وزير الصحة يحيل المتغيبين عن العمل للتحقيق بمستشفى مارينا    بالصور- ننشر أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بجنوب سيناء    وزيرة التعاون: مصر تدعم دائمًا الدور المنوط بمجلس الوحدة الاقتصادية العربية    ارتفاع عدد ضحايا مجزرة النصيرات إلى 150 شهيدًا    مصر تواصل جهودها فى تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة (فيديو)    منتخب مصر يطير إلى غينيا بيساو عصر اليوم    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    «سيتفوق على الجميع».. رسالة خاصة من زيدان إلى مبابي    54 ألف طالبًا ب 140 لجنة.. الإسكندرية تنهي استعداداتها لماراثون الثانوية العامة    استمرار حبس المتهم بإلقاء مادة ك أو ية على طليقته في منشأة القناطر    السجن المشدد 5 سنوات لمتهم في إعادة محاكمته بقضية "أحداث كفر حكيم"    "أكليني وهاتي لي هدوم".. آخر ما قالته "آية" ضحية سفاح التجمع    شيرين رضا تعلن بشكل مفاجئ: "قررت الاعتزال"    شاهد فيديو جديد لصفع عمرو دياب أحد المعجبين.. ماذا فعل الشاب؟    ثقافة اسوان يناقش تأثير السيوشال ميديا "فى عرض مسرحى للطفل    الليلة.. صالون "نفرتيتي" يسير على خطى العائلة المقدسة بالأمير طاز    إجراء عاجل من وزير الصحة تجاه المتغيبين عن العمل بمستشفى مارينا المركزي    سما الأولى على الشهادة الإعدادية بالجيزة: نفسى أكون دكتورة مخ وأعصاب    السكة الحديد تعلن جداول قطارات خط «القاهرة - طنطا - المنصورة – دمياط»    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    أبرز 7 غيابات عن منتخب إنجلترا فى يورو 2024    رجال الأعمال تناقش تعزيز مساهمة القطاع الخاص لتحقيق مستهدفات القطاع الزراعي    ناقد فني: نجيب الريحاني كان باكيًا في الحياة ومر بأزمات عصيبة    لماذا الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؟.. مركز الأزهر العالمي يُجيب    تنظيم 6 ورش عمل على هامش مؤتمر الأوقاف الأول عن السنة النبوية (صور)    الكشف على 1237 مريضا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بالمنيا    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    80 شهيدا وعشرات الجرحى فى غارات إسرائيلية على مخيم النصيرات ومناطق بغزة    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    خبير: برنامج تنمية الصعيد في مصر سيكون مثالا يحتذى به في كل دول القارة الإفريقية    الدفاع الروسية: قوات كييف تتكبد خسائر بأكثر من 1600 عسكري وعشرات الطائرات المسيرة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    تضم هذه التخصصات.. موعد مسابقة المعلمين الجديدة 2024    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    الإفتاء توضح حكم تجميع جلود الأضاحي ثم بيعها في مزاد علني بمعرفة جمعية خيرية    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    توجيهات من الصحة بشأن المدن الساحلية تزامنًا مع عيد الأضحى والعطلات الصيفية    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    معسكرات داخلية وخارجية.. اللجنة الأولمبية تتابع خطط الاتحادات استعدادا ل باريس    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    «الدواء»: المرور على 9 آلاف صيدلية وضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ب 7 محافظات    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    ب300 مجزر.. «الزراعة» ترفع درجة الاستعداد القصوى استعدادًا لعيد الأضحى    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق جويدة يكتب: مؤامرة دولية على سيناء.. وهذه هى الشواهد
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 02 - 2010

أعود اليوم إلى سيناء مرة أخرى ربما أفاقت حكوماتنا الرشيدة من نومها العميق الذى اقترب الآن من ثلاثين عاما.. أعود إلى قضية تنمية سيناء التى اجتاحتها السيول فى الأسابيع الأخيرة حيث لا سدود ولا مرافق ولا زراعة أمام طوفان من المياه هو بكل المقاييس رحمة من السماء تحولت إلى نقمة أمام الإهمال وسوء التخطيط واللامبالاة. عادت سيناء الخالية من البشر تدق ناقوس الخطر مع تقارير دولية تؤكد أن هناك مؤامرة يمكن أن نجد أنفسنا أمامها فى أية لحظة تطيح بأمن واستقرار هذا الجزء العزيز من الوطن المصرى.
