البابا تواضروس يهنئ بالأعياد الوطنية ويشيد بفيلم "السرب"    للتهنئة بعيد القيامة.. البابا تواضروس يستقبل رئيس الكنيسة الأسقفية    وزير الأعمال الإيطالي ل«الشروق»: مصر و8 دول تستفيد من المرحلة الأولى لخطة ماتي التنموية    عاجل - متى موعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 وكيفية ضبط الساعة يدويا؟    زيلينسكي يعرب عن ارتياحه إزاء حزمة المساعدات الأمريكية لأوكرانيا    زيلينسكي: روسيا تسعى لعرقلة قمة السلام في سويسرا    الرئيس السيسي: مصر تملك منشآت رياضية تليق بمكانتها وشعبها    نوران جوهر تتأهل لنصف نهائى بطولة الجونة الدولية للإسكواش    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص إثر اندلاع حريق بمنزل في أسيوط    ما هي نتاج اجتماع نقابتي الصحفيين والمهن التمثيلية بشأن تغطية الجنازات؟    بروتوكول تعاون بين «هيئة الدواء» وكلية الصيدلة جامعة القاهرة    هل تقتحم إسرائيل رفح الفلسطينية ولماذا استقال قادة بجيش الاحتلال.. اللواء سمير فرج يوضح    إدخال 215 شاحنة إلى قطاع غزة من معبري رفح البري وكرم أبو سالم    "كولومبيا" لها تاريخ نضالي من فيتنام إلى غزة... كل ما تريد معرفته عن جامعة الثوار في أمريكا    مخاوف في تل أبيب من اعتقال نتنياهو وقيادات إسرائيلية .. تفاصيل    مستقبل وطن يكرم أوائل الطلبة والمتفوقين على مستوى محافظة الأقصر    وزير الاتصالات يؤكد أهمية توافر الكفاءات الرقمية لجذب الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى    سبورت: برشلونة أغلق الباب أمام سان جيرمان بشأن لامين جمال    متابعات ميدانية مكثفة ل 30 هيئة شبابية ورياضية بالقليوبية    نقلًا عن مصادر حكومية.. عزة مصطفى تكشف موعد وقف تخفيف أحمال الكهرباء    مدير «مكافحة الإدمان»: 500% زيادة في عدد الاتصالات لطلب العلاج بعد انتهاء الموسم الرمضاني (حوار)    بدءا من الجمعة، مواعيد تشغيل جديدة للخط الثالث للمترو تعرف عليها    مهرجان أسوان يناقش صورة المرأة في السينما العربية خلال عام في دورته الثامنة    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    دعاء الستر وراحة البال والفرج.. ردده يحفظك ويوسع رزقك ويبعد عنك الأذى    خالد الجندي: الاستعاذة بالله تكون من شياطين الإنس والجن (فيديو)    أمين الفتوى: التاجر الصدوق مع الشهداء.. وهذا حكم المغالاة في الأسعار    حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه    محافظ الإسكندرية أمام مؤتمر المناعة: مستعدون لتخصيص أرض لإنشاء مستشفى متكامل لعلاج أمراض الصدر والحساسية (صور)    متحدث «الصحة» : هؤلاء ممنوعون من الخروج من المنزل أثناء الموجة الحارة (فيديو)    أزمة الضمير الرياضى    منى الحسيني ل البوابة نيوز : نعمة الافوكاتو وحق عرب عشرة على عشرة وسر إلهي مبالغ فيه    بعد إنقاذها من الغرق الكامل بقناة السويس.. ارتفاع نسب ميل سفينة البضائع "لاباتروس" في بورسعيد- صور    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    منتخب الناشئين يفوز على المغرب ويتصدر بطولة شمال إفريقيا الودية    سيناء من التحرير للتعمير    البورصة تقرر قيد «أكت فاينانشال» تمهيداً للطرح برأسمال 765 مليون جنيه    فوز مصر بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    10 توصيات لأول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي وانتهاك الملكية الفكرية لوزارة العدل    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    وداعاً للبرازيلي.. صدى البلد ترصد حصاد محصول البن بالقناطر| صور    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    ضبط 16965 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    «التابعي»: نسبة فوز الزمالك على دريمز 60%.. وشيكابالا وزيزو الأفضل للعب أساسيًا بغانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصيب المصري من المياه العذبة أقل من حد الندرة ويستخدم 85% منها في الزراعة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 01 - 2010

تمثل مياه المحيطات والبحار المالحة فى العالم نسبة 97.5% من مجموع المياه فى الكرة الأرضية فى حين لا تمثل المياه العذبة أكثر من 2.5%، وبهذا يمكن تشبيه المياه العذبة فى كوكب الأرض بملء ملعقة صغيرة من المياه بالنسبة إلى مغطس مملوء بالمياه المالحة.
