جميل مطر: منظم للغاية ومثقف لا يترك الكتاب من يده عبدالله السناوي: صاحب قدرة هائلة على التطور وأحد مؤسسي نظرية الأمن القومي عمرو خفاجي: أحد أهم رجال القرن العشرين «موهبة استثنائية، قدرات غير عادية، صحفي القرن»، بتلك الكلمات أكد عدد من كبار الكتّاب والصحفيين، أهمية وقدر الأستاذ محمد حسنين هيكل، ضمن ندوة احتفالية بمناسبة مرور 100 عام على ميلاده، على هامش فعاليات معرض القاهرة للكتاب في دورته ال54. جاءت الندوة بحضور الكاتب جميل مطر عضو مجلس تحرير جريدة الشروق، والكاتب الصحفي عبدالله السناوي، والكاتب الدكتور وحيد عبدالمجيد، وأدارها الكاتب والإعلامي عمرو خفاجي. قال الإعلامي عمرو خفاجي إن "هيكل كان رمزا عزيزا علينا على المستوى الإنساني أولا وقبل كل شيء، بخلاف كونه سياسي كبير ومحلل بارز وصحفي بارع"، مؤكدا أننا بصدد رجل من أهم رجال القرن العشرين في مصر، رجل عرفنا على العالم بحق، فلم يكن مجرد صحفي، وإنما شخصية تستدعي الكثير من الحديث والإشادة بقدرها وقيمتها. وذكر خفاجي، أن مصطلح صحفي القرن الذي اقترن بهيكل، لم يقل به الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد فقط، وإنما صحيفة "نيويورك تايمز" في العام 1982، حيث أشارت إلى أن هيكل أحد أبرز صحفيين القرن العشرين، وبعدها مع نهاية القرن كتبت ذلك أيضا مجلة نيوزويك. واستطرد: مبنى الأهرام الذي وضع هيكل بصمته عليه كان عصريا جدا، وكان يماثل القيمة التاريخية للواشنطن بوست، فكان من أول المؤسسات الصحفية التي تحوي لوحات فنية، وكانت فكرته أن يتم وضع لوحة في مدخل عن "قصة الخبر" على مر التاريخ. وأكد الكاتب والمحلل السياسي جميل مطر أن هيكل كان يملك بعد نظر، حيث تنبأ في السبعينيات بأن القرن الجديد سيكون قرن آسيا بأمتياز، وحينها قد سألني عن رأيي في ذلك، فوافقته الرأي وأكدت له على أن آسيا قادمة بقوة، وقد اقترح على الفور تنظيم زيارة إلى الصين بإسم مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. وأشار إلى تنظيم سلسلة محاضرات عن الصين وآسيا، قائلا: قمنا بالاستعانة بكل الخبراء ممن لهم علاقة بهذا الملف، فكان يوميا لدينا محاضرات في مركز الأهرام للدراسات السياسية عن الشأن الآسيوي، فقد كان يحرص على أن يعرف كل صغيرة وكبيرة عن هذا الملف. وأوضح مطر: كانت الرحلة إلى الصين فرصة لمعرفة مايفعله ويفكر فيه هيكل طوال تلك الفترة، وقد تأكدنا بالفعل من أنه يتمتع بقوة ملاحظة غير عادية، أيضا ذاكرة قوية للغاية، فجميعنا كان يكتب ويدون كل شيء حوله. لكن هيكل لم يكن يكتب أبدا أو يدون شيئا، وحينما كنا نعود في المساء لنسترجع المعلومات، كنا نجده يتذكر أفضل منا جميعا، فلديه قدرة خرافية على التقاط كل التفاصيل واستدعائها. وذكر جميل مطر أن هيكل كان صحفيا من طراز خاص، وكان رجلا شديد التنظيم وإداريا ناجحا، وكان مصدر المعلومات الأساسي للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان مثقفا واسع الإطلاع، لم يكن يترك الكتاب من يده بأي شكل. وقال الكاتب الصحفي عبدالله السناوي إن هيكل كان يعتمد على تقنيات مميزة في العمل، فكان لديه قناعة بأنه لو وضع أمام المصدر مسجل للصوت أو استخدم الورقة والقلم، فيبدو كما لو أنه وضع هذا المصدر في وضعية المساءلة أمام الرأي العام، فكان يسمع ويركز جيدا، وبمجرد انتهاء الاجتماع، يختلي بنفسه في غرفته، ويقوم على الفور باستدعاء السياق، كما لو أنه هو شخصيا جهاز للتسجيل والتوثيق. وقال السناوي: نحتفل اليوم بأهم تجربة صحفية في القرن العشرين، أنضج مدرسة صحفية متفردة، كان له مذاق مختلف في التغطية الصحفية وكتابة العناوين وكل شئ، حيث كانت تجربته في الصحافة محكمة للغاية، ولديه قدرة هائلة على تطوير نفسه، كان الأمر أشبه بتجربة حياة، حيث تطوير للذات والقدرات والإمكانيات والمواهب بالإطلاع والاستماع وهكذا، وكانت تغطياته الصحفية الخارجية تكسبه المعارف والصداقات، وتلك الصداقات التي أنشأها في وقت مبكر كانت مميزة للغاية. "هيكل كان له الفضل في أن ينقل الصحافة المصرية إلى مستوى آخر"، هكذا تابع السناوي، الذي رأى أن هيكل ليس مجرد صحفي، فقد كان صانع سياسات في عهد عبدالناصر والسادات، هو أكثر من ساهم في وضع نظرية الأمن القومي في البلاد، فقد كان أحد مؤسسينها الكبار. وأكد الكاتب الدكتور وحيد عبدالمجيد: هيكل كان حقيقة واقعية وليس أسطورة خيالية، فقد كان أقوى رجال القرن العشرين في مجال الصحافة والإعلام والسياسة، الظرف التاريخي والموهبة والقدرة على تطويرها وتنميتها طوال الوقت كانوا ضمن أسباب نجاح هيكل، نادرا مايكون الكاتب ناجح مهنيا وإنسانيا وصحفيا وإداريا، فهي صفات قليلا ماتجتمع تلك الشخصيات في شخص واحد، ورأى عبدالمجيد أن هيكل كان لديه قدرة على استثمار مواهبه، وكان لديه قدرة على المخاطرة المحسوبة وُلد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، في قرية باسوس إحدى قرى محافظة القليوبية، ويعد أشهر الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين، وكان واحدًا من أهم صُنّاع الصحافة في مصر، وساهم في صياغة السياسة في مصر منذ فترة الملك فاروق حتى وفاته عام 2016. وقضى الأستاذ هيكل قرابة 7 عقود من عمره، في رحلة تفرد وإبداع وريادة للأرتقاء بالعمل الصحفي والإعلامي والسياسي، وكان واجهة مشرفة وقامة صحفية بلغت مكانة دولية مرموقة بشكل غير مسبوق، وقد حاز عبر مسيرته الطويلة علامات مضيئة من النجاحات في مهنة الصحافة والإعلام، كما أثرى خلالها الحياة السياسية، وترك رصيدا هائلا من المؤلفات الرصينة والقيمة التي أصبحت ذخيرة صفحية وثقافية للأجيال القادمة، وثق من خلالها بتفرد كامل، تاريخ مصر والمنطقة، تلك المؤلفات صادرة عن دار الشروق.