صدر العدد السادس والسبعون من مجلة فصول القاهرية الفصلية المختصة في النقد الأدبي، التي تترأس تحريرها الدكتورة هدى وصفي. وقد خصص العدد بالكامل لملف الرواية البوليسية. وهو الشكل الروائي الذي بقي في الهامش، ولم يحظ بالاعتراف، فضلا عن غياب اهتمام نقدي جاد به، بما يعد أول ملف عربي أكاديمي مفصل عن هذا الشكل الأدبي. وللمرة الثانية تعمد فصول إلى تقليد المحرر الضيف، وهو الناقد والأستاذ الجامعي المغربي شعيب حليفي الذي قدم ورقة تمهيدية حول الموضوع. وتضمن العدد عدة محاور افتتحها الكاتب المصري نبيل فاروق بنص افتتاحي بعنوان حرب قلم، تحدث فيها عن تجربته في كتابة الرواية البوليسية.وفي باب الدراسات، كتب شعيب حليفي التخيل ولغة التشويق: مقاربة في البناء الفني للرواية البوليسية في الأدب العربي.. متوقفا عند عنصر التشويق في الحكي البوليسي باعتباره محركا لباقي العناصر الفنية، مستخلصا أن الرواية العربية قد حفلت بنصوص في هذا الاتجاه بأشكال مختلفة، ومتوقفا عند نوعين كبيرين: الأول يمثل نصوصا تستثمر الحبكة البوليسية دون نية كتابتها؛ والثاني يمثل نصوصا اعتبرت روايات بوليسية، تقوم على لغة التشويق مع التركيز على عنصر الصراع وتأويلاته، ثم اللغة وقدرتها في تحقيق هذا النوع الروائي الذي مازال غير مستثمر بالشكل التام في السرد العربي. وحاولت دراسة بوشعيب الساوري مفارقة الإنتاج والتلقي في الرواية البوليسية في الأدب العربي، التوقف عند نوع روائي ظل في أدبنا العربي في الهامش، هو الرواية البوليسية، انطلاقا من تقديم نظرة تاريخية حول ظهوره ومكانته في الغرب، وكيف استطاع أن يحتل موقعا داخل الأدب ويحظى باهتمام النقاد والدارسين الغربيين، وكيف نال إقبالا من القراء لا بأس به.. خصوصا مع روايات اعتمدت الحبكة البوليسية مثل "اسم الوردة لأمبرتو إيكو وشفرة دافينشي لدان براون. وتطرق الكاتب إلى وضع الرواية البوليسية في الوطن العربي، ومفارقة وجود قاعدة واسعة لتلقي الرواية البوليسية، في حين أن إنتاجها متعثر وشبه منعدم، بما لم يسمح بتبلور رواية بوليسية عربية بالمواصفات المعروفة في الآداب الغربية. وفي دراسة عبد الرحيم مؤدن القصة البوليسية في الأدب المغربي الحديث، ينطلق من محاولة التمييز بين القصة البوليسية النموذجية: جريمة - مجرم أو عصابة – ألغاز – تحقيق، وبين القصة ذات الإيقاع البوليسي كاللص والكلاب لنجيب محفوظ، والتي قد تشترك مع القصة البوليسية في عناصر عديدة، دون أن تكون قصة بوليسية. وفي باب شهادات، قدم أحمد خالد توفيق ورقة بعنوان من فعلها؟، أكد فيها أن أول كاتب مصري حاول كتابة الرواية البوليسية هو محمود سالم من خلال سلسلته "المغامرون الخمسة، التي كانت موجهة للصبية، لكنها خلفت آثارها في جيل كامل. وضم العدد أربع ترجمات؛ قام بالأولى حسن المودن، وهي ثلاثة فصول من كتاب من قتل روجر أكرويد، يقدم فيها المؤلف بيير بيار رؤية جديدة في نقد الرواية البوليسية وعلاقته بالتحليل النفسي. وقدمت الثانية نادية جمال الدين محمد، وهي قراءة في رواية محاولة جريمة للكاتب المكسيكي أودولفو أوسيجلي. أما الترجمة الثالثة فكانت لهناء عبد الفتاح بعنوان مولد أدب الجريمة الروائي في بولندا للكاتبة البولندية دوروتا متولي. والترجمة الرابعة هي دليلك لكتابة الرواية البوليسية لوود هاوس وقام بها أحمد خالد توفيق. وفي باب النقد التطبيقي، قدم محمد العبد قراءة في رواية مقتل فخر الدين لعز الدين شكري، مركزا على حضور الإثارة فيها. وكتب بوجمعة الوالي- تحت عنوان التوظيف الدلالي للجريمة- دراسة مقارنة بين موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح والغريب لألبير كامو. واختتم هذا الباب بورقة لمحمد الفارس عن رواية ميس إيجيبت للكاتبة سهير المصادفة. وفي باب نص وقراءتان، دراستان لرواية الحوت الأعمى، إحدى الروايات المغربية المهمة التي تنتمي إلى الأدب البوليسي، الأولى قدمها عبد الرحمن غانمي، والثانية للأستاذين محمد يحيى قاسمي ومحمد المحراوي .وخصص باب آفاق للرواية البوليسية في بعض الآداب العالمية، حيث كتب فوزي عيسى عن الرواية البوليسية في إيطاليا. وقدم جان بدوي لمحة عن القصة البوليسية في الصين. كما شارك أحمد سامي العابدي ببحث عن الرواية البوليسية في الأدب الأذربيجاني المعاصر. وقدم شعبان يوسف ورقة حول المؤسس المجهول للرواية البوليسية في مصر، حافظ نجيب.واختتم الملف بشخصية العدد، الروائي صالح مرسي، أحد رواد أدب الجاسوسية الذي استطاع أن يجعل من بعض الأوراق في ملفات المخابرات المصرية أعمالا روائية تحولت بعد ذلك إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا.