من السادسة مساء الخميس الماضى بدأ تزاحم المئات فى طابور ضخم، يزحف ببطء إلى داخل ساقية الصاوى الثقافية، لمشاهدة الحدث الفنى غير العادى: زياد رحبانى وفرقته للمرة الأولى فى القاهرة. الحفل كان ضربة البداية فى مهرجان القاهرة للجاز، الذى تنظمه ساقية الصاوى للمرة الثانية. الزحام الشديد منع بعض حملة التذاكر من الدخول للمسرح، مما يكشف عن أن عدد التذاكر التى باعتها الساقية يفوق قدرتها الفعلية، لكن إدارة الساقية عوضت العاجزين عن الدخول برد قيمة التذكرة فورا. كما عاب الحفل قلة جودة الصوت الواصل للصفوف الخلفية. تأخر زياد فى الوصول للساقية، ليبدأ الحفل فى التاسعة بدلا من الثامنة. ينفتح الستار أخيرا ليكشف عن زياد وفرقته الموسيقية التى تجمع القانون الشرقى، بالساكسفون الغربى، والدف العربى بالدرامز والبركشن، وعازفين من مصر ولبنان وسوريا وفرنسا وبلغاريا وهولندا وسويسرا وروسيا وروسيا البيضاء. يجلس زياد على أقصى يسار المسرح يعزف على آلتى البيانو والكيبورد. ولم يسمع الجمهور صوته سوى فى كلمات قليلة «شكرا.. شكرا» وبعض الغمغمات التى ضاعت بين هتاف المعجبين. بدت الحفلة كأنها حوار صامت بالنظرات بين زياد وفرقته. فنظرة من زياد لعازف الألتو ساكسفون، ليبدأ فى صولو مرتجل بديع، ثم نظرة أخرى للكونترباص ليعلو صوته الغليظ منبئا عن تغيير درامى فى الإيقاع. قدم زياد عددا من مقطوعات الجاز، من أشهرها «العقل زينة» و«هدوء نسبى». يمسك زياد بالميكروفون ويقول «هناك دعم قادم لنا فى هذا الحفل»، ثم يفاجئ الجمهور بظهور خاص لمنال سمعان على المسرح، أعقبه ظهور للمصرى هانى عادل، المغنى بفرقة «وسط البلد». منال المغنية بالفرقة الوطنية للموسيقى العربية فى سوريا، تقمصت روح فيروز وهى تغنى بعض أشهر أغانى فيروز شهرة، مثل «بكتب اسمك يا حبيبى»، و«سهار بعد سهار». واشترك هانى ومنال فى دويتو تمثيلى رائع بأغنية «الأفضل إنك تحتشمى»، التى حظيت بضحكات وتشجيع الجمهور، ليزداد هذا التشجيع حين أدى الاثنان أغنية «يا ليلى يا ليل». يمسك زياد بالميكرفون ثانية ويقول إن الحفل قد قارب نهايته، وأنه يود أن يشكر الجمهور على «الإنصات والتركيز والحفظ». يبدأ زياد فى عزف «بما إنو كل شى نضيف»، ويكافئ الجمهور بالمشاركة فى الغناء مع زياد ومنال. يتسلم زياد جائزة تكريم من مهرجان القاهرة للجاز، ويستعد الجمهور للانصراف. يفاجئ زياد الجمهور بعزف لمطلع الأغنية التى يطالبونه بها من أول الحفل «بلا ولا شى»، ورجوع هانى عادل ليقف أمام الميكرفون فيرتفع تهليل الجمهور فرحا. تنتهى الأغنية فيهم هانى بمصافحة زياد وينحنى لتقبيل يده، إلا أن زياد يسحب يده سريعا، ويقبل هانى على وجنتيه. يبدأ الجمهور فى الرحيل بعد ساعتين من متعة نسبية من التمتع بألحان زياد، شابها ألم فى الأقدام واختناقات من الزحام.