وليت الأمر يتوقف عند هذه النسبة الصغيرة من المياه العذبة بل إن 70% من هذه فى العالم متجمدة فى القطبين الشمالى والجنوبى وقمم الجبال الشاهقة ولا يمكن الاستفادة منها و30% موجودة على صورة مياه جوفية مختلفة الأعماق فى حين لا تمثل مياه الأنهار الجارية والبحيرات العذبة أكثر من 0.3% فقط من مجموع المياه العذبة فى العالم.
ومن هذه المياه العذبة تمتلك دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة لا تزيد على 1% من المياه فى العالم لعدد سكان يبلغ نحو 5% من سكان العالم لذلك تعانى جميع الدول العربية (باستثناء العراق) من ندرة فى المياه حيث يبلغ نصيب الفرد فيها أقل من ألف متر مكعب من المياه العذبة وهو الحد الذى اتفق عليه كحد للندرة بما يمثله من الحد الأدنى من احتياجات البشر من المياه فى مختلف أنشطة الحياة من مشرب ومأكل واستخدامات منزلية وصناعية. فعليا لا يستهلك الإنسان فى شرابه أكثر من 2 4 لتر يوميا إلا أنه يأكل مياه خلال غذائه تتراوح بين ألفين وأربعة آلاف متر مكعب يوميا!.
لذلك تعد الزراعة هى المستخدم الأعظم للمياه العذبة فى العالم بمتوسط عام يبلغ 70% مقابل 22% لاستخدامات القطاع الصناعى و8% للقطاع المنزلى. وعلى الرغم من ندرة المياه فى مصر والدول العربية فإن الزراعة تتجاوز نسب المتوسط العالمى حيث تستهلك نحو 85% من المياه العذبة ولا تشارك فى الناتج القومى الكلى GDP إلا بنسب لا تتجاوز 20% فقط، فى حين لا تتجاوز نسب استنزاف الزراعة للمياه فى دول أمريكا الشمالية أكثر من 39%، وفى أوروبا فقط 33% وحتى فى دول أمريكا الجنوبية لا تتجاوز هذه النسبة 70%.
وتشارك الزراعة فى الناتج القومى الكلى لجميع هذه الدول بمتوسط يتراوح بين 30 و40% حيث تعد الصناعة هى المستهلك الأكبر للمياه فى هذه الدول كدول صناعية كبرى وأيضا دول ذات كثافة سكانية منخفضة ومعدلات زيادة سكانية قليلة إضافة إلى تطبيقات عالية للتكنولوجيا فى الإنتاج الزراعى حيث إن نسب منخفضة من السكان لا تتجاوز 3 4% تكون قادرة على إطعام باقى شعوبها وتحقيق فائض للتصدير، فى حين أن 60 80% من تعداد سكان الدول النامية والعاملين فى القطاع الزراعى غير قادرة على إطعام باقى شعوبها وتستورد كميات كبيرة من الغذاء.
