جهز ورقك.. موعد التقديم ل مسابقة تعيين 18 ألف معلم 2024 (الرابط والخطوات والشروط)    «أوقاف الإسكندرية» تعقد 63 مقرأة قرآنية للجمهور عقب صلاة الجمعة بالمساجد (صور)    أقباط الأقصر يتوافدون على الكنائس لأداء صلوات الجمعة العظيمة.. صور    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    محافظ الإسكندرية يهنئ قداسة البابا تواضروس الثاني والإخوة الأقباط بعيد القيامة المجيد    بالصور.. سوق أسماك بورسعيد كامل العدد بعطلة نهاية الأسبوع    ارتفاع توريد القمح بالشرقية ل373 ألفا و369 طنا    أسعار الألبان ومنتجاتها في الأسواق اليوم.. اعرف ثمن كيلو الجبنة البيضاء    «أسيوط» تشارك في ورشة عمل لميسري بطاقة تقييم الخدمات بمشروع مياه الشرب    إزالة 29 حالة تعد على الزراعات وأملاك الدولة بالمرحلة الثالثة من الموجة 22 بالشرقية    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    عضو «الاتحاد الدولي للصحافة»: 140 شهيدا من الصحفيين في غزة    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    نائب وزير خارجية إستونيا فى حوار ل «المصري اليوم»: نتفق مع مصر فى حل الدولتين للقضية الفلسطينية    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    عاجل.. صدمة كبيرة لجماهير الترجي قبل مواجهة الأهلي في نهائي الأبطال    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    أنشيلوتي يحسم مصير ناتشو مع ريال مدريد    تعرف على التحويلات المرورية البديلة بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر (تفاصيل)    صحة الإسماعيلية تحرر 59 محضر مخالفات تزامنًا مع الاحتفالات بعيد الربيع    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    أجمل عبارات تهنئة شم النسيم 2024    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    فريدة سيف النصر: مش بهتم بحضور المهرجانات.. وعندي تكريمات حطاهم في المطبخ    مواعيد وقنوات عرض فيلم الحب بتفاصيله لأول مرة على الشاشة الصغيرة    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة.. فيديو    كيفية تحديد وقت إجابة الدعاء يوم الجمعة؟... دار الإفتاء توضح الآراء    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    بالأسماء.. تعرف على الكتب الأكثر إقبالا بجناح مركز أبو ظبى للغة العربية    إيرادات السينما أمس.. السرب يتفوق على شقو    التضامن تكرم كارولين عزمي بعد تألقها في «حق عرب»    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    حماة الوطن: تأسيس اتحاد القبائل العربية وتدشين مدينة السيسي خطوتان للأمام    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    «التعليم» تحدد مواصفات امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2024.. تفاصيل    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة خلال أبريل الماضي    تعاون «مصري- يوناني» النسخة الجديدة مبادرة «إحياء الجذور – نوستوس»    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    متسابقون من 13 دولة.. وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب الرياضي للجري    نائب وزير التخطيط يفتتح أعمال الدورة الثالثة للجنة تمويل التنمية في الدول الأعضاء بالإسكوا    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    الجمعة العظيمة: محاكمة وصلب المسيح وختام أسبوع الآلام    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومآل البشرية.. حرب عالمية أم تسوية سلمية؟

فى حوار مفتوح مع مجموعة من الشباب الأمريكى غير الحزبى حول الحرب الروسية الأوكرانية أعربوا عن تأييدهم القوى لموقف الإدارة الأمريكية وحلف الناتو من تقديم المساعدات المالية السخية، والمدد العسكرى غير المحدود لأوكرانيا بغية هزيمة روسيا ومنعها من التقدم غربا، لأن ذلك يمكن أن يدفعها إلى التوسع فى دول أوروبا الشرقية ومن ثم حصار الناتو واحتواء النفوذ الأمريكى فى أوروبا. وهكذا نجحت الآلة الإعلامية الغربية فى غسيل مخ شعوبها وهى ذات الآلة التى لم تؤثر على توجهات شعوب دول الجنوب نحو تلك الحرب، والتى تسببت فى زيادة معاناتها الاقتصادية و(المالية). فإن كانت هذه المخاوف الأوروبية حقيقية فربما يمكن التعاطف معها.
بيد أن سير الأحداث يؤكد أن الغرب هو الذى بدأ عمليات الاستفزاز لروسيا حينما تم تسريب معلومات حول إمكانيات واحتمالات ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى وحلف الأطلنطى، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا وصريحا للأمن القومى الروسى وسلامة أراضى روسيا. وربما يكون من المفيد أن نذكر أن روسيا كانت جزءا من التحالف الأوروبى، حيث كانت جزءا من دول المركز فى الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ضد ألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية العثمانية، وبعد الانتصار تم توزيع المستعمرات بين فرنسا وبريطانيا، ولم تستسغ روسيا نظام الوصاية الدولية الاستعمارى، كما كانت روسيا عضوا فاعلا فى التحالف البريطانى الفرنسى الأمريكى ضد دول المحور، ألمانيا وإيطاليا واليابان. ومرة أخرى ذهبت المستعمرات إلى بريطانيا وفرنسا باسم نظام الانتداب، وحينما انتقل العالم إلى النظام الثنائى بين الولايات المتحدة من ناحية والاتحاد السوفيتى من ناحية أخرى، لم يدخل الأخير فى حرب مباشرة ضد الولايات المتحدة. على النقيض من ذلك، ففى الأزمة الكوبية قرر الرئيس السوفيتى خروتشوف سحب الصواريخ النووية من كوبا تجنبا لحرب نووية بين الطرفين. فما الذى جرى، ولماذا هذا العداء الأوروبى المقيت لروسيا؟ وكيف يتعامل الغرب مع هذه الأزمة والتى تنتظر «الواقعة» أى عود الثقاب الذى يشعل الحرب النووية بين الطرفين والتى بالقطع ستهلك البشرية التى ليس لها فى هذا الصراع لا ناقة ولا جمل.
