في زمن تحول فيه جمهور المشاهدين جميعا إلى نقاد، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي وسائل لتصيد ورصد الأخطاء، أصبحت عملية صناعة عمل فني، مرهقة للغاية، ولم يعد الأمر مقتصرا على نجاح العمل من عدمه، بل هل خلي من الإخطاء والهفوات أم وقع في الفخ؟ ليكون ضحية من لا يرحم، وهو المشاهد، الذي لا يمرر الأخطاء التي تشهدها الحلقات، مرور الكرام، بل يسعى لفضحها ونشرها على السوشيال ميديا. وشهد هذا الموسم للدراما التليفزيونية وقوع العديد من المسلسلات المشاركة في الماراثون في هذا الفخ، ورصد رواد مواقع التواصل الاجتماعي "الراكورات" التي وقعت ببعض الأعمال المتنافسة، صوتا وصورة. والراكور لمن لا يعلم هو التقيد بحالة معينة والثبات عليها من زمن لآخر، من ملابس وإكسسوارات وأثاث وديكور وسيارات، بمعنى إذا كانت هناك قطعة موجودة في المشهد ويفرض المنطق وجودها في المشهد التالي فهي راكور. البداية حينما انتشر فيديو يتضمن مشهدا من الحلقة الثانية لمسلسل "الأجهر" الذي يلعب بطولته الفنان عمرو سعد، ويشاركه البطولة نخبة من الفنانين. المشهد كان يدور داخل أحد أقسام البوليس وكان يجمع بين الفنانة ناهد السباعي والفنان نور النبوي الذي يلعب دور شقيقها، والذي كان يدعمها في محنتها بعد اتهامها بالسرقة من قبل السيدة التي تعمل لديها، وفي الحوار الذي لم يستغرق سوى دقائق معدودة رصد رواد السوشيال ميديا تغير العسكري الذي كان يقف بجوار المتهمة "جميلة" أو ناهد السباعي، ففي بداية المشهد كان يقف عسكري قصير القامة، بدون شارب يرتدي زيا مموهًا، ومع تحرك الكاميرا فوجئ المشاهدون بتغير العسكري لآخر طويل، بشارب، يرتدي الزي الرسمي للشرطة بلونه الأسود!!
ورغم أن المخرج خالد يوسف صاحب اسم وتاريخ مهم في مهنة الإخراج، لكنه وقع في الفخ أيضا، في أول مسلسل تليفزيوني يخرجه، وهو مسلسل "سره الباتع" الذي يضم نخبة من كبار الفنانين والفنانات، فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي رصد للعديد من الأخطاء التي وقع فيها المسلسل، سواء على مستوى الحقائق التاريخية أو الراكورات، ومنها صورة لأحد الجنود الفرنسيين ضمن أحداث المسلسل وهو يرتدي حذاءً رياضيًا أو "كوتشي" لماركة شهيرة.
ومن هذه الأخطاء أيضا "الكارته" التي ركبها الفنان أحمد عبد العزيز، وقيل إن "الكارته" (عربة يجرها حصان أو حمار) لم يكن لها وجود في مصر قبل الحملة الفرنسية، وأن أول من استخدامها هو نابليون بونابرت بنفسه، بخلاف حملة السخرية من لهجة "صابر" وهو اسم الشخصية التي لعبها الشاعر هشام الجخ بالمسلسل، وهي الحملة التي دفعته للرد عليها بمنشور طويل عبر حسابه بموقع فيسبوك قال فيه: "السؤال الأكثر تكرارا الذي يصلني منذ بدء إذاعة المسلسل، لماذا لا أتحدث باللهجة الصعيدية؟ الإجابة ببساطة لأن أحداث المسلسل تجري في قرية (شطانوف) بالمنوفية، وحتى وإن مال (صابر) في حديثه للفصحى فذلك لأنه درس في الأزهر الشريف؛ ما صبغ عليه أسلوبا مغايرا في المفردات عن بقية شباب القرية". وتابع: "ليس للصعيد أية صلة بالحبكة الدرامية للمسلسل، والفرنسيون - أصلا - لم يطؤوا أرض الصعيد".
ومن "سره الباتع" لمسلسل "رشيد" أول بطولة مطلقة للفنان محمد ممدوح، وأول تجربة إخراجية لشقيقته مي ممدوح، فقد رصد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خطأ قد لا ينتبه إليه كثيرون، ففي إحدى الحلقات عاد المسلسل بالأحداث "فلاش باك" لعام 2009، وظهر بالمشهد كشك لبيع المشروبات والسجائر وغيرها، وإذ فجأة يلتقط أحد المشاهدين منتجا لم يتم صناعته في هذا العام، بل هو من إنتاج عام 2022. كما لم يغفر المشاهدين خطأ إملائيا ارتكبه صناع مسلسل "الهرشة السابعة"، حينما تم كتابة كلمة "استحمي" بالتاء المربوطة، الأمر الذي أثار حالة انتقادات وسخرية لاذعة من صناع العمل، فخرج مخرجه كريم الشناوي ليقدم اعتذارا للجمهور عبر حسابه بموقع فيسبوك وقال نيابة عن فريق عمله: "نعتذر عن الخطأ الإملائي في كتابة عنوان الحلقة الثالثة، وجار تعديل الخطأ". وتابع: "تعديل في اللحظات الأخيرة تسبب في خطأ أزعجنا بقدر ما أزعجكم. هذا تفسير وليس تبرير، شكرا جزيلا للتفهم". ومؤخرا ورغم النجاح الكبير الذي يحققه مسلسل "رسالة الإمام" للفنان خالد النبوي، لكن تعرض أيضا لحملة انتقادات لاذعة منها حملة مضللة، حينما انتشرت صورة للفنان خالد النبوي وهو يضع نظارة طبية على وجهه ويحمل هاتف محمول في يده، لكن سرعان ما أدرك المتابعون أنها حملة بغرض التشنيع على المسلسل، وأن الصورة التقطت للفنان خالد النبوي من كواليس العمل، أثناء قراءته للسيناريو قبل التصوير. وتم فضح ادعاء هذه الحملة الكاذبة، لكن سرعان ما تعرض المسلسل لمشكلة أخرى بطلها شاعر سوري اسمه حذيفة العرجي، والذي نشر عبر حسابه بفيسبوك منشورا يهاجم فيه صناع المسلسل، وقال في منشوره: "يُرسل بعض الأحبة القراء رسائل بمقطع للممثل خالد نبوي وهو يؤدي دور الإمام الشافعي في مسلسل يُعرض هذه الأيام، وفي المقطع يتغنى الممثل وممثلة معه ببيتين لي من أوائل ما كتبت قبل عشر سنوات، وذلك على أنها للشافعي رحمه الله". وتابع: "البيتان شهيران، وطالما نُسبا للشافعي وطالما وضّحت هذا الخطأ، وسبق أن قلت: الإمام أحق بهما منّي، وهو أكبر من كلّ قولٍ يُنسب له".
