الرئيسية المعارضة وفى مواجهة الهيمنة المتزايدة للحزب الوطنى الحاكم على جميع مقدرات البلاد ولدت الحركات السياسية الاحتجاجية المختلفة بدءا بحركة كفاية منذ عام 2004، لتضيف زخما غير مسبوق فى المشهد المصرى خلال العامين التاليين ثم تبدأ هى الأخرى فى التراجع والتآكل سواء على الصعيد الداخلى أو فى أدائها السياسى.
وبالطبع فإن وجود جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب القوى السابقة كلها كان دوما معلما رئيسيا للحياة السياسية المصرية فى عهد الرئيس مبارك، حيث صعد الوجود السياسى والبرلمانى للجماعة بصورة غير مسبوقة ربما طوال تاريخها الطويل ذى الثمانين عاما. فقد تصاعد عدد أعضاء مجلس الشعب منهم من 8 فقط عام 1984 إلى 37 عام 1987 إلى 17 عام 2000 إلى 88 عام 2005، كما تصاعد الأداء السياسى للجماعة فى بقية مجالات الحياة السياسية والنقابية والأهلية المصرية بصورة غير مسبوقة. ومع ذلك فقد ظلت الجماعة تعانى من ضغوط حكومية وأمنية هائلة خصوصا خلال الأعوام الخمسة عشر الأخيرة ومن تفاقم ملحوظ لخلافاتها الداخلية حول قضايا فكرية وسياسية عديدة فى مقدمتها الدخول إلى ساحة الشرعية القانونية بحزب سياسى.
فى هذا السياق، بدأت للمرة الأولى تظهر بكثافة التجمعات الجبهوية الأوسع من القوى السابقة كلها والتى راحت منذ عام 2005 تطرح على نفسها مهام التغيير الرئيسية التى بلورتها قبلها الأحزاب السياسية والقوى المحجوبة وجماعة الإخوان المسلمين وحركات الاحتجاج السياسية. وقد بدا واضحا أن السعى لتشكيل تلك التجمعات قد نتج عن عوامل ثلاثة رئيسية: الأول هو إدراك متزايد بداخل صفوف مختلف الحركات السابقة بعدم قدرة كل منها بمفرده على إنجاز مهمة التغيير المطروحة عليها جميعا، والثانى استفحال هيمنة الحزب الوطنى الحاكم بما يستلزم تشكيل قوة أكبر لمواجهته، والثالث اشتراكها جميعا فى نفس الرؤى والمطالب الرئيسية خصوصا المتعلقة بالتغيير والإصلاح السياسى. وعلى الرغم من تلك العوامل المحفزة على نجاح التجمعات الجبهوية التى تشكلت منذ عام 2005، فإنها فشلت جميعها فى القيام بالحد الأدنى الحركى المطلوب منها، ونجاحها فى نفس الوقت فى بلورة برامجها ومطالبها الإصلاحية على الصعيد السياسى إلى حد التطابق فى كثير من الأحيان.
وربما كنتيجة مباشرة لهذا الفشل الحركى سواء للتجمعات الجبهوية السابقة وللإخفاقات الداخلية والخارجية التى حاقت ببقية القوى والحركات السياسية وخصوصا الأحزاب الشرعية والحركات الاحتجاجية وللأوضاع الداخلية المضطربة التى باتت تمر بها جماعة الإخوان المسلمين مع تزايد الضغوط الحكومية والأمنية عليها، فقد ظهر الدكتور محمد البرادعى ومعه «الجمعية الوطنية للتغيير» التى باتت تضم ممثلين عن كل هؤلاء وتحمل نفس البرامج والمطالب الإصلاحية التى لم يتوقفوا عن إعلانها والإلحاح عليها لسنوات طويلة.
إلا أن كل هذه المشتركات بين الجمعية أعضاء وبرنامج ومطالب وبين بقية الحركات والأحزاب والقوى السياسية فى مصر لم يدفعهم جميعا إلى التصرف حتى اللحظة بقدر أكبر من المسئولية بما يتناسب من ناحية معها ومن ناحية أخرى مع ثقل مهمة التغيير والإصلاح المطلوب إنجازها مع حلول موعدها المؤكد خلال عامى الانتخابات الحالى والمقبل. بل أكثر من ذلك، فإن حالة من التراشق بالاتهامات وبالشكوك راحت تهيمن على علاقة الجمعية الوليدة بالأطراف الأخرى، فى ممارسة بدت تحمل ملامح «مراهقة سياسية» مبكرة بالنسبة للبعض منهم ومتأخرة للبعض الآخر، ولا تحمل كلتاهما أية مبررات يمكن الدفاع عنها أمام عموم المصريين المتشوقين للتغيير والإصلاح.
ومع ذلك فإن بعض المؤشرات التى ظهرت مؤخرا تعطى بعضا من الأمل مثل سعى جماعة الإخوان للحوار المباشر مع أحزاب المعارضة الرئيسية وإعلان الدكتور البرادعى عن نيته للسير فى نفس الطريق، إلا أن هذه الخطوات تبدو بطيئة وحذرة وغير متناسبة مع الوقت السريع الذى يمضى قبل انتهاء الدورة البرلمانية وحلول الاستحقاقات الانتخابية والسياسية الكبرى فى البلاد. ولذلك فإن قدرا أكبر من المبادرة وتحمل المسئولية الوطنية فى الإصلاح والتغيير يبدو مطلوبا اليوم وبصورة سريعة من جميع مكونات الحالة السياسية المعارضة فى مصر، على أن يتخذ صورة مقترحات إجرائية محددة تتم صياغتها بما يراعى حساسياتهم جميعا ويضمن مشاركتهم فى هياكل تنظيمية مشتركة تحمل نفس البرامج والمطالب الإصلاحية.
وفى هذا الإطار فإن الدعوة لمؤتمر عام موحد للمعارضة المصرية يعقد بمقر أو رعاية أحد الأحزاب المعارضة الرئيسية لإعلان وثيقة موحدة للإصلاح والتغيير الديمقراطى مع اتخاذ موقف موحد فى حالة عدم قبولها من جانب الحزب الحاكم، يبدو هو الموقف الأكثر ضرورة اليوم وبدون أى تأخير.
إن أحدا فى مصر لن يسامح قادة وزعماء الأحزاب والقوى والحركات السياسية المعارضة الحالية فى البلاد إذا ما فوتوا الفرصة التاريخية التى نمر بها اليوم خلال عامى الانتخابات الحاسمين ولم يتجهوا معا لتشكيل قوة ضغط كبيرة على الحزب الحاكم المنفرد بالهيمنة على كل شئون البلاد والعباد لانتزاع أكبر قدر ممكن من حقوق المصريين المهدرة منذ زمن بعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.