لكى نقرأ التقارير الدولية حول مستقبل سيناء لابد أن نراجع شواهد كثيرة تؤكد فشل عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.. هناك مؤشرات كثيرة حملت مظاهر هذا الفشل والدليل أن اتفاقات مدريد وكوبنهاجن وأوسلو أصبحت الآن مجرد تاريخ عابر وحبر على ورق..
إن الرئيس باراك أوباما قد بدا فى الفترة الأخيرة متشائما من الوصول إلى حل بين أطراف النزاع فى قضية الصراع العربى الإسرائيلى.. ولم يتردد الرئيس أوباما فى أن يعلن ذلك صراحة عندما أكد أن الحل يبدو أمرا صعبا أمام تشدد جميع الأطراف.. إن إسرائيل ترفض وقف بناء المستوطنات وترفض أى حديث عن الانسحاب من القدس وتعلن صراحة أن القدس الموحدة هى عاصمة الدولة اليهودية الخالية من أى جنس آخر وهى الحلم الإسرائيلى الذى لن تتنازل عنه الدولة العبرية تحت أى ظرف من الظروف.
هذا الكلام الذى أعلنه الرئيس أوباما يتعارض تماما مع كل ما وعد به فى خطابه الشهير فى جامعة القاهرة فى العام الماضى حول قضية السلام فى الشرق الأوسط..
فى المقابل فإن الفلسطينيين منقسمون على أنفسهم ما بين فتح وحماس وإذا كان الطرفان حتى الآن لم يصلا إلى مصالحة مع بعضهما فمن أين سيكون ومع من يكون التفاوض حول عملية السلام مع حماس أم فتح.. على الجانب الآخر فإن العالم العربى يعيش الآن أسوأ حالات التشرذم والانقسام بين أطراف تسعى للسلام ولا تصل إليه وأطراف أخرى تؤمن بالمقاومة ولا تمارسها.. وقد ترتب على ذلك كله أن القضية الفلسطينية تراجعت كثيرا فى جدول اهتمامات القضايا والصراع الدولى.
منذ سنوات وقضية الإرهاب واحتلال العراق والحرب فى أفغانستان وجنوب السودان ودارفور وما يجرى فى باكستان.. وقبل هذا الصراع بين الغرب وإيران كل هذه القضايا تسبق الآن الصراع العربى الإسرائيلى.. بل إنها تلقى ظلالا كثيفة على هذا الصراع خاصة مع التدخل الإيرانى فى هذا الصراع واستخدامه بقوة للضغط على الغرب والولايات المتحدة الأمريكية..
ومنذ انتقلت القضية الفلسطينية إلى قائمة الصراعات المؤجلة تراجعت كل الأحلام والوعود حول إقامة الدولة الفلسطينية بجوار إسرائيل وقد ساعد على هذا التراجع الصراع الفلسطينى بين فتح وحماس خاصة أن موقف الغرب من حماس لم يتغير منذ إعلان تشكيل حكومة فلسطينية بعد فوز حماس فى الانتخابات التشريعية واستيلائها على غزة.
كل هذه الأحداث مازالت تلقى بظلالها على مستقبل سيناء لأن الحديث الآن لم يعد قاصرا على قيام دولة فلسطينية على جزء من فلسطين ولكن هناك نغمة جديدة تقول إن تسوية الصراع العربى الإسرائيلى وقيام الدولة الفلسطينية ليست قضية إسرائيلية فقط ولكن على الدول العربية أن تتحمل نصيبها فى هذه التسوية خاصة ما يتعلق بالأرض.. هنا يتحدثون عن المنطقة كلها بما فيها الأردن والعراق ومصر وغزة ودول الخليج وإسرائيل.
إن إسرائيل تتحدث الآن كثيرا عن ثوابت لن تتغير يأتى فى مقدمتها الدولة الخالية تماما من أى جنس أو عقيدة أخرى غير الديانة اليهودية.. من هذه الثوابت أيضا قضية القدس والمستوطنات فى الضفة الغربية ومصير 290 ألف إسرائيلى يعيشون فيها والانقسام الدامى بين حماس وفتح واستحالة الوصول إلى اتفاق سلام فى ظل هذا الانقسام.. هنا بدأت إسرائيل تتحدث مرة أخرى عن حل للدولتين ولكن من خلال تضحيات عربية..
فى دراسة نشرتها صحيفة المصرى اليوم أخيرا عن تقرير يقع فى 37 صفحة أعده مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية ونشر فى منتصف الشهر الماضى كان الحديث واضحا عن مستقبل سيناء كما تراه إسرائيل.. التقرير أعده لواء احتياط هو «جيورا ايلاند» مستشار الأمن القومى السابق فى إسرائيل وحمل عنوان «البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين».
