التوسع فى التجارة الداخلية أحد أهداف الحكومة فى الفترة المقبلة للاستفادة من زيادة الطلب الاستهلاكى الذى يقود قاطرة النمو منذ فترة. هيرفى ماجيديه، الرئيس الإقليمى لكارفور مصر، حاور «الشروق» حول خطط الشركة للتوسع فى السوق المصرية «مصر مع قطر والسعودية، مراكز أساسية لنشاط كارفور فى الثلاث سنوات القادمة، فى ضوء تداعيات الأزمة العالمية على الأسواق الكبيرة»، حسبما ذكره هرفى ماجيديه، الرئيس الإقليمى لكارفور مصر، مشيرا إلى أن «السوق المصرية واعدة، ليس فقط لاتساعها بل بما لديها من إمكانات نمو». هذه الإمكانات، وفقا لماجيديه، تتمثل فى معدل النمو السكانى والذى يبلغ.1% سنويا، «وهذا يعنى أننا ستكون لدينا سوق استهلاكية بها 100 مليون نسمة قريبا جدا»، وفقا لتعبيره، بالإضافة إلى موقع مصر الذى يجعل منها محطة أساسية للتصدير والإنتاج، فضلا عن وجود عمالة مؤهلة ومتنوعة المهارات ورخيصة. «لقد قمنا بتدريب 250 من أفراد الادارة العليا هنا فى مصر وتم تكليفهم فى وظائف فى دول عربية أخرى فى المنطقة لتفوقهم»، يقول ماجيديه موضحا أن هذه المزايا دفعت بكارفور لتجعل من حصة استثمارها فى مصر «بلا حدود». وكان ماجيديه قد قال فى تصريحات صحفية سابقة ل«الشروق» أن سلسلة كارفور الفرنسية ستتوسع خلال عام 2010 فى السوق المصرية من خلال إنشاء فرع جديد لها فى مدينة الإسكندرية، بالإضافة لفرع فى كل من طنطا وبورسعيد. الاتفاق مع أنوال تنقصه الرتوش الأخيرة وتكثيف نشاط كارفور فى مصر لن يكون فقط من خلال فتح سلاسل جديدة له فى مختلف المحافظات. «نسعى للدخول فى اتفاقات مع شركات أخرى مثل أنوال السعودية المالكة لعمر أفندى، لتأجير مساحة عرض فى فروعها»، كما كشف ماجيديه مشيرا إلى أن هناك عروضا مشابهة من متاجر أقسام أخرى وكارفور لا تمانع لتوسيع قاعدة وجودها فى السوق المصرية، ولكن «لا يجب حمل أكثر من طفل بين ذراعينا، لننتهى من صفقة عمر أفندى ثم ندرس الباقية». وتجرى كارفور منذ شهر سبتمبر الماضى مفاوضات مع شركة أنوال، لاستئجار مساحات فى عدد من فروعها لوجودها فى أماكن حيوية وفعالة فى مصر فى خطوة منها لتوسيع نشاطها فى مصر إلا أن الاتفاق فى انتظار «وضع الرتوش النهائية». ولكن المشروع قائم، وفقا لماجيديه، كاشفا انه تم الاتفاق على تأجير مساحات فى فرعين من فروع عمر أفندى فى المحافظات، بالاضافة إلى عدد من فروع وسط البلد، و«لكننا سنبدأ التجربة بإيجار مساحة فى فرع واحد لنتأكد من نجاحها على المستوى الإدارى والقانونى قبل أن نعممها»، يوضح رئيس شركة كارفور مصر. ويمتلك كارفور 6 فروع له فى جمهورية مصر العربية، ثلاثة فى القاهرة (الصحراوى، والمعادى، والشروق) بالإضافة إلى اثنين فى الإسكندرية، وفرع سادس فى شرم الشيخ تم افتتاحه الشهر الماضى، وطابق مستأجر فى احد المحال على كورنيش المعادى. السوق الاستهلاكية المصرية لم تتأثر بالأزمة؟ «الأزمة أثرت سلبيا على نشاطنا فى كثير من الدول العربية مثل دولة الإمارات ولكننا فى مصر لم نشعر بلطمة الأزمة»، يقول ماجيديه. وهذا يرجع فى الأساس، على حد تعبيره، إلى أن «المصريين اعتادوا أن يعيشوا فى ظروف اقتصادية صعبة، ولذلك فدائما ما يتكيف إنفاقهم مع الازمات». ووفقا لدراسة أعدتها شركة البحوث التابعة كارفور، سجل الإنفاق الاستهلاكى لدى جميع فروع كارفور فى مصر نموا خلال عام 2009، وهو عام الأزمة، ب14.7%، وذلك كما يقول ماجيديه، يرجع فى الأساس إلى افتتاح فروع جديدة لكارفور فى مصر خلال هذا العام، «مما ضاعف المبيعات»، كما جاء على لسانه متوقعا أن يحقق الإنفاق الاستهلاكى زيادة تصل إلى 10% خلال 2010. «لم تتأثر مبيعاتنا بالأزمة، ولكن حدث نوع من إعادة الهيكلة بها، فقد استحوذت مبيعات المنتجات الغذائية على 75% من مبيعاتنا فى مصر هذا العام، بعد أن كانت تستحوذ على ما بين 60 و65% فقط قبل ذلك، وفى المقابل