هل توقفت المصانع عن إنتاج الذهب عيار 14؟ رئيس الشعبة يوضح    جدول مباريات اليوم الأربعاء.. الجولة الرابعة من الدورة الرباعية المؤهلة إلى الدوري المصري    الجيش الأمريكي: تدمير منصتي إطلاق صواريخ للحوثيين في اليمن    ارتفاع أسعار النفط وسط تفاؤل بزيادة الطلب    محاكمة عصام صاصا في اتهامه بتعاطي المخدرات ودهس عامل.. اليوم    دون إصابات.. إخماد حريق عقار سكني بالعياط    ET بالعربي: "خطوبة شيرين عبد الوهاب على رجل أعمال.. وحسام حبيب يهنئها    عاجل- أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم الأربعاء 12-6-2024    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    تتخطى ال 12%، الإحصاء يكشف حجم نمو مبيعات السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: نستعد لمقاضاة إسرائيل أمام الجنائية الدولية    مصرع طفل غرقا في ترعة بكفر الخضرة بالمنوفية    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان الاقتصاد والإحصاء.. اليوم    «مشكلتنا إننا شعب بزرميط».. مصطفى الفقي يعلق على «نقاء العنصر المصري»    حكم الشرع في خروج المرأة لصلاة العيد فى المساجد والساحات    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    تأثير التوتر والاكتئاب على قلوب النساء    مقتل طفل وعدد من الإصابات في قصف إسرائيلي لمنزل في رفح    أوروبا تعتزم تأجيل تطبيق أجزاء من القواعد الدولية الجديدة لرسملة البنوك    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    حبس شقيق كهربا 4 أيام لاتهامه بسب رضا البحراوي    العثور على جثة شخص مشنوق بالطريق الصحراوي بالكيلو 17 العامرية بالإسكندرية    رئيس لجنة المنشطات يفجر مفاجأة صادمة عن رمضان صبحي    فيديو صام.. عريس يسحل عروسته في حفل زفافهما بالشرقية    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    أيمن يونس: أحلم بإنشاء شركة لكرة القدم في الزمالك    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها في الأضحية والمضحي    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    رؤساء مؤتمر الاستجابة الطارئة في غزة يدينون عمليات قتل واستهداف المدنيين    هذا ما يحدث لجسمك عند تناول طبق من الفول بالطماطم    ظهور حيوانات نافقة بمحمية "أبو نحاس" : تهدد بقروش مفترسة بالغردقة والبحر الأحمر    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    بيمكو تحذر من انهيار المزيد من البنوك الإقليمية في أمريكا    "بولتيكو": ماكرون يواجه تحديًا بشأن قيادة البرلمان الأوروبي بعد فوز أحزاب اليمين    ليست الأولى .. حملات المقاطعة توقف استثمارات ب25 مليار استرليني ل" انتل" في الكيان    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    البنك المركزي المصري يحسم إجازة عيد الأضحى للبنوك.. كم يوم؟    الحق في الدواء: إغلاق أكثر من 1500 صيدلية منذ بداية 2024    يوسف الحسيني: القاهرة تبذل جهودا متواصلة لوقف العدوان على غزة    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    رمضان السيد: ناصر ماهر موهبة كان يستحق البقاء في الأهلي.. وتصريحات حسام حسن غير مناسبة    تريزيجية: "كل مباراة لمنتخب مصر حياة أو موت"    حازم إمام: نسخة إمام عاشور فى الزمالك أفضل من الأهلي.. وزيزو أفيد للفريق    63.9 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    وزير الخارجية الجزائري يبحث مع أردوغان تطورات الأوضاع الفلسطينية    رويترز عن مسئول إسرائيلي: حماس رفضت المقترح وغيّرت بنوده الرئيسية    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حال ديناصورات مصر

ليلة 24 من إبريل عام 1946، أقلعت عدة أسراب من القاذفات الثقيلة اللانكستر والسبتفاير البريطانية للإغارة على مدينة ميونخ الألمانية وذلك بهدف تحطيم الروح المعنوية للشعب والجيش الألمانيين، حيث كانت ميونخ هى مقر ولادة الحزب النازى وقاعدة انطلاقه وإدارة الرايخ الثالث.. كانت باختصار روح النازيين. كما أنها كانت ضربة انتقامية مبيتة ردا على ما قامت به القوات الجوية الألمانية من تدمير شامل لعدد من المدن البريطانية خلال الشهور الأولى من اندلاع الحرب العالمية الثانية.