يضع التقرير بعض الملاحظات الأولية والتى تؤكد أن حل القضية الفلسطينية ليس مسئولية إسرائيل وحدها ولكنه مسئولية العرب جميعا خاصة مصر والأردن ولابد من وجود حل إقليمى متعدد الأطراف بين إسرائيل والدول العربية لقد أصبح من الصعب أن تتحمل إسرائيل مسئولية هذا الحل أمام ضيق المساحة وزيادة السكان لأن إقامة دولة فلسطينية على أرض إسرائيلية يضرب نظرية الأمن الإسرائيلى والدولة اليهودية..
إنه من الصعب جدا إيجاد حل لأكثر من 290 ألف مستوطن إسرائيلى يعيشون فى الضفة الغربية ومعنى انسحاب إسرائيل من هذه المناطق حرمانها من عمقها الإستراتيجى وجزء كبير من مؤسساتها الدينية فى الضفة الغربية والتى تحتل مكانة خاصة فى الفكر الدينى اليهودى.. ومن هنا يصبح من الضرورى أن يكون حل القضية الفلسطينية وإقامة دولة للفلسطينيين حلا عربيا إسرائيليا تشارك فيه إسرائيل ومصر والأردن والشعب الفلسطينى.
هذا الكلام لم يكن غريبا فقد أعلنه وزير خارجية إنجلترا الأسبق ديفيد أوين وهو يتحدث فى القاهرة منذ شهور عن مستقبل السلام فى الشرق الأوسط، هذا المشروع الذى تطرحه إسرائيل يعكس نوايا خطيرة تجاه سيناء يجب أن نضعها أمام أعيننا لأنها تعكس بالفعل فكرا عدوانيا واضحا وصريحا فى ظل أحاديث لا تنتهى عن السلام والاستقرار والأمن فى المنطقة.
يقول التقرير:
تتنازل مصر عن 720 كيلومترا مربعا من أراضى سيناء للدولة الفلسطينية المقترحة وهذه المساحة عبارة عن مستطيل يمتد ضلعه الأول على مساحة 24 كيلو مترا مربعا على ساحل البحر المتوسط من مدينة رفح غربا حتى حدود مدينة العريش.. بينما يمتد ضلع المستطيل الثانى على مساحة بطول 30 كيلومترا مربعا من غرب كرم أبوسالم ويمتد جنوبا بموازاة الحدود المصرية الإسرائيلية..
إن هذه المساحة 720 كيلومترا التى سيتم ضمها سوف تضاعف مساحة غزة ثلاث مرات، حيث إن مساحة غزة الآن 265 كيلومترا مربعا وهذه المساحة التى ستتنازل مصر عنها فى سيناء توازى 12% من مساحة الضفة الغربية لتدخل ضمن الأراضى الإسرائيلية بحيث تستوعب المستوطنات وما فيها من سكان، فى المقابل تحصل مصر على مساحة أقل قليلا من 720 كيلومترا مربعا من إسرائيل فى صحراء النقب وبالتحديد فى منطقة وادى الفيران..
يقول التقرير الإسرائيلى الخطير: إن هذا التقسيم سوف يحقق مكاسب كبيرة لجميع الأطراف، بالنسبة للدولة الفلسطينية سوف يتحقق لها اقتصاد مستقر وتنمية مستدامه حيث ستحصل على 24 كيلومترا مربعا على شاطئ البحر المتوسط ومياه إقليمية تصل إلى 9 أميال داخل البحر بما فيها من حقول الغاز وميناء دولى كبير ومطار دولى على بعد 25 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل بجانب إقامة مدينة فلسطينية جديدة على أرض سيناء تستوعب مليون شخص هم الزيادة المحتملة لسكان قطاع غزة فى السنوات القليلة المقبلة.. وهذا الامتداد فى أرض سيناء سوف يخلق واقعا اقتصاديا جديدا على المنطقة كلها كما أن إسرائيل سوف تتحكم فى حركة التجارة بين دول الخليج ودول أوروبا والبحر المتوسط، وهنا يجب أن نتوقف عند هذا التقرير الخطير.
أما مصر فسوف تحصل على أرض فى صحراء النقب مقابل تنازلها عن هذا الجزء من سيناء وسوف تسمح إسرائيل بإقامة نفق يعبر من الأراضى الإسرائيلية يصل بين مصر والأردن بطول 10 كيلومترات وهذا يفتح الطريق أمام تواصل مصر والأردن والعراق والسعودية ودول الخليج بريا.