تراجع الإقبال على السلع المعمرة والترفيهية»، يقول ماجيديه. لم تتبع كارفور، كما يقول ماجيديه، أى سياسة جديدة فى وقت الأزمة، فيما يتعلق بإعادة هيكلة المبيعات الموجودة، أو تقليل منتج على حساب منتج، فنحن «لا نبيع ما نريد أن نبيع بل نبيع ما يريد المستهلك، ولذلك لم نكن فى حاجة إلى أى تعديل فى شكل منتجاتنا»، بحسب تعبيره. ولذلك كما كشف ماجيديه، قررت إدارة كارفور تثبيت سعر 127 منتجا، الغالبية منها غذائية وهى الأكثر مبيعا لدى كارفور، خلال 2010، وذلك لتشجيع المستهلك المصرى على الشراء. ومن أهم هذه المنتجات، كما ورد فى قائمة السلع الخاصة بكارفور، والتى حصلت الشروق على نسخة منها، هى الجبنة البيضاء، الجبن الرومى، والزبادى، والأرز، والدواجن، والزبدة، والمكرونة، اللبن، وغيرها من المنتجات الأساسية للطبقة الوسطى والمحدودة من المجتمع، بالإضافة إلى بعض المنتجات التى تتناسب مع الشريحة العليا من المجتمع مثل الديك المدخن، ولحم السلامى. «فنحن نحارب التضخم، هذه هى مهمتنا»، يقول ماجيديه. وأظهرت دراسة وحدة البحوث أيضا تحولا فى أنماط التعاملات النقدية للمستهلك فى كارفور، فبعد أن كان الكاش يستحوذ على 97% من التعاملات، نجحت تعاملات البطاقات أن تستحوذ على ما بين 25 و30% من التعاملات، «تحول المجتمع إلى البطاقات الالكترونية ساهم بدوره فى زيادة المبيعات»، يقول ماجيديه. المنافسة فى السوق المصرية لا تزال محدودة وبرغم اتجاه كثير من سلاسل التجارة الداخلية إلى الاستثمار فى مصر الفترة القادمة، إلا أن ماجيديه لا يرى فى ذلك «منافسة قوية»، وفقا له مشيرا إلى أن السلاسل الموجودة فى مصر عددها «قليل جدا» خاصة إذا تمت مقارنتها بعدد منافسى كارفور فى الدول الأخرى، مما يجعل المنافسة محدودة. وكانت مجموعة من سلاسل التجارة الداخلية، خاصة بعد الأزمة العالمية، قررت التوجه إلى السوق المصرية لما تمثله من تربة خصبة للاستثمارات فى مجال الاستهلاك، من بينها سبينيز وماكرو. «السوق المصرية وطلبها المتزايد يجعل منها سوقا تستوعب عدد أكبر من اللاعبين فى مجال التجارة الداخلية»، يقول ماجيديه مشيرا إلى أن المنافسين الحقيقيين لكارفور يتمثلون أكثر فى محال السوبر ماركت الصغيرة، والأكشاك، «فشارع عبد العزيز الذى تنتشر فيه محال بيع الأجهزة الكهربائية منافس لنا» يقول هيرفيه. ويرى ماجيديه أن وجود كارفور فى السوق منذ 2003، «أكسبه خبرة مميزة وفريدة»، عن منافسيه الآخرين، ف«هؤلاء قرروا التوجه إلى السوق المصرية بعد نجاح تجربة كارفور فيه». ويستحوذ كارفور، على 16% من سوق التجارة الداخلية ككل، أى من ضمن جميع سلاسل محال التجزئة، الكبير منها والصغير، وفقا وفقا لماجيديه، وإن كان يستحوذ على الحصة الأكبر من ضمن سلاسل التجزئة الكبيرة الموجودة فى مصر، وهم سبينيز وهايبر ماركت فقط، وهذه «حصة جيدة جدا، إذا أخذنا فى الاعتبار آلاف المحال العاملة فى مجال التجارة الداخلية فى السوق المصرية». وكانت الحكومة قد أعلنت مع بداية الأزمة المالية العالمية، اعتمادها على التجارة الداخلية، فى دفع الطلب والاستهلاك المحليين لمواجهة آثار لأزمة المالية العالمية التى خفضت معدل النمو، مستهدفة الوصول بمعدل نمو التجارة الداخلية إلى 8%، خلال الخمس سنوات القادمة بدلاً من 4% المعدل الحالى. و«هذا يجعل من السوق المصرية تربة خصبة لسلاسل التجزئة العالمية»، بحسب ماجيديه. فى الوقت نفسه، قامت وزارة التجارة والصناعة بطرح ست مناطق للمستثمرين فى قطاع التجارة الداخلية تقع فى محافظات الغربية، والدقهلية، والمنصورة، وبورسعيد، وبنى سويف، وأسوان، فى محاولة لجذب استثمارات جديدة فى القطاع. «نحن لا نبدى اهتماما بالتقدم إلى مثل هذا النوع من المناقصات، فنحن لا نميل للاستثمار فى البنية الأساسية بل نحن نفضل أن نقوم بشراء الأرض جاهزة ونستثمر ببضائعنا»، كما جاء على لسانه.