«نعم مصر سوف تتأثر بتداعيات الأزمة الأوكرانية، لكن على المصريين أن يهدأوا، وألا يشعروا بالقلق». هذا هو مضمون الرسالة التى كررتها الحكومة المصرية مرارا وتكرارا فى الأيام الماضية. يوم الإثنين الماضى التقى وزير المالية الدكتور محمد معيط مع بعض رؤساء تحرير الصحف ورؤساء مجالس الإدارة بحضور رئيس المجلس الأعلى للإعلام ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة ونقيب الصحفيين فى مكتبه بالعباسية، وشرح لهم الصورة كاملة وتأثيرات الأزمة على إعداد الموازنة، والرسالة الأساسية للوزير هى طمأنة المصريين بأن الأوضاع مستقرة وتحت السيطرة. هو قال بوضوح إن مصر مرت بظروف صعبة كثيرة وتجاوزتها بنجاح، خصوصا بعد عملية الإصلاح الاقتصادى عام 2016، ثم جائحة كورونا وأخيرا مع بطء وتعطل سلاسل الإمدادات. الوزير قال إن كل الأزمات لم تؤثر على استراتيجية الحكومة فى خلق فرص عمل كثيرة للشباب وتشجيع القطاع الخاص، والتوسع فى امتداد التأمين الصحى وتطوير التعليم والتوسع فى إنشاء الجامعات الأهلية والخاصة والشراكة مع الجامعات الأجنبية، لكن كل ذلك لن يتم إلا بجهد كبير من الجميع وأن «نجرى، وننمو، ونعمل العديد من المشاريع من أجل توفير فرص العمل للشباب». الوزير قال بوضوح إن الدولة وفرت وأمنت القمح اللازم للخبز المدعم، وهو عبارة عن 6 ملايين طن مستورد و3٫5 مليون طن من القمح المحلى سيتم توريدها قريبا، وبالتالى فلا قلق على القمح والخبز حتى نهاية العام الحالى. وبالتالى فما نعمل عليه الآن هو مزيد من توفير القمح لتخزينه فى الصوامع ليكون احتياطيا آمنا بعد نهاية هذا العام، حتى نرى تطورات الصراع. معيط قال بوضوح إن ذراع الدولة ينبغى ألا يغيب أبدا، ودوره صار واضحا الآن فى الحفاظ على استقرار الأسواق ونطمئن ألا يحاول أحد استغلال المواطن، ويتضح ذلك فى توفير الخبز المدعم أولا، وكذلك استقرار أسعار اللحوم لسنوات طويلة، كما أن الدولة تشجع التنافسية وتراقب الأسواق ولا تسمح لمن يحاول الخروج على ذلك، إضافة إلى تشجيع القطاع الخاص ليكون أيضا ذراعا مساعدة. فى رأى الدكتور معيط فإننا جميعا الآن الدولة والحكومة والشعب فى مركب واحد، وبالتالى فالهدف هو أن نمر من هذه الأزمة بأقل الأضرار الممكنة، والحفاظ على استقرار الدولة، لأن البديل مخيف لا قدر الله، وعلى الجميع أن يدرك أن هذه الأزمة خارجة عن إرادتنا جميعا. بعد هذه الطمأنة الواضحة من وزير المالية توالت عمليات الطمأنة الحكومية وكان أبرزها من مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى خصوصا خلال الاجتماع الأسبوعى يوم الخميس الماضى، حيث أكد على استمرار الحكومة فى مراجعة موقف توافر السلع وحركة الأسواق المحلية وأن تكون هناك أسعار استرشادية عادلة للسلع لمحاربة جشع بعض التجار، والتصدى لأى ممارسات غير مقبولة تتعلق باحتكار أو إخفاء أى سلع أو رفع أسعارها وإعداد قوائم سوداء للتجار الجشعين. كما أعلنت وزارة التموين أن هناك احتياطات كافية من جميع السلع الأساسية. وطرحت كميات كبيرة من الدواجن فى المجمعات بتخفيض 20٪، وأعلنت الوزارة عن وجود تنسيق مع منافذ آمان التابعة لوزارة الداخلية لتوفير احتياجات المواطنين. فى نفس اليوم أصدرت وزيرة التجارة نيفين جامع قرارا بحظر تصدير 5 سلع لمدة ثلاثة أشهر وهى القمح والعدس والفول والمكرونة والدقيق. وفى هذا اليوم أيضا كانت النيابة العامة تقرر حبس 12 متهما، جمعوا سلعا تموينية ومنعوا بيعها للمواطنين. كل ما سبق تحركات حكومية جيدة ومهمة ومقدرة، لكن الطريقة المثلى لطمأنة الناس هو أن تصل الرسالة واضحة لهم على أرض الواقع، بمعنى أنه حينما يتوجه المواطن للسوق ليشترى السلع الأساسية المختلفة يجدها متوافرة أولا، وأن تكون أسعارها فى متناول يده ثانيا، كما كانت قبل الأزمة، أو أنها زادت ولكن بصورة تتناسب مع الزيادة العالمية فعلا، وليست بصورة عشوائية وعلى هوى كل تاجر، خصوصا أن التضخم السنوى ارتفع 10٪ خلال فبراير الماضى، والشهرى زاد بنسبة 2٪. والسؤال: هل ما تقوله الحكومة مطبق بالفعل على أرض الواقع؟! سؤال يحتاج إلى إجابة صادقة وواقعية.