أخطأ فواز جرجس فى قوله إن انتخاب الإخوان المسلمين فى مصر لمحمد بديع كان كارثة لكنه يجب الاستماع إلى شباب الجماعة. فقد قوبل صعود محمد بديع إلى منصب المرشد العام الثامن لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر بإحباط واسع النطاق من جانب جيل الشباب ذى العقلية الإصلاحية فى الجماعة. وفى نواح عديدة، استطاع هؤلاء الشبان خلق هوية وصورة جديدة للجماعة فى مصر والخارج على حد سواء. ولم يعد أهل المعرفة يرون أعضاءها كجماعة نمطية من الإسلاميين الملتحين. بل أصبحوا يشاهدون الأعضاء يتحدثون عن رغبتهم فى الديمقراطية والمزيد من الحريات، ناهيك عن حبهم للأفلام الأمريكية. وفى المرة الأولى التى قابلت فيها مجموعة من شباب المدونين الإخوان قبل عدة سنوات، تحدثوا لمدة عشر دقائق عن أفلام تشارليز ثيرون وتوم كروز. وبالرغم من أن بعض المعلقين، مثل فواز جرجس، رأوا فى انتخاب بديع «المزيد من الشىء نفسه»، فإن الإخوان المسلمين فى واقع الأمر لا يمكنهم العودة إلى العهد الذى كان فيه بعض الأعضاء يساندون العنف. فقد أصبحت الجماعة ببساطة بعيدة للغاية عن هذا التوجه، كما أصبحت مرتبطة بالتيار السائد فى مصر إلى الحد الذى يمنعها من الرجوع إلى ذلك العهد. وكان جرجس قد قال إن الانتخابات جعلت المزاعم بأن الجماعة ابتعدت عن نمط المنظمة السياسية والدينية على غرار القاعدة، هى مزاعم «فاقدة لمصداقيتها تماما». لكنه مخطئ.. فقد أثبتت الانتخابات أن الإخوان المسلمين ليست منظمة «على شاكلة القاعدة». فما هو عدد المنظمات التى تجرى انتخابات داخلية فى الشرق الأوسط؟ فى الواقع، لا أحد يجرى مثل هذه الانتخابات. بالطبع من المؤكد أن المعلقين يشعرون بالقلق من أن تولى بديع القيادة سيؤدى إلى إيقاف النجاح الذى حققه الشباب والاندفاع نحو الإصلاح فى الفترة الأخيرة. فقد قال لى عبدالرحمن عياش، أحد المدونين الأساسيين فى الجماعة، إنه يخشى العودة إلى سياسات سيد قطب. ذلك أن بديع كان مرتبطا بتلك الأيديولوجيا المتشددة. غير أن قواعد الجماعة الإصلاحية مازال بإمكانها التأثير إذا سعت إلى ذلك بجدية كافية. ففى أكتوبر الماضى، أصدرت جماعة من مدونى الإخوان بيانا تفصيليا حول المشكلات التى يرونها فى الجماعة. ولم يكن غريبا أن يشعر المحافظون بالاستياء إزاء ذلك. وفى الوقت نفسه، يواجه بديع عددا من التحديات. فهو يقف بين الإصلاحيين الذين يطالبون بانفتاح هيكل الإخوان المسلمين من أجل السماح بالمزيد من النقاش والمشاركة فى داخل الجماعة، وبين المحافظين الذين يريدون الإبقاء سيطرتهم من أجل الاستمرار فى سياسات الماضى. ويقول خليل العنانى، الخبير فى الإسلام السياسى المتخصص فى شئون الجماعة، إنه يعتقد أن التحدى الأساسى الذى يواجه بديع «سيكون كيفية الموازنة بين المحافظين والإصلاحيين وكيفية إشراك شباب الإخوان». ويمثل هذا جوهر الأمر. فبالرغم من أن حركة الشباب داخل الإخوان تنمو وتصبح الوجه الأساسى للجماعة فى الخارج، فإنها لا تمتلك القوة الحقيقية فيما يتعلق بصنع القرار. وتعد هذه المقاومة الأخيرة للمحافظين الأعضاء الذين يعتنقون أيديولوجيا ترتكز على سياسات الستينيات والسبعينيات. وليست المسألة سوى مسألة وقت قبل أن يكون للجيل الأصغر نفوذا أكبر داخل الجماعة. لا يجب على الإصلاحيين من أمثال عبدالمنعم أبوالفتوح الذى يتحدث عن التسامح والتفاهم والديمقراطية ويكن له الشباب كل التقدير الانكفاء على نفسهم بعد انتصار المحافظين، بل عليهم محاولة إثبات أن السنوات القليلة الماضية لم تكن أمرا شاذا. ويجب على بديع أن يسير على خطا سلفه مهدى عاكف ويخلق مساحة لسماع صوت الشباب. وإذا فشل فى ذلك، فيمكن أن تجد الجماعة نفسها سريعا فى مواجهة مع العناصر الواعدة والمحبوبة أكثر من غيرها. Guardian