قال الدكتور حسام عبد الفتاح مفتش آثار مصرية وعضو المجلس الدولي للمتاحف وعضو اتحاد الأثريين العرب، إن العرب والمسلمين حاولوا منذ مئات السنين فك رموز اللغة المصرية القديمة ولم يكن شامبليون أول من نجح في ذلك -كما هو معروف-، فقد سبق شامبليون العديد من العلماء العرب والمسلمين ولعل أبرزهم (الإدريسي والمقريزي وذو النون الأخميمي وأبو القاسم العراقي المصري وجابر بن حيان وأيوب بن مسلمة وعبد الله بن النديم وابن وحشية). وأضاف عبد الفتاح، في تصريحات ل«الشروق»، أن السبب الذي ساعد شامبليون كان معرفته الجيدة باللغة العربية مما سهل الإطلاع على المصادر العربية التي تناولت دراسة العرب لكشف رموز اللغة المصرية القديمة، وكان العالم العربي "ابن وحشية النبطي" هو أول من وضع الدلالات الصوتية لبعض العلامات التي ترد في نهاية الكلمة وسماها المخصصات في كتابه (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام) عام 341 ه 861 م. • شامبليون وفك شفرة اللغة المصرية القديمة (الخط الهيروغليفي) (لوحة رشيد): وتابع أنه أثناء وجود حملة نابليون بونابرت على أرض مصر 1799م استطاع أحد الضباط الفرنسيين العثور على لوحة حجرية (عرفت بلوحة أو حجر رشيد) كانت مكتوبة بثلاث خطوط وكانت تتضمن مرسوما من الكهنة في مدينة منف يشكرون فيه الملك بطلميوس الخامس (أبيفانس) حوالي عام 196 ق.م لقيامه بوقف الأوقاف على المعابد وإعفاء الكهنة من بعض الالتزامات، وسجل هذا المرسوم بخطوط ثلاثة (الهيروغليفية، والديموطيقية، واليونانية). وأكمل: "وقد فقد الجزء الأكبر من الخط الهيروغليفي وجزء بسيط من النص اليوناني، وقد أراد الكهنة أن يسجلوا هذا العرفان بالفضل للملك البطلمي بالخط الرسمي وهو الخط الهيروغليفي، وخط الحياة اليومية السائد في هذه الفترة وهو الخط الديموطيقي، ثم بالخط اليوناني وهو الخط الذي تُكتب به لغة البطالمة الذين كانوا يحتلون مصر". وأشار إلى أن الشاب الفرنسي چان فرانسوا شامبليون، حصل على نسخة من الحجر ومن خلال خبرته الطويلة في اللغة اليونانية القديمة، وفي اللغات القديمة استطاع كشف تلك الرموز، وحجر رشيد المحفوظ حاليًّا في المتحف البريطاني يتضمن خرطوشا واحدا تكرر ست مرات ضم اسم الملك "بطلميوس" وهو الاسم الذي ورد على مسلة "فيلة"، بالإضافة إلى اسم "كيلوباترا". وتابع: "تعرف شامبليون على القيمة الصوتية لكثير من العلامات معتمدا على دراسات العرب ومن سبقوه، وفي عام 1822 أعلن "شامبليون" تمكنه من فك رموز اللغة المصرية القديمة، وأن بنية الكلمة في اللغة المصرية لا تقوم على أبجدية فقط، وإنما تقوم على علامات تعطي القيمة لحرف واحد وأخرى لاثنين وثالثة لثلاثة، مؤكدا استخدام المخصصات في نهاية المفردات لتحديد معنى الكلمة (وهو ما توصل إليه ابن وحشية قبل أكثر من ألف عام من ولادة شامبليون). • ما سبب احتفاظ المتحف البريطاني بحجر رشيد؟ بعد هزيمة الفرنسيين وخروجهم من مصر تم تسليم الحجر إلى بريطانيا بموجب شروط معاهدة الإسكندرية في عام 1801 وغيره من الآثار التي وجدها الفرنسيون، وتم شحنه إلى إنجلترا ووصل إلى بورتسموث في فبراير 1802، وسرعان ما تم عرضه في المتحف البريطاني، وطالبنا ومازلنا نطالب بعودة هذا الأثر الفريد لأرض مصر الغالية لأن مصر هي الأولى بالاحتفاظ به فهو جزء لا يتجزأ من أرض وتراث مصر. وأكد أننا أكرمنا شامبليون وأطلقنا اسمه على أحد أكبر شوارع القاهرة على اسمه وهو شارع شامبليون ولم تكرمنا أوروبا بعودة هذه اللوحة الفريدة لنا. • اللغة المصرية القديمة: أشار المصريون القدماء، إلى كتاباتهم بالمصطلح (مدو – نثر) أي"كلمات المعبود" وعرفوا الكتابة منذ عصر بداية الاسرات ومرت اللغة بمراحل مختلفة من التطور، وكتبت اللغة المصرية القديمة بأربعة خطوط مختلفة:(الهيروغليفي – الهيراطيقي- الديموطيقي – القبطي ) • الخط الهيروغليفي: هو خط "الكتابة المقدسة" حيث اشتق المسمى من المقطع اليوناني "Hieros" بمعنى "مقدس" والمقطع "Glophos" بمعنى "كتابة" ويكتب من اليمين لليسار ومن اليسار لليمين ومن أعلى لأسفل ومن أسفل لأعلى (رأسي وأفقي)، تنقسم العلامات إلى تصويرية (رموز الطبيعة) وقيم صوتية: أحادية وثنائية وثلاثية الصوت.