من بين المكاسب التى ستحصل مصر عليها أيضا كما يقول التقرير أن الغرب سوف يساعدها على إقامة محطات نووية للكهرباء وتحلية مياه البحر والتكنولوجيا المتقدمة أمام نقص المياه المحتمل فى نهر النيل فى السنوات المقبلة مما سيفرض على مصر ضرورة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فى تحلية مياه البحر.
هنا أيضا يؤكد التقرير أن الحدود بين مصر وإسرائيل سوف تتغير تماما بحيث يمكن أن تسمح إسرائيل لمصر بإجراء تعديلات على حجم القوات المصرية فى سيناء بحيث تتحقق السيطرة المصرية الكاملة على سيناء.. وبهذا ينتهى الصراع العربى الإسرائيلى تماما، أما مكاسب الأردن من هذا المشروع فهى أكثر الأطراف استفادة، حيث ستقام شبكة من الأنفاق والسكك الحديدية والمواصلات بين ميناء غزة والأردن وسوف يضع ذلك نهاية للحساسيات بين سكان الأردن الأردنيين والفلسطينيين حول ما يسمى الوطن البديل لأن غالبية سكان الأردن من أصل فلسطينى وسوف ينتهى الحديث عن هذا الجانب الذى يهدد استقرار الدولة الهاشمية.
نأتى فى النهاية إلى مكاسب إسرائيل التى يؤكدها هذا التقرير ومن أهمها أن إسرائيل سوف تحصل على 12% من الضفة الغربية التى توجد فيها الأماكن المقدسة للشعب اليهودى وفيها أيضا مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين يعيشون فى المستوطنات وهذا المشروع سيؤدى فى النهاية إلى فتح آفاق التعاون بين غزة وإسرائيل وبقية الدول العربية، حيث سيكون هناك منفذ لدول الخليج على البحر المتوسط لأول مرة من خلال ميناء غزة وشبكة واسعة من المواصلات..
هذا هو المشروع الذى تروج له إسرائيل الآن وكما هو واضح فيه أنه يضع الأساس لقيام دولة إسرائيل الكبرى فى قلب العالم العربى، حيث يضع خطة لشبكة من المواصلات تربط بين غزة والأردن والسعودية ومصر والعراق ودول البحر المتوسط وكل هذه القنوات سوف تعبر من خلال أنفاق داخل الدولة العبرية أى أنها ستحصل على رسوم عبور من كل سيارة تعبر هذه الأنفاق، كما أن إسرائيل سوف تتحكم فى حركة التجارة بين دول الخليج ودول أوروبا والبحر المتوسط..
وهنا يجب أن نتوقف عند هذا التقرير الخطير، إن مصر سوف تتنازل عن مساحة من الأراضى فى أهم المواقع فى سيناء منها 24 كيلومترا من الشواطئ على البحر المتوسط مقابل أرض صحراوية لا تصلح لشىء على الإطلاق فى وادى الفيران فى صحراء النقب والاسم يكفى لكى نعرف طبيعة هذه الأرض حيث لا زرع ولا بشر، إنها أطلال صحراوية قديمة لا تصلح لأى شىء على الإطلاق.
إن هذا المشروع الذى يسعى إلى ربط دول الخليج بقطاع غزة من خلال إسرائيل سوف يضر كثيرا بحركة الملاحة فى قناة السويس وربما أصبح بديلا بريا فى السنوات المقبلة، حيث ستكون الرسوم والوقت والتكاليف أقل بكثير وكلنا نعلم أن إسرائيل تسعى دائما لإنشاء مشروع بديل عن قناة السويس سواء كان بريا أم بحريا..
إن هناك وهما قديما حول تنمية مصر من خلال معونات غربية وهذه الوعود لم يتحقق منها شىء ابتداء بمشروع يشبه مشروع مارشال فى أوروبا لإعادة بناء ما خربته الحرب وما تردد من أحاديث حول مشروع مشابه بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ولم يتحقق شىء من ذلك كله.. كما أن الدول الغربية لم تنفذ تعهدات كثيرة بالتعاون مع الحكومة المصرية لبناء الاقتصاد المصرى وفتح مجالات أوسع للتنمية البشرية، إن إسرائيل سوف تستخدم شبكة المواصلات التى ستقام من خلال الطرق والأنفاق بين غزة والأردن من جانب ومصر والأردن من جانب آخر للوصول إلى منابع البترول فى دول الخليج وفتح أسواق هذه الدول للصناعة الإسرائيلية التى تنتظر هذه اللحظة منذ زمان بعيد،
هذا هو المشروع الذى نشر أخيرا ويتحدث عن مستقبل المنطقة وتسوية الصراع العربى الإسرائيلى فى ظل دولة إسرائيل الكبرى التى ستحصل على جزء كبير من سيناء للفلسطينيين وجزء من الضفة الغربية لبقاء المستوطنات ولا يتحدث التقرير عن شىء اسمه القدس أو عودة اللاجئين إلى ديارهم، لقد توقفت كثيرا فى هذا التقرير عند مستقبل غزة ولم أستطع أن أتجاهل هذا الإهمال المقصود فى تنمية سيناء والتركيز على بعض المناطق فيها خاصة مشروعات الاستثمار السياحى.. فهل هناك نوايا سيئة وراء هذا الإهمال..
إن المشروع يتحدث عن شواطئ سيناء على البحر المتوسط وكيف سيكون مستقبلها فى ظل قيام الدولة الفلسطينية والملاحظ أن هذه الشواطئ لم تشهد شيئا من مظاهر التنمية الاقتصادية طوال ربع قرن من الزمان، إن جميع المشروعات التى أقيمت فى سيناء خاصة التنمية السياحية كانت على شواطئ شرم الشيخ والغردقة أما منطقة العريش وتوابعها فقد بقيت على حالها خالية من المشروعات والبشر فهل يعنى ذلك أنها تنتظر مستقبلا آخر خارج حدودها المصرية وبماذا نفسر هذا الإهمال الواضح والصريح فى كل مشروعات تنمية سيناء.. هل هناك تعهدات ما بشىء ما لا يعلمه المصريون وربما يفاجأون به يوما؟!
هل تنتظر إسرائيل والدول الغربية التى تساند هذا المشروع لحظة معينة تمر بها مصر أمام ظروف اقتصادية صعبة أو تحولات مهمة لتجد فرصة لتنفيذ هذا المشروع أمام احتياج مصرى ملح للدعم المالى أو الاقتصادى؟
هل تنتظر إسرائيل والدول الغربية حالة ارتباك داخلى يمكن أن تجعل هذا الحل أمرا عاديا ومقبولا من أطراف كثيرة.. هل يمكن أن تلوح إسرائيل بمجالات للتعاون التكنولوجى ربما تفتح أبوابا للحوار حول هذه القضية.
إن هناك شواهد خطيرة تجعل هذه القضية تطرح نفسها بشدة وكان أخطرها وقف إنشاء جسر يربط بين مصر والسعودية فى اللحظات الأخيرة وقيل يومها إن إسرائيل كانت وراء ذلك ولا شك أن وقف بناء هذا الجسر يمثل خسارة كبيرة للجانب العربى..
إن إسرائيل تشجع بشدة زيادة حدة الصراع بين فتح وحماس وما يترتب على ذلك من حساسيات بين أبناء الشعب الفلسطينى يضاف لذلك ما يحدث من حساسيات مشابهة ومواجهات بين مصر وحماس حول الحدود مع غزة وكان آخرها ما حدث بسبب الجدار العازل الذى تقيمه مصر على الحدود مع غزة.. هل تنتظر إسرائيل أن يأتى الشخص المناسب لإبرام هذه الصفقة حول سيناء بحيث تكون هى الحل البديل لقيام الدولة الفلسطينية.
كل هذه المؤشرات تجعلنا أكثر إصرارا على أن نطالب بتنمية سيناء وأن ندفع الملايين من سكان الدلتا للانتقال إلى هذا الجزء العزيز من الوطن.. يجب أن نفتح كل الأبواب بلا خوف أو حساسيات حول هذه القضية لأن ما ينشر الآن فى الخارج حول مستقبل سيناء يحمل أفكارا كثيرة تهدد مستقبل مصر وأمنها القومى، وبجانب هذا فلا يمكن لنا أن نتجاهل فى هذا السياق العدوان الإسرائيلى على جنوب لبنان وحزب الله والاعتداء الإسرائيلى على غزة وطبول الحرب التى تدقها عصابة تل أبيب من وقت لآخر ورسائل التهديد التى تبعثها إلى الحكومات العربية فى كل المناسبات وآخر التهديدات الإسرائيلية ما أعلنه وزير خارجيتها بقدرة إسرائيل على اجتياح دمشق وإسقاط حكم الرئيس الأسد.. هذه كلها مؤشرات وأدلة تؤكد أن إسرائيل ستبقى مجتمعا عدوانيا يهدد مستقبل هذه الأمة..
المهم فى ذلك كله هو مستقبل سيناء.. ومازال للحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.