كانت نتيجة هذه الغارة المدمرة بكل المقاييس تدمير محطة السكك الحديدية الرئيسية، وأكثر من سبعة آلاف مبنى؛ منها مبنى أكاديمية ألترا والتى كانت أعظم مراكز الدراسات الجيولوجية العلمية فى العالم دون جدال، وكانت تضم قاعاتها ذات الأسقف المرتفعة أهم وأكمل مجموعة حفريات وهياكل عظمية نادرة فى العالم منها عدد أربعة هياكل عظمية ضخمة لديناصورات عمرها 95 مليون سنة اكتشفت بالواحة البحرية بالصحراء الغربية المصرية عام 1911، لم تكن معروفة ولم يعلم بوجودها علماء العالم فى ذلك الوقت.
• • •
قصة هذه الديناصورات واجبة التسجيل فمكتشفها هو العالم الألمانى إرنست فريهر ستروميرفون ريخينباخ المنحدر من أسرة نبيلة، والأستاذ بجامعة ميونخ. بعد تخرجه سافر إرنست إلى مصر وإلى الفيوم أواخر عام 1910 حيث اكتشف هياكل للفيلة والثعابين البحرية الضخمة والخرتيت والقردة وتماسيح وعروس البحر وطيور وسلاحف عاشت بمصر منذ ملايين السنين. وفى العام التالى، وبتمويل محدود جدا وعدد ثلاثة مساعدين مصريين وأربعة جمال، تحرك يوم الثالث من يناير عام 1911 من الفيوم جنوبا إلى الواحة البحرية. ويوم 11 من يناير، بلغ منخفض البحرية والتى كانت معروفة باسم الواحة الصغيرة لعدة قرون. وبعد هبوطهم فى اتجاه قرية منديش، المكان المختار لإقامته، قدم نفسه لمأمور الواحة وطبيبها.
يوم 14 من يناير، بدأ فى استكشاف قاع منخفض الواحة وكانت الأيام الثلاثة التالية مخيبة له حيث وجد فقط حفريات لبعض الكائنات البحرية والتماسيح، وفى اليوم التالى أى 17 من يناير وكان الجو قارس البرودة تحرك صباحا فى اتجاه الشمال وهو فى حالة إحباط شديدة وإرهاق ومر اليوم دون أى إنجاز يذكر فنصبوا الخيام مساء على الجانب الغربى من جبل الديست.
يوم 18 يناير عام 1911 وعلى الجانب الجنوبى من الجبل اكتشف ثلاث عظام ضخمة بأطوال تعدت المتر للقطعة الواحدة وتأكد له أنه أمام أجزاء من هيكل ديناصور خصوصا عندما اكتشف بجوارهم مخلبا ضخما، فسجل أنه اكتشف أول ديناصورات على أرض مصر وقام بتغليف هذه العظام وبعد مسح دقيق لعدة أيام لنفس الموقع اكتشف خلالها هياكل أخرى. تحرك إرنست شمالا عائدا إلى الفيوم ثم للقاهرة حيث ألقى عده محاضرات عن اكتشافاته، وفى أواخر شهر فبراير من نفس العام سافر بباخرة لميونخ ومعه العظام المكتشفة وقضى السنين التالية فى نقل باقى الهياكل وتركيبها بأكاديمية ألترا بميونخ حيث نجح فى تجميع أربعة هياكل عملاقة.
قامت الحرب العالمية الثانية وتم تدمير المتحف والهياكل الأربعة خلال الغارة المذكورة فى أول المقال، وقد ذُكر إرنست فى التاريخ ليس كأول من اكتشف ديناصورات بمصر، بل كالعالم الذى فقد ديناصوراته وثمرة حياته بالكامل. وأوائل القرن الحالى تم اكتشاف هياكل ديناصورات نباتية عملاقة أخرى يبلغ ارتفاعها 28 مترا ووزن الواحدة 80 طنا (سبينوسورس) وذلك بواحة البحرية عن طريق فريق بحث أمريكى من جامعه بنسلفانيا. للأسف، حسب اتفاقية موقعة بين جامعة بنسلفانيا ووزارة البترول تم نقل القطع المكتشفة من الهيكل إلى الولايات المتحدة الأمريكية لترميمها ودراستها، ثم إعادتها لمصر وعودة البعثة لاستكمال استخراج باقى الهيكل العملاق وهو ما تم، ليكتشفوا قيام هيئة التنمية الزراعية بتدمير كامل الموقع وتحطيم باقى الهيكل لمحاولة استزراع هذا القطاع دون تفعيل قانون دراسة الأثر البيئى ولا احترام القرار الوزارى الذى أعلنها محمية طبيعية ثم انسحبوا لعدم صلاحية الأرض للزراعة.
