بعد ارتفاعه أربعة أشهر متتالية، تراجع المؤشر العام للمرصد الاقتصادى، الذى يقيس انعكاسات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصرى، خلال ديسمبر، ووصل إلى 161.8 نقطة مقابل 199.6 نقطة فى نوفمبر، تبعا لبيانات المرصد، الذى تعده وزارة التنمية الاقتصادية، مع ثلاث جهات اقتصادية أخرى. وبحسب المرصد، كلما اقتربت قيمة المؤشر من 100، فإن هذا يعنى عودة الوضع لمستوى ما قبل الأزمة، وزيادة المؤشر على 100 نقطة، تعنى التحسن مقارنة بالوضع قبل الأزمة. ويعتمد المرصد فى تقييمه على عدد من المؤشرات، تشمل الأنشطة الإنتاجية والتمويلية، والاحتفاظ بالعمالة، وحجم الاستهلاك المحلى، وأسعار السلع، بالإضافة إلى الثقة فى الأداء الاقتصادى. «السبب الرئيس لتراجع المؤشر فى ديسمبر هو انخفاض مؤشرى التشغيل والاستهلاك المحلى»، على حد تبرير المرصد، والذى أظهر تراجع التشغيل بنسبة 33.4% خلال ديسمبر، مُرجعا ذلك إلى انخفاض معدل احتفاظ العاملين المصريين بوظائفهم فى الخارج بنسبة 36.6%. وفى المقابل «تعافى مؤشر الاحتفاظ بالعمالة فى السوق المصرية، ليصل إلى 100 نقطة، مما يشير إلى احتفاظ كامل العمالة المصرية بوظائفها»، تبعا للتعبير الوارد فى التقرير. وكان مؤشر الطلب على العمالة المصرية، محليا وخارجيا، قد ارتفع خلال شهر ديسمبر بنسبة 158%، مقارنة بشهر نوفمبر، طبقا لما جاء فى نشرة المؤشرات الاقتصادية التى أصدرها مركز معلومات مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن الزيادة الأعلى جاءت فى الطلب المحلى على العمالة المصرية بنسبة 210% خلال ديسمبر مقارنة بنوفمبر، فى الوقت الذى سجل فيه مؤشر الطلب الخارجى على العمالة المصرية ارتفاعا بلغ 27% فقط. ومن جهته، يشير هانى جنينة، محلل اقتصاد فى بنك الاستثمار فاروس، إلى أن «العديد من المؤشرات الاقتصادية تدل على أن التوظيف المحلى لا يعانى من أى مشكلة»، ضاربا مثالا بأداء الشركات ومبيعاتها، والتى تظهر تحسنا قويا منذ بداية 2009، «وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا غير مباشر على أن هذه الشركات فى وضع جيد لا يجعلها تستغنى عن موظفيها»، تبعا لجنينة. وبالنسبة للعامل الثانى الذى أثر سلبا على قيمة المؤشر العام المرصد، والمتمثل فى الاستهلاك المحلى، فإنه تراجع بنسبة 8.22% فى ديسمبر، ليصل إلى 126.1 نقطة، مقابل 137.4 نقطة فى نوفمبر. واعتبرت إنجى الديوانى، محللة قطاع الاستهلاك فى سى أى كابيتال لتداول الأوراق المالية، «هذا التراجع أمرا طبيعيا»، مستندة فى ذلك إلى أن الاستهلاك المحلى فى نوفمبر كان مرتفعا جدا، بسبب عيد الأضحى، حيث عادة ما يرتفع الطلب فى فترة الأعياد، وبالتالى جاء رقم ديسمبر منخفضا، مقارنة بنوفمبر»، تبعا للمحللة. وقد أرجع التقرير انخفاض الاستهلاك إلى تراجع مؤشرى مبيعات سيارات الركوب والاستخدامات المنزلية للكهرباء، حيث انخفض الأول بنسبة 12.2%، فى حين وصلت نسبة التراجع فى المؤشر الثانى إلى 2.8%. إلا أن تقرير مركز معلومات تجارة السيارات «أميك» لشهر ديسمبر، كان قد أظهر ارتفاع مبيعات سيارات الركوب فى السوق المصرية خلال ديسمبر الماضى، بنسبة 5.39%، مقارنة بنوفمبر السابق له، لتصل إلى 15.473 ألف سيارة. وفى هذا السياق، أشار جنينة أيضا إلى أن أغلبية مبيعات شركات السلع الاستهلاكية «تُظهر تعافيا واضحا منذ بداية العام الحالى، بعد تدهورها بشدة فى أواخر العام الماضى»، ضاربا مثالا بشركة أوليمبيك إليكتريك، التى ارتفعت مبيعاتها إلى 726 مليون جنيه فى الربع الثالث من العام الحالى، مقابل 632 مليون فى الربع الثانى من نفس العام، و598 مليون فى الربع الأول. كما أن مبيعات جى بى أوتو من سيارات الركوب كانت قد زادت من 375 مليون جنيه فى الربع الأول من العام الحالى، إلى 714 مليونا فى الربع الثانى، ثم إلى 890 مليونا فى الربع الثالث. «وليس هذا فقط، فمبيعات أغلبية شركات السلع الاستهلاكية تسجل معدلات نمو عالية منذ بداية العام، وهذا مؤشرا على زيادة الطلب وتحسن معدلات الاستهلاك الخاص»، تبعا لجنينة، والذى برهن أيضا على كلامه بارتفاع معدلات قروض القطاع العائلى خلال الشهور الأخيرة. وبحسب بيانات البنك المركزى، ارتفع معدل اقتراض القطاع العائلى بنسبة 3% فى ديسمبر 2009، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضى، كما زاد أيضا هذا المعدل، على أساس شهرى، ليرتفع إلى 4.3% فى ديسمبر، مقارنة بنوفمبر.