وعلى الرغم من أن لدينا الكثير من الاعتراضات على أن مشاركة القطاع الزراعى فى الناتج القومى المصرى لا تتجاوز 20% وأنها تستوعب عمالة لا تتجاوز 30% من القوى العاملة، لأن هناك العديد من الجهات والمهن التى تعتمد على الزراعة تصنف بالخطأ على أنها تتبع قطاعات الصناعة أو التجارة أو الاستثمار (مثل المطاحن والمخابز والأفران السوبر ماركت محال بيع اللحوم والدواجن والبيض والألبان مصانع ومدابغ الجلود مصانع النسيج والخيوط والأصواف والملابس الجاهزة نجارة وأثاث آلات زراعية وجرارات تقاوى وأسمدة ومبيدات وحبوب وعلافة مصانع زيوت ومسلى وزبد ومضارب أرز محال زهور وعطور.... إلخ) إلا أن هناك ضرورة كبيرة لترشيد استخدامات المياه فى مصر على الرغم من أنه المتفق عليه عالميا أن العائد من المتر المكعب من المياه فى القطاعات التجارية والعقارية والصناعية يدر عائدا يتراوح بين 15 و50 ضعف العائد من الزراعة إلا أنه يجب ألا يغفل الجميع إلى أنه المتفق عليه عالميا أيضا أن الزراعة هى المنتج الوحيد للغذاء وأن الأمن الغذائى فى العالم هو العمود الفقرى للاستقرار المجتمعى.
ويمكن إيضاح العائد من المتر المكعب من المياه فى القطاع الزراعى بالتركيز على إنتاج الغذاء من الحاصلات والغذاء غير المستنزفة للمياه. فإنتاج رأس واحدة من الماشية (بقرا أم جاموسا) يستهلك أربعة آلاف متر مكعب من المياه فى حين أن إنتاج رأس الضان يستهلك 500 م3، كما أن إنتاج كيلوجرام من لحوم البقر يستهلك 15 م3 مقابل 10 م3 فى الخراف وفقط 6 م3 لكيلو لحوم الدواجن، ويحتاج إنتاج لتر اللبن إلى نحو 6 م3 من المياه.
وفى إنتاج الحبوب والبقول والخضراوات والفاكهة نجد أن إنتاج كيلوجرام واحد من الحبوب والبقول والدرنات والفاكهة والخضراوات يستهلك من 1 1.5م3 من المياه ويتطلب لتر زيت النخيل نحو 2 م3. وبالمثل أيضا نجد أن إنتاج الكيلوجرام من الأرز أو السكر يستهلك نحو 4 6 أضعاف كميات المياه اللازمة لإنتاج نفس الكمية من القمح أو البقول وباقى الحبوب. وإذا نظرنا إلى القيمة المضافة «العائد الصافى» من استخدامات المياه فى الزراعة بالأسعار الحالية المنخفضة للحاصلات الزراعية فى البورصات العالمية نجد أن محصولى الأرز وقصب السكر لا يدران عائدا أكثر من 15 قرشا لكل متر مكعب من المياه مقابل 35 قرشا لسكر البنجر و38 قرشا فى الذرة الصفراء و 44 قرشا للبطاطس وجنيها كاملا إلى جنيهين فى القمح والطماطم والقطن طبقا لتقديرات البنك الدولى.