لا عازة للتأكيد على أن العلاقات الدولية حبلى بسلوك صراعى وتعاونى دائم، وأن للدول ذاكرة كالأفراد، تتراكم فيها كافة خبراتها، فإذا احتدم الصراع انقلب الأمر إلى أزمات تبحث إما عن تهدئة، وإما عن حادث يقود إلى إشعال نيران الحرب المدمرة. قامت الحرب العالمية الأولى كرد فعل مباشر لواقعة اغتيال ولى عهد النمسا فرانز فرديناند، وأشعل احتلال ألمانيا لبولندا الحرب العالمية الثانية، ضحايا الحرب العالمية الأولى 37 مليون قتيل، وبعدها الإنفلونزا الإسبانية والتى حصدت قرابة 100 مليون، والكساد الاقتصادى الكبير خاصة فى الولايات المتحدة، وأنجبت الحرب العالمية الثانية النظام الدولى ثنائى القطبية ومنظومة الأمم المتحدة، وانقسام العالم إلى شمال وجنوب.
التحليل المتعمق للحرب الروسية الأوكرانية يشير إلى مجموعة من الخطايا الاستراتيجية الغربية، والتى تعكس أزمة فكرية طاحنة فى أوروبا والولايات المتحدة، حيث تسعى إلى التأكيد على سمو الحضارة الغربية على ما عداها وأن ذلك يؤهلهم لاستمرار قيادة النظام الدولى، بيد أن هذا الإصرار يعاند الدروس التاريخية ذات المصداقية العالية. إذ انتهت جميع الحضارات القديمة: المصرية، والصينية، والإغريقية، وكذلك الإمبراطوريات الاستعمارية كالبريطانية والفرنسية، والإسبانية، والبرتغالية. وكان توينبى فى دراسته الموسوعية «دراسة التاريخ» قد أرجع ذلك إلى أنه حينما تتنازل الحضارة أو الإمبراطورية عن القيم الجوهرية التى هيأت إنشاءها وسيطرتها، فإنها تسقط لتحل محلها حضارة أخرى أو قوى جديدة تحمل قيما تعالج الخلل الذى تسببت فيه الحضارة المضمحلة. ولمقاومة الحتمية التاريخية، لجأ الغرب إلى مجموعة وسائل وأدوات تؤكد على الأنانية الجيوستراتيجية والتى لا تلقى بالا بالحد الأدنى لمصالح الآخرين حيث أدت إلى اضطراب خطوط الإمداد الدولية وارتفاع الأسعار خاصة فى دول الجنوب بصورة مدمرة. فمن ناحية اتخذت مجموعة من القرارات المتسرعة والتى لا تمت إلى الرشادة بأية صلة من العقوبات الاقتصادية الشاملة على روسيا وحصارها اقتصاديا وحرمانها من السوق الأوروبية للنفط والغاز الطبيعى، ثم تحولت إلى بناء التحالفات ليس فقط مع دول حلف الناتو، وإنما مع دول مناطق بعيدة ولكنها قريبة من الصين صاحبة المصلحة أيضا فى بناء نظام دولى تعددى ينهى سيطرة الغرب ويفتح فرص مشاركة الآخرين وبناء التحالفات هى الخطوة الضرورية قبل الانتقال إلى الحرب الشاملة، وتقديم كافة أشكال وأدوات المساعدات العسكرية لأوكرانيا ومنها أسلحة ذات مكونات نووية من نوع اليورانيوم المنضب. هذا التصعيد منقطع النظير كان لابد أن يستفز الرئيس بوتين، فمن ناحية وجد فى الصين ضالته لاستيراد فائض النفط والغاز، وأعلن عن نقل بعض الأسلحة النووية إلى بيلاروسيا، وهو ما يعنى حدود بولندا عضو الناتو. وقد يتم تكريس قوات الناتو فى بولندا، وهكذا خلقت اللامبالاة الغربية الظروف المواتية لحرب نووية مهما كان مستواها تكتيكية محدودة أو شاملة، إذن وصل الوضع بين روسيا من ناحية والغرب من ناحية أخرى إلى أزمة حادة. وفى هذه الحالة فإن هناك حدا أقصى للأزمة (Threshold)، وليس من خروج منها إلا ببديلين، إما الحرب الشاملة والتى تنتظر عود الثقاب الذى يشعل فتيلها، والمتوقع أن يأتى بطريق بولندا، كما حدث فى الحرب العالمية الثانية. وفى هذه الحالة لا نسأل عن مآل البشرية التى سوف يندثر على الأقل ثلثها، ويتم تلويث الثلث الآخر بالإشعاع النووى. ويصارع الثلث الثالث من أجل البقاء، وإما أن تقوم الدول المتوسطة والواعدة فى النظام الدولى القادم مثل الهند ومصر وجنوب أفريقيا والبرازيل ونيجيريا والسعودية والإمارات... وغيرها بمبادرة إبداعية لإطفاء النيران بين روسيا وأوكرانيا، والتوصل إلى تسوية قوامها التنازلات المتبادلة. وسوف يكون ذلك ممكنا فقط فى حالة ما إذا قبل المغرب بالتغيرات الدولية الراهنة الكبرى والتى تهيئ المناخ لإقامة نظام دولى أكثر تعددية وأثرى تنوعا.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.