كما أن العظام التى تم ترميمها وإعادتها لمصر تحطمت تماما بقرية البضائع بمطار القاهرة الدولى وتم عرضها محطمة فيما يسمى بالمتحف الجيولوجى المؤسف على كورنيش النيل المؤدى للمعادى بهذه الواحة والتى ألقبها بواحة الديناصورات. أشارت الدراسات العلمية أن واحة البحرية كانت منذ 98 مليون سنة أخطر قطاع على وجه الكرة الأرضية، حيث ضمت تنوعا ضخما من الديناصورات المرعبة آكلة اللحوم ومنها ديناصور غير معروف ولم يطلق عليه اسم حتى اليوم له وجه يشبه الكلب البولدوج، تم اكتشافه أوائل شهر يونيو من عام 2022 عن طريق بعثة مصرية أمريكية برئاسة الباحث المصرى بلال سالم بجامعة أوهايو، وهو خريج قسم علم الأحافير الفقارية بجامعة المنصورة، أنشط جهة علمية بمصر فى هذا المجال.
• • •
مازال التنقيب والبحث جاريا، فرمال مصر تحتضن كنوزا وتاريخا لا حصر لها، مع وجوب الإشارة للاكتشافات الحفرية البالغة الأهمية بالفيوم ومنها الحلقة المفقودة بين السحلية الملك والتى كانت تتحرك على اليابس وحوت اليوم السابح فى محيطات العالم، وبيت الاكتشافات التى تمت بقطاع واحة سيوة وغرب الدلتا. واجب بناء متحف جيولوجى يليق بعظمة مكانة مصر فى هذا المجال بعد مرور أكثر من 35 عاما على هدم متحفها التاريخى الرائع بشارع الشيخ ريحان أمام مسرح الجامعة الأمريكية بميدان التحرير لصالح مترو الأنفاق. كما يجب سن قانون يحظر نقل وانتقاء الحفريات وخروجها من مصر تنفيذا للاتفاقية الدولية التى وقعتها مصر عام 1977.
أخيرا يهمنى تسجيل الآتى وهو صادم بكل المقاييس؛ فبينما وزارة البترول لا تهتم نهائيا بعلم الحفريات التاريخية ولا بالاكتشافات الهائلة لحفريات كائنات ما قبل التاريخ والمنتشرة فى باطن أرض مصر والتى تثير اهتمام المؤسسات العلمية وعلماء العالم منذ أوائل القرن الماضى، وتجذب عشرات بعثات التنقيب المصرية والأجنبية (كل المكتشف طوال ال120 سنة الماضية عبارة عن قشور لما هو فى باطن الأراضى المصرية) والدليل على ذلك الحال المؤسف للمتحف الجيولوجى المصرى فبينما هذا هو موقف وزارة البترول المصرية يتسابق العالم والقطاع الخاص حيال بناء متاحف رائعة لعرض الهياكل والحفريات المكتشفة وطبع المجلدات والكتب الفاخرة وشراء الهياكل المكتشفة بملايين الدولارات لعرضها بمتاحفهم. الهياكل بلغ ثمنها أرقاما فلكية، فقد قامت صالة كريستى للمزادات فى شهر مايو من عام 2022 ببيع هيكل ديناصور تى ريكس بمبلغ 12 ونصف مليون دولار، ونهاية شهر يونيو من عام 2022 قامت صالة سوذبيز للمزادات ببيع هيكل لديناصور يلقب بجورجوسورس بمبلغ 8 ملايين دولار. وعام 2021، تم بيع هيكل ديناصور ارتفاعه 9 أمتار بمبلغ 6 ملايين ونصف المليون دولار، وعام 2020 قامت صالة كريستى للمزادات ببيع هيكل لديناصور تى ريكس بمبلغ 31 مليون دولار ليكون الأغلى حتى اليوم.
كل هذا يحدث بالعالم وبالمؤسسات العلمية الدولية ونحن نحطم ونهمل هذه الكنوز والتى تقدر بملايين الدولارات. هذا غير الثقل العلمى الهائل الذى نال اهتمام عالم اليوم لاستكمال تاريخ الكرة الأرضية (تم إدماج اسم مصر بأسماء عدد من الديناصورات). هذا نداء وطنى قمت بنشره عشرات المرات بالصحف القومية والخاصة، مطلوب من وزارة البترول تشييد متحف جيولوجى حديث ولائق بمكانة مصر لعرض الكم الهائل من الحفريات المكتشفة والتى سيتم اكتشافها مستقبلا بإذن الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.