ولكن فى أحوال كثيرة قد لا يتوقف الأمر فقط على الكمية المطلقة من المياه التى يستهلكها محصول مستنزف للمياه مثل الأرز أو قصب السكر ولكن الأمر يتطلب نظرة أعمق وحسابات أكثر تعقلا. فعلى سبيل المثال يبلغ سعر طن الأرز حاليا فى البورصات العالمية ألف دولار للطن بينما سعر طن القمح حاليا لا يتجاوز 200 دولار للطن، كما أن فدان القمح يغل نحو 2.5 طن فقط كمحصول ويستهلك نحو 3000 متر مكعب من المياه، فى حين يغل فدان الأرز نحو 3.5 طن ويستهلك بين 6 آلاف متر مكعب من المياه فى الأصناف الجديدة و9 آلاف فى الأصناف القديمة (بمتوسط سبعة آلاف متر مكعب من المياه) وبالتالى فإن تصدير كل طن من الأرز الأعلى فى إنتاجية الفدان يمكن أن نستورد بعائدة خمسة أطنان من القمح!! وكأن فدان الأرز (3.5 طن محصول) يمكن أن يستورد نحو 17 طنا من القمح وهى تمثل محصول نحو سبعة أفدنة من زراعات القمح، ولذلك فعند مقارنة العائد من المتر المكعب للمياه فى محصولى القمح والأرز يكون إنتاج طن القمح (المستورد من تصدير الأرز) يستهلك كمية من المياه لا تتجاوز 500 متر مكعب بالمقارنة بالاستهلاك الفعلى لمحصول القمح من المياه فى مصر والتى تبلغ ألف ومائتى متر مكعب من المياه لكل طن قمح وبالتالى ففى حال ارتفاع أسعار الأرز فى الأسواق العالمية يكون العائد من المتر المكعب من المياه أعلى من مثيله فى مختلف الحاصلات الأخرى إضافة إلى كونه محصول استصلاح للأراضى الملحية يعطى عائدا اقتصاديا كبيرا من مثل هذه الأراضى ضعيفة الإنتاجية كما يبدو الأمر وكأننا فى هذه الحالة نصدر أملاح التربة إلى الخارج ولا نصدر المياه كما يعتقد البعض.
هذا الأمر لا يعنى الموافقة على التوسع فى زراعات الأرز أو حتى عدم ترشيد مساحات زراعته فى مصر بحيث لا تتجاوز 1.2 مليون فقط سنويا (بالمقارنة بمساحة مليونى فدان زرعت فى العام الماضى بالمخالفة) بما يكفى لحماية أراضى شمال ووسط الدلتا ومياهها الجوفية من التملح بسبب مجاوراتها لمياه البحر المتوسط المالحة، ولكن الأمر فقط يرتبط بالعائد من المتر المكعب من المياه بصرف النظر عن تحقيق الاكتفاء الذاتى من محصول شديد الاستراتيجية مثل القمح وهو ما يطالب به رجال الأعمال والذين ينادون باستثمار المياه فى المشروعات الصناعية والسياحية بدلا من الزراعة هادمون بذلك كل ركائز الأمن الغذائى المصرى بما يعنى تحولنا إلى الاعتماد على الغير فى غذائنا ثم وقوعنا فى براثن استخدام الغذاء فى الضغط على الشعوب المستوردة له لأغراض سياسية.
تبلغ إجمالى الموارد المائية المصرية من المياه العذبة وإعادة استخدامات المياه (نيل آبار جوفية صرف زراعى وصناعى وصحى وأمطار) نحو 69 مليار متر مكعب سنويا، وعدد السكان فى مصر الآن نحو 80 مليون نسمة وبالتالى يكون حاصل قسمة الموارد المائية على عدد السكان لمعرفة نصيب الفرد من المياه العذبة سنويا فى حدود 860 متر مكعب أى أقل من حد الندرة المقدر بألف متر مكعب سنويا، إضافة إلى أن التلوث والتدهور فى الموارد المائية يقلل من صلاحيتها وبالتالى يقلل من القيمة الفعلية لنصيب الفرد من المياه العذبة فى مصر، لذلك وجب علينا تعظيم إنتاجية وحدة المياه والتربة من الغذاء وأن يكون هدفنا المقبل هو غذاء أكثر من مياه أقل وإن كل قطرة مياه مهمة وأننا يجب أن نهتم بكل قطرة مياه Every drop count, and count on every drop وهو الشعار الذى تنادى به منظمة الأمم المتحدة للمياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.